من طوق الحمامة في الألفة و الألاف – باب السفير
2008-07-27
للإمام الفقيه : ابن حزم الأندلسي ( أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد )
ضبط نصه : الطاهر أحمد مكي
و يقع في الحب بعد هذا ، بعد حلول الثقة ، و تمام الاستئناس ، إدخال السفير. و يجب تخيره و ارتياده ، و استجادته و استفراهه ، فهو دليل عقل المرء ، و بيده حياته و موته ، و ستره و فضيحته بعد الله تعالى.
فينبغي أن يكون الرسول ذا هيئة ، حاذقا يكتفي بالإشارة ، و يقرطس عن الغائب ، و يحسن من ذات نفسه ، و يضع من عقله ما أغفله باعثه ، و يؤدي إلى الذي أرسله كل ما يشاهدعلى وجهه ، كأنما كان للأسرار حافظا ، و للعهد وفيا ، قنوعا ناصحا. و من تعدى هذه الصفات كان ضرره على باعثه بمقدار ما نقصه منها.
و في ذلك أقول شعرا ، منه :
رسولك سيف في يمينك فاستجد حساما و لا تضرب به قبل صقله
فمن يك ذا سيف كهام فضُّرهُ يعود على المعني منه بجهله
و أكثر ما يستعمل المحبون في إرسالهم إلى من يحببنه ، إما خاملا لا يؤبه له ، و لا يهتدى للتحفظ منه ، لصباه أو لهيئة رثة أو بذاذة في طلعته.
و إما جليلا لا تلحقه الظنن لنسك يظهره ، أو لسن عالية قد بلغها . و ما أكثر هذا في النساء ، و لا سيما ذوات العكاكيز و التسابيح و الثوبين الأحمرين. و إني لأذكر بقرطبة التحذير للنساء المحدثات من هذه الصفات حيثما رأينها.
أو ذات صناعة يقرب بها من الأشخاص. فمن النساء كالطبيبة و الحجامة ، و السراقة و الدلالة ، و الماشطة و النائحة ، و المغنية و الكاهنة. و المعلمة و المستخفة ، و الصناع في الغزل و النسيج ، و ما أشبه ذلك.
أو ذا قرابة من المرسل إليه لا يشح بها عليه. فكم منيع سهل بهذه الأوصاف ، و عسير يسر ، و بعيد قرب ، و جموح أنس ، و كم داهية دهت الحجب المصونة ، و الأستار الكثيفة ، و المقاصير المحروسة ، و السدد المضبوطة ، لأرباب هذه النعوت.
و لو لا أن أنبه عليها لذكرتها ، و لكن لقطع النظر فيها ، و قلة الثقة بكل واحد ، و السعيد من وعظ بغيره ، و بالضد تتميز الأشياء. أسبل الله علينا و على جميع المسلمين ستره و لا أزال عن الجميع ظل العافية ( 1 ) .
· خبر :
و إني لأعرف من كانت الرسول بينهما حمامة مؤدبة ، و يعقد الكتاب في جناحها ، و في ذلك أقول قطعة ، منها :
تحيرها نوح فما خاب ظنه لديها و جاءت نحوه بالبشائر
سأودعها كتبي إليك فهاكها رسائل تهدى في قوادم طائر
هوامش :
1 – ترك هذا الباب في الأدب الإسباني أثرا واضحا ، فرواية لاثليستينا أو القوادة لمؤلفها فرناند دي روخاس ( 1453 – 1541 م ) بطلتها عجوز مهمتها التوفيق بين الرؤوس في الحرام ، و قد أفاد مؤلفها ، أو مؤلفوها من هذا الفصل مباشرة ، أو عن طريق مؤلفات إسبانية أخرى أفادت من ابن حزم.
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |