واو العطف والحرب اللبناني
خاص ألف
2006-08-05
" واو العطف " تترددُ كثيراً هذه الأيام ، و نسمعها كثيراً و بشكلٍ يوميٍّ منذ بداية هذه الحرب / المجزرة ضد لبنان و شعبه الأعزل إلا من إرادة المقاومة و الرغبة في الحياة الحرة الكريمة.
ينتصر لبنان كلَّ مرّة، ينهض كطائر فينيق ، و يستفيق من سبات العرب جميعاً و صمت مدافعهم إلا عن بيانات الشجب و الإدانة و الاستنكار.
" واو " جميلةٌ لا تشبه واو دهشتهم العميلة و الرجعية و الحاقدة القاتلة . .
" واو " ترفع معنوياتنا عالية ً فوق جبهة السماء ، كراية ِ مقاومة ٍ لبنانية ٍ تعيد للعرب مجدهم الغابر ، و تزيدنا اصراراً على صمودٍ اسطوريٍّ في وجه أعتى آلةِ حرب عرفها العالم في تاريخه الحديث
هي " الواو " الجميلة النبيلة ، التي سمعناها مرتين : الأولى في كلمة السيد حسن نصر الله ، و الثانية في أحد بيانات المقاومة. قال السيد حسن نصر الله : " ستصل صواريخنا إلى حيفا، و ما بعد حيفا ، و ما بعد بعد حيفا " ، و قال مصدر في المقاومة : " لسنا نمتلك صواريخ تكفي لستة اشهر فقط بل تكفي لستة اشهر و أكثر و أكثر ".
جميلةٌ هذه الواو ، وقعها موسيقيٌّ يطيب للأذن سماعه ، و قد تصير هذه الواو جزءاً من مقطوعة ٍ غنائيةٍ ثوريةٍ أو تصير نشيداً وطنياً، لما لها من دورٍ معنويٍّ في إذكاء شعلة مقاومتنا لهذا الموت العبثي المجانيّ و صمودنا في وجه طائرات الإبادة الجماعية التي تكشر عن أنيابها فنواجهها بالنظرة المجردة إلا من الحقد الذي سنتوارثه حتى آخر الخليقة .
كما لهذه الواو دورٌ استعاديٌّ لبعض بطولات مشرقةٍ رغم استثنائيتها في ازمان استثنائية و على يد رجالٍ و قادةٍ استثنائيين، منذ محمد و عليّ و الحسين و المعتصم حتى صلاح الدين و عبدالناصر و كثيرين غيرهم.
و قد تتسببُ هذه " الواو " بخلق معضلةٍ لغويةٍ نحويةٍ ، إذا سيحارُ النحاةُ في اعتبار عطْفها مقابل عنفها و شدّتها ، و قسوة وقعها على هذا الإسرائيليّ الذي يخوض ، ولأول مرة عبر تاريخه الاحتلالي الاستيطاني في ارض فلسطين، حرباً امريكيةً بامتياز، و بالنيابة عن مارينز جورج دبليو بوش، حرباً تنضم بأحداثها بجدارةٍ إلى سلسلة حروب هذا " البوش " الفاشلة في أفغانستان و العراق و حروب اسلافه في الصومال و كوبا حتى خليج الخنازير.
أيتها " الواو " ما أجملكِ ! و يا لسطوعكِ كشمسٍ في ليل هزيمتنا الحالك ! يا لكبرياء جرحكِ و تعاليكِ على انحطاط اخلاقهم و منطق ارهابهم و دموية حروبهم و تاريخهم و توراتهم .
أيتها " الواو " ، ويح الذين لا يدركون عظمتكِ في تعبيرك عما تحمله عيون الأطفال الشهداء في ارض الجنوب من حقد يُسقطُ طائرة ، و غضبٍ يفجّرُ الميركافا ، و أمل بغدٍ تبنيه قلوبهم الصغيرة ، و تغنيه أفواههم المملوءة تراباً و المخنوقة الأنفاس تحت أنقاض بيوت قانا و بنت جبيل و أخواتهن الشهيدات من قرى و بلدات الجنوب و اللواتي هنّ مشاريع مقاومة و عزٍّ و شهادة.
كم أنت ِ عظيمةٌ أيتها " الواو " ! و كم هي عظيمة هذه الأمة التي تستعيد ذاتها و أمجادها اليوم في صورة هذه القلة القليلة من الفدائيين الأبطال التي تواجه الدبابة بالدعاء ، فتستجيب لدعائها السماء بطير أبابيل، و " ما رميتَ إذ رميتَ ، ولكنّ الله رمى ".
و " إلى حيفا، و ما بعد حيفا ، و ما بعد بعدَ حيفا ". عبارةٌ بها تتكامل أسطورة هذه " الواو " التي أرعبتهم و أرجفتهم، جعلتهم يحارون في ايجاد مرادفٍ عبريٍّ لها ، و لن يجدوا ، لأن لهذه الواو العاطفة و العاصفة معاً ، قدرةً على السحر بفعل صمود اللبنانيين ووحدة موقفهم ، و قدرة هذا الـ " لبنان " على الانبعاث من جديد في كل مرة تجتمع عليه فيها قوى الشر لينتصر .
هذه الواو التي لم تصبْ نهاريا و عكا و حيفا فحسب، بل اصابت و كفى ، و قد أصابت القلب منهم و شلّت الجهاز العصبي لكيانهم الغاصب.
كم أنت ِ جميلة نبيلةٌ أيتها " الواو " التي ارعبتهم، أصابتهم بالفزع و الهلع ! افقدت قادتهم الصواب فباتوا غير قادرين على تمييز جغرافيا جنوب لبنان من تاريخه ، و بينهما مسافة انتصار و مقاومة و شهادة حسينية كربلائية لا تقاس بالكيلومترات المعدودة ، التي تضاربت تصريحات قادة اركان جيوشهم في تحديد وجهتهم عبرها، و مدى توغلهم بحسب الرضى و القبول الدوليين و بغض النظر عن الكلفة البشرية الباهظة التي يتحملها الشعب اللبناني الأعزل بالبشر و الحجر، بل و ما تبقى له من الحلم بوطن مزدهر و حر.
أيتها " الواو " الحارقة الخارقة و المتفجرة ، دعيهم يتخبطون ميدانياً و اعلامياً و نفسياً حتى ، و لنا أن ننتصر بكِ ، و أن نقوى على "واو" القسَم ، ولو لمرة اخيرة قبل ان ينقرض العرب.
08-أيار-2021
03-آذار-2009 | |
09-كانون الثاني-2009 | |
09-تموز-2008 | |
07-حزيران-2008 | |
تحولات الرّمل: وعي الاستمرارية في التجربة الروائية في الإمارات |
02-آذار-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |