المؤرخ والباحث الآثاري الدكتور عدنان البني في ذمة الله
2008-10-22
غيب الموت مؤخراً الدكتور عدنان البني والذي يعتبر صرحاً علمياً بذاته ، ولاسيما في حقل الآثار السورية والتاريخ السوري بخاصة والعربي بعامة .
عرفت الدكتور الراحل من خلال مؤتمرات الآثار ومن خلال زيارات شخصية له في عمله على مدى سنوات عديدة .
وما لفتني في شخصية الراحل بالإضافة إلى مخزونه وخبرته الطويلة في حقل الآثار والتاريخ ، هو مواقفه الفكرية والنقدية التي كان يطرحها في المؤتمرات ، إزاء بعض الطروحات الاستشراقية التي تجانب في بعض الأحيان الحقائق العلمية وتتجه إلى الأخذ بمعايير إيديولوجية سياسية .
وان كان ثمة غصة بسيطة ، فهي في عدم وجود نتاج له، يسهم في كتابة تاريخ سوريا بشكل موضوعي وعلمي ، يتجاوز ما ينتجه البعض من مفاهيم تأخذ مناح شوفينية تارة أو غير علمية .
رحيل الدكتورعدنان البني خسارة كبيرة للعالَم الآثاري ، التاريخي والعلمي في سوريا .
في استعادة لروحيته ونمط تفكيره ومخزونه العلمي ، ننشر حواراً كنا أجريناه معه وصدر في كتابنا
حوارات في الحضارة السورية
è بعد أن ثبت أن أغلب الميثولوجيا التوراتية منسوخة أو مأخوذة من تراث الهلال الخصيب ومن أساطيرهم الأولى، هل يمكننا القول أن المدرسة التوراتية في قراءة تاريخ المشرق العربي، قد اهتزت أركانها بعد سلسلة المكتشفات في الأوابد السورية والمشرقية بعامة؟
مما لا شك فيه أن أركان المدرسة التوراتية مهزوزة لكنها موجودة وخطيرة، كما أن لها مؤيدين. وهناك عدد من الباحثين العرب الذين يرددون معطياتها بحسن نية، وما أراه من انهيار هذه المدرسة منوط بمقارعتها بالعلم والحجة الدامغة وليس بالخطابة والشتائم.
è حول علاقة المؤرخ بعلم الآثار، هل نحن أمام تفسير للمعطيات المادية، أم أننا أمام الأخذ بالمعطى الأثري دون ربطه بحركة التاريخ، بمعنى.. هل أنتم من أنصار فلسفة التاريخ أم علم التاريخ؟؟..
نحن من أنصار علم التاريخ الذي يعتمد على المعطيات الأثرية، وكل ما عدا ذلك اجتهاد، إنه من باب الاستنتاج والادعاء.
è منطقة الهلال الخصيب، برأيكم هل تشكل وحدة حضارية أم أنه ثمة افتراقات واختلافات ثقافية بين بلاد الشام وأرض الرافدين؟.
مما لا شك أن الهلال الخصيب كانت فيه حضارة متشابهة، وأحياناً متماثلة في العديد من أوجه الحضارة، ولكن، ثمة لونيات وفروقاً سببها الوضع الجغرافي بكل عناصره والتمازجات الأتنية، ولكن لا نستطيع أن نقطع بهذا الأمور انطلاقاً من الرغبات بل بدءاً من الحقائق.
è دكتور عدنان: عدتم مؤخراً من قبرص بعد مشاركتكم في مؤتمر حضارات بحر إيجة وعلاقتها بحضارات شرق المتوسط. هل لكم أن تحدثونا عن أجواء المؤتمر ومساهمتكم في مناقشاته؟
المؤتمر دعي إليه عدد من علماء الآثار والعاملين في حقل الدراسات الإيجية. المسينية، المتوسطية، والكنعانية. أي الحلقة الحضارية حول البحر المتوسط الشرقي. وأنا شخصياً لم أساهم في مؤتمر سابق في قبرص أو في زيارة لها. وذهبت باعتباري قد دعيت رسمياً من قبل الأستاذ راسيوس غاريورغيس مدير الآثار ومستشار رئيس الجمهورية ( القبرصية اليونانية) الحالي، ومن مؤسسة ببيريدس. فأنا لم أذهب سابقاً إلى قبرص ولكن دعيت بصفتي منقباً في موقع ابن هانئ الذي يعتبر الآن من أهم المواقع التي تلقي الضوء على منطقة شرق المتوسط خلال ألفي عام بدءاً من القرن الثالث عشر قبل الميلاد وحتى عهد جوستنيان في القرن السادس الميلادي تقريباً. فبهذا الاعتبار ذهبت وشاركت. وقد كان أكثر المدعوين ممن لم يزوروا سابقاً قبرص. فلجنة المؤتمر لم ترغب في مساهمة باحثين سبق أن كتبوا وبحثوا في هذا الأمر لأنهم يريدون أفكاراً جديدة.
" في خلال الأحاديث الجانبية ذكر الدكتور عدنان لنا بأن التوجه العام في المؤتمر الذي عقد في قبرص والذي ظهر من خلال الأبحاث المقدمة هو أن حضارات إيجة قد أعطت حضارات شرق المتوسط / وليس تفاعلت معها /. وذكر الدكتور عدنان أنه تحدث عن دور حضارات شرق المتوسط الحضاري هذا الدور الذي كان غائباً عن أذهان بعض المؤتمرين ".
è من خلال تعمقكم في دراسة آثار المشرق العربي وتاريخه. هل لكم أن توضحوا لنا حركة التاريخ في هذه المنطقة من خلال المعاهدات الاجتماعية والتحالفات والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية القديمة. وهل يمكننا أن نقول أن ثمة وحدة حضارية في منطقة الهلال الخصيب؟
نحن الآثاريون لا نهتم كثيراً في مواضيع الحروب القديمة بل نهتم في مواضيع علاقات التبادل والتأثيرات الفنّية والحضارية عموماً التي تأتي عن طريق التبادل والاحتكاك وذلك من خلال الآثار المادية التي نلمسها. ونحن عادة لا نتحدث عن أشياء لا نجد لها أثراً على أرض الواقع، فمن خلال التنقيب في منطقة الهلال الخصيب نجد أنها منذ الألف السابع أو الثامن قبل الميلاد بدأت بحركة انتقالية فكانت تجلب ما يلزمها. حتى في العصر الحجري كان إنسانناً يجلب نوعاً من الحجارة يلزمه لصنع أداة أو إناء يلزمه، وذلك قبل أن يصنع الفخار وكان يصدر أيضاً ما لديه من محاصيل وأشياء أخرى إلى الخارج. إنساننا ركب البحر مبكراً جداً حتى أنه ثبت علمياً أن إنسان قبرص مثلاً وكريت وحتى بعض حيواناتها ونباتاتها مصدرها بلاد الشام. هذا شيء علمي وليس عبارات تبجح. وإذا لم نقل أن هناك وحدة في منطقة الهلال الخصيب فهناك علاقات تكامل حضاري متينة. طبعاً التكامل هذا ليس بالمعنى أنه كان هناك وحدة بين كريت وقبرص وبلاد كنعان والرافدين ففي الهلال الخصيب عموماً يختلف الوضع لأن هنا نجد اشتباكاً والتحاماً، هنا لغة واحدة. وهنا نوعية حضارية واحدة، نوعية علاقات إنتاج واحدة أيضاً، نوعية من التوجه الحضاري والتوحد بشكل عام.
è حسب اعتقادكم دكتور عدنان، هل يختلف التعاطي مع آثارنا وتاريخنا بين العلماء الأجانب وعلمائنا؟ ـ طبعاً لا أقصد الناحية العلمية ـ بل من ناحية تفسير حركة التاريخ في بلادنا.
بصراحة! معالجتنا نحن لتاريخنا خطابية وعاطفية وانفعالية، نعمم كثيراً.. الأجنبي جاف وموضوعي ولديه العلم علم، ولا دخل للعواطف والانفعالات والخطابية في حقيقته العلمية. طبعاً بين العلماء الأجانب من هم غير علماء أعني أن بعضهم قد يخطئ وهذا الخطأ إما هو جهل وإما عن سوء نية. ولكن أكثرهم موضوعيين من حيث المعطيات التي توصلوا إليها وما اكتشفوه في بلادنا. يجب علينا ألا نلتزم بما يفسرون بل علينا أن نفسر ونحلل نحن فنقبل أو نرفض. وفي الحقيقة وفيما رأينا الآن في الندوة وفي مناسبات أخرى هناك جنوح إلى الموضوعية بعد أن أصبح لدينا الآن معرفة أكثر من السابق. أصبحنا نعرف حقائق التاريخ. أصبحنا من حيث التقنية والخبرة في مستواهم، ولكن أعتقد أن دماغنا بدأ يتحرك وأصبحنا نفكر أكثر من الماضي، نحلل، ونستنتج ولا نقبل أن تصلنا الحقائق إلا بعد تحليل ودراسة. والمشكلة هي أننا أضعنا الوقت الكثير في الخطابيات وفي التعميمات وفي أمور لم تكن في الواقع ضرورية.
أنا أريد أن أثبت حضارة إن كانت غير موجودة أو كانت ضعيفة أو هزيلة ولكن إذا كنتُ واثقاً من حضارتي فلا حاجة من أن أقف لأخطب وأعظّم وأقول أن حضارتي أكبر وأقدم وأعظم وأحسن. هذا تفعله الأمم ذات الحضارة الهزيلة التي تحاول أن تُكبر نفسها بأكثر مما تستحق. لكننا نحن كبار في نفوسنا، كبار في حضارتنا فلا حاجة لنا إلى الخطابيات والانفعالات والعواطف في هذا الأمر.
è هل نقبتم في تل ليلان؟ وهل لكم أن تحدثونا عن عاصمة شمشي أدد الثانية أقصد شوبات أنليل؟
لم أنقب في تل ليلان ولكن بصفتي مديراً للتنقيب عن الآثار في سورية تصلني جميع التقارير وأنا أهتم بالمكتشفات الجديدة ومنها هذا الموقع المهم. وهذا الموقع لا يقل أهمية عن إبلا وماري ورأس شمرا. لهذا شئت أن أكون المُعرف عن هذا الموقع وهذه سنّة اتبعها منذ زمن طويل فأنا ملزم بصفتي الوظيفية قبل كل شيء وبصفتي مدرساً وأستاذاً في الجامعة. وأنا مكلف بأن أعطي المعلومات الجديدة ولا اختزنها في الأضابير والأرشيف لأنها تنشر في لغات أجنبية وبالتالي من واجبي أن اقرأها وأعطي وجهة نظري فيها وأنشرها للجمهور. وبالنسبة لاكتشاف شوبات انليل في تل ليلان فهذا ليس بجديد. لماذا؟ لأن إبلا لم تكن مجهولة ولكن منطقتها وموقعها مجهول. كذلك شوبات انليل. واكتشافها في مكانها هو الشيء الجديد.
شخصياً، أنا أشارك شخصياً بتل ليلان من خلال استقبالي للبعثات الأجنبية فأنظمها واضع لها برامج سنوية. وطبعاً تصلني التقارير عن الاكتشافات وبالتالي فإني أعرفها أكثر من غيري وأنشرها. فضلاً عن وجود وجهات نظر لي شخصياً ولي أعمال خاصة بي وهذا أمر آخر.
è في محاضرتكم العام الماضي في مكتبة الأسد تحدثتم عن شوبات انليل كعاصمة ثانية لشمشي أدد بعد آشور هل لكم ان توضحوا لنا المزيد عن هذه المعلومة التاريخية؟
شمشي أدد ملك سوري أموري كان يعيش في آشور ولكونه فذاً ورجلاً قوي الشخصية فقد استطاع أن يصبح ملكاً على آشور وعلى أقسام تصل حتى حدود تدمر جنوباً وإلى الأناضول شمالاً. فلذلك لم تكن تكفيه عاصمة مثل آشور وحدها أو مدينة ضخمة مثل ماري حيث كانت تابعة له فأراد عاصمة ثانية يقترب من خلالها من طرق التجارة العالمية ويستطيع أن يراقب ما يتم في الأناضول ومناطق نفوذه. فلذلك أنشأ له مركزاً هو شوبات انليل وتعني مكان أو إقامة الرب انليل.
è دكتور عدنان: اليهود الحاليون الذين يتكلمون اللغة العبرية ـ جاء في التوراة أن لغة اليهود هي شفة كنعان ـ أريد منكم إيضاحاً حول لغة اليهود الحاليون هل هي كنعانية الأصل أم أنها لغة لا تمت للكنعانية بأوهى صلة؟ أرجو إيضاح ذلك.
كما قلت في التوراة جاء أن اللغة العبرية هي شفة كنعان أي لسان كنعان. هم يقولون: تكلمنا بلسان كنعان، ولكن الواقع هم لم يأخذوا فقط لسان كنعان بل أسماء كنعانية فإسماعيل وإبراهيم.. إلخ كنعانية. وحتى موسى، هذا الاسم هو اسم مصري لأنهم حين طرأوا إلى المنطقة لم تكن لهم لغة من اللغات بل كانوا قبائل رحل ولم يكن لهم لغة راقية وفي مستوى الكنعانية الرفيع والحضاري. لذلك استخدموا اللغة الكنعانية واخذوا التراث الكنعاني وقدموه على أنه تراث يهودي.
اليهود الحاليون من حيث اللغة لا علاقة لهم باللغة العبرية لا بشكل ولا بآخر وليس هناك من أصول واحدة. وليس للغة العبرية الحالية أية علاقة باللغة العبرية القديمة وثمة اختلاف كبير جداً بينهما. فاليهود الحاليون ليسوا أولئك ولا علاقة للغة الحاليين بلغة القدامى. اللغة التي يتكلمها اليهود الآن هي لغة كنعانية سيئة ومشوهة فقد دخلتها تعابير كثيرة من أوروبا ومن بلاد الخزر وألمانيا ودخلها الأيدش، كما أن هناك مصطلحات دخلتها بحسب المناطق التي جاء منها اليهود الحاليون. فلم يعد فيها نقاء. حتى اليهود أنفسهم حالياً، اليهودي الحديث لا يفهم اليهودي القديم بينما عندنا الإنسان يفهم لغته القديمة منذ ألف وخمسمائة عام وحتى ألفي عام.
è بحدسكم الأثري والتاريخي وطبقاً للمدونات المكتشفة. هل تتوقعون اكتشاف مدن جديدة في الشام، وتكون في المستوى الحضاري لإبلا وماري وشوبات انليل ورأس شمرا؟ وهل هناك أسماء مدن وردت في المدونات الأثرية ولم تكتشف بعد أو لم يعثر عليها بعد؟
لا شك فالآن بين أيدينا أسماء كثيرة ولمدن لم تكتشف وأهمها " واشوكان " في الجزيرة الشامية وسنجدها يوماً وهذا شيء بديهي. هناك حلب القديمة التي تحت القلعة وكذلك هناك حماة القديمة بقلعتها وهناك أيضاً حمص القديمة تحت قلعتها.. هناك مدن ضخمة لم تكتشف بعد. أيضاً المشرفة هذه المدينة أكبر من إبلا بمرة ونصف ( حوالي 90 ألف هكتاراً ). أسوارها والخنادق حولها وضخامتها لا يوجد في العالم إلا قلّة في هذا المستوى من ناحية الحجم.
هناك أكثر من 5 تلال في الجزيرة مقاييسهم كل واحدة 100 هكتار. فتصور حجم هذه المدن التي لم تكتشف بعد.
الآن نحن نتوقع اكتشاف الكثير من المدن. هناك مثلاً دمشق القديمة.. هناك تلال في الغوطة كثيرة. تحت دمشق هناك أثاراً كثيرة أيضاً. فدمشق ذكرت منذ أيام الأموريين. كذلك هناك مدن كثيرة ستظهر على الفرات وعلى الخابور. نحن قبل حملة الفرات في السبعينات كنا نتوقع الكشف عن مدن تحت التراب، فاكتشفت إيمار بشكلها الكامل وحبوبة الكبيرة وحبوبة الصغيرة وعرودة وسلنقحية وتلال لا تعد ولا تحصى وكلها ذات أهمية. الآن لدينا مدينة تنقب في تل الشيخ حمد. مدينة من أضخم المدن الآشورية. هناك مدينة عجاجة تحتا. هذه المدن مذكورة في النصوص ويفتش عنها. ولكن أحياناً العلم الأثري تلعب فيه الصدفة دوراً كبيراً وواضحاً والمنقب يحتاج لأن يكون موجوداً تحت نجمة خير. وأيضاً يجب أن يكون له حظ ـ إذا صح هذا التعبير ـ لأن هناك علماء أجلاء قضوا عمرهم في التنقيب ولم يعثروا على شيء وهذا لا يقلل من مجدهم، ولكن الاكتشاف مثلاً له وقع خاص. ولأعطك مثالاً.. باولو ماتييه عالم لا نشك في علمه وله زملاء في العالم على أمثاله، ولكن حظه أنه وقع على موقع كنا نحن الذين سلمناه إياه وبقي عشر سنوات ينقب ولم يعثر على شيء.. حتى اكتشف المدينة فتفجرت له أمور كثيرة وهذا الكشف أفاده وطوره وقواه وأعطاه بعداً أثرياً مثل مكتشف جبال الهمالايا مثلاً. هذا أمر يتعلق بطبيعة المهنة وبالإضافة إلى لعبة الحظ، هناك المهارة والعمل بمحبة وإخلاص.
è دكتور عدنان في مواجهة هذه المواقع الكثيرة والتلال الغزيرة ـ ويقال بأن عددها يفوق المئة ـ هل هناك خطة موضوعة من قبل مديرية الآثار من أجل الكشف المنظم عن تلك المواقع؟
طبعاً هناك خطة، ولكن لو قلت أن بإمكاننا أن نكتشف النفط السوري في عام واحد فهل هذا الكلام منطقي ؟ نحن لدينا كادر وهذا الكادر يحتاج إلى تقوية ودعم دائم حيث يستطيع أن يبدأ بالقليل ويصل إلى الكثير. فالتلال التي عندنا كثيرة جداً وتفوق إمكانياتنا وحتى إمكانيات عشر دول مجتمعة. زد على ذلك أن طبيعة العمل الأثري بطيئة فلا يمكن أن أنقب بالجرافات وما شابه. فبطء هذا العمل يجعل مهمة الكشف عن الأثر طويلة وشاقة أيضاً. أنا لست مكلفاً أن أعرف كل شيء عن الآثار دفعة واحدة وأكشف عن كل الآثار دفعة واحدة لأني إنسان ولي حدود ومحدودية. أنا معني أن أعطي كل ما عندي وأن أستثمر كل ما تعطيني بلادي خير استثمار حتى أعطي النتائج.
لكن بعدي هناك رجال آثار آخرين، وهناك أجيال أثرية ستأتي وهؤلاء كلهم سيعملون، فالعمل الأثري مهمة الأجيال السورية الآتية والآثار السورية وديعة بين أيديهم. أيضاً أحب هنا أن أعرج إلى نقطة مهمة وهي أن طرق التنقيب تتطور وتتقدم من هنا يمكن أن يساعد هذا التطور إلى أعطاء نتائج موضوعية أدق. وكذلك بالنسبة للتطور العلمي الذي يحصل في طرق التنقيب، في التحليل المخبري يمكن لكل هذا أن يؤدي إلى نتائج متطورة ودقيقة وموضوعية أكثر.
فلأترك هذه المواقع وتلك الآثار الغزيرة كاحتياط أثري. وهذا الاحتياطي هو احتياطي استراتيجي هام جداً وحضاري واقتصادي وقومي بكل معنى الكلمة.
è متى نستطيع أن نعتمد على كوادرنا في التنقيب والكشف، وهل تؤدي البعثات الأجنبية الدور المرسوم لها بأمانة وإخلاص؟
نحن ننقب أكثر مما نستطيع ونستجلب البعثات الأثرية ونشاركها مؤقتاً ولكن في ظل إمكانياتنا الحالية لا يمكن أن نستغني عنها.
في مرحلة يمكن أن يتم هذا الاستغناء كما هم استغنوا، ولكن وجوهم يساعد في عدة أمور منها: تطوير كوادرنا وإعدادها الإعداد العلمي الصحيح وكذلك الخبرة التي يتمتعون بها بالإضافة إلى طرق التنقيب المتطورة. فنحن في مرحلة نقوم بالتنسيق معهم. ونحن أيضاً ننسق مع وزارة الثقافة والجهات العليا في الدولة، وحين تقرر الجهات العليا عدم الحاجة إلى هذه البعثات نستطيع عندئذ أن نستغني عنها. ولكن حتى الآن لا يوجد مثل هذا التوجه. وانتم تلاحظون الآن نتائج هذا التعاون معها وفوائده.
· في بلد يحتوي تراثه الكتابي واللغوي على آلاف الرقم المسمارية الابلاوية والمارية والأوجاريتية وغيرها ألا تجدون أننا بحاجة ماسة لإنشاء مركز علمي يعنى بترجمة هذه النصوص إلى اللغة العربية مباشرة ، متجاوزين الجسور اللغوية الاستشراقية الفرنسية والألمانية والإنجليزية وغيرها ؟
إنشاء المركز أمر ضروري جداً. أما في مجال ترجمة أو نقل الرقم المسمارية إلى العربية، فلا يوجد عندنا متخصصون مؤهلون حالياً بما في ذلك بعض المتخرجين سابقاً الذين لم يمارسوا عملهم بشكل علمي بل مارسوه بشكل نظري.
في مسألة ترجمة المجلدات، فهذه مسألة حساسة، فحسب ما يقوله الدكتور بديع الكسم " إن التأليف ترجمة والترجمة تأليف ". ولهذا الترجمة للمجلدات فيها شيء من الصعوبة، بسبب موضوع المصطلحات. فتأمين المترجمين هو شيء مهم وأساسي وينبغي قبل الشروع بذلك أن نؤهل الكوادر لأن هذا الموضوع هام وحساس جداً.
وترجمة المجلدات من أجل القيمة التاريخية فكرة جيدة حيث تتم الترجمة مع تعليق بسيط عليها. ومن أجل إنشاء كوادر متخصصة يمكن إيفاد طلاب من أجل هذا، أو أن يتم ذلك في سورية عبر إلحاق الكوادر بالبعثات الأجنبية، ومعلوم أن في هذه البعثات يوجد باحثون في المسماريات وأعتقد أنهم لن يتوانوا عن تقديم العون والمساعدة لإقامة دورات لكوادرنا، نظرية وعلمية.
· الدكتور عدنان البني - سوريا:
إن صفة السامية المستعملة منذ أكثر من قرنين لا يمكن إزالتها بقرار، فهي تزول عندما نضع بديلاً عنها، بديلاً يفرض نفسه بقوة على العالم العلمي، وذلك بإسهام العديد من العلماء العرب، وعلى مدى طويل.
أُطلق هذا المصطلح التوراتي على مجموعة اللغات المنبثقة من الجزيرة العربية، ثم تحول إلى مجموعة من الشعوب، حتى أصبحت بتأثير الصهيونية مرادفاً أحياناً لليهود حتى الذين أتوا من الخزر.
·ورد في التوراة في / سفر أخبار الأيام الأول وسفر الملوك الثاني / أن سليمان بنى تدمر في البرية، إلى أي حدّ يشكل هذا القول / الزعم /، حقيقة موضوعية وعلمية تسندها المعطيات الآثارية ؟
الحقيقة أن تدمر الواردة في التوراة هي تامار الواقعة على حدود فلسطين، وليس لها علاقة بتدمر. وكل المباني الموجودة الآن في تدمر هي بعد سليمان بـ /1200/ سنة فلا علاقة له بها، وهذا تحريف جرى حين إعادة طبع التوراة حيث حرفوا تامار إلى تدمر. وفي شعر لنابغة الذبياني ورد هذا الشيء لأن البدو كانوا يظنون أن كل بناء عظيم هو من بناء جنّ سليمان.
· إلى أي حد يمكن تجاوز استخدام مصطلح (( السامية )) وإيجاد بديل علمي – موضوعي ، كون أن هذا المصطلح صار يستخدم في بعد سياسي وتاريخي يجانب الحقيقة العلمية ؟
إن صفة السامية المستعملة منذ أكثر من قرنين لا يمكن إزالتها بقرار، فهي تزول عندما نضع بديلاً عنها، بديلاً يفرض نفسه بقوة على العالم العلمي، وذلك بإسهام العديد من العلماء العرب، وعلى مدى طويل.
أُطلق هذا المصطلح التوراتي على مجموعة اللغات المنبثقة من الجزيرة العربية، ثم تحول إلى مجموعة من الشعوب، حتى أصبحت بتأثير الصهيونية مرادفاً أحياناً لليهود حتى الذين أتوا من الخزر.
د.عدنان البني | |
ولد في حمص عام 1926. يحمل دكتوراه دولة في التاريخ من جامعة القديس يوسف، لبنان (1977)، ودكتوراه دولة في الآثار من جامعة السوربون، باريس (1986) ومنح دكتوراه فخرية في الآداب من جامعة سان اتيين، فرنسا (1977) يعمل مديراً للتنقيب والدراسات الأثرية منذ 1954، ومحاضراً في كلية الآداب بجامعة دمشق منذ عام 1959، وحتى الآن، وعضواً في مجلس إدارة الآثار منذ عام 1960 وحتى الآن. وهو عضو في عدد من الجمعيات العلمية وعضو مراسل في الاكاديمية البريطانية . | |
عضو جمعية البحوث والدراسات وهيئة تحرير مجلة التراث العربي ويحمل عدداً من الاوسمة والميداليات وقدم له مؤلف تقديري من علماء الآثار العاملين في سورية (1990). ونال عدداً من الأوسمة الأوربية تقديراً لجهوده العلمية، وكرم من قبل جمعية البحوث والدراسات في اتحاد الكتاب العرب بحفل تكريم نادر المثال بتاريخ 7/2/1999. | |
مؤلفاته: 1- الفن التدمري - المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية 1962 طبعة ثانية 1972. 2- المدخل إلى تاريخ الشرق القديم - جامعة دمشق 1966- طبعة ثانية 1970- وطبعة ثالثة مزيدة وموسعة 1971. 3- التنقيب الأثري الحديث- وزارة الثقافة دمشق 1976. 4- الجزء الثاني عشر من مؤلف الكتابات التدمرية بالفرنسية (بالاشتراك مع خافييه تيسيدور) المعهد الفرنسي للآثار في بيروت 1975. 5- تدمر والتدمريون - وزارة الثقافة - دمشق 1978. 6- تدمر، أثرياً، تاريخياً بالاشتراك مع الأستاذ خالد الأسعد 1979، طبع حتى الآن ثلاث طبعات والعديد من الطبعات بالفرنسية والإنكليزية والألمانية واليابانية والايطالية. 7- نساء على دروب تدمر- دار سومر- دمشق 1987. 8- معبد نبوفي تدمر بالفرنسية (ثلاثة أجزاء) جامعة السوربون في باريس 1986. 9- أبولودور الدمشقي - وزارة الثقافة- دمشق 1990. 10- جامع المنحوتات التدمرية بالفرنسية بالاشتراك مع آنا سادورسكا طبع في روما عام 1994ونال جائزة أوروبا للآثار للعام المذكور. 11- المدخل إلى عالم الكتابات القديمة. 12- علم الآثار والتنفيذ الأثري والكتابات الأثرية ( أمال لدبلوم الآثار بجامعة دمشق) - له ما ينوف عن مائة بحث أثري أو تاريخي بالعربية والفرنسية والانكليزية في المجلات المختصة وبعض الموسوعات وفي وقائع الندوات العلمية والمؤتمرات . 13- أعمال التنقيب الأثري في رأس ابن هاني- أعد بالمشاركة - بيروت( 1988). |
|
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
18-نيسان-2020 | |
27-نيسان-2019 | |
02-شباط-2019 | |
26-كانون الثاني-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |