ديلانو شقيق الورد كتاب جديد لسليم دولة
2008-08-01
في لحظة البدء الأول انبجس القول الفلسفي الأصيل أنشودة وشعرا وكان هذا التواشج قدر تاريخ الفلسفة بأسره بحيث أن الفلاسفة الذين لا يقرؤون القصائد الشعرية قد يفوتون على أنفسهم فرصة المشاركة في الظفر بمعنى الوجود ويحرمون أذواقهم من الجليل والعجيب الخلاب ومن الهائل في كل نص إبداعي وبعض النصوص الشعرية تفرض نفسها على أعتى العقول البرهانية وترق لها أكثر العواطف تسلحا بالصلابة واللاشفقة، في هذا السياق نشر الكاتب المختلف سليم دولة ديوانا جديدا ممتعا أثثه بلغة شعرية مغايرة للسائد بعنوان: كتاب ديلانوشقيق الورد،على الرغم من الاختلاف الذي يميزه عن العديد من الآراء وتوجهه هو نحو التصوف والنثر والشعر والقصة والأدب إلا أنه أرسى مجموعة من الرؤى للعالم وأصدر عدة مواقف من اليومي بوأته منزلة محترمة وأوجد بينه وبين الآخرين حوار وتواصل أساسه الانفصال والصمت المليء بالتعفف والتعجب فكان يتقاسم مع الأشقياء ركنا ما من الهامش ويتوجع بعروبته المجروحة ويرثي حالنا بعد الكارثة والطوفان وبعد أن غطت جحافل الجراد الأفق.
لقد وقعت عيناي صدفة على بعض المقاطع من قصيدة ديلانو فاخترت جزء منها لكم:
(ديلانو
ألق الغياب
يا شقيق الورد
يا درة الأكوان
يا كتاب الندى
يا سر الأقحوان
يا شاهدي
لا تمت حين الموت صغيرا
راقص الردى
“وانتفض كما العصفور بلله المطر”
وتسل بلولا
وانهض بعيد عرسك السماوي
إن شئت قليلا قليلا
تصفح وجوه الذين تحب
هل ترى من تحب
كاتب ومن كتب
يا شقيق الورد يا شاهدي أشهدك...)
من المعلوم أنه صدر ديوانه بالكلمات التالية:
ديلانو شقيق الورد شاعر حر يمرح بحرية في حدائق وحشته
يحتوي الكتاب على شذرات وتنبيهات وأربعة عشر مشرع شعري
من بين التنبيهات نذكر التنبيه الشعري الذي ذكر فيه سليم ما يلي:
"هذا الكتاب في الصفاء الشعري الخالص المخلص للذات ومن لم يعجبه فقد كتب لسواه"
أما شذرة الفاتحة الثانية فهي من مؤلف بسط سامع المسافر في أخبار مجنون بني عامر للصالحي الدمشقي والتي ذكر فيها:
"فحبك أنساني الشراب وبرده
وحبك أبكاني بكل مكان
وحبك أنساني الصلاة
فلم أقم لربي بتسبيح ولا بقرآن"
القضايا التي يعالجها الكتاب هي الحقيقة والحب والحياة والموت والوطن والأمومة والإنية والأفكار التي عصفت بذاكرته ترددت بين العروبة والقضية والعالم الأصغر الذي احتوى عالما أكبر وتعلق الشاعر بأهداب المدن الجميلة من القيروان وقفصة إلى قرطاج وتمرد ه على اللاهوت والسلطة والناسوت ولسان العرب يعود إلى تراوح ثيمته بين إيقاعية التاريخ اليومي الباعث على القرف وزمانية الوجود والأبدية التي يتخفف فيها الشاعر من ثقله ليتوغل في عقله فيلتقي بهويته المنقوشة على معبد غيره. تجول الشاعر في المكان والجغرافيا أكثر من تجوله في التاريخ والتراث فحضرت قارات بأسرها مثل إفريقيا وأمريكا وتواجدت بحور ومحيطات مثل المتوسط ليغوص في أعماق اللاشعور متفحصا لغة الوشم الذي زوق الجسد الآدمي باحثا عن نوعية التربة التي جبل عليها.
والحق أن سليم منذ كتاباته الأولى يربط بين الفلسفة والشعر ويهتم بالثقافة الصامتة والكنوز المهمشة من التراث الفكري العربي والعالمي وخاصة ما الفلسفة؟ وما الثقافة؟ و"الجراحات والمدارات" و"السلوان والمنجنيقات" و"الثقافة والجنسوية الثقافية" ويعتنق في كل أثر يتركه الجنون بالمعنى الفلسفي إلا أن الرجل في كتابه الأخير دق مسمار نعش الثقافة المعتلة التي لم تخجل من تمركزها اللوغوسي.
كاتب فلسفي
08-أيار-2021
05-تشرين الأول-2019 | |
10-آب-2019 | |
13-شباط-2010 | |
12-تشرين الأول-2009 | |
23-أيلول-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |