فيحاء العتمة
2008-04-25
(1)
أرْبَعُونَ قطْرةٍ على نصلِ خنْجرِهِ تترنَّحُ متماوتةً أبطأَتْ خطاها المنحدرةَ تخشى الهبوطَ فاستبقَها الخوفُ فباتتْ على الرّكودِ كأَنّهَا...باتَتْ على الرُّكودِ...
(2)
خَدِيعةٌ تصبّرُنا فنخلعُ جذعَ الفكرةِ نمضِي.. نَمضي .. لا وجهةَ لمنْ لا وجهةَ لهُ .. قالتْ ولِّ وجهَك شطري ينزّ جبينُ الوقتِ مسافةً وتقصرْ عباءةُ الزمنِ تتعرَّ كإلهٍ منفي في بحرٍ منفيٍّ بلا صيفٍ بلا غزلِ بنات تتكاسلُ الشمسُ على جباهِهِنَّ ويرتعشُ القلبُ الخافِقُ من لسعةِ خوفٍ. من يراكَ يا وحدكَ اللاهث خلفَ دماكَ البحريةِ سنوات تتضورُ جوعَها في أمعائِك الخشنةِ على بقايا نشيدٍ وقبلَةٍ تحرقُها على شفتين منَ العَلقمِ وتموءُ كقطٍّ برّيٍّ على فراءِ هرّةٍ بائسةٍ .. وترجو إلَهًا ينجيك من إلهٍ مزروعٍ على عرشِكَ اللَّزجِ وتُطوِّحُ الشِّعرَ على ثمالةٍ من نبيذٍ خائنِ الطعمِ واللَّذةُ تلسعُ شهقتك المرّةَ، تناجي جموعَك المتناثرةَ مفقوءةَ البصرِ والبصيرةِ تخدعُكَ مراياها المكسورةُ بخيطِ النَّدى الذي ترتقُ وقتَك البالي...لنرتقَ ما تبقى من وقتِ عباءةٍ تدثرُنا من حزنِنا المقيمِ...المقيم.
(3)
ما كانَ للمطرِ المتساقطِ أنْ يخدشَ نصلَ الخنجرِ المغروسةِ كريشته حين استعصتْ آخرُ جملةٍ تضعُ حرفَها على شفةِ البؤسِ المرتعشَةِ، فالبترُ أصبحَ مباحًا إذًا، كما البسملة في براءة اللهِ من المشركِين، ومن أشركَ باللّغةِ الموقظةِ للنَّبضِ تخرجُ بقايا مدينَ عَليهِ وتغلقُ بابُ الحيرةِ موجزَ استقبالها لفلولِ البكريين إن رفَضُوا أن يغمّسَ المساءُ تحتَ سقفِ حميْر بتمتمةِ الضارعاتِ بالترابِ المجبولِ بسنابِك العاديات من غزوةٍ شردت عشاءَ أطفالٍ يتضرجُونَ بجوعِهم.
(4)
لطعم الثريد مذاقُ القمر المنقوعِ بفيحاء العتمةِ كطهارةِ النبيذِ المغموسِ ببكاءِ الندّاهاتِ على الزيرِ وبقطراتٍ يابسةٍ من دمِهِ المسفوحِ كثلجٍ مجمرٍ بحدِ الصقيعِ أو كثلجٍ احمرَّ بياضُه.
(5)
أربعونَ أو يزيدُ تمر كمجرى نهرٍ يحملُ وشوشاتِ العذارى وشيء من عشقهنَّ، يتماوجُ النهرُ عند اعوجاجِ العمرِ الضيقِ باليزيد عن أربعين الوحدةِ، لينفلتَ ما تماوجَ بدفقةٍ خفوقةٍ على طميٍ راكدٍ تتحسَّسُها قبضةٌ خشنةٌ فتتأوه شوكةُ الوقتِ تصرخُ أكثرَ حينَ تشدُّ راحةٌ خشنةٌ على وجعٍ تكتشفُه الآنَ كأنَّه طعم الثريد أذاً كأنه مذاقُ الجفافِ ...كان مذاقُ رغيف مغمس بالرملِ فجاء بعد جوعٍ طويلٍ.
(6)
نمضي نعدُ ما زادَ عن وحدةِ العمرِ الهابطِ من قمةِ الصَّيدِ ومن يقظةٍ تتفتَّحُ على همسِ الضُّحى المستعجلِ إلى النَّهارِ ما عادَ الوقتُ يسرعُ واللُّهاثُ يلفه بعدَ أن تهرأت عباءةُ الحريرِ وتهالكَ قصبُ الرأسِ الذي اشتدتْ بياضُ ملوحتِه ولعلّ مرآة لم تكن تعني غيرَ تبرّمِ الشاربِين وتصفيفِ شعرٍ كحّله دهمُ الليلِ أو سوّده تماوجُ شمسِ الرَّبيِع العذراءِ لتخلصَ إلى خريفٍ هرم الحزنُ فيه والمتسع من الحزن لم يعدْ يعني وجْنَة تتقدَّدُ وتعجُّ بخرائطِ الزمنِ وضياعِ الوقت الذاهب إلى غروبٍ يعيدُ نثرَ ضفائر اللذة في فيحاء العتمة.
(7)
كأنَّ المكانَ يأتي / يحمِلَنا على راحتيهِ / نبكي كما نَشْتَهي / نَضْحَكُ كما يَشاءْ يا صحبةَ النارِ اشتاقُ صوتُ جدتي وحكاياتِ الشتاء / اشتهي برتقال مبلل بعتمة المساء / أيّ شتاء يمرّغنا في وحلِ أرضٍ نعشقُها / أيّ صيفٍ يداعبُنا غبارُه ويمحو أثرَ الغرباء / مبتدأُ الحكايةِ ما زالتْ تَرْتَعِشُ .. تهزُّني وأنَا في جبّة أبي والصّوفُ العتيقِ يدثِّرُني / موقدٌ يشعلُني يباعدُ خوفَ غولةِ الحكايةِ / يمسحُ عنّي تعبَ الدّرسِ وسؤالِ أبي هلْ قرأتَ؟ ما عادَ في الكِتَابِ سِوَى صوتٍ نحيبٍ وبقايا غزواتِ جيشٍ مهزومٍ وانتصاراتِ الغُرَبَاءِ/ وخارطةٍ لوطنٍ كانَ كخِنْجَرٍ وأصبحَ حكايةَ العنقاءِ .
08-أيار-2021
16-كانون الثاني-2009 | |
فلسفةٌ ساخرة وغزالات تائهة .../ " عُرف الديك" .. لـِ " راشد عيسى" (1) |
09-تشرين الثاني-2008 |
10-أيلول-2008 | |
29-آب-2008 | |
03-حزيران-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |