مراهقة في سن اليأس
2008-07-14
خالية تلك المرأة الشاعرية، التي عصفت على اهواءها، فأطفأت مصابيحها وتمكنت منها آراء الرجال وفتحت أبواب مكنوزها بعد أن أضاعت مفاتيحها وران عليها كسبها وضّيعت حقيقة حُبها.
وبين احزان التماسيح ومرح الأفاعي، تكسر الحلم على شاطىء الخطيئة، واجهضَ المولود في سوق الرجال! وقبل أن تبلغ مرام مراهقتها، انكشف القناع من وجه بلغ سن اليأس، ورمت سعادة حبهما بمستنقع قصائدها.
شرقية، كانت امتداده وسعادة ميلاده. هو ولد مرتين وعاش مرتين وفرح مرتين، لكنه احب مرة ومات معها مرات. علمها أن تكون امرأة بلا حدود، وعلمته كيف يكره النساء.
حتوتة الموت انتهت من جديد
فلا طقوس ولا تراتيل
الليل يسحب ازياله ببطىء
إنه الصمت الرهيب، إنه المأتم
سقطت بكارة العشق وانكشف الزمن
شهقة الموت توقفت، فلا موت ولا ممات
قتله سمّ نهديك، وجفّ القلم
إنه الموت يسكن المتعة
حتى ضاعت الكلمات في التيه المجهول
إنه الخطب العظيم.
كان بجانبها رجل، جعلها كل ليلة صبية تحلقُ في السماء، ومن ساقيتها أخرج العنبر، وشرب من ينبوعها حلوَ المُدام، وكانت هي في كل ليلة بعده، تجوب نوافذ البغاء، تمارس طقوس الشعر وفن فض البكارة، واباحت دوس لحمها لكل من مارس معها الحب بطمئنان. سقطت قناعات النبوة والعفاف، وراء شهوتها بأنياب ودم، واختلط العشق بالاشمئزاز، حتى مزقته اشلاء.
انتهت الأمسية ووقف العازف عن الآداء
وأغلقت الحانة أبوابها
فلا موسيقى "باكو دي لوشا" ولا أبواق
لا ضوء ولا ضجيج
الضباب لفّ المدينة
ومع مرارة النشوة رحل العشاق
حملوا جراحهم في غيمة صيفية
وتوقفت الطيور عن التغريد
وانحت الشمس مودعةَ ذلك المساء اجلالاً لغد آخر.
كتب الممثل والشاعرالهندي الشهير كاليداسا Kalidasa "تحية للفجر لآنه هو الحياة، ... ولآن الأمس ليس سوى حلم والغد ليس إلا رؤيا، وكل غد رؤية للأمل".
كسر معاول الآراء التي كانت تشوب سيرتها، بعد أن أوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، ورجم بكلماته كل من تزندَق حولها، حتى لاحت لها بواطن الحقائق، وقدم لها سواري كسرى ومفتاح قلبه، وكان عنترة يذكرها مع كل همسة ونسمة، ويباهي بها كل جليس له، لم يستطيع عنترة أن يطّهرقلبها النجس من رواسب وابداعات ماضيها، وكانت كل يوم تلبس عباءة القديسة، وتسدد على صدره رماحها نوازل، وسهام انتقامها دون حياء.
كتب الفيلسوف الفرنسي ميشيل ماونتين Montaigne Michel "كانت حياتي مليئة بالحظ السيىء الذي لم يرحم ابدا"
أين تلك المرأة الشاعرية الراقية التي تحتفظ بمكونناتها وصيرورتها مع العاشق؟، دون أن تمارسها واقعا حياتياً مع غيره، حتى فقدت زخم شهوتها وروعة لذتها !
"الحياء" تلك الحلقة المفقودة في المرأة الغربية، الذي هو عنوان أنوثة المرأة الشرقية، وسر أثارتها الخفي، ولم يجد عنترة حتى الآن ترجمة لهذه الكلمة باللغة الإنكليزية، لربما ليسوا بحاجتها ولا بحاجة الحياء.
كاتب سوري من أمريكا
[email protected]
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |