عرض مع مقاطع من رواية: قيامة بغداد
2008-08-23
عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة؛ صدرت رواية " قيامة بغداد " للأديبة والإعلامية العراقية "عالية طالب".
تقع الرواية في 230 صفحة من القطع المتوسط. تصميم الغلاف للفنان المصري أمين الصيرفي.
"قيامة بغداد" رواية تسجيلية توثيقية عبر سيرة ذاتية تجسد فيها الروائية دور الشاهد الحي في بؤرة تكشف كامل المشهد الحقيقي لما جرى في العراق، وما خبأته الأسرار عن الآخر. حيث تروى الأحداث بأسلوب سهل متناغم مع تصوير الواقع الذي أزاح الخيال جانبًا، عبر تقديم الفصول منذ سقوط النظام العراقي، ودخول قوات الاحتلال الأميركي للعراق، وما تبعها من سنوات اكتظت بأحداث لم تلاحقها عدسة الباحث عن الخبايا المتناثرة هنا أو هناك.
أبطال الرواية هم العراقيون الذين ساهموا في أداء المشهد العام والخاص، ومعهم أشباح الظلام الذين ألقوا بظلالهم الكامدة على ضوء الحياة وانبثاقها المتجدد، ولم يتدخل الأبطال في صناعة أو إعادة تشكيل الواقع أو تزويق أو تهشيم الذاكرة، بل قالوا كلمتهم بصدق، فأكملوا الصورة الناقصة.
اقتصت الرواية من النسيج الكاذب المخادع، وألغت حواجز اللغة العصية أمام المتواتر الحي، ورسمت لوحة الألوان الأساسية دون خلط لثنائيات المسكوت عنه، ولم تقع في الانحياز إلا لصالح الوطن، حيث الأسى الغارق في لوعته الإنسانية والاجتماعية والحسية والنفسية، وشروخ الذات التي تركت آثارها العميقة كأخاديد دجلة والفرات التي أصبحت قبورا للأبناء والأجساد البريئة والتراث والفن والفكر والأدب والعلوم والفنون العراقية.
" قيامة بغداد " رواية البعد الرابع؛ بعد زمن الماضي والحاضر والمستقبل، البعد الإبداعي الذي فتح المشهد بعنف ليوقع فعل الصدمة أمام الأحداث المتوالية؛ في زمن الإقصاء المبرمج لصالح التشتت والانقسام والاستحواذ والاستلاب.
يذكر أن الأديبة والإعلامية عالية طالب؛ والمقيمة في القاهرة منذ سنتين؛ قد قررت العودة نهائيًا إلى العراق خلال هذا الأسبوع واستئناف نشاطها الثقافي والإعلامي في الداخل.
مقاطع من رواية:
قيامة بغداد
تلفتُ بارتباك ودون وعي ورأيت شبابًا يركضون وهم يحملون القاذفات فوق أكتافهم، أين أذهب، وأي طريق سيكون أكثر أمنًا؟، فكرت أن أرجع لغرفة ابن أخي وأبقى في المستشفى، لكن الوقت يقترب من الخامسة مساءً، وهذا يعني أنني لن أعرف كيف أعود لمنزلي، لحظات رهيبة، وأخيرًا قررت أن أتخذ طريقي وأتكل على الله.
دخلت أزقة فرعية عديدة، فيما أغلب المحلات تُغلِق أبوابها بسرعة تحسبًا لما سيحصل، وما هي إلا دقائق حتى دوى صوت انفجار رهيب، وبعده إطلاقات متواصلة، حين تُضرب الآليات الأمريكية فإنهم يرتبكون ويبدأون بإطلاق الرصاص على الجميع بلا استثناء، لذا فإن كل من يكون قريبًا منهم سيُقتل لا محالة، وهكذا قُتلت عائلات وأطفال ونساء ورجال بلا ذنب سوى الرعب الذي يجعل الأمريكان يعتقدون أن جميع من حولهم كان سببًا في إطلاق النار عليهم.
في واحد من شوارع "حيفا" أقسمت صديقتي التي تسكن في إحدى عماراتها أنها رأت أحد الجنود الأمريكان وقد ضل طريقه بين ممرات الأبنية فوجد نفسه وحيدًا، وبعيدا عن رفاقه، فيما أصوات الإطلاقات كانت تزمجر فوق المنطقة، وهي تشي بمواجهة تحصل، وقف ذلك الجندي مرتبكًا يرتجف، وبدأ بالبكاء جامدًا كالتمثال، وضحكت صديقتي وهي تقول لقد تقدم نحوه أحد الرجال ممن يطلقون النار على الأمريكان، وقاده بنفسه بعد أن رثى لبكائه، قاده إلى زقاق يوصله إلى قوته، ثم عاد مرة أخرى ليتخذ موقعه ويشارك في القتال ضد من يجوبون منطقته منهم.
تلك السريالية العجيبة كانت تنسج خيوطها يوميًا في العراق، لتؤكد أننا لا نحب القتل لمجرد القتل، بل إننا لا نحتمل أن يحتلنا الأغراب الذين لا بد أن يغادروا بأية طريقة.
منظر الدبابات والقطع العسكرية الأمريكية جعلنا نشعر وكأنهم يتحدون مشاعرنا، ويسخرون منا، وكأنهم يقولون لنا نحن محتلون ونمشي فوق كرامتكم، وليس شوارعكم. وصدقًا يشعرني منظر الدبابة الأمريكية بأنها تسير فوق قلبي، فوق جسدي، وليس فوق شوارعنا التي هشموها كلها بنذالة عجيبة تليق بهم.
كان في داخلي خوف حارق يجعلني أفيق من نومي مذعورة ولا هواء في صدري، وأنا أتخيل أن حادثًا مثل هذه الحوادث قد يحصل لعائلتي بطريقة أو بأخرى، ولا أدري لماذا استمر هذا الهاجس الخبيث يطوقني حتى وقع حادث ابني "حيدر"................
• • • • •
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |