دمشق عاصمة للثقافة العربية تعرض مسرحية "خمسون " الممنوعة في بلدها تونس
2008-04-23
حدث استثنائي تحتفي به دمشق عاصمة الثقافة العربية لعام 2008 كواحدة من فعالياتها المتميزة
دمشق أ ف ب / وكالات / مواقع
قدم المخرج التونسي الكبير فاضل الجعايبي عرضه الجديد “خمسون على مسرح دار الأسد والمسرحية التي كتبتها الممثلة جليلة بكار بالاشتراك مع زوجها الجعايبي قدمت في دمشق أربعة عروض كان آخرها مساء الاثنين 21 / 4 / 2008. وتعتبر المسرحية ” قراءة عميقة لواقع المجتمع العربي في لحظته الراهنة عبر صراع الأجيال وكل ما يربط بينها أو يمزقها.
ويعتبر فاضل الجعايبي أحد الوجوہ البارزة في المسرح العربي المعاصر. شارك في تأسيس فرقة قفصة الوطنية في تونس عام 1978، كما شارك في تأسيس أول شركة مستقلة بتونس العاصمة وهي “المسرح الجديد” عام 1976.
يقدم فاضل الجعايبي مثلاً استثنائياً وإشكالياً عن العمل المسرحي العربي الذي يندرج ضمن حركة المسرح العالمي. ولذلك يعدّ من القلائل الذين تُعرض أعمالهم على خشبات أهم مسارح العالم. وهو في بحثه عن صيغة فن مسرحي “نخبوي للجميع” يلتزم بالقضايا الإنسانية بالمعنى العميق للكلمة. وتشكل عودة الجعايبي إلى دمشق بعد عرضه الشهير “عشاق المقهى المهجور” حدثاً استثنائياً تحتفي به دمشق عاصمة الثقافة العربية لعام 2008 كواحدة من أهم فعالياتها.
عن "خمسون":
قامت شابة محجبة عام 2005 بتفجير نفسها في باحة ثانويتها في يوم من أيام الجمعة بعد الصلاة وأوقفت الشرطة كل من كان حولها.
آمال هي إحدى صديقاتها، وكانت تقطن معها في المنزل نفسه، وهي ابنة مناضلين يساريين كبيرين، ومعروفة لدى المخابرات العامة وأجهزة الشرطة السياسية وأثناء عودتها من فرنسا بعد انقضاء عام على هذه الحادثة تمّ توقيفها في المطار واستجوابها لمدة أسبوع قبل إطلاق سراحها.
تمّ طرد آمال من جامعة تونس بعد الانتفاضة الثانية بسبب أنشطتها المخربة، في عام 2000 ذهبت إلى فرنسا والتقت عبدالله. كانت قد ترعرعت على الأفكار العلمانية ولكنها بعد أن التقته تحولت من يسارية إلى إسلامية متشددة واعتبرعملها هذا أكبر خسارة مني بها والديها، وقاطعاها على أثرها.
لاقت مسرحية تونسية رافضة "للحجاب" إقبالا واسعا في العاصمة السورية حيث وقف ممثلو مسرحية "خمسون" للمخرج التونسي الفاضل الجعايبي, متأثرين امام التصفيق الحار والطويل للجمهور الذي وقف ليحي عملهم الاثنين 21-4-2008 في دار الاوبرا بدمشق.
وصرح المخرج الجعايبي ان احد اهم الاسباب التي دفعته للعمل على هذه المسرحية مع زوجته ان "المنطلق الاول للمسرحية هو خشيتنا انا وجليلة, من ان ترتدي ابنتنا الحجاب". واضاف "لنا بنت عمرها 19 سنة بعيدة كل البعد عن ان ترتدي الحجاب لكن حتى أمل (شخصية رئيسية في المسرحية) كانت بعيدة عن ذلك ايضا. وليس هناك مكان لتهدئة الضمير والقول ان ابنتي تختلف عن تلك البنت في المسرحية".
وشخصية امل هي محور المسرحية. فمن خلالها نتعرف على والديها المناضلين اليساريين وعلى حال اليسار السياسي في تونس.
وعندما تختار ارتداء الحجاب نتعرف على اجواء المتطرفين التي تنخرط فيها. فالى جانب الصراع بين خيار الابنة والرفض التام له من قبل الاب الذي صار اخرس بعد التعذيب الذي لقيه في الاعتقال السياسي, وموقف الام الوسطي والمعتدل, هناك صراعات متعددة تتولد من حدث واقعي تستند اليه المسرحية.
وهذا الحدث هو قيام معلمة محجبة بتفجير نفسها في ساحة مدرسة في نوفمبر/تشرين الثاني 2005, عندما كانت قمة "مجتمع المعلومات" تعقد في تونس.
وتشاء الصدف ان تكون المعلمة الانتحارية زميلة لامل وهو ما يقود الى اعتقال الاخيرة مع زميلات اخريات, وتعذيبهن على يدي الامن التونسي, في مشاهد حاولت المسرحية نقل عنفها الى الخشبة.
وتقدم المسرحية ادانة "موضوعية" لموقف الاب كما يوضح الجعايبي. وقال الجعايبي ان "شخصية الاب هي جزء لا يتجزأ مني من مساري الفني. انا احارب كي لا اصبح اخرس واقدم يوسف (الاب) كمثال لا يحتذى. لا بد من مواصلة الكفاح بكل الوسائل للتصدي للجهل والعنف بكل اشكاله والدفاع عن الحقوق الانسانية الدنيا في كل العالم".
وتقدم المسرحية نظامين سياسيين حكما تونس كوجهين لعملة واحدة هما "القمع والتعسف" اذ ترد حوارات ومشاهد عن تعذيب الاب على يدي "جلادي" نظام الحبيب بورقيبة الذي طارد الحركات السياسية اليسارية. كما تعرض مشاهد تعذيب النظام الحالي لمتدينين يستجوبهم في قضية تفجير المدرسة.
وقال المخرج ان "النظام الذي طارد اليسار والنظام الذي يلاحق التطرف الاسلامي هو النظام التعسفي الارهابي نفسه الذي يستخدم الادوات والوسائل نفسها تحت الشعارات الجوفاء نفسها عبر تقسيم العالم الى ابيض واسود".
وتعرض المسرحية نماذج متنوعة ومتفاوتة في صفوف اليسار التونسي وكذلك في اوساط المتطرفين. واكد الجعايبي "لا استطيع الكتابة بكراهية, فهذا شان الحاكم والسلطة وسعيي الاكبر هو الفهم". واضاف ان "التطرف الاسلامي لم تمطر به السماء. انه صنيعة هذا النظام والذي سبقه وصنيعة الغرب وصنيعة الانسان التونسي", مؤكدا اهمية تحمل المسؤوليات التي يتوزعها جميع الاطراف بما فيها المسؤولية الفردية.
وفي احد حوارات المسرحية, تصرخ الام (التي تلعب دورها جليلة بكار) معلنة رفضها ان تكون "اسيرة تطرفين" بين زوجها واوساط الاسلاميين.
واعتمدت المسرحية التقشف في الديكور. وقال الجعايبي انه يتبنى "التقشف ولا احبذ الثرثرة. لا الكلامية ولا المشهدية, واتوخى آليات مبسطة وبليغة", مؤكدا انه لا يستسهل الواقع "بل نغوص في تشعباته ونوصلها في هذا الضرب من ضروب السهل الممتنع, الذي هو شغلي الشاغل".
ويوضح المخرج التونسي ان شعار "مسرح نخبوي للجميع" الذي يتبناه, بدا طوباويا عندما بدأ مسيرته المسرحية في السبعينات. الا انه الآن "واقع عملي", كما يقول, مشيرا الى انه قدم 65 عرضا لمسرحيته "خمسون" في تونس كان فيها شباك التذاكر مغلقا في قاعة تتسع لألف شخص.
وتتم حوارات المسرحية باللهجة التونسية. ورفض الجعايبي الاتجاه الى ترجمة اللهجات العربية الى الفصحى عند تقديم اعماله في نطاق غير محلي, مؤكدا ان اللهجة التونسية المحكية "لغة قائمة لها قواميسها وقوانينها وحسها وانا مدافع شرس عنها". واضاف "اما الترجمة الى العربية فتكرس الكسل والاقصاء والتهميش, والافضل هو قيام المخرج بجهد تجاه اللهجات الاخرى".
وقدمت مسرحية خمسون للمرة الاولى في 2006, بعد مرور خمسين عاما على استقلال تونس عام 1956. وأحدثت جدلا واسعا بعد ان منعت وزارة الثقافة آنذاك عرضها, شهرا ونصف الشهر, فقدمت لأول مرة على مسرح "الاوديون" في باريس, قبل ان تقدم في تونس.
وقدم الجعايبي, الذي يعتبر شخصية بارزة في المسرح العربي المعاصر عروضا لاقت إقبالا كبيرا في جولاتها العالمية, ومنها "كوميديا" (1991), "فاميليا" (1993), "عشاق المقهى المهجور" (1995), جنون (2001).
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |