شيوخ الكتابة يحاصرون الأدباء الشباب
2007-08-09
حدث أن قُيّض للثقافة الديرية رجل أعمال سوري فكر في دعم المثقفين ومؤسساتهم (الرسمية)، بعد أن اطلع على ما يعانيه هؤلاء من مكابدات، وما تعانيه الثقافة عموماً من قلة إمكانات، وربما قلة حيلة..؟
رجل الأعمال هذا، وهو المهندس حسان العلي (ديري الأصل يعمل في الخليج)، قدم أموالاً طائلة لوزارة الثقافة لإقامة مهرجان تكريم للشاعر محمد الفراتي (ولنا وقفة قادمة حول هذا المهرجان)، كما قدم قبل ذلك ما يقارب الـ 300 ألف ليرة سورية لفرع اتحاد الكتاب العرب بدير الزور وفوضهم حق التصرف بها (ثقافياً).
فرع الكتاب لم يكذب خبراً، إذ سارع للإعلان عن جائزة للأدباء الشباب في مجالي الشعر والقصة القصيرة.. وكان ما كان. ما كان!
ـ لجنة التحكيم رباعية :
حسب معلوماتنا إن لجان التحكيم، وفي جميع المسابقات المحلية والعربية والعالمية، تتشكل من عدد فردي من الأعضاء (غالباً ما يكون ثلاثة) وذلك تحسباً للاختلاف في الرأي بين الأعضاء حيث يكون الثالث مرجحاً ، إلا في مسابقة كتاب دير الزور فقد كانت لجنة التحكيم مؤلفة من أربعة أعضاء للشعر ومثلها للقصة القصيرة!
لماذا حدث هذا؟
لا يحتاج الأمر إلى ذكاء خارق لنفهم أن قِدْرَ (الطبخة)، بحسابات المكتب الفرعي لاتحاد الكتاب بدير الزور، لن يستوي إلا على أربعة، حتى لو كان المحكم الرابع (في القصة مثلاً) عضواً في جمعية البحوث.
وإذا كان (الحِمْل) ثقيلاً إلى الحد الذي يتطلب اللجوء إلى محكم رابع فلماذا لم تتم الاستعانة بقاص متحدّر من جمعية القصة، وهم متوفرون وتحت الطلب.
من ناحية أخرى، ألم يعد في دير الزور من يصلح لتقييم القصة القصيرة وخصوصاً لأدب الشباب سوى القاصين رشيد رويلي وإبراهيم خريط وعبد العزيز دروبي، وقد التحق بهم هذه الأيام الباحث عمر صليبي؟
سؤال (ثقافي) برسم اتحاد الكتاب خصوصاً بعد البيان النقدي الخاص بلجنة التحكيم الذي قرأه، نيابة عن اللجنة، القاص رشيد رويلي معترفاً فيه باستبعاد عدد من الأعمال المقدمة للمسابقة لأسباب منها نعومة الخط ورداءة العناوين؟
ماذا ستقول هذه اللجنة لعزيز نيسين لو تقدم لها بـ (رفسة جحش) مثلاً، أو لجمال عبود بـ (غلطان يا بطيخ).
ـ لجنة تحكيم ديرية :
حرص اتحاد الكتاب أن تتشكل لجان التحكيم الخاصة بمسابقات الفروع من أعضاء من خارج محافظة كل فرع، وبهذا كانت دير الزور تحكّم للفروع القريبة منها كالحسكة والرقة، فيما كانت الرقة والحسكة تحكمان لدير الزور، وذلك حفاظاً على نزاهة القرارات ومنعاً للتدخلات الجانبية رغم أن هذا الشكل نفسه كان مخترقاً بحدود معينة، وكانت تُسجل، أثناء المسابقات، تدخلات من تحت الطاولة لتفويز فلان أو فلانة.
استمرت هذه الطريقة منذ تأسيس فرع دير الزور عام 1993 إلى أن جاءت هذه المسابقة لتعلن خرقاً لأنظمتها وتقاليدها وذلك بتشكيل لجنة تحكيم ديرية صرف.
ماذا يعني أن تتشكل لجنة تحكيم ديرية لمسابقة ديرية ولأدباء ديريين؟
يعني هذا أن معظم الأعمال المقدمة للمسابقة، حتى وإن أُغفلت أسماء أصحابها، ستكون معروفة للجنة، لأن الكثير منها قد قُرئ على منبر اتحاد الكتاب في أوقات سابقة للمسابقة، الأمر الذي قد يؤثر على قرارات اللجنة، وربما يؤدي إلى تحيّز أو محاباة، وهذا ما حدث، وإلا كيف أعلن بعض المشاركين فوزهم قبل ظهور النتائج، بل قبل أن ينهي المحكمون مهامهم الجليلة؟!
ـ غضب هنا وغضب هناك :
كثر اللغط بعد إعلان النتائج مباشرة وعلت الأصوات المشككة، وخصوصاً بين الأدباء المشاركين في المسابقة، إلى الحد الذي دفع الشاعر فاضل سفان (عضو في لجنة التحكيم وعضو مكتب فرعي) لاعتلاء المنبر والدفاع عن نزاهة التحكيم.
بعد ذلك عمد السفّان إلى جريدة (الفرات) المحلية لمهاجمة المشككين واصفاً إياهم بالمرضى! وأنا، بصفتي أحد ( المرضى ) ، أوجه لأستاذنا السفان السؤال التالي :
لماذا أغضبتك إشارات الآخرين لأخطائكم، وهي بالجملة ، أكانت في إدارة الجائزة أم في إجراءات التحكيم، أم في كيفية توزيع المال أم في غيرها ؟
وهل يحق لأحد المحكمين، حتى وإن كان عضو مكتب فرعي، أن يتسلم النتائج من باقي المحكمين ليقوم بنفسه بجمعها وتقسيمها وترتيب الفائزين؟
أين هي إذاً لجنة الإشراف على الجائزة التي عليها القيام بمثل هذه الأعمال؟
ما نعرفه، وما هو معمول به في جميع المسابقات، أن لجنة التحكيم، بما في ذلك أعضاء المكتب الفرعي، ينتهي دورها عند الانتهاء من تقييم الأعمال التي بين يديها ولا يعود لها الحق بالتدخل في التفاصيل اللاحقة.
في سؤال لثلاثة من أعضاء لجنة الشعر حول إجراءات عملهم كانت الإجابات واحدة: (وضعنا العلامات ثم سلمنا الأعمال للشاعر فاضل سفان (المحكم الرابع) الذي تولى بنفسه جمعها وتقسيمها وترتيب الفائزين).
وفي سؤال آخر عن مدى تطابق تقييمهم مع النتائج النهائية، كانت الإجابات متقاربة : (معظم النتائج كانت مفاجئة لنا، فبعض القصائد ذات الترتيب المتوسط أصبحت في المقدمة فيما تراجعت قصائد أفضل حالاً وترتيباً منها ).
ويبدو أن الشاعر السفان لم يكن الغاضب الوحيد، فالشاعر جمال علوش، وهو عضو في لجنة التحكيم، كان غاضباً أيضاً، وهو يتحدث إلينا ( أنا شخصياً لم أُدع لحضور التقييم النهائي للنتائج، وقد فوجئت بتفويز بعض القصائد المتوسطة فيما لم تفز قصائد ذات مستوى فني عالٍ. الأغرب أنني، قبل صدور النتائج، كنت أسمع من هنا وهناك عن فوز فلان أو فلانة بالشعر أو بالقصة، فيما أنا، لا علم لي بذلك رغم إنني عضو في لجنة التحكيم،..)؟
ونحن هنا، لا نريد الخوض في مصداقية التقييم، على العكس نرى أن احتمال حدوث انقلابات في الترتيب النهائي للعلامات بعد جمعها وتقسيمها هو أمر وارد ومنطقي، لاختلاف وجهات النظر والرؤى النقدية بين المحكمين، فما يراه أحدهم جيداً قد يراه الآخر أقل جودة، ولكن ما ليس منطقياً هو أن تُعطى قصيدة أو قصة ثمانون علامة فيما لا يعطيها الآخر سوى ثلاثين علامة؟
أو ليس هذا دليلاً على وجود خلل نقدي وربما نقص في الكفاءة النقدية!
مرة أخرى، لا نتقصّد الطعن بنزاهة الأستاذ السفان أو بغيره من المحكمين، ولكن هل كانت هذه المسابقة مستوفية لشروطها القانونية والأدبية، لا سيما أن عدداً من المحكمين أقرّوا بأنهم كانوا يعرفون مسبقاً الكثير مما تقدم لها من أعمال أدبية ويعرفون أصحابها؟
ثمانون ألف ليرة مكافآت التحكيم :
قلت قبل أشهر، في دردشة جانبية مع الأستاذ عبد العزيز دروبي، رئيس المكتب الفرعي لاتحاد الكتاب بدير الزور: إن من المعيب اليوم أن لا يكون الإنترنت مربوطاً بالمؤسسات الثقافية وأن لا يكون متوفراً لأعضاء الاتحاد بشكل يومي.
وكانت الحجة عدم وجود ميزانية، وإن الاتحاد لا يسمح بذلك ضغطاً للنفقات!
اليوم، وقد جاء إليهم المال، ماذا فعلوا به؟!
لقد وزعوه على الأدباء الشباب (120 ألف) وعلى لجان التحكيم (80 ألف) بمعدل عشرة آلاف لكل محكم، أما الباقي فذهب نثريات للدعاية والإعلان وغيرها.
منذ أيام، على هامش ندوة تكريم الفراتي، بُهت الشاعر وليد مشوّح ( وهو علامة مسجلة في التحكيم الأدبي في سورية )عندما علم أن مكافأة المحكم كانت عشرة آلاف وقال معلقاً: (كانت عيوننا تتنقّب ونحن نقرأ الأعمال المقدمة لنا في المسابقات ولا نكافأ بأكثر من ألف ليرة، وكنا نقرأ المخطوطات لوزارة الإعلام واتحاد الكتاب ولا تصرف لنا أكثر من 500 ليرة!) ؟.
ماذا تبقى بعد هذه الشهادة خصوصاً إذا ما علمنا إن الأعمال المقدمة إلى المسابقة في مجالي الشعر أو القصة كانت تتراوح بين 35 و40 عملاً في كل مجال.
أحد أعضاء لجنة الشعر صارحني بأنه قرأ الأعمال جميعها وحدد تقييمه لها في أقل من ثلاث ساعات، فهل يستحق هذا العمل كل هذه المكافأة؟! أوَ لم يكن من الأجدر استثمار هذا المال في مشاريع ثقافية، كشراء حواسيب مثلاً وربطها بالإنترنت علماً أن الاشتراك الشهري على مدى 24 ساعة لا يتجاوز ألفي ليرة، وهو لا يشكل ربع فاتورة الهاتف التي يدفعها مقر الفرع في كل دورة ؟!
أوَ لم يكن من الأجدر أيضاً إعداد مشروع لطباعة أعمال الأدباء الشباب غير القادرين على تكاليف طباعتها؟
المشاريع كثيرة، والأسئلة أكثر، وتبقى جميعها مفتوحة أمام الجميع وخصوصاً الأدباء الشباب الذين آن لهم أن يتساءلوا عن مدى جدية الثقافة الرسمية في إنجاز مشروع ثقافي مستقبلي.
08-أيار-2021
12-آذار-2016 | |
21-تموز-2012 | |
05-تموز-2012 | |
05-حزيران-2012 | |
24-آب-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |