متحدون ضد الحقوق الإنجابية والجنسية
2006-05-06
فصل من كتاب العلمانية على محك الأصوليات اليهودية والمسيحية والإسلامية
العلمانية
على محك الأصوليات
اليهودية والمسيحية والإسلامية
الفصل الثاني
متحدون ضد الحقوق الإنجابية والجنسية
تفصح التفرقة القائمة على أساس من جنس الإنسان، التي يتقاسمها الأصوليون اليهود والمسيحيون والمسلمون، عن نفسها في الكيفية المشتركة التي يتصدون بها لمسألة العلاقات الجسدية المؤدية إلى إشباع الغريزة المتصلة بتكاثر النوع. ولئن كانت النصوص الدينية لكل من هذه الأديان، في آخر الأمر، صامتة أو غامضة بهذا الشأن، إلا أن مفسريها المتطرفين يصرفون طاقات كثيرة في سبيل الحفاظ على المحظورات الجنسية.
فليس كالحياة الجنسية ما يمكن أن يقدم الفرصة لإخافة الكائنات البشرية تمهيدا للتحكم بسلوكها عن بعد. وعندما يجعل الأصوليون من أنفسهم مُنَظّرين مُرتَجلين للحلال والحرام في مثل هذا المجال الحميم، فإن ما يجمع بينهم هو البحث عن سلطة مطلقة على حياة أتباعهم الخاصة.
إن هذا التخويف عن طريق الجنس في الديانات الثلاث يضرب النساء بقسوة أكثر من الرجال، والمثليين الجنسيين بعنف أشد من «اللامثليين». غير أن هذا الإرهاب يُعبّر عن نفسه بوضوح أكبر عند المسيحيين مما عند اليهود والمسلمين. يكمن السبب للوهلة الأولى في كون المسيحية الدين الأكثر مغالاة في الاحتشام. يضاف إلى ما سبق أن الجماعات المسيحية المتطرفة تعمل في بلدان كالولايات المتحدة وفرنسا، حيث يُشكّل الشأن الجنسي والإجهاض جزءا من النقاش العام، في حين يهيمن قانون الصمت ومفهوم المُحَرَّم، إلى اليوم، على البلاد الإسلامية. أما أصوليو إسرائيل، فهم منشغلون بشؤون أخرى أيضا. وبتعبير آخر، يوجد عند الأصوليين المسيحيين قمح أكثر للطحن في مجال حقوق الإنجاب والحقوق الجنسية، مما لدى نظرائهم اليهود والمسلمين، وهذا يُفسّر منظوريتهم الزائدة عن الحد. بالمقابل، ما أن نتموضع على صعيد دولي، مثل الأمم المتحدة، حتى يَمحَّي الفارق لمصلحة وحدة مقدسة تضم السلفيين البروتستانتيين في اليمين الديني الأمريكي، والمناضلين من أنصار الحياة القريبين من الكرسي البابوي، ومندوبي بلدان المؤتمر الإسلامي. فجميعهم يتحدون لمواجهة الحريات الإنجابية والجنسية باسم الأخلاق الدينية.
تقنين الرغبة من أجل سيطرة أفضل على النفوس
حتى ولو اختلفت الأديان الثلاثة ومتطرفوها بعض الاختلاف في مسألة معرفة ما إذا كان من الضروري تنظيم الظاهرات الجنسية تنظيماً كليا أم جزئيا فحسب، فإن ثمة نقطة يجمعون كلهم عليها: لا جنس إلا أن تكون الأمور الجنسية بين اثنين، بين رجل وامرأة، وفي إطار الزواج. وحتى قبل السماح لهما بإقامة علاقات جنسية، يجب على الزوجين المقبلَيْن تلبية المعايير، الانتقائية جداً، للزواج الديني. فاليهود المتزمتون لا يتهاونون أبدا في مسألة الزواج من خارج الطائفة، ويصرون بصرامة على الزواج من داخل الجماعة. ولما كانت الصفة اليهودية تنتقل عبر الأمهات حصراً، فإن الزواج بين يهودي وامرأة غير يهودية يمكن أن يُفسر كخيانة طائفية. وعلى النقيض من هذا، يبيح الإسلام للرجال المسلمين الزواج من النساء الكتابيات اليهوديات والمسيحيات، ولكنه لا يوافق مطلقاً على الزواج من الملحدات أو «عابدات الأصنام»، في حين لا يجيز للمسلمات الزواج من غير المسلمين تحت طائلة استحقاق عقوبة الموت. أما عند الأصوليين المسيحيين، فإن التصلب يتمثل في استحالة فك الارتباط الزوجي ويؤول إلى خصومة فعلية لدى الطلاق. وفي ما بين هذين الحاجزين، حاجز الزواج وحاجز قطع الصلة الزوجية بشروط، تبقى أمام زوجين من جنسين مختلفين ومن الدين نفسه مصاعب إضافية في ما يتصل بالتقنين الجنسي.
الجنس = الإنجاب
كلما جاء ذكر العلاقة الجنسية في اليهودية، يجري للحال تأطيرها والسيطرة عليها عبر طقوس دقيقة. وغالبا ما يرتبط حظر إقامة علاقات جنسية بالخوف الخرافي من العادة الدورية النسائية، كما تُعبّر عنه التوراة. فإذا حاضت المرأة يُحظَّر على الرجل الاقتراب منها: «وأي امرأة كان بها سيلان بأن يسيل دمٌ من جسدها فلتقم سبعة أيام في طمثها وكل من لمسها يكون نجساً إلى المغيب. وجميع ما تضّجع عليه في طمسها يكون نجساً، وجميع ما تجلس عليه يكون نجساً. وكل من لمس مضجعها يغسل ثيابه ويرتحض بالماء ويكون نجسا إلى المغيب» (سفر الأحبار ـ اللاويون 15/19ـ22). ويتضمن السفر وصفا دقيقا، طبيا نوعا ما، لكل ما تنجسّه ملامسة طمث النساء، من المفروشات إلى الأغراض التي توضع على السرير. وينبغي الإشارة إلى وجود المقطع نفسه في ما يتعلق بالرجال: «كل رجل كان به سيلان من جسمه يجعله هذا السيلان نجسا». على أي، فإن ما ستركز عليه تعليقات وشروح رجال الكهنوت هي «سيلانات» النساء وليس الرجال: «إذا مرت امرأة حائض بين رجلين، وإذا كانت في بداية حيضها، ستقتل واحدا منهما، وإذا كانت في نهاية حيضها، ستسبب نزاعا بينهما» ـ كما جاء في تلمود بابل.
من هذا الوسواس الخرافي الدامغ نشأت نصوص غزيرة تضيق الخناق على الحياة الجنسية والزوجية. ففي باريس توزع حركة لوبافيتش كتيبات تعالج قوانين الطهارة العائلية موضحة أنه من اللحظة التي تلاحظ فيها امرأة سيلان الدم، تُصبح «نجسة» ويجب عليها «الامتناع عن كل اتصال جسدي وعن كل ما يمكن أن يؤدي إلى هذا الاتصال، كأن لا تنام على السرير نفسه مثلاً». ولا يمكن أن تعود الحياة المشتركة إلى مجراها إلا بعد القيام بطقوس معينة دقيقة جدا تبدأ بفحص داخلي: «قطع الطهارة». لهذا الغرض، يجب على المرأة، أولا، غسل الناحية المعنية من جسمها غسلا جيدا، ثم تناول قطعة قماش بيضاء طرية، مغسولة، ولفها حول إصبعها وإدخالها في جسمها إلى أعمق نقطة ممكنة وتدويرها بكل اتجاه، وسحبها وفحصها على ضوء النهار للتأكد من أنها نظيفة تماما، وليس عليها أي أثر للدم. ولفرط الخوف من خطأ قد يفسد التشخيص الأول، يوصى بإجراء اختبار ثان: على المرأة إدخال إصبعها بعمق، قبل غروب الشمس، وحولها قطعة قماش أخرى، تحتفظ بها في داخلها حتى ظهور النجوم. وتعيد فحص هذا الشاهد القماشي صبيحة اليوم التالي على ضوء الشمس، لتتأكد من بقائه بلا أثر للدم. فإن لم يظهر أي أثر له، تدخل المرأة في مرحلة يقال لها «أسبوع النقاء»، تستمر أثناءه بالتأكد من غياب بقع الدم طوال الأسبوع. وبعد انتهاء هذه الأيام السبعة، وقيامها بالاغتسال مجدداً (حمام الطهارة: ميكفه)، تستطيع استئناف الحياة الجنسية مع زوجها([1]).
باستثناء هذه التوصيات الصارمة جدا بخصوص الدورة الشهرية لا تفصح الديانة اليهودية عن وسواسية استحواذية تجاه مسألة الجنس. بل يعتبر المتزمتون ممارسة الجنس أمرا طبيعيا لأنه يؤدي إلى الإنجاب. وتنص التقاليد اليهودية، مبدئيا، على أن المتزوجين يُسمح لهم بالعلاقات الجنسية بعد سن اليأس وانقطاع الحيض عند النساء. بالمقابل، يمنع بصراحة كل استمناء خارج مهبل المرأة. ويدين الأصوليون اليهود الاستمناء مستندين إلى قصة أونان الواردة في سفر التكوين: «وكان ليهوذا ولدين: عير وأونان. لكن الله أمات (عيراً) بكر يهوذا لأنه كان شريرا. فقال يهوذا لأونان: ادخل بامرأة أخيك فتزوجها وأقم نسلا لأخيك». التوراة، بالفعل، تسمح للمرأة إذا ترملت بالإنجاب من شقيق زوجها، لكن أونان صعبَ عليه قبول الأمر: «وعلم أونان أن النسل لا يكون له فكان إذا دخل على امرأة أخيه أفسد على الأرض لئلا يجعل نسلا لأخيه، فقبُح ما فعله في عيني الرب فأماته أيضا» (سفر التكوين 38/9ـ10).
إن خطيئة أونان تتعلق بكل سفح غير مفيد للسائل المنوي، وليس فقط بالاستمناء الذي يقول فيه التلمود: «الرجل الذي تنزل يده أدنى من سرته ينبغي لها أن تُقطَع». وباسم تحريم السفح غير المفيد للسائل المنوي، يرفض الرجال اليهود من غلاة المتزمتين القبول بإجراء اختبارات العقم، ويرضون باحتمال الانفصال عن زوجاتهم دون أن يقحموا أنفسهم في تحمل المسؤولية عندما لا يتمكن الزوجان من إنجاب أولاد.
لئن كانت الصلة التي ينبغي لها أن تجمع بالضرورة بين الجنس والإنجاب حاضرة في التوراة، إلا أن المسيحية، تحت تأثير القديس بولس بشكل خاص، هي التي جعلت المتعة الجنسية المسيحية تأخذ سمة الذنب والإثم بصورة قطعية: «اهربوا من الزنى فإن كلَّ خطيئة يفعلها الإنسان هي خارج الجسد، أما الزاني فإنه يُجرم إلى جسده»([2]). وفي الإصحاح السابق من رسالته إلى أهل كورِنثس، يعتزم القديس بولس التوصية بالزواج. ولكنه لا يفعل ذلك تمجيدا للصلة الجنسية بين الزوجين، حتى ولو كانت مُنجبة، بل تسليما بالواقعة التي تبين كون الرجال أضعف إرادة من أن يقبلوا بالعفة: «أما من جهة ما كتبتُم به إليّ فحَسنٌ للرجل أن لا يَمَسَّ امرأة. ولكن لسبب الزنى فلتكن لكل واحد امرأته ولكل واحدة رجلها». لربما كان بولس الرسول يحب رؤية البشر يسيرون على منواله: أي يمتنعون عن الممارسة الجنسية. لكنه يوصي ـ عمليا ـ بإلحاح بالزواج لتفادي الاستسلام لإغراء الزنى بلا ضوابط وفي جميع الاتجاهات. «ليقضِ الرجلُ امرأتَه حَقَّها وكذلك المرأة أيضا رَجُلَها. إن المرأة لا تتسلط على جسدها بل رَجُلُها وكذلك الرجلُ أيضا لا يتسلط على جسده بل امرأته […] وإنما أنا أقول ذلك على سبيل الإباحة لا على سبيل الأمر. فإني أود لو يكون جميع الناس مثلي، لكن كل أحد له من الله موهبة تخصه، فبعضهم هكذا وبعضهم هكذا. وأقول لغير المتزوجين وللأرامل إنه أحسن لهم أن يبقوا على هذه الحال كما أنا. فإن لم يتعففوا فليتزوجوا فإن التزوج خير من التحرّق»([3]).
ولئن أحب أصوليو الأديان الثلاثة جميعا مداورة المحظورات على صعيد الحياة الجنسية، فإن المسيحية وحدها تنفصل بوضوح عن الدينين الآخرين بوسواسها الثابت الممجد للعفة الجنسية. والكاثوليكية هي الدين الوحيد الذي يتطلب من كهنته العفة الجنسية، في حين يعيش رجال الدين اليهود والمسلمون والبروتستانتيون حياة زوجية متوافقة مع تعاليم الزواج التي يعطونها لأتباعهم. والإسلام، كما يشير جيل كيبل، «لا يعرف الحشمة الموسومة بالفيكتورية [نسبة إلى عصر الملكة البريطانية فيكتوريا]. فصحيح أن كل ما هو موصوم بالزنى يستنكره الإسلام كليا ـ مما يفرض على المجتمع منع كل تظاهرات عامة للممارسة الجنسية ـ لكنه يعتبر بالمقابل الجنس في إطار العلاقات المشروعة أمرا ممتازا، لأنه يعطي المتعة (للرجل على أي حال) في الوقت الذي يؤمّن استمرار النوع»([4]). كيبل على حق في إيضاح كون الجنس المشروع يُشَجَّع لأنه يؤمِّن المتعة للرجل. ولئن كان الإسلام يُظهر قدرة أكيدة على تسويغ الرغبة الجنسية، بل على تشجيعها، فإن الإسلامويين يفعلون الأمر نفسه ولكن في إطار علاقة غير متكافئة بحيث حيث تكون المرأة أداة جنسية للرجل.
«على المرأة ألا ترفض رغبة زوجها أبداً»
تُظهر عدة أحاديث إلى أي مدى تتحكم وجهة النظر الذكورية بتصور إشباع النوازع الجنسية. فالمرأة يجب أن تستجيب لرغبة زوجها: «وإن كانت على رأس تنور» أو كما جاء في حديث آخر: «يجب ألا تمنع نفسها عن زوجها ولو على قَتَب جمل».
بل إن إشباع «حاجات الرجال الطبيعية» قد يصل إلى حد التسامح تجاه استمناء الرجال على الرغم من الفريضة التي لا تبيح إقامة علاقات جنسية إلا في إطار الزواج. فلقد أجاب واحد من المشايخ من موقع (فتوى بنك Fatwa Bank) في الشبكة، عن سؤال حول موضوع الاستمناء إجابة بدت أقل قسوة من تلك التي كان سيجيب بها القديس بولس في موقف مماثل: «يعتبر القرآن من يسعون إلى إشباع رغباتهم خارج الزواج منتهكين للتعاليم […] مع ذلك، يرى بعض العلماء أنه إذا وجد أشخاص تمضّهم رغباتهم الجنسية، ولكنهم يخافون الوقوع في الزنى، ففي هذه الحال حصرا لا يكون ثمة حرج في الاستمناء اختيارا لأهون الشرين».
إن هذه المقدرة على الظهور بمظهر متسامح تجاه النوازع الجنسية لا تشكل ظاهرة منعزلة. حتى في إيران، ارتأى نظام رجال الدين فتح بعض «بيوت الفضيلة» ـ أي بيوت دعارة ـ ليتمكن الرجال من إشباع رغباتهم وغرائزهم طبقا «للقواعد الإسلامية»([5]). الشرط الوحيد المطلوب منهم حمل ما يثبت أنهم فقدوا زوجاتهم، أو أنهم غير متزوجين، أو أنهم متزوجون من نساء «مريضات أو مجنونات». بفضل هذا المستند، بوسعهم الاستفادة من الخدمات الجنسية التي تقدمها العاهرات دون أن تعترض الأخلاق الإسلامية على هذا.
على أي حال، ينبغي التخفيف من إطلاقية الرأي القائل بعدم تأثيم المتعة الجنسية في الإسلام. فلئن كان الأصوليون الإسلاميون بعيدين عن تأسيس العفة في عبادة على منوال الأصوليين المسيحيين، إلا أنهم يعيشون في خوف مقيم من ارتكاب فعل جنسي حرام. تُعذّبُ هذه المسألة بشكل خاص أولئك الذين لم يتلقوا دروسا موسعة في أصول الدين. فالتفاسير تتباعد أحيانا، حتى بين علماء الدين، في ما يتعلق بالحدود المفروض أن يضعها الدين بشأن الأمور الجنسية. فلئن كنا وجدنا أئمة قريبين من الإخوان المسلمين يوافقون على قيام شخصين من جنسين مختلفين بممارسة الجنس عن طريق الفم أو الشرج، فإن الأمر يختلف جدا عندما نتحدث مع الشيخ عمر بكري، رئيس (المهاجرون)، وهي حركة أصولية لندنية. إذ لا ينبغي لمريديه توقع مثل هذه الحميّة عندما يسألونه عن رأيه عما هو «حلال» في العلاقات الجنسية. فقد أجاب شخصا وَجَّه إليه هذا السؤال: «ما الذي أستطيع أن أراه من جسم خطيبتي؟» «تستطيع رؤية عينيها ووجهها وشعرها ويديها»، «هل بوسعي قضاء وقت تسلية معها؟» «كلا، هذا انتهاك للحُرمات. لا تستطيع أن تراها إلا بحضور والديها ومن أجل الحديث عن الإسلام فقط وعن الاستعدادات من أجل الزواج. إنها ليست صديقتك ولا «صاحبتك»». أما الذين انتظروا الزواج للتمتع أخيرا بقليل من الحرية الإضافية، فإن لائحة المحرمات التي وضعها الشيخ بكري ليست مشجعة أبدا. فحين سئل: ما أشكال العلاقات التي يُسمح بها بين الأزواج والزوجات أجاب: كل شيء مسموح ما عدا:
1- الجنس عن طريق الفم، 2- الجنس من خلاف (ولو كان بالإصبع أو بأداة ما)، 3- الإيلاج أثناء الحيض، 4- ممارسة الجنس قبل التطهر من الحيض، 5- رضاعة الحليب من ثدي الزوجة، 6- ممارسة الجنس بأدوات، 7- ممارسة الجنس في رمضان، 8- ممارسة الجنس في المسجد، 9- ممارسة الجنس أثناء الصيام، 10- ممارسة الجنس بحضور ثالث، 11- ممارسة الجنس يوم الجمعة، 12- ممارسة الجنس مع زوجتين. وكل علاقة جنسية بين رجلين، أو بين امرأتين، بين رجل راشد وولد غير راشد، بين رجل راشد ودمية، بين رجل وامرأة غير متزوجين، كل هذه الأمور تُعد انتهاكا للمحرّمات.
العلاقات الجنسية، حتى في الزواج، مقننة إلى درجة جعلت بعض دور النشر الإسلامية تتخصص في إصدار كتب «طرائق الاستعمال». ففي كتاب عنوانه: «الزواج في الإسلام: كيفيات وغايات» ـ يمكن الحصول عليه من المكتبات القريبة من الإخوان المسلمين ـ «يُنصح بتلاوة دعاء قبل كل علاقة جنسية: «باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني به، فإن رُزقنا ولداً لم يضره الشيطان ولم يسلط عليه»([6]).
هنالك بعض الأوضاع الممنوعة بصراحة، كالجماع عن غير الطريق الطبيعية. يروي الشيخ يوسف القرضاوي حديثا منقولا عن الرسول أنه قال: لا تزوروا نساءكم من دبرهن، فهذا لواط صغير. كما أن الرسول أجاب رجلا آخر سأله عما إذا كان يستطيع إتيان زوجته من خلاف: يمكنك أن تأتيها بوضعية الأمام أو الوراء لكن تجنب أوقات الحيض والدبر([7]).
هذه القصص ليست مستخلصة من القرآن نفسه، ولكن من نصوص عن سيرة الرسول، وهي الأحاديث التي ليست على سوية واحدة من الصدقية. وهي لا تُيَسِّر أمور المسلمين الراغبين في أن يعرفوا بدقة ما هو مسموح وما هو ممنوع، لكنها تضمن للفقهاء والمنظرين الإسلامويين «تجارة لا تبور». وهكذا نجد مواقع على الشبكة، مثل موقع فتوى بنك وفتوى أون لاين، محاصرة كلها بسيل من أسئلة دقيقة جدا تشي بالخوف من انتهاك المحرّم الذي يعرف القادة الأصوليون كيف يستثمرونه ويؤججونه: «ما الذي يدخل تحت كلمة زنى؟ وهل الاستمناء بواسطة عاهر يعتبر من الزنى؟» طرح واحد من المتصلين بالموقع هذا السؤال، فرد عليه المفتي الشيخ السيد سابق، وهو واحد من الذين يجيبون عن الأسئلة في هذا الموقع: «يوصي الله بعبارات صريحة بلا لَبس ولا غموض: لا تقربوا الزنى، فهو رجس من عمل الشيطان»([8]).
الزنى: الرجال يَرجمون الحجرَ الأول
إذا كان تأثيم الجنس يخص ـ بداهة ـ الرجال كما النساء، إلا أن الكيفية التي تُعاقب بها الانتهاكات تكشف بالمقابل عن عدم مساواة فعلية بالمعاملة بين الجنسين. فالكيفية التي يُعاقب بها الزنى تشفّ بمنتهى الوضوح عن طبيعة المحظورات الجنسية بوصفها امتدادا للرؤية الذكورية للعالم القائمة على التمييز الجنسي. ففيها نجد الظاهرات التعسفية نفسها قيد العمل، حيث ينتزع الرجال نصوصا، مضت قرون على كتابتها، من سياقها، من أجل تسويغ استعلائهم على النساء بشكل أفضل.
تثير مخاطر الزنى القلق لدى الديانات الثلاث: فالتوراة تعرِّف الزنى بأنه علاقة بين رجل وامرأة متزوجة أو مخطوبة. والمرأة «الموعود بها» رجل.. [أي مخطوبة] لا يمكنها في أي حال (تقديم) نفسها إلى آخر. بالمقابل، يستطيع الرجل إقامة علاقات خارج نطاق الزوجية مع النساء إذا لم يكنّ عائدات إلى أي رجل. إن الوضع الزوجي للمرأة ـ إذن ـ هو الذي يحدد الزنا، المعتبر انتهاكا للملكية الذكورية أكثر من اعتباره إساءة أخلاقية من الناحية الجنسية، حيث يحتفظ الزوج بحق حصري على حياة زوجته الجنسية. ومازالت هذه الممارسات جارية في اليهودية المتزمتة جدا. فلئن كانت المرأة المشبوهة بالزنا، في أيامنا هذه، لم تعد منذورة للرجم، إلا أن الأولاد ما زالوا يحملون عبء الإدانة. فهم يُعتبرون غير شرعيين (مامزيريم) ويستبعدون من الجماعة، في حين يتم الاعتراف بالأولاد من أب متزوج وامرأة عازبة، ويُقبلون. وليس لنا أن نتوقع زوالا قريبا لهذه الإدانة للزنا لأن التوراة كما الإنجيل والقرآن توصي بها صراحة. فحظر العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج يشكل جزءا من الوصايا العشر التي نقلها «الرب» إلى موسى (لا تَزْنِ) (سفر الخروج 20/14). والعقاب المقرر لانتهاك المحرّم شديد لا رحمة فيه: «وأي رجل زنى بامرأة إن زنى بامرأة قريبه فليقتل الزاني والزانية» (سفر الأحبار 20/10). ويقيم سفر أيوب الصلة بين خطر الزنا وبين ضرورة حجاب النساء لتداركه: «ترصد عيونُ الزاني غسقَ المساء ويقول لن يراني أحد. ويغطي وجهه بحجاب».
في الواقع، لئن كانت كلمة «زنى» تتردد في مناسبات كثيرة في الأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس، وعلى لسان الأنبياء، فما ذلك إلا لأن الكلمة تُستخَدم مجازا لوصف خيانة إسرائيل لوصايا الإله. فليس الزنا خطيئة أخلاقية أو جنسية في ذاته، بقدر ما هو خيانة تعيد العبرانيين إلى طور الهمجية الوثنية. ولهذا يبدي الحاخامون المتزمتون الغلاة تشددا لا يقبل المساومة بشأن الزنا. مع ذلك قد يطرأ على هذا التشدد ـ رغم أنه من المقومات المركزية لليهودية ـ بعض الضعف تبعا لحاجات مفسريه السياسية. وهكذا نال بنيامين نتانياهو في انتخابات العام 1996 دعم الأصوليين اليهود الواسع النطاق، رغم أنه اعترف بارتكاب الزنا عدة أشهر قبل الانتخابات. ولو أن امرأة من حزب العمل اعترفت أنها زنت لما حظيت بالتسامح نفسه. زد على هذا، أنه إذا كان يفترض بإدانة الزنا يُفترض بها أن تُطَبق على الجنسين، إلا أن النساء هن اللواتي يتم ترشيحهن للرجم ـ لا الرجال ـ في حال بقاء هذه الممارسة سارية المفعول رغم محاولات بعض الأنبياء المكرورة من أجل تليينها والتخفيف من شدتها.
ألم يُنقذ يسوع من الرجم امرأة مُدانة؟ الحق أنه من أجل تقويم البيئة الأبوية التي كانت سائدة في ذلك العصر، وفهم المقاومات التي كان يمكن أن يجابه بها نبيٌ ما لأنه أراد تلطيف عادات التفرقة الجنسية عند الفريسيين لا أكثر، ينبغي استرجاع السياق الذي استخلصت منه عبارة: «من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر». عندما وصل يسوع إلى جبل الزيتون جاءه الفريسيون بامرأة بوغتت وهي تزني. وبعد أن وضعوها أمامه قالوا: «يا معلم، هذه المرأة وُجدت بالجرم المشهود وهي تزني، والحالة هذه، في الشريعة، أمرنا موسى برجم مثيلاتها: فماذا تقول أنت؟». إنّ الطلب من يسوع أن يحكم بالأمر بعد ثلاثة عشر قرنا من موسى يجعله أكثر تسامحا. ولذا يحاول التهرب من أسئلة الفريسيين. لكنه إزاء إلحاحهم، يقرر إرشادهم إلى طريق التسامح بإجابتهم عن سؤالهم الجاد بنوع من المزاح: «من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بالحجر الأول». لا يكشف هذا التغيير في السلوك خلافا كبيرا بين المسيحية واليهودية، بمقدار ما يدل على الاستمرارية بين العهد الجديد والتلمود. فتفاسير التوراة التي كتبها الكهنة مقروءة أكثر بكثير من النص نفسه، ومعروف أن التلمود جرى تحريره بين القرن الثاني ق.م والقرن الخامس ب.م. وكانت أكثرية الكهنة الذين عاشوا أيام يسوع يستنكرون الرجم وأحكام الإعدام العشوائية([9]). ويتخذ يسوع المسيح، بإنقاذه امرأة زانية من الموت، جانب اليهود المعتدلين الذين كانوا يخالفون اليهود «الأصوليين» المسمّين بالفريسيين. ذلك أن هؤلاء قاوموا دعوته إلى عدالة أقل قسوة نحو النساء الزانيات، فقالوا له: «أنت تشهد من عندك أنت، وحكمك ليس صحيحا». فأجابهم: «أنتم تحكمون تبعا للجسد، أما أنا فلا أحاكم أحدا». وقد تبنى السلوك نفسه لما رفض الحكم على عاهر: «لأجل ذلك أقول لك إن خطاياها الكثيرة مغفورة لها لأنها أحبَّتْ كثيرا والذي يُغفَر له قليلاً يحبُ قليلا» (إنجيل لوقا 7/47). للأسف، واجه يسوع عنتا شديدا، كمثل الذي واجهه محمد، حين حاول إقناع المؤمنين به بممارسة ختان البنات باعتدال، ولم يستمع إليهما أتباعهما. وفضَّل حواريو يسوع تشديد رسالة الوصايا العشر لا الاقتداء بمثال المسيح. وإليكم ما يقوله الحواري مَتَّى في إنجيله: «قد سمعتم أنه قيل للأولين لا تَزْنِ. أما أنا فأقول لكم إن من نظر إلى امرأة لكي يشتهيها فقد زنى بها في قلبه» (إنجيل متّى 5/27ـ28). تبعه في ذلك مرقس الذي وسّعَ مفهوم الزنا إلى الزواج الثاني: «فقال لهم من طَلّقَ امرأته وتزوج أخرى فقد زنى عليها. وإن طَلّقت امرأة بعلها وتزوجت آخر فقد زنت» (إنجيل مرقس 10/11ـ12). حقا، لا يتخلى الرجال بسهولة عن إغراء إدامة الممنوعات، ولا عما تتيحه لهم من سلطة لإصدار الأحكام.
على منوال التلمود ويسوع، يحاول القرآن هو أيضا، نظريا، تلطيف المصير المُعَدّ للأفراد الذين أدينوا بالزنى لأنه يحوّل الحكم بالرجم إلى الحكم (بمئة جلدة): «الزانية والزاني فاجلدوا كلَّ واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين» (سورة النور، الآية 2).
كانت توجد آية أكثر انطباقا مع العهد القديم، تطالب برجم الزناة حتى الموت، ولكن محمداً نسخها في حياته. إذن فهذا موقف واضح كل الوضوح تجاه عقوبة الزنا، غير أن ثقتنا بالأصوليين في محلها من حيث أنهم لا يحتفظون من التعاليم الإلهية إلا بما يلائمهم. ويبدو لنا، مرة ثانية، أن محمدا عانى كثيرا لكي يصغي إليه أولئك الذين يدَّعون تطبيق تعاليمه حرفيا. ففي الواقع، لم يَرض الأصوليون المسلمون بتسامح القرآن، بل فضّلوا استيحاء الشريعة اليهودية([10]). والنتيجة، أنه في البلدان المنادية بالإسلام، يحكم على المدانين بالزنى بالرجم حتى الموت، لا بمئة جلدة. ويشكل الرجم جزءا من الدستور في إيران، وينظمه «قانون العقوبات الإسلامية» المؤلف من 497 مادة و103 تعديلات. جاء في المادة 102 على سبيل المثال: «عند الرجم يجب طمر الرجال حتى الخصر والنساء إلى الصدر». وتؤكد المادة 104 على ضرورة استغراق العقاب أطول مدة ممكنة: «يجب ألا تكون الحجارة كبيرة فيُقتَل المنتهِك بحجر أو اثنين كما أنها يجب ألا تكون صغيرة كالحصى». إن وصول «الإصلاحيين» إلى السلطة لا يترك فرصة للأمل بأي تغيير. فلقد صرحت مستشارة خاتمي للشؤون النسائية زهرة خوجة: «وُضعَ الرجمُ للحفاظ على كرامة العائلة وعلى قيم الأسرة»، كما جاء في صحيفة (رسالات) الرسمية في السادس من تموز-يوليو 2002. والنتيجة أن ستة وعشرين شخصا ـ منهم ثماني عشرة امرأة ـ رُجموا منذ استلام النظام الجديد مهامه، استنادا إلى الإعلام الحكومي.
من المفترض ـ نظريا ـ أن تطال الرجل المشبوه بالزنى، كما المرأة، عقوبة متماثلة. لكن الواقع العملي يرينا أن النساء المسلمات هن من يدفعن حياتهن ثمنا لما لم يحكم محمد نفسه عليه بهذه القسوة. وهذا مثال الشابة صفية حسيني ليذكّرنا. ففي التاسع من تشرين الأول-أكتوبر 2001، حكمت المحكمة الشرعية العليا في سوكوتو بنيجيريا على هذه الأم لخمسة أولاد بالموت رجما([11]). وقد نص الحكم على طمرها حتى العنق، ثم قتلها رجما بالحجارة. وينبغي أن نشير إلى أن هذه المرأة مطلّقة، وأن الفعل الجنسي الذي عوقبت بسببه هو في الواقع اغتصاب كانت هي ضحيته. وبعد أن كشفت أمر مغتصبها، أُطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة. في حين كان عليها هي الضحية أن تتحمل جريمة الزنى، على الرغم من التعبئة العالمية التي أثارتها هذه القضية([12]).
ولا يكفي أن تكون النساء أول ضحايا الأحكام بالموت بسبب الزنى، ولكنهن يعانين أيضا من تفرقة اجتماعية صُمّمتْ لكي لا يُغرى الرجال بارتكاب فعل الزنى. يحذّر مثلا محمد أحمد كنعان، مؤلف كتاب «أسس الحياة الزوجية»، من مصافحة النساء التي هي أصل الإغراء بالشر (ص181). والتمييز الجنسي الذي يدعو إليه الإسلامويون هو بالفعل ثمرة هذه الخشية الدائمة من الاستسلام إلى نازع محرّم. ويفضّل الرجال ألا يتعرضوا للإغراء بدلا من أن يعيدوا النظر في موقفهم. ففي كتاب آخر يعالج الحلال والحرام يلقي مُنَظّر قريب من الإخوان المسلمين ـ متولي الشعراوي ـ مسؤولية الخطأ بصراحة على النساء المتحررات: «يسألني بعضهم: هل صحيح أن النظر إلى امرأة غريبة ممنوع؟ فأجيب بالتأكيد. لكنهم يردّون قائلين: ما الذي ينبغي لنا فعله لدى رؤية النساء اللواتي يملأن الشوارع، ويدفعننا إلى ارتكاب الخطايا بالعشرات؟ على هذا أجيب: هنالك فارق بين محظور يصيب من ينظر وبين من ينظر فيقع على محظور»([13]).
على ضوء هذه الإرادة المصرّة على عدم مسؤولية الرجال تجاه كل إغراء يجب أن نفهم إرادة الإسلامويين الحفاظ بكل الوسائل الممكنة على التفرقة بين الرجال وبين النساء. ليس هناك ما يثير قلقهم أكثر من الخنوثة التي يمكنها جرهم إلى الخطأ. والكابوس عند القرضاوي: أن تقلد المرأة الرجل وأن يقلد الرجل المرأة: «قال الرسول إن ما يمنع على المرأة هو ارتداء ثياب الرجل، وعلى الرجل ارتداء ثياب المرأة. ويلعن بالإضافة إلى ذلك الرجال الذين يتخذون مظهر النساء والنساء اللواتي يظهرن بمظهر الرجال […] لئن تأنّث الرجل واسترجلت المرأة، ففي هذا علائم العماء والفوضى وانهيار الأخلاق»([14]). وهذه توصية تذكّرنا، بصورة رهيبة، بالتوراة: «لا تكن أدوات الرجال على النساء ولا يلبس الرجل لباس النساء لأن كل من يصنع ذلك يكرهه الربُ إلهك» (سفر تثنية الاشتراع 22/5).
تأليف: كارولين فوريست ـ فياميتّا ﭭينّر
ترجمة: غازي أبو عقل
مراجعة: مروان الداية
الناشر: دار بترا رابطة العقلانيين العرب
-[1] في التوراة، يشكل التغطيس بالماء جزءاً من الطقس الذي يحول شخصاً ما من حالة النجاسة المحرّمة Tamei إلى حال الطهارة (Tahor)، مشيراً بهذا إلى العبور من الموت إلى الولادة من جديد.
-[2] الرسالة الأولى إلى أهل كورنثس (الإصحاح 6، آية 18) توراة أورشليم. الناشر Le Cerf.
-[3] الرسالة الأولى إلى أهل كورنثس (المصدر السابق، سورة 7، آية 9).
-[4] جيلّ كيبل: الرسول وفرعون. في منابع الحركات الإسلامية. ص201، باريس 1984.
-[5] مقالة في مجلة ماريان الفرنسية 5 ـ 11 آب-أغسطس 2002 عنوانها: C'est le bordel en Iran.
-[6] م. بوجنون: الزواج في الإسلام: الكيفيات والغايات ـ بالفرنسية. بيت النور، باريس 2001.
-[7] القرضاوي: الحلال والحرام في الإسلام، مصدر سبق ذكره، ص199.
-[8] الشيخ سيد سابق (SABIQ) موقع (فتوى على الخط) مداخلة بعنوان: فتوى حول الزنى، 25 آب-أغسطس 2002. هذا الموقع سلفي الانتماء، قريب من السلطة السعودية. والشيخ الذي أصدر الفتوى، مؤلف أكثر البحوث أهمية في الشرع الإسلامي بعنوان: فقه السنّة ـ ثلاثة أجزاء، كان متصلاً بحسن البنا، وأستاذاً في الأزهر، ثم مسؤولاً عن قسم دراسات الشريعة في جامعة أم القرى في العربية السعودية. توفي العام 2000 في القاهرة، وحيّاه عدة آلاف من الرسميين.
-[9] في رسالة السنهدرين، يُعرقل التلمودُ أيضاً تطبيقَ عقوبة الإعدام بوضع عدة حواجز أمامها. فلئن أصدرت حكمَ الإعدام محكمةٌ مؤلفة من واحد وسبعين (حاخاماً) بستة وثلاثين صوتاً مقابل خمسة وثلاثين، يجب وضع هؤلاء الكهنة في معزل فلا يأكلون ولا يشربون إلى أن تظهر أكثرية صريحة [مع الإعدام أو ضده]. إضافة إلى هذا، إذا صدر حكم الإدانة بالإجماع، يُلغى، إذ كيف اتفق واحد وسبعون شخصاً على تنفيذ الإعدام بكائن بشري؟ بشأن الزنى بخاصة، والعنف في الدين اليهودي بعامة، يُرجع إلى المقال الممتاز للحاخام دانيال فَرحي: الدين اليهودي أمام عنف التوراة، ضمن كتاب فيليب غودان Gaudan: العنف، ما تقوله الأديان. باريس 2002.
-[10] كما تبيّن جولييت مانس في كتابها: القرآن والنساء، هاشيت، باريس 1996.
-[11] أمام الضغوط التي أثارها صدور هذا الحكم، عادت المحكمة الإسلامية لولاية سوكوتو وأطلقت سراح صفية، بسبب عيب في الإجراءات. ولكن كم من امرأة مازلن يرجمن في كل مرة يتأخر فيها العالم عن التدخل؟ قبل ثلاثة أيام من تبرئة صفية، حكمت محكمة باكوري (ولاية كاتسينا) على امرأة أخرى اسمها أمينة لاوال (ثلاثون سنة) بالموت رجماً لأنها وضعت طفلاً من دون زواج في آذار-مارس 2002. ونتيجة لضغط منظمة العفو الدولية، تقرر إعادة المحاكمة في آب-أغسطس 2003.
-[12] نشير بين حركات التعبئة إلى عريضة منظمة العفو الدولية التي جمعت 650.000 توقيع. كما جعلت مدينة نابولي من صفية (مواطنة شرف). وفي آذار-مارس، في قمة برشلونة، طلبت بلدان الإتحاد الأوروبي من نيجيريا احترام حقوق الإنسان. وتبنَّت 148 امرأة من أعضاء المجالس التشريعية في 130 دولة، شاركن في المؤتمر السابع بعد المئة لاتحاد البرلمانات، قراراً في الرباط للمطالبة بالعفو عن صفية، وإدانة الحكم الصادر عليها بالإعدام.
-[13] متولي الشعراوي: الحلال والحرام. الناشر إسلام، باريس 2002، ص65.
-[14] يوسف القرضاوي: الحلال والحرام في الإسلام، مصدر سبق ذكره.
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |