رئيس مغتصب، و زير نساء
خاص ألف
2006-10-17
أنها ليست مجرد قضية إغراء من صدور عامرة، أو أفخاذ مكتنزة، أو أرداف طيبة مغناج، وليس تغزلاً "مشروعاً أحياناً"، ببطون ضامرة، وخصور ميّاسة هيفاء، وقامات كيّسة ممشوقة. أو هي في أبسط التحليلات، استجابة طبيعية لنداء غريزي فطري يحمله كل إنسان سوي في الأعماق. كما أنها ليست مجرد نزوة عابرة، ولمرة واحدة، يتبعها توبة نصوح لا رجعة عنها، بل أن الأمر يتعدى أكثر من ذلك بكثير.
إنه سلوك منحرف متأصل في نفس شاذة، وغابة تسرح، وتمرح فيها الذئاب، والضباع، والعقبان، تتلذذ باغتصاب فرائسها، وتنام قريرة العين، من غير رادع، أو وازع، ولا حساب.
ولا بد من التذكير، بادئ ذي بدء، بما يمكن أن ينطوي عليه الموضوع، برمته، من مضامين سياسية، وتصفيات حسابات، وأبعاد خلفية غامضة، لا يمكن لنا استجلاؤها بتلك السهولة. إلا أن الأمر واقع، واقع، ولا دخان، البتة، من غير نار، والمكر، والخبث، والدهاء، بحق، فيما لو تمّ إخفاؤه كلياً عن الأنام، وشكراً دائما للصراعات السياسية التي تفجّر، أحياناً، مثل هذه السِيَر، والفضائح السوداء. وما إحجام الرئيس الإسرائيلي، موشيه كاتساف، عن المشاركة في الاجتماع الأول للدورة الشتوية للكنيست، مساء أمس، إلا تأكيد على أنّ، في الأمر، شيئاً من الحقيقة، إن لم تكن الحقيقة بكاملها. وإن التزام مكتب رئيس الدولة، حتى الآن، بعدم إصدار أي نفي لهذا الموضوع، بالغ الحساسية، ويطال المنصب الحكومي الأول، قد يكون مجالاً للإيحاء بصحة كل ما جاء من اتهامات.
الرئيس الإسرائيلي موشيه كاتساف، الذي ولد في إيران، في الخامس من ديسمبر عام 1945، ويتقن اللغة الفارسية بشكل جيد، كان قد تبوأ منصبه في العام 2000، خلفاً للرئيس الإسرائيلي السابق عزرا وايزمان. كاتساف هو في ورطة حقيقية، الآن، لم تطل، من قبله، أي مسؤول إسرائيلي على هذا المستوى العال، برغم حجم الفضائح السياسية، ذات الطبيعة المختلفة، والتي طالت كثيرين منهم حتى الآن. هذه الورطة – الفضيحة، فيما لو ثبتت عليه، فإن ستة عشر عاماً بالسجن، على الأقل، ستكون بانتظار هذا الرئيس المتصابي، المراهق، والطائش الخليع. وهي أقسى عقوبة يحكم بها رئيس إسرائيلي حتى الآن. وبغض النظر عن كافة التأويلات، والأبعاد الخفية الأخرى، التي من الممكن أن تكتنف هذه الفضيحة، إلا أن في الأمر شيئاً ما يؤكد على عقيدة الاستباحة المطلقة، والانفلات التي تطبع قادة هذا الكيان غير الشرعي، ويدلل على الخلفية الأخلاقية، والسلوكية التي ينحدر منها زعماء دولة إسرائيل، والمدى الذي يمكن أن يذهبوا إليه في سلوكهم تجاه الآخرين، وشعورهم المطلق، وهم في قمة الجبروت، والسلطة، والطغيان، وبالدعم الغربي اللامحدود، وإفلاتهم، مراراً، وتكراراً، من العقاب على جرائمهم، أن لاشيء يمكن أن يقف في وجه أمراضهم، وخيالاتهم السقيمة، ولا يثنيهم عما يراودهم من فسق، وغرائز صبيانية قاتلة. وهو دلالة، أخرى، على المستوى المنحط، ودرجة الفساد، والاستهتار، واللامبالاة التي وصل إليه قادة هذا الكيان.
إنها، وبالفم الملآن، تهمة الاغتصاب، وسوء استغلال المنصب، لمن كـُنّ تحت إمرة الرئيس كاتساف. ثمان، حتى الآن، سقطنّ ضحايا هوس، وشبق، وانحراف هذا الرئيس، وكـُنّ من الجرأة بحيث أعلنّ عن أنفسهن. ولا شك، وفي الكثير من مثل هذه الحالات المشابهة، فقد يكون هناك ضحايا أخريات، ممن فضلْنّ الصمت على الفضيحة، والثرثرة، والقيل والقال، والمرمطة بالذهاب إلى النيابة، والمخافر، وأماكن الاستجواب.
وغير سوية، وإمعان في الشذوذ، والانحراف السلوكي العام. ولو كانت الأمور على هذه الشاكلة، والصورة الوضيعة، التي ظهر منها ما ظهر حتى الآن، لتحولت الكرة الأرضية إلى مسرح للسادية، غير أن الطامة الكبرى، هي عندما يحاول رهط، غير ذي بال، ممن تسلقوا حبال الليبرالية العربية، أن يزيّنوا وجه إسرائيل القبيح، ويجمّلوا من طبيعة، ويتغنوا بديمقراطية، ومشروعية الدولة العبرية، القائمة أصلاً على الاغتصاب. حيث يصب هذا في صلب العقيدة الحربية الإسرائيلية القائمة على العنف، وهتك الأعراض، والفتك بالناس، والذي لا يخرج سلوك الرئيس الإسرائيلي برمته عنه. إلا أن الصفعات تأتيهم متتالية، لتجعل من مزاعمهم، ودعاويهم هباء منثوراً، وتراهم كمن يحرث بالماء، ويحارب طواحين الهواء. ولو كان الأمر يتعلق بالطبع بمواطن عادي، أو منحرف أخلاقي لما أثار كل هذه الجلبة، والزوابع، والصخب، لكن، وطالما أن هذا السلوك، يقترن برئيس دولة، فإن الأمر يصبح عندها، مدعاة للتوقف، والتندر، والسؤال.
وكما هو معلوم، يعتبر رأس الدولة، في أي بلد، ولاسيما في تلك البلاد التي تتبجح بالديمقراطية، رمزاً، وعنواناً، للسلوك الوطني العام، ومحصلة طبيعية لأخلاق، وسلوك الناس، يجسدها في سلوكه اليومي، ويعبّر عما في مكنوناتهم، وشعورهم الجمعي العام، وما يحملونه من مبادئ عامة وأخلاق. وفي الحالة الإسرائيلية، إذا كان هذا هو الرمز، وهذا هو عنوانها، وهذه هي سيرة النخبة الحاكمة، وعلى هذه الدرجة الوضيعة من التهافت، والسقوط، والنذالة، الانحلال، فعلى الدنيا، وعلى هذا الكيان، السلام. وإذا كان هذا تصرف رئيس دولة مدني، ومؤتمن على شعبه بهذه السوقية، والغريزية، والابتذال، ومع موظفات تحت رعايته، وأمرته، فلن يستغرب المرء، عندئذ، كل ذاك الإجرام، والوحشية، والعدوان الذي يلاقيه أطفالنا الأبرياء في فلسطين، ولبنان من الجنرالات، والعسكر المرتزقة، والقتلة المأجورين الغزاة.
والسؤال الأهم، هل ثمة من داع لأن يؤتمن، ولو لوهلة، جانب هؤلاء؟ وكيف يكون مثل هؤلاء الناس مسالمين، ودعاة، يعملون للسلام، ويحافظون عليه، ويلتزمون بالمواثيق، والأعراف الدولية والسلوك الإنساني البسيط العام؟ ومن سيصدق، بالتالي، كل ما يصدر عنهم من التزامات، وتصريحات، ووعود، وكلام فارغ، وهراء؟
08-أيار-2021
24-أيلول-2007 | |
04-أيلول-2007 | |
17-آب-2007 | |
25-تموز-2007 | |
21-تموز-2007 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |