نص / سَبْعة ُأيّام
2007-07-11
خاص ألف
1
ضحكةً عاليةً (بالإيماء) أضحَكُ: "أمّي العليلةُ بأمراضٍ مواربةٍ
تغتاظُ من وقع حذائي المطّاط بعيد الظهيرة تنبئني صديقتي بخوفها
مني أنْ أستطيعَ التحلّيَ بالجنون عندما أجنُّ سينعدمُ الألم لأنني
سأحظى بتوحّدٍ ما كانَ إنْ لم ينتفِ الفكرُ الشمسُ عرّضتْ يمنايَ
للنار،غافيةً على طرف الأريكة الهريرةُ الصفراء تسلبني مساءلتُها
الملحاحةُ نعمةً زائفةً هي امتلاكُ الحكمة من بعد درع الصَّمت
والجفاء والعمل كيف لشجيرة التوت أن ترسخ في دنوٍّ قبالةَ بابي ما
لم تكن هي حقَّاً أنا نفسي؟
ضوءٌ محمرٌّ باهتٌ،كما لنارٍ مرتعدةٍ من ريحٍ تتوعّدُ وحسبُ يغمرُ
الحائطَ المتقدَّمَ بطبقتين من النبات،طبقةٍ تصّاعدُ وأخرى
مستسلمةٍ لثقلها المرفوع بثبات الجذع بعض الجمال تلائمه مصرَعَةٌ
في طريقٍ تصطبغ على الإثر بمسيل زهور الدم
2
الفراشةُ خلفَ الباب تتحيّنُ لأن أدخلَ فتطيرَ،فيمسيَ كدري غيرَ
ثقيلٍ الفراشةُ نبيٌّ معافىً لامسمّىً،هوائيُّ الدماء،مغمورُ الأثر
الهرّةُ والعصفورُ والبرغوثُ الرّاجلُ.أغتبطُ لأني كثيرُ الكلام
عن الهرّة،ولأنّي أدري بمغبّةِ غبطتي أخلدُ في الدّار جمّ أوقاتي،
ومللي يأخذني إلى معرض الهرّة: مواءُ الجوع. مواءُ الشبع. مواءُ
الملل،ومواء الحاجة المبهمة
بالنسبة للإنسان الحشرجةُ على الشجرة عند المساء دعتني
إليها.عصفورٌ وحيدٌ حلّقَ من هناك تاركاً في قلب الأغصان
هرّةً.نظرتُ فمَها إذْ قفزَتْ بعنفوانٍ نحو المصطبة.بدا فمُها
منقفلاً على تخيّل مذاق القضمة الأولى للّحم يغلّفُهُ الريشُ
الرمادي، ولا بدّ أنّ التخيّل قد أبطلَتْهُ عتمةُ العدميّة التي
رويداً رويداً تكامل حلولُها المرءُ يَقتلُ القتلُ من أفعال المرء
مثلما نسيانُ الألقاب، والكلمةُ الشرّيرة والنوم ساعةًً أو ساعتين
أنذُرُ لأجل لعبة الشتائم بيني وبين شقيقتي المسكينة، (للّعبة
الصافية كالقتل غيرَ متبوعٍ بندم)
لايبدو برغوثاً راجلاً ما يسعى في سهل الثلج المنصوب على جنبه
بمنتصف سهل الثلج مثلَ حقلٍ زاهرٍ ارتفعَ أمام الأفق،تزدان لوحةُ:
(عذراءُ إلى حين)
3
أسرفُ في شتم الآلهة،على الرغم من كونها أوهاماً. أقفُ في بذلة
النوم المجعّدة،وأقولُ بأنّني سأقضي عليَّ توبّخني الأمُّ،وتشيرُ
إلى المسِّ الذي أصابني تبيضُّ عيناي، تعافان مناظرَ الجدرانِ،
والوجهَ الممزِّقَ
أجثو وبي خشيةُ أن تسقطَ في بكاءٍ،فأجهلَ بما سوفَ ينتابني
- "الآلهةُ حسنةٌ لا تعملُ شيئاً". أطَمْئنُ بحيلةٍ لم أقصدها
التجاعيدَ الناضجةَ في وجه أمّي (لا محيدَ لي عن استعمال القسوة)
أعشابُ الشّجر تهتزُّ بانتظامٍ ونشاطٍ مثل قطارٍ بالغِ الجِدَّة
يَتقدَّمُ أسفلَ سُحُبٍ تنشقُّ عن الشمس، ثمّ تلتحمُ تكراراً،بينما
القنافذُ كالأحلام تسيرُ
هذه الأوراقُ المختلّةُ في النجاح الذي تصنَعُه تبعثُ فتراتٍ
ماضيةً؛
مفتونةً بأسنانٍ ناصعةٍ وعينين لا معتين باسمتين عندما في الجيئة
الذهاب (ولا جيئةَ ولا ذهابَ) بل دورانٌ، كنتُ أرتادُ المقاصفَ
المهيبةَ في نُزْل الطلبة وكأنّني كنتُ ذا مالٍ:
(سترتي ويدي البيضاءُ ذاتُ الشعيرات الداكنة)
خابَ تخيّلي بأنّ لسانَ الرَّأل ليسَ يخطئُ برغوثاً أو ذبابةً
الرّألُ داخلَ كُوّةِ الضوء والظلِّ يشبه ساقَ أبي الشفّافةَ
المحتضرة
شرحتُ لتلميذاتي كيفَ نفرٌ من الأسماء جامدٌ والآخرُ مشتقٌّ
الجامدُ كالرَّجُل والنافذة والكرسيّ وجهاز التسجيل والفراشة
الميتة فوق جهاز التسجيل.الفراشةُ جامدٌ، لكنّ الميتةَ مشتقٌّ
كانت الشمسُ تنقِّشُ على الستارةِ،مائجةً فوق جثمان
الفراشة العجوز.
4
برغم دكنة الدهليز كساني شحوبُ الأنثى الفتية ذهولاً
كأن شحوبها ذو ألقٍ باهرٍ. فلم يبدر لخاطري ما وراء
استقصاء فحيحها الناعم عن وجود والدتي
أمرٌ من هذا القبيل ذو شأوٍ بالغٍ،حتى وإن كنتُ مخموراً
ي حطَّةٍ مديدة زماناً مكاناً
اختلجَتْ عضلةٌ من جسد طفولتي الثاوية بمدفن نسياني.
زهرةُ الطفولةِ رزينةً صارمةً انجلَتْ ونطقَتْ بالمعاني البائدة،
وإذ وعتْها العبراتُ ترجَمَتْها
لليالٍ متواليةٍ - في الأرق السابق على الرقاد- تتضّحُ أحلامُ
النوم المخلّف أمامَ وعيي
ما أدهشَ هذا التأخّرَ لوصول الحلم إلى الوعي
- كائنٌ غيبيٌّ طيفيٌّ. وسمَ أحد لطفاء نفسي الفتاةَ
المستقصيةَ بمقدمة الليل
لوهلةٍ شعرتُ بها أمّي، قَدِمَتْ تتحرّى عن نفسها
5
فجأةً وكأنّها أنجزَتْ واجبَها انصرفتِ الريحُ.
أجيالٌ من الدوريّ وديدان الأرض اندثرت،وانحسرَ
استفهامي عن كُنْهي وخُلُقي
حقدي ترقّقَ على الشمس لأنَّ شغلي مفصول عن شغلها
وعندما يزدحمُ الجناحُ بالسماء أستغرقُ في البلادة
أرخي انتباهي،فليس من فريسةٍ أو مفترسٍ
الأسنانُ تقلُّ في فم المرأة العجوز والعللُ تنمو بجسم الفتاة، و
الحجرةُ يتزعزعُ بناؤها،وأنا مثل النائم في باطن البحر حالماً
بعيشِ الزوجيّة
قطتنا، شبعاً لا تنال كالمرأة (جين) في رواية كينزا بورو
متى أبرح حجرتي تستقبلني، يسألني مواؤها المسترحِمُ اللّجوجُ
قطيطةٌ فحسب وقد بلَغَتْ جسامةً
مُذ ظهرتْ بدارنا واستياء أهلي يغمرها،بيد أنها تستمرُّ عبدةَ
وعها الشديد. حين يصرخُ ميلُها لأ ُكول اللحم أحسَبُها بشراً
عنيفاً ممسوخاً،لكنّ خيالي ضحلٌ
مواربٌ ونعسان)
يوماً بعد يومٍ مع ثباتها يكتهلُ خيالي وتتقصَّفُ ذاكرتي. وكم
أعجَبُ للعجوز الحازمة أنها أرجأت ثمّ أغفَلَتْ إبعادَها
تى الامتعاضُ من وثبات المُواء لا يدلُّها إلى الحسم
العاملان، نحو المستقبل يشقّان الخطوطَ بدارنا خلل بردٍ لاسعٍ.
يبسمان. الحجرة مثقلةٌ بالإهمال
قد جرّتْ علي القطيطة البلادةَ، فكلما كنتُ مشرِقَ الإحساس والعقل
دهمَتْني ولم تستكن حتى أعودَ لا أستبينُ البسمةَ من
رعشة البردان.
6
أظنُّها بصمةَ العامل المدمَّاةَ. فحينَ ولجَ - خفوراً- حجرَتي
مستأصلاً حبلاً من مأخذ الكهرباء، ولحرصه ألاّ يفسدَ رقادي
أغفلَ براحته جرحاً. لصقَتْ قصاصة ٌ من دمه بجبهة الباب
هذا تفسيرٌ منطقيٌّ لمصدر لطخة الدم على الباب، وما يؤيّدُه هو
رؤيتي- بحقٍّ- دخولَ العامل وأنا متقاذَفٌ ما بين صحوةٍ خاطفةٍ
وسلسلة كوابيس شديدة الوطءْ
ذا تفسيرٌ منطقيٌّ، لكن أوّل صورةٍ استبدّتْ بتفسير الدم
كان ارتطامَ طائرٍ منزلقٍ من عذابٍ مرعبٍ بصلادة الباب
فتلاشيه داخلَ أحشاء وحشٍ عدميٍّ مخلّفاً أثراً بلا صاحبٍ
وكذلك انبرى احتمالٌ آخرُ هو إقدام فتى واسع العينين
افٍ، مسربل الثياب،مُهمَلِ الشَّعر، ظاهر الألمعية والهدوء
على إطباق إبهامه - وقد سلخها بنفسه- فوق اللون الفاتح
للباب وهَنٌ مضجرٌ يتسرّبُ لجسدي، ويفترشُ الألمَ الطّويلَ قِسْطَ
اليسار من جبيني
أذرعُ الحجراتِ والباحةَ. أستجيرُ بالمدفأة. أدفعُ اشتهاءَ الطعام
عنّي
خاتمُ الذهب الكبيرُ الذكوريُّ في خنصر والدتي يتدحرجُ داخل
رأسي، يصيبني الدُّوارُ
ظلالُ التوتةِ والدّوريّ في الخارج تهتزُّ على بشرة بابي.
7
كانت يدَ صاحبي المقتول منذُ شهورٍ مَنْ لوَّحَتْ لي مع الريح
القارسة
المحمَّلة بالأتربة والحصوات. دارَ عنقي في تتبُّعها حتّى غابت
واصطفقَ
شعري بخفَّةٍ،وتواثبَ دِثاري
تردَّتِ المخلوقاتُ في وضوحٍ دميم. استطالتِ العيونُ ضيِّقةً. أ
ُهْمِلت
الذكرياتُ بدونما أسفٍ. تطوَّر الإنسانُ بفظاعةٍ متناهيةٍ.لذلك لن
تجد
من الغرابة مرورَ الموتى بكَ في ريحٍ هوجاءَ،باسمين
كلَّ يومٍ يزدادُ الموتى المحتفلون خلل الأيام الصلدة. لربّما
يتغيَّرُ شيءٌ ما
- "أخوتي لا يبرّون بوالدَيَّ". بكتِ الفتاةُ ليالٍ
نعم، فهم يؤثرونَ زوجاتِهم وأبناءَهم. وهم لا يشعرون بجفاء قلوبهم،
بل
لكأنَّهم أشدَّ بِرّاً مما سلفَ، يَبدونَ لأنفسهم
بمَ يَفْرُقُ الطبيبُ والمعلِّمُ والآخرون عن المجرم المجرَّد؟
الطِّبُّ في صفة القلب، والتعليمُ والإجرامُ
في حياة الجهالة والتواني نعمتُ،واستمرَّت عبر سنواتٍ متعاقبةٍ
وساوسُ
التطيِّرِ الأصيلةُ تحكمُ فقراتٍ من حياتي
الفألُ السيِّئُ. يُشيرُ نحوَه: حذاءٌ منقلِبٌ- موارَبَةُ بعض
الحشرات- عافيةُ
المرآة الساقطة- الضحكُ المديدُ في غفلةٍ- جَزَّةُ مقصٍّ آناء
الليل
بخِصَلِ الهواء والظلمة،إضافةً للعلامات المشؤومة في حياة الأحلام
أحياناً تساورني اللامبالاةُ والشجاعةُ،وأتمثَّلُ عبارةَ: "في
المخاطرة جزءٌ
من النجاة "، فأمضي في السبيل المرسوم لإفناء اليوم أو الساعات، أو
الأفعال
التي لا تستعينُ بالزمن، فلا يعترضُني معترِضٌ، وأراني أبطَلْتُ
عملَ التطيُّرِ
أو إنّه أُبْطِلَ بسَهْوه،وإغفالِهِ وعيدَهُ
لكنْ، وعندما في ساعةٍ كهذه أسبرُ أعماقَ السلامةِ الخبيثةِ
المتزلِّجةِ فوق
لسان الدَّوام، أجيبُ: أليست هذه يدَ التطيُّرِ تسرِّحُ شَعري؟.
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |