[ نص] بوح لمساء غرناطة
2008-08-22
من الجنوب أجيء ..أجيء متابطا نحافتي ..ممرغا دهشاتي في وحل السهول ..من الجنوب اجيء ، اجيء مسكونا بروائح الشيح والدفلى ..من الجنوب اجيء كي اقرأ ترانيم الشمس الغاربة ،كي اتحد بالسهوب ..من الجنوب اجيء ،افتح صدري لتموجات الظهيرة وهسهسة مخلوقات المساء .
ـ الى اين تاخدني القبائل؟ قلت لك سيدي ،الى اين تاخدني وانا لا انتمي الا الي ؟
ـ رتب فوضاك وامض ،قلت لي ... ومضيت.
امنت بالنبوءاتي ومضيت ..مضيت في الحر..في الهجير ..في المسافات ..مضيت في العروق ..مضيت في ..تعبت .
ـالى اين تاخدني هدي القبائل وانا المهزوز ،المغدور،المهووس بصهيل الخيول ،الهارب من بطش الوقت ، قل ياسيد هدا الغبار ..الى اين ستاخدني هدي القبائل ؟
من الجنوب اجيؤك مضمخا بالوهج ومواويل الاعراس اتملى وجنتيك ،اصوغ في عمق عينيك تغربتي ،استجدي اللغة ان كوني لي ثم امضي .
امضي معك يا ابا الطيب وعلى فرسك الاجرد ندخل ارضا ونخرج اخرى ..نضرب في بطن الاصقاع ..نعاشر الرمل والريح ونمضي .. لم يكن غير المدى اتدكر؟ لم تكن غير الصحراء تمتد وتمتد وتمتد .
ويبرد الجسد ..تستوحش الروح ثم اتيه وسط الخرائط ،استولد من رحم الفيافي عنترة وادق باب الحجاج :
ـ سيدي الحجاج الى اين تاخدني القبائل!
ـ لم يينع راسك بعد فادهب وحدك في الريح ،احدر العشائر وانته لمكر المسافات ..ساو بين القلب والقبر وامض . ومضيت. مضيت.. اهديت خطاي للطرقات ..تغربت وتشرقت .. تشرقت وتغربت وما تعبت من شتاتها القبائل ..افتح قاموس البوح ..امني القلب بالامنيات وانت؟ اما تعبت بي؟
جسد يتكمش في زوايا الدروب ..جسد يرتجف..جسد تخطفه الوساوس ..جسد يتفسخ ..جسد يبكي ..جسد يرنواليك كلما ضاق بي الحال اما تعبت بي؟
اقول لها ،كل سهو ،اتراك ياصاحبتي ترين ما ارى :سماء الوقت رمادية والغيم يتسع ،يتسع ونحن عراة نتسكع في دروب هدا العمر نحصي الخيبات فاين نخبئ كل هدا الصقيع؟ ـ انت دائما هكدا تخطفك الوساوس ، تقول لي ،انسيت اني اناالدفء فتغرب كيف ومتى تشاء فانا حارستك الدائمة من الصواعق ..انسيت اني انا الطريق فازرع جنباتي بالظلال ورخص للشغف كي ينمو ودعني اعد خطاك واحدة واحدة علها تعفو عنك المسافات .
الان وقد تغربت كثيرا وتشرقت، زرت كل اقاليم الارض هااندا ارتجف ..بالكاد اجر جسدي المترهل لالقيه على كرسي المقهى الاخضر ..اشرب الماء والقهوة والسجائر وابوح باسراري لهده الشجرة الطالعة امامي الى سماء هدا الكون الطاعن في الضيق ..المدينة تبدو لي عارية ..الناس حولي اطياف ..طنين ارعن يجتاح تضاريس جسدي ..وجع يطلع من الارض حتىاخر شعرة من راسي ..الاشياء غامضة وغير قابلة للفهم .
يته ابو الطيب في البراري..يعاتب التلال والوديان والمفازات ..يبكي لتفسخ العشيرة وبين الحين والحين يتحسس سيفه الدي اكله الصدا والنسيان ..قال عنك الشعراء :تضخمت اناك ياابا الطيب فاختاروا الزوايا والاركان فاستكانوا ،وانت؟ اما زلت تحلم بامتلاك القصيدة ؟اما زال في القلب متسع للشعر ..للحلم؟ اما زال في الصحراء متسع للبطولة ؟اه لودريت كم توحشت في القصائد!
الى اين تاخدني القبائل!؟ قل ياسيد اللغة ..بح باسرارك البدوية ولخص تخاريفي ..صغني سؤالا وان شئت اعجني واصنع قصيدتك الهاربة بي ..لك كل هده اللغة ..لك كل هدا الشعر..هدا الجبن ولي ان اقرا الناس والاشجار وفي غفلتي ارنو اليك . ضاج انا بتموجات الغياب ..شاهد اناعلى انحراف الوقت ..جاد انا في بناء فوضاي ..في طريقي اليك سمعت بحرا ندم على اتساعه فشكى ضعفه للرمل رايت القوارب وهي تتمايل علىايقاع الموت ..رايت ورايت ورايت. لم اقل شيئا للصخر..تاكد لم اقل شيئاحتى للقمر الطالع من تحت معطفي البني ..لم اقل شيئا لاحد ....دخلت غربتي ومضيت.
مضيت شريدا ،طريدا وكلما جاء الليل اخيت القصيدة وبيدي هاتين كنت اقيس الجهات (يداي خلف ظهري والمساحات طليقة وخطواتي تضيق وابحث حوالي عن شيء لااعثر الاعلى نفسي) ثم اؤمن بي .اؤمن بي ..انهض ..اتلمس قلبي،اتفقد اعضائي ،استجمع دهشاتي من السهوب ..اضرب الارض بقدمي ..استقيم ثم اقرر:
امرغ دهشاتي في وحل السهول ..افتح صدري عاريا كي تنسحب من طريقي الزوابع ..اتح بالمسافات ..ثم..ا...م..................ض.................ي ./. * ما بين( ) من ديوان المستحمات لحسن نجمي
-- غرناطة دات صيف
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |