الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية
2006-08-14
مقدمة لابد منها
لم يكن جديداً ولا غريباً أن يلتبس الهجوم على هذا الكتاب زيه المعتاد ، فالرأي الواحد الأحد هو الصواب الأوحد ، وما خالفه زندقة ومروق ، ومن قال بما يبدو لهم مخالفاً يصبح كافراً مستباح الدم ، حتى لو كان ذلك المهاجم ممن استطابوا لأنفسهم لقب الإسلام المستنير ، حيث ينكشف الأمر في النهاية بجلاء أن الأدلوجة بأحاديتها ووحدانيتها وتفردها السيادي لن تقبل إطلاقاً برؤية جديدة ، ولا برأي آخر ، ولا بقراءة أخرى غير تلك القراءات التي رانت على تاريخنا المتثائب المسترخي طوال الأربعة عشر قرناً السوالف ، فهي منظومة الصدق المطلق التي لا ترى الآخر إلا عدواً يجب تصفيته ، أما من قدر له أن يولد داخل قبيلتها فهو خاضع بالضرورة
القاهرة راغم الأنف ، وما أيسر أن تكال له تهم المروق والكفران إن حاول تحريك الآسن في المنهج أو التاريخ ، وفي هذه الحال يوجد من يقوم بتنفيذ العقوبة المطلوبة باستبعاده الفوري من الكون الذي صادروه ليصبح وحدهم ، وأن مهمتهم تطهيره من الآخرين كلما أمكن ذلك ، بينما يضجون بصراخ العاجز المستباح إن تعرضوا لأي من الاضطهاد ، إنهم يطلبون حريتهم كاملة باستخدام لاءات الحرية التي قعدها كفاح الإنسان طوال القرون الماضية ، ويجيدون استخدام بنودها لتكريس حق إطلاق أيديهم وحدهم لتمارس القمع والقتل والتصفية ، وكبح الرأي الآخر وإخراس كل الأصوات إلا صوتهم هم وحدهم . ونموذجاً لهذا المنهج سيجد القارئ هنا نفسه إزاء حالة مثالية من بعض نماذج اخترناها تكيل الاتهامات التي تدور جميعاً حول ضمير الكاتب وسريرته ، تمهيداً لتطبيق قانون المخالفة الذي يقضي بعقوبة التصفية الفورية ، ذلك المنهج الأوحد والنغمة الواحدة المتكررة التي قتلت فينا العقل وملكة النقد طوال تاريخ تراكمت فيه أبشع ألوان اضطهاد الإنسان وحريته وفكره .
و سيجد القاري اتفاقاً واضحاً على اتهام الكاتب في عقيدته ودينه ، رغم أن اختيار الإنسان لعقيدته أمر يجب أن يكون خارجاً تماماً عن معنى الاتهام ، ولا يصبح اتهاماً إلا إذا كنا لازلنا نعيش حالة القبيلة الأولى التي يتماهى جميع أفرادها في ذات سلفها وربها ، ولو أخذنا بأنه من الممكن أن نحاكم إنساناً بحسبانه متهماً ، لأنه يقبل كذا من قواعد الدين أو يرفض كذا ، فإني شخصياً أرفض على الإطلاق ليس الاتهام ، بل مجرد التحدث بشأن ما أعتقد فالأمر يخصني وحدي ، ولا يحق لأحد أياً كان أن يسألني عنه ، ناهيك عن أن يحاسبني عليه ، ولا أجد فيما أعتقد أياً كان لون الاعتقاد تهمة ، لأن التهمة في تلك الحال ستلحق من يسوقها ، وتتهمه هو في درجة اقترابه من معنى الإنسانية ذاته ، أما تنفيذ قرار التصفية الأحمق في كاتب ، فهو أمر لا يشغلني إطلاقاً ، لأن الكتاب لا يموتون ، وحين يحدث ذلك سيكون شهادة معمدة بالدم على زمن أسود ، وعندها سيكون لما كتب انتشاره الأوسع ، بل وتخليده في ذاكرة مستقبل لا شك سيكون أفضل ، لأنه في النهاية لن يبقى سوي ما ينفع الناس ، ويذهب الباقي جفاء في مزبلة التاريخ . ورغم أن كتابنا هذا كتاب في التاريخ الاجتماعي والاقتصادي وليس كتاباً في الدين أو أي من علومه ، فقد تم تصنيفه تصنيفاً آخر ، ولم يتسع أفق المهاجمين خارج دائرة يكن لنا غرض إطلاقاً سوي فتح نافذة أطل زمانها ، إزاء رتل من المصنفات يملأ أرفف المكتبة العربية ، يكرر ويزيد في تكرار وإملال لذات المقولات ، بنغمة واحدة وخط واحد من تفاسير وشروح التفاسير وتفسير الشروح وتعقيبات على الشروح والتفاسير .. الخ وهي النافذة التي أردنا أن نطل منها بقراءة علمية على الفرز الذي أدى إليه جدل أحداث المرحلة القبل إسلامية ، وقراءة أوضاع جزيرة العرب آنذاك الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وهو الفرز الذي كشفناه مطلباً للتوحد القومي بقيادة نبي مؤسس لدولة واحدة مركزية . ويبدو أن هذا اللون من القراءة قد صدم مقولاتهم الثابتة ، حتى أنهم لم يروا فيه سوى المروق ، الذي يبدو أنه كان حكماً تأسس على عدم قدرة قبول الأمر باعتباره أمراً اعتيادياً تسبقه مقدمات لابد أن تؤدي إلى نتائج ، يقبلها العقل ومنطق الواقع ، بعد أن اعتادوا على منهج يرى أن كل شئ يجب أن يظهر فجأة من عدم ، غير مرتبط إطلاقاً بواقع ، لغزاً غير مفهوم ، بهذا فقط يكون مرهوباً ومخيفاً ومحترماً ، المهم ألا يكون مفهوم الأصول وألا يكون منطقي أو طبيعي النشأة ، وأن معرفة جذوره وممهداته ومنابته تخلع عنه حالته الإنقطاعية ، وتسحب عنه قطيعته مع ما سبقه ، ومن هنا كان لابد أن تستمر معاملته في قطيعته مع كل شئ إلا الغيب ولا يمكن تصوره إلا كذلك . رغم أننا لو أتستخدمنا منهج الدين ذاته بشكل أكثر احتراماً للدين نفسه ، ولله صاحب هذا الدين ، لأدركنا أن فهمنا للدين سيكون أكثر جمالاً وفهماً عندما يكون الرب متسقاً مع ذاته ، لا يخالف قوانين المفترض أنه هو واضعها ، وأنه كي يتم المراد من رب العباد وقيام نبي الإسلام بدعوته ، فإنه كان لابد من تمهيد الواقع كي يفرز نتائجه المنطقية التي تتسق مع تلك المقدمات ، وتتفق مع كمال ذلك الرب ، ذلك الكمال الذي يفترض اتساق قراراته مع قوانينه و سننه ، ناهيك عما سيحققه مثل ذلك الفهم على المستوى التربوي للعقل ، لنخرج من حالة الركود البليد الذي ينتظر بكل سقم معجزات مفاجئة تعيدنا لعصر الفتوحات تتقدمنا جيوش الملائكة . تحت قيادة جبريل على فرسه حيزوم ولأننا لا نتصور إمكان حدوث المعجز الملغز ، ولا حدوث أمر جلل دون مقدمات موضوعية تماماً تؤدي إليه وتفرزه ، ولأننا لا نتصور ممكنات ، كسر قوانين الطبيعة الثابتة لأجل عيون أمة مترهلة ، فلم يبق سوى أن نحاول إعادة قراءة ذلك التاريخ قراءة أخرى ، تربط النص بواقع ، وتعيد النتائج إلى مقدماتها وأصولها الحقيقية لا الوهمية ، من أجل إعادة تشكيل بنية العقل ومنهجه ، ومن أجل غد أفضل لأجيالنا المقبلة ، ولتراثنا ذاته .
هذا ، وقد أوردنا نماذج أخرى لكتابات أخرى ترى في كتابنا هذا فتحاً جديداً في تاريخ الكتابات العربية .
سيد القمني
نماذج من الكتابات التي تناولت هذا العمل حال ظهوره أول مرة
______________________
هذه الدراسة
بقلم : خليل عبد الكريم
مجلة أدب و نقد عدد أغسطس 1989 ، القاهرة
.. هي من جانب تلقي ضوءاً مبهراً على الفترة المتقدمة على ظهور النبي العربي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، والإرصاهات الأولى لنشوء دولة العرب الإسلامية بقيادته ، ومن جانب آخر فهي لا تجاري غالبية المؤرخين القدامى ( ما خلا ابن خلدون وقلة قليلة ) ، والمحدثين منهم حتى الآن ، الذين لا يرون غي التاريخ – على عمومه – إلا مسيرة غيبية لاهوتية ، تحركها إرادة الله تعالى – الذي هو في غنى عن العالمين – ولا ينظرون إلى التاريخ على أنه ظاهرة بشرية . وأكدت الدراسة على أن مؤلفها يمتلك باقتدار ، نظرة موضوعية علمية ، في معالجته لوقائع التاريخ ، ودراسته لها ، وتحليلها التحليل الصحيح ، وردها إلى الأسباب المباشرة والتي تتفق مع المنطق والتفكير السليم ، دون حاجة إلى اللجوء إلى الماورائيات والفوق منطقيات والأحاجي والألغاز .. وهذا المنهج العلمي المحض ، الموثق توثيقاً شديداً ، والاقتحام الجريء الفذ لإنارة منطقة حرص من سبقوه على أن تظل معتمة ، هما اللذان أثارا عليه رموز السلفوية الحديثة .. والدكتور القمني في نظري أحد الباحثين الجادين ، المترهبين للعلم ، والمتفرغين له ، والذين لم ينالوا ما يستحقونه من شهرة ، لأنه لا يسعى إليها ولا يعيرها التفاتاً ، في الوقت الذي نرى فيه أنصاف المتعلمين ، ممن كل بضاعتهم النصوص وترديدها .. يشغلون الصحف والمجلات ومحطات الإذاعة وقنوات التلفاز ، بمواعظهم المنبرية وأحاديثهم وخواطرهم ، وفتاواهم المستقاة من النصوص التي تجاوزها الزمن ، و تخطاها الواقع المعاش ، والتي ضلت طريقها إلى متاحف التاريخ وحفريات علماء الآثار .
*********
قضية للمناقشة
بقلم : فريدة النقاش
____________________________
صحيفة الأهالي 25 يوليو 1990 القاهرة
________________________
" الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية " كتاب صغير الحجم كبير القيمة لمؤلفه الدكتور " سيد محمود القمني " هو واحد من أهم الإصدارات العربية المعاصرة على الإطلاق وأن حجبت أهميته تلك الحالة الغوغائية التي صنعها الظلاميون ومن لف لفهم ، فهؤلاء يكادون أن يستأثروا بساحة الوعي الجماهيري ويحكمون قبضتهم عليها حتى يتراجع العقل وتغيب روح النقد وتصدأ وتصبح قيادة الجماهير أساس . يعرض الكتاب ببساطة فذة للأسس الاجتماعية – الاقتصادية التي هيأت لقيام الدعوة الإسلامية وانتشارها . ويبين على أوضح نحو كيف أن منظومة الأفكار والتصورات التي تولدت في ظل صراعات ضارية على امتلاك طرق التجارة ، أي امتلاك ثروة ذلك الزمان كانت وثيقة الصلة لا فحسب بالاحتياجات الروحية للعرب حينذاك ، وإنما أيضا بنمو النزعة القومية الضرورية لتنمية الثروة وحمايتها ، أي بحاجاتهم المادية إلى وقف تعدد الأرباب والكعبات في حركة الوثنية قبل الرسالة في طريق تلبيتها أي في طريق القومية ذاتها .
ويتتبع المؤلف تلك المسيرة الطويلة لعبد المطلب بن هاشم جد الرسول – صلى الله عليه وسلم – الذي تمتع بوعي سياسي وقومي عال حيث ارتبطت الوحدة القومية المنشودة لديه بالسعي لتأليف القلوب عند إله واحد وأخذ يدعو لإلغاء " التماثيل والأصنام وغيرها من الوساطات والشفاعات لأنه لا يقبل من أحد وساطة أو شفاعة إلا العمل الصالح " . وكان هذا العمل على كل المستويات سياسية وعسكرية واقتصادية هو الشغل الشاغل للرسول العربي وهو يطور أفكار جده وأعماله التي شكلت تياراً قوياً قبل ظهور الإسلام بفترة وجيزة .
وذلك حين بلورت التوحيد بمعناه " الحنفي " ، مستلهمة أسسه من ديانة إبراهيم الذي يعده العرب أباً لهم ، ويبين المؤلف كيف أن حرية الاعتقاد كانت عرفاً مسنوناً ، عرفاً حتمته المصالح التجارية في مكة ، فكان المسيحي فيها يعيش إلى جوار " الحنفي " إلى جانب اليهودي مع الصابئ والزرادشتي وعبدة النجوم وعبدة الجن وعبدة الملائكة وعبدة الأسلاف وتماثيل الشفعاء دونما قهر أو فرض أو إجبار حتى أن العبد كان يظل على دين سيده . إلى أن قامت دعوة محمد بتأليب العبيد على أسيادهم من أرستقراطية قريش التي سرعان ما تخلص منها عبر سلسلة طويلة من الحرب والسياسة ، من إتقان بناء التحالفات وفضها حتى استقر أمر الدولة العربية الإسلامية الوليدة للبيت الهاشمي وتراجع نفوذ الأمويين من أبناء عمومتهم ليتأجج بعد ذلك الصراع التاريخي بينهما على أسس اقتصادية اجتماعية جديدة خاصة بعد اتساع الدولة بالفتوحات وانتشار الرسالة الجديدة وعندما سنحت الفرصة للحزب الأموي انقض على الهاشميين بضراوة واستولوا على الحكم ، وساعتها تجلت مشاعرهم تجاه بني عمومتهم في المجازر الدموية التي راح ضحيتها كل من أيد البيت الهاشمي .
إن " الحزب الهاشمي " هو على حد تعبير الباحث الإسلامي خليل عبد الكريم " اقتحام جرئ وفذ لإنارة منطقة ، حرص من سبقوه أن تظل معتمة وأن هذه الإضاءة المبهرة تدعونا لقراءة لوقائع التاريخ العربي الإسلامي وللتراث المكتوب والمسكوت عنه وتجعلنا أكثر شجاعة في الدعوة للإفراج عن كتاب طه حسين " في الشعر الجاهلي " ، و" مقدمة في فقه اللغة العربية " للويس عوض " وسوسيولوجيا الفكر الإسلامي لمحمود إسماعيل فجميعها اجتهادات تحمل بطريقة أو أخرى بصمات المنهج العلمي الموضوعي الذي يرى في التاريخ ظاهرة بشرية ويفتح آفاقاً واسعة للعقل الناقد ليتعرف على الأسس الحقيقية لا الوهمية التي قام عليها صعود وانهيار الدولة العربية الإسلامية الأولى . وقد أحسنت دار النشر صنعاً حين قدمت الدراسة التي عكف عليها مؤلفها لثلاث سنوات متصلة ونشرها في أجزاء متفرقة لتضعها بين أيدي القراء والباحثين مادة خصبة موثقة تلهمنا قراءة جديدة وتسلحنا بالعلم والنقد في وجه الظلام .
*********
بسم الله الرحمن الرحيم
} رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا .
إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا {
صدق الله العظيم
بقلم : اللواء عصام الدين أبو العزايم
___________________________________
مجلة الإسلام وطن ، عدد 52 – القاهرة
___________________________________
بين يدي الآن كتاب " الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية " للدكتور سيد محمود القمني أرسله إلينا الابن الأستاذ / أحمد البدوي للرد على ما جاء به من آراء وأفكار ضد الإسلام ونبي الإسلام . وبالاطلاع على الكتاب نجد أن فيه ضربات خفية وظاهرة للإسلام وكعبة الإسلام ونبي الإسلام عليه الصلاة والسلام .
وإني لا أنظر إلى الكاتب على أنه من اليساريين أم لا . ولكني أنظر إليه على أن اسمه " سيد محمود " ، وما دام هذا اسمه كان الأحرى به أن لا يضع السم في العسل ، كما سنرى في عرض كتابه – فقد جاء في ص 9 بالكتاب أن عبد المطلب بن هاشم كان من ذوى النظر الثاقب والفكر المنهجي المخطط استطاع أن يقرأ الظروف الموضوعية لمدينة مكة وأن يخرج من قراءته برؤية واضحة هي إمكان قيام وحدة سياسية بين عرب الجزيرة ، تكون نواتها ومركزها " مكة " تحديداً برغم واقع الجزيرة المتشرذم آنذاك ويؤيد ذلك بقوله عبد المطلب " إذا أراد الله إنشاء دولة خلق لها أمثال هؤلاء " وهو يشير إلى أبنائه وحفدته و يقصد الكاتب أن عبد المطلب كان يسعى لإنشاء دولة هاشمية يكون هو ملكها ومن بعده أولاده ، وإذا رجعنا إلى تاريخ العرب نجد أن العرب لا تقبل النظام الملكي وسيطرة الملك على القبائل العربية لأن ذلك يجعل من عشيرة الملك سيادة على بقية العشائر وهو ما تأباه أنفة الكبرياء القبلي وتنفر منه .
وقد ذكر الكاتب هذا المعنى في ص 10 من كتابه فإذا كانت هذه صفات العرب . فكيف يحلم عبد المطلب بتأسيس دولة هو ملك لها يتوارث الملكية أولاده وأحفاده ؟ فهذا الكلام مناقض بعضه لبعض . فعبد المطلب الذي وصفه الكاتب بما سبق أن أوضحناه من ذوى النظر الثاقب لا يجوز له أن يحلم حلماً أو يطلب طلباً يعلم أنه فيه استحالة التنفيذ وإلا كان وصفه غير ما وصفه الكاتب أي أنه رجل ذو أحلام وذو آمال لا تتفق مع الواقع القبلي العربي وبهذا لا يوصف بالذكاء ولا الفطنة .
ولقد وصف الدكتور / طه حسين " عبد المطلب " في كتابه " على هامش السيرة بأنه كان " سمح الطبع رضي النفس سخي اليد حلو العشرة عذب الحديث قوي الإيمان تملك قلبه وتسيطر على نفسه نزعة دينية حادة عنيفة ، إلى أن قال أنه كان يتميز من بقية فتيان قريش في ذكائهم وفطنتهم وفي إبائهم وعزتهم ولكنه فيه دعة لم تكن مألوفة عندهم ، وفيه شدة في الدين قلما كانوا يرضونها أو يبسمون لها . هذا قول الدكتور طه حسين في وصف عبد المطلب .
ولك أيها القارئ الحكم في ما كتبه الكاتب وما كتبه الدكتور طه حسين – والغريب أن الكاتب يسرد آمال اليهود وأحلامهم من انتظارهم ملك داود عليه السلام مرة أخرى إليهم ويربط أحلام اليهود بأحلام العرب بقوله : " أن هذا الحلم داعب خيال سراة العرب وأشرافهم حتى بدا لكل منهم طيف زعامته للدولة الموحدة مشرقاً في الخيال . ثم يوضح أن إزاء كل العوائق الواضحة والمحبطات السافرة للحلم وللأمل وللتوقع لم يجد الآخرون سوى الاهتداء إلى أنه لا حل سوى أن يكون منشئ الدولة المرتقبة نبياً مثل داود ، وعندما وصلوا إلى هذا فشا الأمر بسرعة هائلة بين العرب حتى اشتد الإرهاص بالنبي المنتظر خلال فترة وجيزة وأمكن هؤلاء بذلك وأخذوا يسعون للتوطئة للعظيم الآتي إلى أن قال لكن العجيب فعلاً أن لا يمضي من السنين غير قليل حتى تقوم في جزيرة العرب دولة واحدة قادرة مقتدرة تطوي تحت جناحيها وفي زمن قياسي ملك الروم والعجم بعد أن أعلن حفيد عبد المطلب بن هاشم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام أنه النبي المنتظر . يا للعجب لهذا الكاتب الذي يجعل من الرسالة الإلهية رسالة بشر ويجعل من الإيمان بالله الواحد الأحد الإيمان بزعامة وملك ، إنه بذلك لا يؤمن بالرسالة التي أرسلها الله إذ جعلها في قوله أحلاماً ومصالح ومنافع تحققت على يد حفيد عبد المطلب كما يقول ، والله إن هذا القول لم ينطق به كافر يعلن عداوته للإسلام ولنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام . ما هذا الربط الذي يربطه بين أحلام اليهود وأحلام العرب ، وما هذه الطعنات التي يطعن بها في رسالة الختم ؟
إن الرسالات كما هو معلوم تنقسم إلى ثلاث :
الرسالة التي تنطوي في تكاليف الزعامة فتأتي الدعوة الإلهية لتمكين زعيم القوم من هدايتهم الروحية لأنه مطالب بقيادتهم في جميع الشئون .
الرسالة التي تقوم أمة من الأمم لحراستها في وجه الأمم الأخرى والمثابرة على تذكيرها بحاجتها إلى تلك الحراسة .
الرسالة التي ينتظرها القوم تحقيقاً لوعود متعاقبة يفسرها كل منهم بما يبتغيه .
هذه هي الرسالات التي سبقت الإسلام وإذا نظرنا إلى الرسالة المحمدية – علي صاحبها الصلاة و السلام – نجد أنه لم يستغرقها مقصد من هذه المقاصد إذا لم تكن ت
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |