زَوَاجُ اَلْمُتْعَة لشهيد الكلمة الدكتورفرج فودة / 1
2006-08-17
مقدمة الناشر
فِى رَثَاءِ مُفَكِّرٍ مَاتَ وَاقِفًا
... " الكتاب يدل عليه عنوانه" ... يمكن أن تكون تلك العبارة صحيحة.... إلا فى حالة هذا الكتاب, فملابساته ومدلولاته أكبر بكثير من أن يدل عليها عنوانه المرح, ومن الملابسات ـ وأسباب نشره أيضًا ـ أنه يصدر بعد فجيعة اغتيال مؤلفه شهيد حرية الكلمة والمعتقد د. فرج فودة.
عندما كان الرجل حيًا كنا نختلف ونتفق معه شأننا فى ذلك شأن كل المؤمنين بالحوار والتفاعل الفكرى طريقًا وحيدًا للعودة على مجرى التاريخ والانضمام إلى الجماعة البشرية .. ذلك
المجرى الذى أخرجنا منه الاستبداد الشرقى والدكتاتوريات المتسربلة بفتاوى محترفى الدين, محرفى الكلم عن موضعه, والرسالات عن أهدافها, المفسرين بالهوى ويذهب المعز والريان والهدى والسعد وهبات البترول, مؤسسى الفاتيكان الإسلامى [ قال عنهم الإمام محمد عبده:
لكنه دين أردت صلاحه أحاذر أن تقضى عليه العمائم.
محمد رشيد رضا ـ تاريخ الأستاذ الإمام ـ المجلد الأول ص 1026 ].
حتى أضحوا وهدفهم الإيحاء لضحاياهم, من ضحايا الاستبداد والجهل والتخلف والميول الإجرامية, إن الدين كله يصبح لهم من دون الله, مدخلين الوطن الذى يحمل أقدم هوية فى التاريخ إلى أزمة هوية وظلام وحرب أهلية غير معلنة.
وبعد أن كنا نشهد تكفير الفكر وقتل الكتب بالمصادرة, نمت نبتة الشيطان وامتد القتل إلى المفكرين والكتاب وهكذا اغتالوا من وافق على الحوار معهم لأنه انتصر عليهم [ من كلمة د. احمد صبحى منصور فى حفل تأبين فرج فودة بنقابة الصحفيين يو 25 نوفمبر 1992 الذى أقامته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ], وسيحاولون قتل كل من يختلف معهم أو يعتقد من قريب أو من بعيد, إنهم يحملون فكرًا يمكن مقارعته بالفكر, ذلك لأنهم إرهابيون بالأجر, وبالطموح السياسى الشره, وبالكراهية لكل " آخر", وبالعداء للحياة, تشهد عليهم عصبيتهم الهستيرية وخروجهم على آداب الحوار واكاذيبهم وتشويههم لخصومهم بكل الوسائل غير الشريفة, وعدائهم للديمقراطية وحقوق الإنسان, وشرائطهم الصوتية العنصرية الساذجة وكتبهم الفرحة بالقتل وتبرير الجريمة من نوعية كتاب " من قتل فرج فودة؟" , التى قال عنها الكاتب " على سالم" فى حفل تأبين فرج فودة : ( إنها المرة الأولى التى يُظهر فيها مصريون الفرح لموت إنسان ويسجلون ذلك فى كتاب).
ناهيكم عن جرّهم المجتمع إلى التدين السطحى والقضايا الوهمية والأصولية الشكلية التى غرقوا فيها حتى لحاهم, والنتيجة المنطقية بالطبع, وفى وجود القهر السياسى والاجتماعى, هى الوعى الزائف, والضمير المرتبك, والتدهور العقلى, وضياع معنى الحياة والانهيار العصبى الجماعى والفتن الوطنية, كل هذا فى مصر التى أنجبت أخناتون وفكرة الأبدية وتعاليم بتاح وديانة إيزيس والإمام الرائد الليث بن سعد والعلامة الصوفى ابن الفارض واحتضنت مريم العذراء السيد المسيح , ومرقس الرسول .. والاجتهاد الشيعى الذى أقام الأزهر الشريف, بكل ما يدل عليه ذلك من تنوع ورحابة التفكير, وكل ما يمكن أن يكون ثراء وتميزًا ثقافيًا وإنسانيًا لشخصية مصر.
ولأن الألم يجلب الألم فقد شهدت نفس الأرض قتل الكُتّاب بعد أن شهدت قتل الزعماء الوطنيين " أحمد ماهر ومحمود فهمى النقراشى ورجل القضاء المستشار الخازندار" بنفس الدوافع وعلى الأغلب بنفس المحرضين, ولن تتوقف تلك السلسلة من حلقات الإرهاب طالما كان بيننا من يحاول أن يشوه ضمير مصر وشخصيتها الفرعونية, القبطية, العربية, الإسلامية, البحر أوسطية, المنتمية بعبقريتها إلى كل التراث الإنسانى, ومن يحاول استبدال كل ذلك بالإسلام المسلح, البدوى, البترولى, محولين القصاص الدينى وبواسطة فقه القتل والخوف إلى أيديولوجية سياسية غامضة ومعادية للوطن, ماسخين البديهيات والحقائق إلى أسئلة معتمة وفاسدة ولن تكون الإجابات إلا مشوشة وفاسدة أيضًا, ومنها حق الإنسان المفكر فى الاجتهاد فى كل شئ بما فيه الدين!.
ذلك الحق الذى قيل عنه إنه " إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد" , وإن الإسلام ليس فيه ولا يجب أن يكون رجل دين أو مهنة الدين ( وإن كان فى مسيس الاحتياج إلى محققين للتراث وباحثين فى التاريخ الإسلامى ومؤسسين لعلم الاجتماع التاريخى بغرض وحيد وهو البحث عن الحقيقة والتعرف العلمى على التاريخ والمعتقدات والثقافة, ولن يتأتى ذلك إلا بمناخ علمى يفرق بين النص وبين تارخيته وتفسيره وتأويله ).
فما بالنا ومن وحد بين النص وبين مفسريه والقائمين بتأويله ساحبين قداسته على أنفسهم حتى أضحوا كمن يختبئ وراء إصبعه مطالبًا الناس ألا يروه, ومن اختلقوا تهمة العيب فى ذواتهم محصنين بذلك الرداء والتعصب ووهم العلم فى حين أن كلمة العلماء فى القرآن الكريم معناها المتيقن { وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } [ سورة فاطر: 28 ]. كما وردت فى السياق, وأن كلمة الدين ترد بمعنى الطريق والتفقه بمعنى التعرف على الطريق { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } [ التوبة 122 ].
وأن كلمة فقه أو فقيه لم ترد فى القرآن ولم تُعرف بمعناها الحالى إلا فى العصر العباسى وأن كلمة علم هى كلمة حديثة وذات مضمون اوروبى ولا تنطبق على التفسير والتأويل والنقل والاجتهاد, وفى كل الأحوال لا يوجد فى النص ولا فى النقل ولا فى الدواعى الموضوعية فى الدين الإسلامى ما يبرر الاحتراف الدينى أو يجيز الارتزاق به ولنعد إلى بديهية ان التاريخ لا ينسخ التاريخ بل يكمله, وأن حق الإنسان فى الشك والحيرة النبيلة الصانعة للحضارات تمامًا كحقه فى أن يفكر .. ذلك الحق الذى قال عنه الإمام أبو حامد الغزالى " ... من لم يشك لم ينظر, ومن لم ينظر ام يبصر, ومن لم يبصر بقى فى متاهات العمى والضلال" ...
والنتيجة المباشرة والمحسوسة هى أنه بعد الإرهاب الفكرى يأتى نصفه الآخر وهو الإرهاب المسلح مشكلين معًا شبكة عنكبوتية بشعة غطت المنطقة العربية بادئة بمصر, موفرين أهم تكئة لغياب الحريات والديمقراطية ولشيوع الاستبداد وقوانين الطوارئ .
وفى مقال للدكتور نصر حامد أبو زيد تحت عنوان " خطاب الإسلام السياسى والعنف المستتر", بجريدة الأهرام 24 يناير 1992 يقول: " إن الفروق بين المعتدلين والمتطرفين فى الإسلام السياسي هى الدرجة وليس النوعية...".
الإرهاب الفكرى وفقه القتل:
نسرد هنا على سبيل المثال عدة مواقف لثلاثة من ممثلى الإسلام السياسى وسفراء الدولة الدينية فى مصر:
أولاً: فى معرض الدفاع عن جرائم الجهاز الخاص بالإخوان المسلمين وفى ندوة معرض الكتاب فى يناير 1992 وتخت عنوان " الدولة الدينية والدولة المدنية" قال مأمون الهضيبى إن محمود فهمى النقراشى كان عميلاً إنجليزيًا مما دعا ثروت أباظة ( الذى لم يُعرف عنه العداء للإسلام السياسى ولا المودة مع العلمانيين ) وتحت عنوان " أقتل وبهتان؟!" ( الأهرام 27/1/1992 ) " فإذا بالمتطرف يجيب بثقة أن النقراشى كان عميلاً للإنجليز, كبرت كلمة تخرج من أفواههم, أيأمر الإسلام بشهادة الزور ورمى الناس بالباطل والاعتداء على تاريخ الكرام بهذه السهولة وهذا اليسر, النقراشى الذى وضع رأسه على يده هو وزميله أحمد ماهر واتهما بتهم خطيرة من أنهما كانا يقتلان الإنجليز, ففيم إذن عدوانك هذا الآثم؟, اما يكفيكم قتله وتريدون أن تعتدوا على سمعته وكرامته؟ ...".
وكان الهضيبى هو أول صوت مرحب ومبرر ( الأخبار وصوت الكويت 8/6/1992 ) للغدر بفرج فودة مرددًا تهمة العيب فى ذات محترفى الدين, ثم كان أول صوت مرحب ومبرر لاغتيال الرئيس الجزائرى محمد بوضياف وحتى قبل أن تتضح الصورة مؤكدًا فهمه الأممى للإرهاب ومقدمًا لنا صورة زاعقة لفقهاء القتل.
ثانيًا: فى عدد ( الأهالى 4/11/1992 ) وتحت عنوان " لماذا يكذب الشيخ؟!" , كتب الدكتور رفعت السعيد "... لم اكن أتصور أن شيخًا مسلمًا, يقول عن نفسه ويقولون عنه إنه داعية إسلامى شهير, وعلى علاقة أكثر من حميمة بجماعة الإخوان المسلمين ... لم أكن أتصور أن شيخًا كالشيخ محمد الغزالى يقع فى خطيئة الكذب الصريح ويستخدم ما يسمى بالكذب الأسود لترويج مقولاته ..." وفحوى الموضوع أن الشيخ أورد فى مقال فى جريدة الأنباء الجزائرية فى ( 23/8/1992 ) أن ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث قد تزوج ابنة جولدا مائير وطبعًا لم يكن الهدف إلا تشويه فكرة القومية العربية بتشويه رجالها... ومن هنا يمكن ان نكتشف مصدر فرية وأكذوبة أشد سوادًا وتتشابه إلى حد التطابق مع الأول فى حملة تشويه فرج فودة وهى أنه زوّج ابنته من ابن السفير الإسرائيلى بمصر!! .. وفى يوم ( 27/5/1992 ) وقبل اغتيال فرج فودة بعشرة أيام قال نفس الشيخ فى ندوة بنادى هيئة التدريس بجامعة القاهرة عن الفقيد وعن د. فؤاد زكريا ( بالمناسبة هما أطراف الحوار معهم فى ندوة نقابة المهندسين بالإسكندرية وفى نفس موضوع ندوة معرض الكتاب عن العلمانية والإسلام ), ولذلك مغزى بالطبع . , الاثنين بيرددوا كلام أعداء الإسلام فى الخارج .. ربنا يهديهم ... وإن ماهداهمش .. ربنا ياخدهم" ...
وإذا تغاضينا عن فجاجة التعبيرات وسطحية الحديث يلح علينا سؤال: هل كان ذلك من برنامج التحضير بالغدر بالرجل؟, وبالتالى هل كان ذلك ترديدًا لفتوى القتل؟, وخاصة أن الغزالى هو من قال عنه خالد محمد خالد :" إنه إنضم إلى الجهاز الخاص فى صراعه مع المرشد العام حسن الهضيبى .. أى أن الرجل عريق وله باع طويل فى فقه القتل, ونتساءل أيضًا هنا عن مستوى أعضاء هيئات التدريس الذين جلسوا أمام هذا الشيخ يستمعون إلى حديث الإرهاب وإلى الحديث ـ فى معرض الدففاع عن الدولة الدينية ـ عن أن ملكة انجلترا تُقسم على حماية الكنيسة دون أن يوضح ـ أو لا عله لا يعرف ـ لأن الكنيسة الإنجليزية منفصلة عن كنيسة بابا الفاتيكان منذ عهد إليزابيث الأولى.
ثالثًا: فى ندوة الإسكندرية قال د. محمد عمارة عن الفقيد (= فرج فودة ) إنه قال:" شهداؤنا ( يقصد العرب والمصريين ) قتلى وقتلاهم ( يقصد الإسرائيليين ) شهداء" ... وسأله فرج فودة متى وأين قال ذلك؟ , فتهرب من الإجابة حتى استراح باغتياله ولم يعرف أن للفقيد أخًا شهيدًا فى حرب 67 هو محيى الدين على فودة. ...
وللدكتور عمارة دراسة وتقديم فى مجلة الطليع ( نوفمبر 1971 ) لكتاب الإسلام وأصول الحكم للشيخ على عبد الرازق, وكان المنطق العلمى يسيطر على كل سطور الدراسة وكانت عميقة ومفيدة جدًا .. وكان الشيخ قد توفى عام 1966,
ولم نعرف ماذا تغير حتى سنة 1992 سوى أن الدكتور عمارة انتقل من الفكر اليسارى الذى سجن بسببه خمس سنوات إلى الإسلام السياسى الرائج ولم ينتقل معه مموضوعيته ومثابرته العلمية وهذا منطقى, حتى قال فى ندوة الإسكندرية: " إن الشيخ قد تراجع عن الكتاب معتمدًا على سطر فى مجلة ( الرسالة سنة 1951 ) وكان الكتب تُمحى بسطر وكأن المنطق غير مهم وكأن التاريخ والفكر والذاكرة الوطنية قطع من الصلصال يتم تلوينها وتشكيلها طبقًا للأهواء وتغير العصور, ولكنه الانتقاء والتلفيق الذى يلبسونه مسوح العلم بل ويصدرون باسمه صكوك الغفران لقادة العقل والضمير ولم يسلم منه حتى معلم الأمة الدكتور طه حسين.
وعندما نتطرق إلى مضمون هذا الكتاب الذى نحسب انه لولا ما يحمله لأضحى كتابًا طريفًا ينتمى لأدب المحاورات ويحوى من الرياضة الذهنية والتساؤلات أكثر مما يحوى من إجابات.
وإذا كان لكل دراما من لحظة توقف ... برغم الحدة, ولكل حديث من لحظة صمت .. برغم المرارة, فإننا فى النهاية نقول السلام عليك يا فرج فودة يا من مات واقفًا كحراس إسبرطة, والسلام علينا أجمعين ...
بقلم الأستاذ / أمين المهدى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة د. أحمد صبحى منصور
موضوع زواج المتعة من المواضيع الفقهية التى شغلت الفقهاء بالجدال, وتخاصم فيها أهل السنة ومحققو الشيعة, صحيح أن شيخ الأزهر محمود شلتوت, أصدر فتوى فى جواز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية كسائر مذاهب أهل السنة, وقد صدرت الفتوى بتاريخ 17 ربيع الأول 1378هـ , ولكن هذه الفتوى لا تستطيع أن تُحسم الخلافات الفقهية بين السنة ةالشيعة لأن جذورها قديمة وباقية ولا يزال ينهل منها دعاة الفريقين حتى الآن, وهى أعمق من ان تؤثر فيها تلك الفتوى التى أصدرها الشيخ محمود شلتوت ونصها:
نص فتوى الشيخ شلتوت:
التى أصدرها صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر. فى شأن جواز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية.
قيل لفضيلته:
إن بعض الناس يرى أنه يجب على المسلم لكى تقع عباداته ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة وليس من بينها مذهب الشيعة الإمامية ولا الشيعة الزيدية, فهل توافقون فضيلتكم على هذا المبدأ على إطلاقه فتمنعون تقليد مذهب الشيعة الإمامية الاثنا عشرية مثلاً:
فأجاب فضيلته:
1ـ إن الإسلام لا يوجب على أحد من أتباعه اتباع مذهب معين بل نقول إن لكل مسلم الحق فى أن يقلد بادئ ذى بدء أى مذهب من المذاهب المنقولة نقلاً صحيحًا والمدونة أحكامها فى كتبها الخاصة ولمن قلّد مذهبًا من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره ـ أى مذهب كان ـ ولا حرج عليه فى شئ من ذلك.
2ـ أن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثنا عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعًا كسائر مذاهب أهل السنة.
فينبغى للمسلمين أن يعرفوا ذلك, وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة, فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابعة لمذهب أو مقصورة على مذه, فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى يجوز لمن ليس أهلاً للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقررونه فى فقههم, ولا فرق فى ذلك بين العبادات والمعاملات.
السيد صاحب السماحة العلامة الجليل الأستاذ محمد تقى القمى:
السكرتير العام لجماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية:
سلام عليكم ورحمته, أما بعد فيسرنى أن أبعث إلى سماحتكم بصورة موقع عليها بإمضائى من الفتوى التى أصدرتها فى شأن جواز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية راجيًا أن تحفظوها فى سجلات دار التقريب بين المذاهب الإسلامبة التى أسهمنا معكم فى تأسيسها ووفقنا الله لتحقيق رسالتها والسلام علسكم ورحمة الله.
شيخ الجامع الأزهر
السابع عشر من شهر ربيع الأول 1378هـ.
والدليل على عمق الصراع الفقهى المذهبى بين أهل السنة والشيعة هو ما أحدثه مقال للدكتور فرج فودة بشأن زواج المتعة, وهو لم يقل بأنه حلال, وإنما اكتفى بالإشارة إلى أن فريقًا من المسلمين يقول به ويستدل على جوازه, ومع أن الدكتور فرج فودة لم يقل شيئًا جديدًا أو شيئًا مجهولاً إلا أن أقلام خصمه من المشايخ أسرعت عليه بالهجوم, وهم يظنونه يتكلم فى موضوع زواج المتعة من موقعه كمثقف وسياسى, ففوجئوا به يتحدث عن الموضوع حديث الفقيه المتخصص, ويرد عليهم يفند الأدلة ويحللها ويفحص الأسانيد ويأتى بالروايات من هنا ومن هناك شأن العالم المجتهد المتبحر فى الشريعة, وفد كان ذلك فعلاً, وهو ما يلحظه القارئ لهذا الكتاب " زواج المتعة".
على أن الدكتور فرج فودة فى كتابه " زواج المتعة" لا يفاجئنا فقط بعلمه الغزير والعميق بالخلافات الفقهية بين أهل السنة والشيعة, وإنما يتميز فوق ذلك بميزة فريدة وهى أنه صاغ تلك الخلافات الفقهية الجامدة والصارمة فى حوار جدلى يقارع به كل خصم خصمه بالحجة حتى إذا أقنع القارئ فوجئ القارئ بحجة اخرى للخصم تبدو أكثر إقناعًا, وهكذا يظل القارئ يتأرجح بين أهل السنة وأهل الشيعة فى مباراة عقلية فقهية حدلية تستحوذ عليه إلى نهاية الكتاب.
وهو بذلك يضع صياغة جديدة ومبتكرة فى الكتابات الفقهية الخلافية, تمكن القارئ المثقف العادى من الوقوف على الأدلة الأصولية واختلافات الفقهاء بعد أن تزيل عنه الرهبة ونقنعه بأنه يشاهد مباراة عقلية, لا تخلو من طرافة وعذوبة, وبتلك الطريقة المبتكرة التى ابتدعها الدكتور فرج فودة تتخلى الموضوعات الأصولية من تعقيداتها وصرامتها, وتصبح فى متناول الجميع, على أن هذه الطريقة تستلزم من المؤلف أن يهضم أولاً تلك الموضوعات الأصولية ثم يصيغها فى أسلوب حديث معاصر جذاب رائع, ولا أعتقد أن احدًا فى عصرنا قد أوتى هذه الملكة غير فرج فودة ..!!.
وهناك ميزة أخرى للمؤلف فى هذا الكتاب, وهو ميزة لن تعجب أحدًا من الفقهاء, وهو أن الدكتور فرج فودة كان عادلاً فى إجراء المحاورة بين فقهاء السنة والشيعة, فاتى بأدلة كل فريق ولم يرجح أحدها على الآخر, وفى قضية كهذه حين تلتزم الحياد العادل وتنقل أدلة كل فريق بدون تميز, فإنك لن ترضى الطرفين, ولن ترضى سوى القارئ المحايد الذى يريد أن يتعرف على الموضوع فى تجرد وموضوعية .. وبذلك قتح الدكتور فرج فودة الموضوع وتركه مفتوحًا وطالب الفقهاء بالدليل الحاسم, وبذلك أثار حفيظتهم أكثر فأكثر.
إن الحديث عن زواج المتعة نوعًا من القصف الحربى بالأدلة الفقهية ةالاجتهادات المذهبية فى متب الفقهاء وساحات الجدل ... فقط.
دكتور: أحمد صبحى منصور
القاهرة ديسمبر 1992
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة الكاتب
قبل أن أبدأ أعلنها واضحة صريحة ...
v لست داعية لزواج المتعة ...
v ولست موافقًا عليه ...
v ولست قابلاً به لبنات أسرتى وبنات المسلمين...
ولست أدعى الفقه والتبحر فى العلم, فما أنا إلا مسلم يجتهد فى دينه لدينه, لذا فليس لى رأى شخصى قاطع فى الخلاف حول المتعة, لكنى أدعى الأمانة فى عرض الرأى والرأى الآخر, وأدعى القدرة على بذل الجهد فى القراءة والاطلاع, ومنذ أعلنت عن قرب صدور هذا الكتاب, والسؤال لا ينقطع من الأصدقاء عن سبب كتابته, ومن حق القارئ أن يستمع إلى الإجابة ...
لقد كتبت هذا الكتاب للأسباب التالية..
أولاً: الحقيقة ضالة المؤمن, والطريق الصحيح إلى الحقيقة لابد وأن يمر بالتعرف على الرأى والرأى الآخر, ولا يكون أبدًا بطمس آراء الآخرين أو تسفيهها أو الهروب من مواجهتها إما جهلاً بها أو استعلاء عليها أو رفضًا للنتائج من البدء ...
ثانيًا: إن أسوأ خصائصنا الفكرية ـ فى تقديرى ـ تتمثل فى الاعتقاد بالصواب المطلق, حتى فى فروع الفروع وتفصيلات التفصيلات, واعتقاد هذا شأنه لابد وأن ينعكس فى نتيجة منطقية, وهى الاعتقاد بالخطأ المطلق لمن يختلف معنا, أما أسوأ خصائصنا ( التفكيرية ) فهى أسلوب التفكير أحادى الاتجاه, حيث لا سبيل للحقيقة غير أسلوبنا فى التفكير, ولا احترام لأسلوب الآخرين, ولا اعتقاد بأن لهم منهجًا وعقلاً و أسانيد, فالمنهج لدينا هو ما ننهج, والعقل فى مفهومنا هو ما نعقل, والأسانيد فى تصورنا هى ما يساند أفكارنا ومنهجنا ونتائجنا .. والكتاب فى مجمله محاولة فكرية وتفكيرية مختلفة تمامًا, وهو ما سيكتشفه القارئ, ولعله يكتشف من خلاله خطأ منهجنا فىالفكر والتفكير..
ثالثًا: يعجبنى قول لصديق عزيز ـ كثيرًا ما نعرف كيف نتفق بيد أننا لم نعرف بعد كيف نختلف ـ والحوار الذى يعرضه الكتاب محاولة فى هذا السبيل, واجتهاد فى اكتشاف مالم نعلمه ونتعلمه بعد ...
رابعًا: كثيرًا ما سألت نفسى وانا أجتهد فى القراءة حول الموضوع لعدة سنوات ـ كيف تخلو مكتبتنا الدينية والفكرية من أمثال هذه الموضوعات الدسمة فكريًا وفقهيًا, رغم خطورتها وكثرة وعمق الخلاف حولها, فى الوقت الذى تمتلئ فيه مكتباتنا بكتب عن عذاب القبر ونعيمه, وفتنة المسيخ الدجال, وأوصاف المهدى المنتظر, وأحاديث الخضر عليه السلام, وأحوال الجان ومراتبهم, وحكم زواج الإنسى بالجنية, إلى آخر الكتب التى لا طائل وراءها ولا أصيل فقه ولا سليم اعتقاد ولا انفتاح ذهن, ولعل هذا الكتاب يسد جزءًا من فراغ أحسبه قائمًا, ولعله جهد يستحق, وإن كان الحكم على ذلك للقراء ...
خامسًا: كثيرًا ما يحدث للقارئ كما حدث لى أحيانًا, وهو يستعرض رأى هذا فيراه صادقًا, ورأى ذاك فيراه موثقًا, ثم يعود لرأى جديد للأول فيقتنع به ثم يقرأ رأيًا معاكسًا للثانى فيستمسك به, أن يصل إلى موقف تشتبه عليه فيه الأمور, ويجد نفسه فى منطقة شائكة بين الحل والحرمة وفى مثل هذه المواقف كنت أسأل نفسى, هب أننى اجتهدت فحسبته حلالاً, أكل حلال واجب التباع؟ ...
أحسب أنه سؤال خطير, وأخطر ما فيه أنه يطرح السؤال العكسى فى المقابل, وأحسب أيضًا أن مثل هذا السؤال يجب ألا يظل مكتومًا أو حائرًا, ولسوف يجده القارئ عنوانًا لكتاب قادم, وبغير عرض أصل الخلاف وآراء المختلفين, يصبح مثل هذا السؤال نوعًا من الترف الفكرى لا مبرر له ولا منطق, بيد أنه فى أعقاب هذا الكتاب يأتى مبررًا تمامًا ومنطقيًا بغير شك, وما أحسب إلا أن القارئ سوف ينشغل بالمقدمات والنتائج بقدر ما انشغل ذهنى, بل الأدق أن أقول, بقدر ما اشتعل, وهذ المبرر وحده يكفينى ...
سادسًا: إن خطورة قضية ( زواج المتعة ) تستند إلى أسباب عدة:
1. مأزق الحاجة لاجتهاد معاصر,
2. خطورة الاستناد لاجتهادات عصور سابقة,
3. مأزق الدعوة للعودة إلى الجذور دون مراجعة,
4. وهم اليوتوبيا ( الجنة على الأرض ) فى عصور خلت,
5. مأزق استلهام النص وحده دون إعمال العقل,
6. مأزق الفصام بين الأصولية والمعاصرة, فالأولى نقل, والثانية عقل وتوفيق بينهما وارد وممكن لكن ليس فى ظل مانراه من انغلاق فكرى أو فكر انغلاقى,
7. المأزق الذى يقود إليه تقييم نصوص السن على أساس السند وليس المتن,
8. الأسى لخلاف المسلمين دون طائل يُجنى سوى تمزق الصفوف, ودون محاولة لرتق الخلاف وتلافى أسبابه,
9. ضياع الحقيقة بين الجهل والتجهيل والتجاهل من الفريقين,
10. مأزق التناقض بين قضية فحواها الإباحة ومضمونها الحرية وبين اجتهادات أخرى فى قضايا تتصل بها, فحواها القيد ومضمونها التشدد, وهو مأزق لا بد وأن يشغل ذهن القارئ منذ البدء وحتى الختام, وأن تثير القضية ويطرح الكتاب كل هذه المآزق والمشاكل والقضايا, فإن كتابته تصبح واجبًا ومسئولية, ونشره يصبح ضرورة وأمانة فى عنق الكاتب لابد وأن يفى بها مهما كانت العواقب ...
وأخيرًا لعلى أجبت على المتسائلين, ولعلى مضطر إلى أن أعيد على مسامع القراء مرة أخرى ما بدأت به هذه المقدمة, ولو أُتيح لى أن أُعيده ألف مرة لأعدته ...
v قبل أن أبدأ أعلنها واضحة صريحة ...
v لست داعية لزواج المتعة ...
v ولست موافقًا عليه ...
v ولست قابلاً به لبنات أسرتى وبنات المسلمين...
ولست مستعدًا ... فى نفس الوقت أن أطمس حقًا من أجل إسترضاء الآخرين, أو أن أتنكر لمسئوليتى ككاتب من أجل إرضاء الآخرين ...
والله والحق من وراء القصد ...
مصر الجديدة ـ 6 أغسطس 1990
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباب الأول
زواج المتعة
فى السنة والقرآن
" لا أعلم شيئًا أَحلّه اللَّه ثُم حرّمه, ثُم أحَلّه ثم حرّمه, سوى المتعة ..."
الإمام الشافعى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الأول
زواج المتعة ونصوص السنة
مقدمة الفصل
ما عرفت موضوعًا أرقنى وأرهقنى مثل هذا الموضوع, وحسبى أن أذكر للقارئ أننى ظللت أقرأ عنه, وأحاول كتابته ثلاثة أعوام كاملة وفى كل مرة كنت أمزق ما كتبت, رغم أننى عادة لا أكتب إلا بعد أن تختمر الفكرة فى ذهنى, وساعة أن أضع القلم فى يدى ينتهى الأمر, ويصعب علىّ أن أبدّل كلمة واحدة, لكنى هذه المرة كنت أبدّل وأغير, وأمزق وأعيد الكتابة وأبتهج وأنا أقرأ, وأنزعج وأنا أكتب, وأتعجب فى كل الأحوال, وكم عبرت عن عجبى بتساؤلات ما زلت عاجزًا عن إجابتها,
كيف أهمل كل طرف ما أورده الطرف الآخر وهو غير قابل للإهمال,
وكيف ارتضوا لأنفسهم أن يصلوا إلى النتائج دون تمعن فى حجج المخالفين,
وكيف لم يتوقفوا كثيرًا أمام موضوع من أخطر الموضوعات,
وهل كان عذرهم أن دلالات قبولهم بزواج المتعة خطيرة,
لأنها لا تتناسق مع ما ألفناه منهم من احترام لنصوص وردت فى كتب السنة وفى تفاسير القرآن وفى أقوال كبار الفقهاء,
وأن موقفهم فى الحالتين صعب, وليس موقفهم وحدهم, بل موقف كاتب هذه السطور, وهو أيضًا موقف القارئ إن استكمل قراءة الموضوع, لأن أصعب ما يمر به صاحب الفكر أو التفكير أن يكشف أن ما يتعاطف معه وجدانيًا ليس بالضرورة هو الصواب, فقد يكون وقد لايكون, وأن الصواب المطلق أحيانًا عسير المنال, خاصة إذا كان لدى الطرف الآخر من المنطق بقدر ما لدينا من الشك, وعنده من الحجج بقدر ما عندنا من علامات الاستفهام.
حسنًا ... ليس الأمر أمر لوم أو تساؤل بقدر ما هو أمر تمهيد لرياضة ذهنية ما أظن أن لها نظيرًا فى قضية فقهية أخرى, فطرفا الحوار مختلفان أشد الاختلاف,
فالسنة ترى أن المتعة حُرمت إلى الأبد,
والشيعة ترى أن المتعة حلال إلى الأبد,
والسنة تستند إلى مراجعها المعتمدة من صحاح وسنن ومسانيد وتفاسير,
والشيعة تبالغ فى استعراض قوة حججها بالاستناد إلى نفس المصادر, والاعتماد على أحاديث واردة فيها أيضًا,
والطرفان يحتكمان إلى نفس الآيات القرآنية, لكنهما يخرجان منها بتفسيرات ودلالات لا تلتقى أبدًا ولا تتفق مطلقًا, بل يخرج هذا بعكس ما يخرج ذاك ويؤكده, ويخرج ذاك بنقيض تفسيره هذا وبسنده,
وكل طرف يلقى بحجته فتظنها نهاية المطاف فإذا بالطرف الآخر يثبت لك أنها بدايته وأنها مردود عليها بل كأنها لم تكن,
وكل رأى لكل طرف مهما بلغت وجاهته له رد يبدو لك وكأنه لا رد عليه,
فإذا بالرد عليه جاهز وإذا بدحضه ممكن,
وإذا بك بعد عشرات الآراء والردود تعود إلى نقطة البدء من جديد.
ما الذى يطمع فيه القارئ أكثر من ذلك؟,
وهل هناك أمتع من مناقشة قضية يرى أحد طرفى النقاش أنها بغاء لا شك فيه, بينما يرى الطرف الآخر أنها زواج لا شبهة فيه,
فإذا استمع القارئ إلى حجة هذا اقتنع بها, ثم إذا استمع إلى حجة ذاك وجدها مقنعة, ثم إذا بهذا يرد على ذاك ومعه حق, فإذا بذاك ينتقد هذا ومعه حق, وهكذا لا يصل القارئ إلى قرار إلا وتراجع عنه ولا يقتنع برأى إلا وتخلى عنه, ولا يصل فى النهاية إلا إلى ما بدأ به, هذا يراه بغاء عن اقتناع, وهذا يراه زواجًا ويعرض حجته عن إقناع, وما على القارئ إلا أن يختار, ليس كما يقول أحد الشعراء المعاصرين, ما بين الجنة والنار, بل بين اختيار واختيار,
وهو حائر فى اختياره على ما نظن, فهو إن رفض زواج المتعة فحجته أن جمعًا من كبار الصحابة وأئمة التابعين قد رفضوه, ومنهم عمر وعبدالله بن الزبير, والأئمة الخمسة, أبو حنيفة ومالك والشافعى وابن حنبل وزيد, وغيرهم كثير,
وما أظن أن هؤلاء يجتمعون على خطأ أو ينتصرون لباطل,
وهو إن قبل بزواج المتعة فحجته أن جمعًا آخر من كبار الصحابة والتابعين قد ناصروه, منهم عبدالله بن عباس , عبدالله بن مسعود, وأبىّ بن كعب, وابن جريج, وقتادة, وسعيد بن جبير, وسعد بن المسيّب, والإمام جعفر الصادق, وباقى الأئمة الإثنى عشر وغيرهم كثير,
وما أظن أن هؤلاء أيضًا يجتمعون على خطأ أو ينتصرون لباطل,
وأغلب الظن ان الله قد اراد برحمته أن يظل هذا الموضوع مثارًا, بل مثيرًا للخلاف, لحكمة ربما كشفتها لنا الأيام؟؟؟.
لقد خطر لى وأنا أكتب هذا الموضوع أن أمارس تجربة جديدة فى الكتابة, أشرك فيها القارئ معى ومع طرفى الحوار, بحيث لا يغيب القارئ ولا الكاتب عن إطار المحاورة, وبحيث يتدخل الكاتب حين يشعر بضرورة ذلك ليس من خلال طرفى الحوار, بل من خلال صفته كطرف ثالث مستقل يراقب الحوار الدائر ولا تغفل عينه عن القارئ منذ البداية وحتى الختام,
على أمل أن يتسع صدر القارئ للحوار معى وللمشاركة منذ البدء فى صياغة منهج العرض والتحليل, وهو منهج غريب استرشدت فيه بأسلوب الرسامين حين يخطون ما يسمون ( اسكتش ) بالقلم الرصاص, ثم يضيفون الألوان بعد ذلك وأقصد هنا ( بالاسكتش ) أننى تصورت كيف سيدور الحوار ومن الذى سيبدأ وكيف سيكون الرد, ثم متى تأتى الحجة التالية وكيف يقود الرد عليها إلى حجة جديدة , وهكذا.
وأكثر من هذا فقد كتبت مختصرًا لهذا التصور حتى لا أنساه, وما إن شرعت فى تلوين اللوحة, وأقصد بالطبع كتابة أسانيد كل طرف عند عرضه لوجهة نظره, حتى واجهت مشكلة صعبة تتمثل فى أن بعض الأسانيد مثل الأحاديث النبوية الواردة فى مصادر متعددة, أو التفسيرات القرآنية أو الآراء الفقهية, يمكن أن تشغل مساحة واسعة خلال عرض الرأى, ولكونها توثيقًا لا أكثر, ونتيجة أيضًا لطول بعضها ولتكراره, فإن وضعها بين سطور الحوار يؤدى إلى فقد القارئ لذة المتابعة للحجة والحجة النقيض, وغياب سلاسة العرض وسرعة إيقاعه, وقد خطر لى أن أكتب الأسانيد فى المذكرات التفسيرية, فوجدتها سوف تبتلع مساحة الصفحات, وفكرت فى نقلها لنهاية الفصل بعد تمامه فوجدتها ستبتعد عن السياق, وهنا خطر لى أن أفعل شيئًا آخر, وهو ما أسميته بالمداخلة وأقصد بها قطع الحوار فيما يشبه الاستراحة, ثم المداخلة بذكر أسانيد الطرفين مع تمييز كتابتها بخط مختلف يحيث يمكن للقارئ أن يراجعها إذا أراد, أو أن يعبرها مستكملاً الحوار إذا شاء,
لا شك أننا أطلنا فى المقدمة, ولا شك أن القارئ يتعجلنا للبدء فى شوق, ولا شك أننا لسنا أقل شوقًا منه لاستعراض حجج الطرفين:
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |