كيف ذهبت إليّ
2008-10-17
خاص ألف
لم يكن عليكِ أن تُدركيني , و أنا أُعدُّ كأس موتي الأخير , لكنك أدركتِني .. أخذتِ اليد التي ارتفعتْ نحو فمي , فمي الذي لم ينطق اعترافه بعد , أنك كنتِ القوس الضارب إلى الخضرة , المائل مثل شمس لم تهوي عليَّ بعد .
أغويتِ رياحي بالهبوب ..
ناوأْتكِ : أنا رجل من شيطان , أصنع وحدتي من أشلاء الملائكة . ابتسمتِ , تعلمين أنكِ لستِ ملاكاً يبسط جناحيه على مهدي .
و أضحك لأن الحزن يأخذني إليكِ و لا يُعيدني , أنا الذي لم أَعُدْ يوماً إلى ما ذهبتُ إليه .
ترى ! كيف ذهبتِ إليّ ؟
ما الذي يُغريكِ بالخريف إن لم يكن تساقط السؤال عن أجوبة الشجر ؟.
أعلم أنكِ من عين البحر جئتِ , لا أزرق فيكِ سوى الدمع .. دمعي .
قلتُ : لا يأخذ الحب شيئاً إلى مثواه الأخير .. لماذا أخذتِني ؟.
كي تحلمي بالمنارة ؟
تذكّري .. البحار الفاشلة وحدها من تعجّ بالمنارات المضيئة .
و صرتِ الموج , صخبتِ , تلاطمتِ , تواطأتِ عليّ كي تستريحي , أنا الذي لم أُعِدَّ شواطئي للأمواج المالحة ...
بحرٌ ميتٌ , شربتُ ما يكفي من الرمل حتى تملّكني اليباس ..
تُرى , كيف أغويتِني بالهبوب ؟.
ترى كيف ذهبتِ إليّ ؟.
همستِ : موجٌ لا يبللني ، صدىً لمحْلٍ آخر ..
احتميتُ بما أخفيتِ عني لئلا تريني عابقاً بكِ ، طائفاً حول مزاراتك، أنثرُ البخور و لا أُشعلهُ ..
أخضوضرُ , أهمس في ريحكِ .. تصيّديني , برهاني أنتِ .. و غبطةٌ أنكِ لم تطوفي لأنك استدارتي ..
ها أنتِ تتراكمين عليّ , أصير أول شغف مأهول منذ عصر ما قبلك ..
نطوفُ , كعباً بكعب , رأساً برأس , أتذكرين ؟ كنا طوافنا حين أخذ مداكِ شكل القمر آن يصير بدراً , و للبدرِ حكاية أن تكوني بحراً يأخذ ما بَعُدَ منكِ إلى شاطئي .
قلتُ : لكِ ً.. ما يأخذني إليكِ .
قلتِ لي : مثلكَ لا يموتْ كمثواه الأخير ..
حينها تذكّرتُ أن لوجهكِ وجهاً يأخذ عيني إلى بصيرتها , و بكيتِ عندما كلّ شيء لديّ كان يرسم كل شيء , كل شيء.. لديكِ ،
أنتِ الواغلة في الشهوة تحت عباءة الروح الفَرِحَةُ بما يُشتهي من خفاياكِ .
و كنتِ اشتهائي الأنقى إلى روح لم يُضرب لها موعد مع الجسد بعد .
و جاء المساء , لم يكن القمر حزيناً لكنكِ تكمّشتِ بي خشية أن يحزن .. آهٍ ما أصعبكِ حين تتنبأين لهذا الكون بما لا يراه حتى !.
وطأتِ مائي بعشب قدميك , مهرتِني بختم خطوتك الأولى , أصبحتِ طريقي , طريقتي .
طريقي الذي لم يدرْ حول نفسه يوماً , طريقتي التي .. أنتِ .
و لم أدرِ كيف تصوغين خطاكِ إليّ ..
حتى ذهبتِ إليّ .
سددتُكِ بما يغلق فوهة هذا الكون بوردة ..
شممتكِ كي لا يُضيّع البخور روائحي إليكِ ..
و مسحتكِ بزيتي حتى تؤبين بمعجزاتك إليّ .
اسمعي ,
يوم صار البدء بدءاً ، لم يكن الذهاب أنثى و لا ذكر , لكنكِ هناك كنتِ تحوكين رداءً لمآلاتكِ الخمسة ..
مآلات أحرفك المستعارة من غبطةٍ آن كانت .. كنتُ ..
قلتُ : ما أينعكِ حين تُقصين ثماري عنكِ لئلا أنضج إلا في أتونكِ . و ما أشبهكِ بالحنين الذي لا يَحنُّ حتى على نفسه ..
تُرى , كيف يباغتنا السؤال و نحن في جواب ما سيأتي ؟.
ها هو الوقت يَعْبُر و لم أركِ , الوقت شخص عاقر بلا سطوح , بلا نوافذ , بلا منارات و بلا ستارة تفصل بيننا أيضاً .
هذا امتلائي أخيراً عند ربة ينبوعك , أُغمض عينيّ , يستلقي حزني مبللاً بكِ و يشدو الفرح لنا ما تبقّى من قمرٍ ، صار بدراً
و للبدر حكاية , فكلما أحببتِني أكثر , قسوتُ أكثر كي تَطْري أكثر .
أليست هذه حكاية أول صوانة طُرّقت على وقع الحب القديم ؟.
و تذكّري .. كنتُ أعبركِ لئلا أستضيء بكِ أكثر ..
طال احتمالكِ كما استطال احتمالي ، لكننا هكذا كالريح نَعْبُرُ حتى تصطدم غيومنا ليولد شيء لا يشبه المطر.
قلتِ : ضُمّني .. أنا فحواكَ فادخل ْ..
آن دخلتُ , كان كل شيء فيك يَدُلّني إليّ ..
كان في عينيكِ جموح لا يُدركه إلا حصاني ..
و ها أنا أطلع منكِ , مجللاً بكِ .. أدفن خيبتي تحت الظلال العابرة ..
طالع مثلما ذهبتِ إليّ .
قبل أمدٍ أو أمدين أو أكثر , خلتكِ مدينة جديدة .. خرجتْ الآه مني،
قلتُ : المدينة طقس اغتصاب جماعي لفطرة الأرض الأولى ..
الآن تعود الآه , حين أيقظتِ نعناعي البريّ تحت شرفة عينيكِ .. كي تريني ..
قلتِ : أنا آهكَ .. تمددْ .. افردْ جناحيك على مداي و ارقصْ
رقصتُ عندي , رقصتِ عندك , رقصتْ أعشاب البحر لنا دوائراً ..
حان أوان الزبد .
اتسعتِ
اتسعتُ ..
دخلنا الحالَ ..
قلتُ : ما أوسع البحر حين لا نبحر فيه ..
قلتِ : لم تصرْ البحر بعد .. تمددْ .
صرتُ حجة البحار , أصوغ حلمي على وقع الموج العابر بين أصابع قدميكِ.. أرسم لكِ طريق الماء .
حالُكِ حالُ الرضا , و الماء غياب اليابسة ..
و اعتصمتُ بكِ , أجوب تخومكِ كي أرشدها إليّ ..
فلي منارةٌ واحدة و لكِ البحر ..
و لي بحرٌ واحد و لكِ تعدد الماء ..
و لي أنتِ ، الواحدة بي , و لكِ .. وحدي ..
أنتِ التي تتجمعين حولي أو تُعدّين أثواب الرحيل كي تذهبي إليّ .
أنتِ لستِ سرّاً كي يكون بيننا ..
أنتِ التي شئتِني أن أكون رسولكِ منذ وردة ما بعد الطوفان .
قلتِ : ها أنا أتوسطكِ , زماني أمامك , ولا خلْف لك ..
و بقيتِ حولكِ , و حولكِ كان حولي ..
خُضنا في متاهات الحال ..
حتى وصلتِ إليّ ..
أوغلتُ فيكِ..
قلتُ : خذيني إلى غيبكِ.. لعشتار نصف الحقيقة و أنتِ اكتمالها ..
لم تضحكي كثيراً , قال لسان حالكِ :
- هكذا أنتَ تَعْبرُ من نداء إلى نداء كأنك صوت أخير ..
و حبّكَ مثل موتكِ لن يأتكِ سوى مرة كل ألف عام .
و مضى ألف عام , ألفان , مال كل مالنا ، إلى جهاتنا المتقابلة ..
لكل جهة شمس , لكل شمس شروق , لكل شروق غروبه ..
قلتِ : سِقني إليك , لا أحد جدير بامتلاك كحلي سوى عينيك ..
ادنُ .. أنا سفر التعب فاتعبْ ..
لا تمنح الشمس عذراً للشروق و كنْ نقيض الصحو حتى أصحو لك ..
.. صمتُّ حتى تصرخي .. صرختُ حتى لا تصمتي ..
تمددتُ مثل شاطئكِ , تعريتُ في النور و الظلام .. في المد و الجزر ..
قلتُ :: لن ينظر البحر إليكِ إن لم تريني ..
قلتُ : لا تسألي البحر شيئاً.. فجوابه عندي
لكنكِ اوغلتِ بحراً و بحراً ، كي تصلي إليّ ..
ذات مهلٍ .. أمهَلكِ الغيم فصلاً حتى تمطري ..
كنتِ مبتلةً بي , لم تقوي على الغيم .. فاستقويت علي ّ ..
قلتِ : جِدني في محيطكَ و غُصْ في منبعي ..
أنا الآن متّحدٌ بي ، أتملّى ما خفي منكِ ، كي يظهر لي ..
قلتُ : لن أنزل عن صليبك ..
لن أجول في مدن الخشب ، باحثاً عن صليب غير قابل للاهتراء .
كان نبعكِ دامعاً , غَطَتْهُ كثبان الأسى , لم أنجُ من دمعهِ بعد .
ارتديتُ شغفكِ وارتديتِني
لبستِني من رأسي حتى نشوتي ..
صرتِ فيّ .. كيف عَلّمَتْني الحياة وجهك ؟
تتوسطيني كلما افترقتُ عنكِ
و أتوسطكِ تماماً لأحدّكِ من جهاتي الست ..
ماؤكِ وحدي .. صرتِ على وشكي ..
ترى ، كيف ذهبت إليّ .
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
18-نيسان-2020 | |
27-نيسان-2019 | |
02-شباط-2019 | |
26-كانون الثاني-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |