القطيعة
2008-08-20
قال أحد الحاضرين: لم أقرأ لكِ شيئًا...
قاطَعَتْه: وأنا أيضًا لم أقرأ لكَ شيئًا.
دمدم شيئًا عن القطيعة بين المثقف في الداخل والمثقف في الخارج. وتحدثوا جميعهم عن القطيعة.
قالت: نحن في زمان غير مفهوم يقضي على كل التواصل البشري الملموس. وكانت تعني الإنترنت. فتحدثوا عن الإنترنت وعن القطيعة.
قال أحد الحاضرين: كتبتِ روايتك أثناء غزو العراق للكويت ... النظام الديكتاتوري الذي ...
وصرخ أحد الحضور: أنت ديكتاتور
صرخ القائل الأول: لماذا تصرخ؟
صرخ القائل الثاني: أم أن العمالة والخيانة ...
واختلط الحابل بالنابل، فصرخ مدير الجلسة: كفى، نحن في حوار مع روائية وشاعرة ومسرحية.
والمسرحية يمكن أن تكون هزلية أو تراجيدية أو كلاهما معًا، ويمكن ألا تكون أي شيء على الإطلاق سوى استعادات ميتة لها هيئة كفن. قالت أنها حين رغبت بالرسم منعها والدها من قبول منحة دراسية إلى إحدى الدول الأوروبية. وقالت أيضًا: أنا متحيزة للمرأة بشدة، وأفهم الظلم الذي يمارس عليها رغم أني لم اتعرض له فوالدي كان إنسانًا مختلفًا. قلتُ في سري: ما الذي أفعله هنا؟
قالت: معارض الكتب لا تبيع شيئًا غير كتب الطبخ. وسألها أحد الحاضرين عن تكاليف الطباعة وربما عن أرباح الطباعة، لست أذكر. قالت أنها لم تستطع أن تحضر كتبها معها لأن تكلفة الكيلو في المطار صارت 40 دولارًا بعد ارتفاع أسعار البترول. وقالت لي امرأة، يبدو أنها من العاملين في المركز، تجلس بجانبي: نحن ننتظر أن تمنحنا تمويلاً.
قالت أنها إثر فجيعة موت زوجها، وفجيعة موت الرسم الذي نسته، صار الشعر "ينزل" وأنها لم تكن تعرف ما هذا الذي ينزل. تذكرتُ محمد في غاره. وقالت أنها سألت وقُيل لها: هذا شعر.
قالت: أنا لا أكتب الرواية، بل أتناولها بالعقل الباطن والعقل الصاحي سنتين أو ثلاث سنوات، ثم تعلن أنها وصلت، فأجلس لأكتبها عدة أشهر ولا أخرج من الغرفة إلا لأمشي قليلاً وهكذا. تذكرتُ رواية مريم الحكايا التي تسكن في حقيبتي منذ أشهر. قالت أن المرأة هي نفسها صحراء، فيها صبر الصحراء نفسه، وغموض الصحراء نفسه. سألتُ نفسي: هل حقًا أن المرأة صحراء والرجل حديقة؟ هل قدرها تكرار تلالها الأزلية ذاته؟
سألتها: أدهشني أنك لم تعرفي الشعر حين كتبته، هل يحق للكاتب أن يكون كاتبًا بدون أن يقرأ؟ فأجابت أنها تقرأ منذ ولادتها. ابتسمتُ بشغفٍ تحدثتْ هي عنه على أنه قلب الكتابة.
بشغفٍ ذهبتُ وكان الوقت مبكرًا، وبشغفٍ جلست على درج قريب انتظر. بشغفٍ سألني رجل سألته متى ستبدأ الأمسية:
-ما اسم حضرتك؟
-دارين أحمد
-هذه أول مرة تأتين فيها إلى هنا؟
-نعم
-من أين أنت؟
-من سوريا
-وأين تقيمين؟
-لا أعرف أسماء الأحياء بعد، فأنا هنا منذ اسبوعين فقط
-دراسة أم عمل؟
-زواج
-وأين زوجك؟
-هو لا يعرف العربية
-هل أسلم؟
-ومن قال لك أني مسلمة؟
اعتذر وحك رأسه ثم تذكر أنه استنتج أني مسلمة من اسمي
-لكن اسمك
-نعم، ولكني فكريًا لست مسلمة
-علمانية إذًا
-نعم
-شيوعية؟
صمتُّ بقهرٍ وثبتُ عيناي على مريم في كتابي المفتوح والذي عرقت أصابعي بين صفحاته. عرقتُ أيضًا وغرقت في ضحكي عندما سألتني المرأة التي جلست بجانبي نفس الأسئلة السابقة مع إضافة جوهرية: لازم تخليه يتطهر.
بشغفٍ ذهبتُ إلى أول نشاط ثقافي عربي في ألمانيا. وبمرحٍ اتصلت بزوجي حالما خرجت وقلت له:
That was fucking so ARABIC
08-أيار-2021
10-آب-2019 | |
30-حزيران-2018 | |
21-نيسان-2018 | |
24-شباط-2018 | |
16-كانون الأول-2017 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |