Alef Logo
ضفـاف
              

وجهات نظر متعارضة

محمود جلبوط

خاص ألف

2006-07-22


قراءة في البيانات والكتابات السياسية لبعض أطراف المعارضة العربية حول ما يجري في لبنان وفلسطين

لن نتناول موقف القوى الرسمية العربية ومن على هامشها لأننا , وعكس ما يرى بعض العاتبين من القوى العربية أو غير العربية في الشارع العربي على هذه الأنظمة وعلى موقفها الخائن لمصالح الأمة وعدم فهمهم لمواقفها , نرى أن موقفهم لا غرابة فيه تاريخيا ومنذ زمن تحول الرأسمالية إلى الامبريالية وحاجتها إلى السوق الخارجية في القارات لنهب الثروات الأولية وتوجهها إلى منطقتنا لموقعها الهام كعقدة مواصلات وخصوصا
بعد اكتشاف النفط فيها , الذي أضفى عليها كل هذه الأهمية لدى قوى الاحتكار الغربي للنهب فيها , من خلال نهب هذا النفط والمواد الأولية الأخرى ومن خلال نهب فضل القيمة عبر التبادل الغير متكافيء , بل أن موقفهم هذا منسجم مع مصالحهم تماما كقوى اجتماعية وسياسية وكوكلاء تجاريين لهذا الاحتكار الغربي , ضمن السياق الطبقي المحلي والعالمي العام , والذي عبر سياقه تم توكيلهم من قبل الرأسمال الاحتكاري الغربي في مطلع القرن الماضي عندما شكلت من مشيخات أمية متخلفة كيانات مصطنعة في منطقة مدن الملح "أحواض النفط" وعندما صنعت واستعملت عائلات بدوية حمتها لتكون ممالك وكيانات , وعسكر يقودون جملكيات من خلال الحديد والنار , وكل هذا جرى بالتوافق مع إقامة الكيان الصهيوني بقيادة عسكر مجرمين عنصريين متعطشين للدماء وإمبرياليين يهود لوظيفة محددة على حساب يهود فقراء اضطهدوا على مدار التاريخ في بلاد الغرب دينيا توجت أخيرا خلال الحرب العالمية الثانية بمحارق هتلر, ارتأت قوى الاحتكار الغربية بهذا ضمان لعدم قيام أي إصلاح وأي نهضة وأي تحول منطقي في بنية هذه المنطقة , ساعية لإبقائها توابع كولونيالية تدور في فلكها تجني من وراء ذلك أرباحا طائلة خيالية , تتصدق منها على وكلائها الحكام العرب بالرمم , نقول لم نعتب ولم نستغرب موقفهم من كل القضايا العربية كلها منذ انهيار الخلافة العثمانية , مرورا بسايكس بيكو , ونكبة فلسطين , وأخيرا ما جرى ويجري في العراق ولبنان وفلسطين , لأنهم حكام بالكامل من المي للمي غير شرعيين , وأن الاحتكار الغربي أتى بآبائهم وعائلاتهم أو بقادتهم العسكر للسلطة كوكلاء لهم في المنطقة , وصار بقاؤهم في السلطة رهنا بحماية هؤلاء وتنفيذ أوامرهم , بل أن إشعال هذه الحروب والأزمات في منطقتنا يكون وقودها فقراؤنا , تؤمن لهم ولشركات الاحتكار الغربي البترولية
أرباحا خيالية على حساب دم الفقراء في منطقتنا( فنحن ننزف دمنا ثمناً للخروج من حالة الانحطاط، ومقاومة للاحتلال، وتلبية لنداء الحريّة، وهم بنكباتنا يراكمون أرقاماً في أرصدتهم البنكيّة، والتي تبدد بسفاهة على كماليات استهلاكيّة، وأسلحة تصدأ في مستودعاتها، وسياسات إفساد، وتمويلاً لعمليات تخريب في وطننا العربي، وفي بلاد العالم البعيدة، وأرقاماً ميتةً في بنوك الغرب)كما كتب رشاد أبوشاور في صحيفة عرب48 .
(وبدل أن تتغطى هذه الأنظمة على الأقل بهذه الفرصة التي لاحت لكي تحتج على الصلف والاستهتار الإسرائيلي بها , حررت أيديها لتطعن المقاومة في ظهرها )كما كتب أيضا المفكرعزمي بشارة بنفس الموقع المنوه به .
نحن هنا في الحقيقة لنتناول بالنقد ما جاء في بعض كتابات أطراف من المعارضات العربية وبالخصوص السورية منها وما ورد في بيانات بعض أحزاب المعارضة , عاتبة على عملية حزب الله من أسر الجنود الإسرائيليين .
لا نريد أن نشخصن النقاش , ولا نريد أيضا أن ننتقص من صواب رؤية أحد ولا أن نشارك في القدح أو الذم , أو الاتهام المتبادل بل هي مشاركة متواضعة لتوضيح موقف , فإن معظم الذين سنناقش ما كتبوا هم رفاق لنا أو زملاء أو أحزاب نحن عضوا في إحداها , نحترمهم جميعا ونحترم برامجهم , ونحترم الكثير من الآراء مما يكتبون.
تحدثت معظم هذه المواقف بشكل واضح أو مبهم أن تصرف حزب الله في أسر جنود صهاينة كان تنفيذا لأجندات سورية أو إيرانية, وبالنيابة عنهما خروجا من أزمة تلم بهما , وأنه انفرد في اتخاذ قرار وطني خطير , وأنه ليس الوقت المناسب لهكذا عمل مقاوم , وأنه مغامر ومقامر , وبأنه يريد توريط لبنان والمنطقة في حرب غير محسوبة العواقب وغير مؤهلة ولا مستعدة لها (ولا أدري متى كانت الأمة مستعدة لمواجهة مشاكلها أو الاعتداءات التي تتم عليها أو استباحة أمنها او ثرواتها) , وأنه سيجر لبنان ليخوض وحده معركة الأمة ضد إسرائيل (ويا له من فخر حازه هذا البلد الصغيرالذي سبق أن حقق انتصارا على عدوه)في ظل برود كل الجبهات الأخرى معها وهذا فوق طاقة لبنان , و وووووووو.إلخ...
تذكر هذه الأطراف أن للنظام السوري والإيراني أجندات ينفذونها على أرض لبنان عن طريق حزب الله وعن محاولات محمومة لهما للتأثير على قوى لبنانية تسعى لدعمها لتقوية أوراقها والمتمثلة هنا أساسا بحزب ال, نسلم بهذا ولا ننكره بل نزيد عليه بأن حتى للفلسطينيين أجنداتهم , وتخفي هذه العناصر وهذه الأحزاب في ما تكتب ولا تذكر أن لأمريكا وإسرائيل أيضا أجندات تريدها من لبنان تمتد عميقا في الماضي وتنهض حديثا منذ الغزو الأمريكي للعراق وللمنطقة وأن هناك رغبة لتعميم أطروحة الشرق المتوسط الكبير القائم على الطوائف والتعجيل بها وأن هذا هو الوقت المناسب لتحقيقها في ظل موافقة عربية رسمية وتراجع مخيف لبرامج التحرير والنهوض والثورة والتضامن لتحرير فلسطين والأراضي العربية الأخرى المغتصبة في أجندات معظم أحزاب المعارضة , وأن لبنان يمكن أن يكون شرارة البدء أو النموذج المحتذى إلى جانب العراق. ونسى هؤلاء أيضا أن يذكروا كما ذكروا من حصة سوريا وإيران , أن لهؤلاء الصهاينة والغربيين حلفاء منذ إنشاء الكيان اللبناني على هذه الصورة التي أنشئوه عليها , و التي يخوض اللبنانيين بين فترة وأخرى بسببها حروبا أهلية ثمن الحفاظ عليها وعدم تفككها , وأن هناك من خاض مع إسرائيل حربها ومجازرها بحق الفلسطينيين واللبنانيين.
يذكرني هذا اللغط بالطريقة التي كتب ويكتب بها بعض الكتبة السياسيين حول ما يجري بالعراق بنقد ما يجري من عمليات تقتيل للمدنيين العراقيين ذاكرين كل الأطراف العراقية, وبشكل خاص القوى السنية التي تصدت للاحتلال , وأغفلوا ذكر المجازر التي ترتكبها قوات الإحتلال الأمريكية , بل اعتبروها قوة حامية للناس ومانعة لتنفيذ المجازر ضده , ونسوا هؤلاء أن من أولى أجندات الاحتلال في العراق هو هذا التفتييت وهذا المنهج من التدمير والتقتيل , ولم يحملوا هؤلاء في كتاباتهم القوات الأمريكية نتيجة ما يحصل في العراق قدر ما حملت أطراف المقاومة الإسلامية .
نتمنى كيساريين , لو استطاع اليساريون أو يستطيعون , تشكيل مقاومة شعبية تتصدى للغزو والعدوان في العراق أو لبنان أو فلسطين أو في الجولان , أو في أي موقع من منطقتنا تتعرض للعدوان , العبء الأول في مقاومة هذه الهجمة الامبريالية الصهيونية على المنطقة أو أي هجمة أخرى , وأن يكون على أساس برنامج ثوري هو البرنامج المتصدي لها , ولكن ماذا نفعل إن عجزت هذه القوى عن فرز مقاومة تعتبر منطقية للتصدي لأجندات هذا العدو , وأن القوى التي تصدت هي القوى الإسلامية التي تخوض صراعها مع العدو على أساس أجنداتها الدينية أو المذهبية أو الطائفية , وبكل ما تحمل أجنداتها من مشاريع و ممارسات نرفضها ؟
نعم هناك وبسبب طبيعة الديموقراطية في لبنان وطبيعة سلطته الغير قمعية والضعيفة , وجود نفوذ وأجندات لكل جيرانه الإقليميين وحتى وجود أجندات مافوية .
لنا الكثير من التحفظات على حزب الله كحزب ديني له لونا مذهبيا , بل أننا نزيد أنه حاول مصادرة مبادرات الأطراف الأخرى في لبنان أثناء تشكل قوى المقاومة بالاستناد على التركيب الديموغرافي السائد في منطقة الجنوب , وبالاستناد إلى خصوصية التحالفات التي كان يقيمها في حرب التحرير التي كان يخوضها مع إيران وسوريا , حتى أن العناصر الفلسطينية كانت تقاتل معه من خلال الانخراط كأعضاء في صفوفه بعد أن فشلت منظمة التحرير وانهزمت لأسباب لا مجال للخوض بها الآن , وبعد أن طردت نهائيا من لبنان في الظروف التي بتنا جميعا مطلعين عليها . ولكن نشهد لهذا الحزب عصاميته وأخلاقيته ووطنيته , وأن يده نظيفة ويقوم بخدمات جليلة للمواطنين , وأنه لم يكن في يوم من الأيام طرفا في الاحتراب الداخلي , بل نشأ على أنقاض أمراء الحرب وأمراء منظمة التحرير , واصطبغ أسمه منذ نشوئه بالمقاومة فقط للعدو والتصدي له , وإن كان قد استفاد من دعم إيران أو النظام السوري أو بعض الأطراف الفلسطينية وهذا حقه الطبيعي في توظيف أي دعم لتحرير أرضه والتصدي للمشروع الصهيوني , بعكس قوى ما يسمى 14 آذار التي تنقلت بعض قواها كثيرا عبر مسيرتها السياسية ما بين الارتهان للكيان الصهيوني وأجنداته وتنفيذ المجازر بالفلسطينيين واللبنانيين بالنيابة عنه , وما بين الارتهان للنظام السوري وضباط مخابراته , لتكوين ثروات وقصور شخصية , أو مجدا شخصيا .
كنا نتمنى لو أن الذي شكل العماد الأساسي في المقاومة اللبنانية هي القوى الأخرى من اليسار الديموقراطي , أو أن معركة التحرير خيضت على أساس برنامجها الوطني الديموقراطي , أو لو أنه كان لقوى اليسار في لبنان ثقل في المعركة إلى جانب قوى حزب الله (ولا ضير إن كان في صفوف هذا اليسار سوريون وفلسطينيون وعرب يسارييون ), ولكن الذي حدث أن القوى الأساسية التي شكلت المقاومة وخاضت معارك التحرير وأنجزته هي قوة حزب الله , ولا يعيبه أن النظام السوري والإيراني كانوا داعمين له في معركة تحريره , بل يعيب العرب، ويعيب كل الأنظمة التي لها حدود مباشرة مع العدو، أن حزبا كحزب الله بمقاتلين عاديين وأسلحة خفيفة استطاع بالإصرار والكفاح والتضحيات والصمود أن يحرر أراضيه فيما عجزت دول التماس العربي , وتاعست عن ير الأرض ومنعت نشوء مقاومة أهلية من أي منطقة على تلك الحدود لتحريرها, بل أفسدهم في تجنيدهم عناصر مخابرات باللعب على حاجاتهم المادية , بل أن هذا الأنظمة أمنت العدو وحدوده من أي عمل فدائي منذ فك الارتباط وإلى الآن , ون هذا الأنظمة خانعة مام هذا العدو بالرغم من كل استفزازاته , ولما تفكر أن تثأر كرامته يستنجد بنخوة حزب الله أحيانا لرد الاعتبار.
يقولون أن عملية أسر الجنود موقتة على أساس أجندات سورية إيرانية ونحن نقول , ومن خلال تصريحات الأمين العام لحزب الله , أنه ومن وقت طويل صرح أنه لا يمكن إعادة بقية الأسرى إلا من خلال التخطيط لأسر جنود للعدو ,لأنه الأسلوب الوحيد الذي يفهمه العدو ,وكانت له تصريحات واضحة حول هذا منذ عملية تحرير الأسرى الذي استثني فيها القنطار ورفاقه , وتعهد بأن يفعل , وحاول أكثر من مرة وفشل إن كنا متابعين للأخبار , ونجح أخيرا . وإذا كان قد استعجل فهذا من وجهة نظري بسبب ما حدث من أسر لجندي آخر في غزة من خلال المقاومة الفلسطينية وبالتناغم معها , والتي كنا نعتب عليها تنفيذها عمليات ضد المدنيين اليهود في أراضي 48 ونطالبها بالتركيز على الجنود والعسكر الصهاينة الموجودين في الأراضي المحتلة لديهم , اللذين ينفذون يوميا المجازر ضد الفلسطينيين المدنيين , وتمنينا عليهم حذو أعمال حزب الله , وسعدنا بتغيير تكتيكها ونجاحها .
إننا نرى أن ما يجري من تحليل في الكتابات بناءا على هذا هو تبسيط للأسباب , ونسيان بأننا في معركة دائمة مع العدو , وأن من حق المقاومين إن عجزنا نحن عن المقاومة أو استقلنا منها , أن يقاوموا وينفذوا عملياتهم , ويقوموا بحساباتهم هم ماداموا يدفعون حياتهم ثمنا لهذا ويحققون الهدف في تحرير الأرض .
وأخيرا: يتهمون هذا الحزب اتهاما نعتبره من وجهة نظرنا مفخرة لهذا الحزب لا سوءة , وهو اعتبار نفسه أنه طرف في معركة دائمة ومستمرة مع العدو الصهيوني إلى جانب إخوته في فلسطين , في الوقت الذي تخلى عنهم كل أشقائهم الآخرين الذين ارتأوا انسجاما مع العصر العولمي التخلي عن برامج المقاومة , وعن برامجهم المنحازة لقوى التحرر ومن ضمنها الشعب الفلسطيني , وتبني أجندات السلام التي ارتأوا أن الطرح الديموقراطي لا ينسجم إلا بما اختاروا , متناغمين بهذا مع القوى العربية الرسمية التي تبنت خيار السلام خيارا استراتيجيا لا رجعة عنه , مسقطين كل خيارات المقاومة .
أريد أن أسأل هؤلاء المعارضين : ترى إن استطاع هؤلاء أن يصلوا إلى السلطة بطريقة ما , أو تمكنوا لسبب ما أو لوضع ما من المشاركة في القرار السياسي إن كان حربا أو سلما , هل سينؤون بسوريا وبأنفسهم عن التهلكة , ولن يتهوروا و يغامروا بالتصدي للعدو الصهيوني والأمريكي لتحرير الأرض ومنع المخططات المعادية , لأن سوريا غير قادرة لوحدها خوض المعركة وسينتظرون الدول العربية الأخرى , أم ينتظرون تغير موازين القوى العالمي , أم أنهم سيتسولون التحرير وأمن الوطن من العدو كما يفعل النظام السوري هذه الأيام , من خلال إسقاط خيار المقاومة وتبني خيار المفاوضات والمفاوضات فقط ؟
نقطة أخيرة علينا أن ننوه لها , وهي أنه علينا أن نسعى في مواجهتنا مع العدو , أو في مشاريع التنمية لمنطقتنا , لأن تكون إيران حليفا لنا في المواجه والتنمية المشتركة , وليس إيران وحدها , بل تركيا , وكل الدول والقوى التي لها مصلحة في التصدي لأجندات الاحتكار العالمي , ولنعلم أن العرب لدينا ليس عربا واحدا والأكراد لدينا ليس أكرادا واحدا , والإسلام ليس إسلاما واحدا , والمسيحيين ليس واحدا , واليهود ليس كلهم صهاينة ومؤيدين للمشروع الصهيوني , وأن تنضد القوى يجري حسب المصالح الطبقية وارتباطها وتجلياتها المعقدة بالرغم من كل وسائل التمويه التي تحاولها هذه القوى الشريرة لتفتيت قوانا وشرذمتنا , ولمحاولتها للسيطرة على خيراتنا ومقدراتنا , ولمصادرة مستقبلنا .



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow