قف ... أمامك علامة استفهام
2008-07-18
لماذا يصعب عليّ أحياناً كثيرة ترجمة وفهم ما يحدث بداخلي؟ ألانـّني مترجمٌ فاشل لا أتقنُ لغة الداخل بصورة جيدة؟ أم لأنـّي أخشى أن أنهي كتابة ما ترجمت فأحصل على صورةٍ لا أريد الاعتراف بوجودها في داخلي بل لا أريد مواجهتها أصلاً ... فربما أكون خائفاً أو خجـِلاً مما يحصل في الداخل من أمور ٍ قد تتناقض مع ما يدور في الخارج, لكن أليس من المحتمل أنّ ما يحصل في الداخل قد يكون هو الصحيح حسب المفهوم الحقيقي لما نؤمن به من معتقدات أو مبادئ أو نظريات, ذلك المفهوم المجرّد من الألوان الناتجة من احتكاك ما نؤمن به مع الزمن, إذن فلماذا أكون خائفاً أو خجـِلاً من الداخل أبسبب ما سيقال
هنا وهناك ومن هذا وذاك ؟
متى سيحين موعد الثورة ومتى ستأتي ساعة الانقلاب؟
لكن مهلاً ماذا لو كان الداخل خاطئاً فعلاً وغير صحيح وأنا أعتقد أنـّه صحيح لبعض الأسباب التي قد تخيفني من مواجهة الحقيقة أو لأنـّني ربما إنسان يعترضُ لأجل الاعتراض فحسب؟؟؟ عندئذ ستكون الثورة كارثة وسيكون الانقلاب أسوأ حدثٍ ممكن أن يجري في حياتي ...
أنا خائف ..... أنا حائر ..... أنا قلق .....
أحتاج أن أتعرّف على ذاتي أكثر, أحياناً أشعر أنـّي أعرفها جيداً وأعرف كلّ الطرق التي تؤدي إلى مكنوناتها ومخابئها السريّة, وأحياناً أخرى أراها غريبة جداً وكأنـّي ( أنا .. لستُ أنا ), أو كأنّ شخصاً آخر يسكن ذاتي وفي الوقت الذي أعتقد أنـّي لا أعرفه أرى نفسي أعرفه جيداً وفي الوقت الذي أعتقد أنـّي تمكنتُ أخيراً من معرفته جيداً أكتشف شيئاً غامضاً جديداً يعيدني إلى نقطة البداية لأبحث من جديد عن تفسير ٍ جديد ...
ما هذا أنا أكتبُ ما أقول ... ولماذا أكتبُ ؟
أ لأكشف عمّا في داخلي لأفصح عنه أم لأجد طريقة شرعية أغلـّفه من خلالها وأدفنه بين ابتسامات الخارج الكاذبة وبين لحظات الخيال وادّعاءات الواقع؟
هل أكتبُ لأكشف عمّا يدور في داخلي أم لأخفيه؟
أنا متناقضٌ ..... أنا ؟؟؟؟؟ ..... أنا مجهول .....
أوراقٌ كثيرة ممزّقة وأخرى تنتظر دورها وأقلامٌ مكسورة بأيدي منكسرة وقدحٌ عطشان ينادي قنينة النبيذ وينادي شفتيّ وسيجارة ٌ واحدة ٌ وحيدة ٌ تنوح ذويها الذين أ ُحرقوا وأحرقوا ومنضدة ٌ قديمة ٌ وشمعة ٌ جميلة شُعلتها الصامدة تقاوم رياحَ أنفاسي المجنونة و ...... و ......
أنـّها صورة ٌ تقليديّة ٌ قديمة للخارج وأنا لا أحبُّ التقليد والروتين مع أنّ حياتي حتى الآن من الخارج نصفها تقليد ونصفها الآخر روتين وكلاهما وجهان لعملةٍ واحدة هي الموت ..
أمّا في الداخل فهناك فراغ ٌ ثقيلٌ يحاصرني مع إنـّني لا أجدُ سقفاً ولا أرضية ً أو جدران, وهناك أيضاً علامة ُ استفهام قد علـّقت نفسها بحبل ٍ طويل ٍ جداً لا أعرف أين ينتهي وساعة ٌ قديمة ٌ لا تعمل إلا ّ أنـّها تصدقُ مرتين في اليوم, أرى علامة الاستفهام حزينة ً واقفة ً فوق منضدةٍ جميلةٍ جديدةٍ تراقبُ الساعة القديمة وتنتظرُ متى سيحين موعدَ صدقها من جديد لتدفع بالمنضدةِ نحو الأمام فتنطلق روحها العاشقة المجنونة لملاقاة حبيبها ( السؤال ) والذي اغتالته أيدٍ أثيمةٍ تسلـّلت من الخارج بحجة أنـّها تساعد في فرض الأمن والنظام وإنهاء أزمة الاضطراب في الداخل.
حينما جاء موعد الصدق للساعة القديمة حاملا ً معه موعد النهاية لعلامة الاستفهام اليائسة وجدّتُ أنـّها تردّدت في دفع المنضدة من جديد إذ تذكـّرت وصية حبيبها حين قال لها:
" اذهبي يا حبيبتي وابحثي عن الجواب .. لا تنسي قبل كلّ شيء .. الجواب"
لكنـّها ظلـّت واقفة مترددة خائفة مشتاقة عاشقة حزينة وحين قرّرتْ أن تلبّي وصية حبيبها نظرت إليّ والدمع يملأ ُ عيونها, تطلب مني أنْ أقطعَ الحبل الذي يشدّ عنقها, ذلك الحبل الذي لا ينقطع إلا ّ بالنار فبدأتُ أبحثُ حولي عن أعواد الثقاب لأحرق الحبل مع سيجارتي الأخيرة كعلامة احتفال, لكنـّني اكتشفتُ أنّ أعواد الثقاب قد نفذت كلـّها وشمعتي الجميلة نامت منذ زمن وانصهرت في أحلامها, وعلامة الاستفهام ما زالت تنظرُ إليّ وتطلبُ ناراً لتلبّي وصية حبيبها, وأنا .......؟؟ أبحثُ عن النار ومشكلتي هي إنـّني أبحثُ عن نوع ٍ فريدٍ من النيران فأنا لا أريد ناراً تحرقُ علامة الاستفهام بل أريد ناراً تحرق الحبل الذي يربطها باللانهاية لتتحرّّر إلى ما لانهاية.
ايفان عادل
26/3/2008
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |