شعر / بين شفتيه لفافة أسئلـة
2007-05-11
الى فوازالقادري ..هناك في منافي الرغيف..
يا حزنُ..
يا شارعَ أيامنا الطويل..
تورّمتِ القلوبُ ..
ونحن نحصي أعمدةَ الخيباتِ على جانبيك ..
وهرّأتِ الأشواق أحجارُك المدببه ..
تيبست أطرافُ اليقيـن..
ومالَ معطفُ الحلم على قاماتنا الهزيله ..
فأين المقاهي التي على ناصيات السّكينة .. ؟
وأَينها.. أينها مقاعدُ الضحكات .. ؟
* * *
نذرعُ الحزنَ
أعيننا على أسطح الأسئلة ..
على شرفاتها ..
أصابعنا على زناد الحيرةِ ..
وجاهزون ً ..جاهزون .. لإطلاق احتجاجنا الخلّبي
ياللحمقى ..
من سيجمع كل هذه الفوارغ ..
فوارغ الهتاف .
ونمضي :
نُقـَزْقـِزُ الوهـمَ..
ونرمي قشورَ ارتباكنا ..
على طرقات الحياة
وتحت دوالي السراب.. حيث ينحني قلبُ الغريب ..
نطوي قاماتنا
نطاطئ الرؤوسَ..
لا ندري أين نسقطُ آخر الدّمع ..
وأين تدمعُ فينا عناقيدُ الختام..؟!
نخالُ الحرابَ نجوماً..
"نقـول هـنا يستريـح الغـريب"..
فلا نستدلُّ إلا على جثث الرفاق
نقول هنا.. بعد طعنة في الظهر..
أو طعنتين..
هنا.. بعد أن نمشي وراء جنازة هذي الأرض أو تلك..
هذا الشعب أو ذاك..
هنا يستريح الغريب
هنا.. بعد أن تكلّ عصا الطاغية
فتبهرُ النياشينُ أيّامنا ..
وتنفتحُ المسافاتُ كالهاويه
* * *
ونصفي للعواء الرخيم
نقولُ هناك.. هناك اليقينُ
تلك على تلّة الوعد ناره . .
فتنهشُنا العقائدُ ..
تُفـلّينا ضباعُ الدّكاكين .
* * *
وأنت أيها الغريب..
يا صديقي
بأيّ صقيع ستمشي ..
وأنت تكبّلُ بجنازير الخشيةِ ..
أطراف صوتك
تُطفئُ الأسئلةَ ..
برملِ الحاجة ..
وتخنقُ بالبكاء..
ألسنةَ الشّغبْ .. ؟
كـيف ستعبر محرسَ الذكرى ..
وقلبك مدبوغ بإجهاشِ الطفولةِ..
وضجيج الحزن في عيون "الجبليه1" .. ؟
بأيّ صقيـع..
ستحفرُ آبارَ دفئـك..
وزندكَ مسلوبٌ..
وفأسُ حالكَ مثلومه .. ؟
بأيّ صقيع ستمشي إلى إثمك الآدميّ ..
تحثُّ خطاك إلى الرّغيف..
وعصاكِ من بلّلور..
صرّتُكَ القصيدة .. ؟
* * *
ونمضي . .
نطُشُّ في الجهاتِ
عـرايا : إلاّ من قميص الحلم البالي
عـزّلٌ : إلا من غدّارة الجوعِ ..
وخرطوشِ البلبله
سفّاحـون َ: حتى يستعيد الوردُ عرشَهُ
وجيشهُ..
والصولجانُ
حتى يستعيد مملكة الكلام .
* * *
ونمضي ..
نطش في الجهات ..
نقفو أثر مدينة لم يفضها البدويّ ..
ولم يطل زهوها النخّاسُ
نعربدُ على نواصيها..
فتشحطُنا دورياتُ العشّاقِ ..
تجنزرنا بالأحضان ..
نفضُّ بكاراتِ نهاراتها..
فيرجمنا الناموسُ حتى تسيل المسرّة ..
يبـزَّ الرضا ..
يبـزَّ .. يبـزَّ .
وننكـبُّ عليها كثعالبٍ ..
فتنقـضُّ بالكرومِ علينا ..
بمصائد اللذّاتِ ..
ما أكبرَ الحلم ..
ما أكبرَ الوهم .. ؟
هنا.. أو هناك
أظافرُ الانتظار في وجوهنا
أصابعُ الخيبات في عيوننا
وحتى عنان الطفولة..
يعلو غبار الهزائم
هنا.. أو هناك ..
يقضُّ صحونَا الدائمَ..
نومَنا الدائم َ..
صريرُ الوهم على دروب أيامنا المتربه
هنا.. أو هناك..
أسئلةٌ نمطّها كيما تضيقَ الإجابةُ
غازاتُ عقائد سريعةُ اللّهب
وجرارُ يقين مهشّمه
بلى .. قد ترى هناك الذي لم تره جليّا
البلادَ المقرفصاتِ في زوايا البلاد ..
منْيَ المكائد على شراشف الثورات ..
والنساء اللواتي لنا . . أو علينا
وقد ترانا :
"حمرانَ أقفية ..
خضرانَ أحوال ِ.."
لكم ورّمتْ رقابنا الأيادي الثقيلةُ ..
خضرتنا طحالبُ الخديعه
* * *
ونمضي ..
معا" يا صديقي نصعد شاهق الصمتِ
حبالنا: قنّب الخوفِ
ذُرانا: نصالٌ
فضاؤنا.. جدارٌ
وعلى الظهر..
صخرةُ المسكوت عنه..
نُودعُ في المقاهي
كؤوسَ انتظارنا الباردِ..
ونراجيلَ أحلامنا المطفأه
نتركَ الضجيجَ على الطاولات.. ونركض فوق البياض وراء الحدود
نركض في دروب الكلام ..
كيما نجمّع أرياش القصيدة ..
فنسقطُ في الزحام..
زحام المعاني ..
فتدهسنا..
عرباتُ المسمَّطات الثقيلـه .
* * *
ويندفُ الوهمُ حولنا..
زعافاً : كلعاب الأحزاب في فم الوطن
مالحاً : كتراب الخابور العطشان
واضحاً : كوجه الفرات النبيل
فكيف تعرّف الغربةَ.. ماذا تقول في أطيافها..؟
قلقٌ شاسع لا يحيطه التاريخُ.. ولا تفضي إليه المعرفة..؟
قدرٌ فسيحٌ لنقضمَ أعشابه؟
حيرَةٌ لنطوي أقاليمها.. نكدّسها في دمانا..
ندورُ بها.. ندور.. ندور.؟
وماذا تبقى..؟
طينُ النشيدِ العتيقِ ..
به "نلكـفُ"2 ما تيسر من شقوقنا الآدميّة..؟
رجلٌ يُعاقرُ في السرّ البكاءَ وصورةَ العائلة..؟
رغيفٌ عصيٌّ.. لا نلقاه هنا.. وقد لا نلقاه هناك؟
ودمٌ كثيرٌ.. لنسفحه في حروب الآخرين
ونشتهي كلّ الذي يشتهيه الهالكون..
وقتاً لا يُعيقُ شهقتنا ..
أمداءً لا تصادرُ الندى الذي في الروح..
وبريةً للعواء الآدمي..
ونشتهي .. نشتهي ..
أرضاً تمنعُ ديدانهم من أحلامنا
حِبْراً.. يفهم أنّ بكاءنا لغةٌ.. وأحزاننا أبجديه
وذاكرةٌ لا تسيرُ إلى حتفها
فهل تفهم بالذي هناك ما الذي هناك ؟
هنا.. أو هناك ؟
ننفخُ أبواقَ المجد الصديء ذاتها ..
ونرفعُ الراياتِ المخضبات بخيبة الشهداء ..
نقفُ خارج صالات الوقت المكتظةِ..
فلا مقعدٌ شاغر للغريبِ ..
هنا.. أو هناك..
نحتفي بمطلع الليل لنحتسي الصبرَ..
ونرفع أنخاب الغدِ الميتْ ..
نطفئُ أعقابَ النّهارات بمنفضة الذهول ..
نشبك أرجلنا بخلاخيل الترهاتِ.. ونمضي ..
نرنُّ في أزقّة الخرابِ ..
نخط "أربعات" 3.
* * *
وقلتُ لا قمحاً ستلقى لخبز اليقين
وقلتُ لا تقربْ هذي الرحى ..
" وهل نحن إلاّ طحينٌ لشوق عتيق " ..
معاً يا صديقي :
نتكّئ على الوقت الصدئ.. ذاتهْ ..
نطلّ على الأفق الرّماديّ .. ذاته ..
ندخّنُ تبغَ الأسى.. ذاته
ونبكي علينا الدمع.. ذاته
معاً نفتح دفترَ الرّمادِ.. ذاتهُ..
ونقرأُ الذي ينبتغيه الغريبُ للغريب ..
نقلّبُ الأسماءَ الحسنى لبلاد تخوّضُ حتى الرّكابِ فينا ..
فتشبقُنا الأيادي الغريبة ..
على الخشب الغريب..
فمن ينشّفُ ثوبَ الحكاية..؟
وأيُّ شمس تبدّدُ هذا الصقيع..؟
* * *
ونمضي
هنا.. أو هناك..
غُرباءُ نمعنُ في الوجوه التي ألبسونا
نلوّحُ لأحبابٍ ليسوا لنا.. بأيادٍ ليست لنا
وننبضُ بأفئدة الآخرين ..
هيهات لسفرِ النارِ حرائقـهُ الأولى..
للصّوت المدى الغجريُّ
لساقيكَ يا فواز..
رعشة البراري وغزالاتُ السكينة .
* * *
1- حي شعبي من أحياء مدينة دير الزور.
2- اشتقاق فصيح بمعنى سد أو رتق .
3- تعبير شعبي عن حالات الاختلال وعدم التوازن
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |