أفكار سوبر إبداعية من وحي الأزمة المالية
2008-11-08
يتلخص جوهر الأزمة المالية العالمية الحالية بتخلي الأنظمة الرأسمالية الليبرالية عن قواعدها الأساسية المتمثلة بحرية السوق وقدسية رأس المال وتحريم تدخل الدولة, والعودة بالتالي إلى القواعد القديمة التي لطالما وصفت بالمهترئة والخشبية من قبل دعاة الليبرالية وعتاة الرأسمالية, والتي تقضي بحتمية تدخل الدولة إشرافاً ومراقبة ومعالجة وإصلاحاً وإنقاذاً, كما بات واضحاً للجميع.
سنلتقط مما سبق فكرة "العودة إلى القواعد القديمة" ونحاول تطبيقها على مجمل التجليات الإبداعية للحداثة ولما بعد الحداثة التي واكبت ورافقت مرحلة الرأسمالية والليبرالية والنيوليبرالية, دون أن ننسى طبعاً العولمة أم الجميع!.
لنبدأ بالشعر الحديث الذي حاول بكافة أشكاله وأنواعه وطرق كتابته وطباعته ووسائل نشره وتلاوته أن يقطع تماماً مع القواعد القديمة للشعر ويحرم العمل بها والأخذ بمضامينها معتبراً أنها لا تلائم العصر ولا تتماشى مع روحه. فإذا طبقنا عليه فكرة العودة إلى القواعد القديمة المذكورة أعلاه, وهذا ممكن باعتبار أنه ليس بشكل من الأشكال بل بأكثر من شكل إلا أحد تجليات الليبرالية والنيوليبرالية التي عادت أدراجها وانكفأت إلى القواعد القديمة, لكانت النتيجة العودة بالشعر إلى منابعه الأولى وقواعده الأصلية من أوزان وأنغام وبحور وعروض وقوافي ومحسنات بديعية, ولارتاحت إذن أعيننا وآذاننا من قراءة وسماع هذه الأكوام المكدسة التي تسمى "شعر حديث" مع أن معظمها ـ ولا نقول كلها ـ تفتقر إلى الشعر.. الشعر!.
فإذا انتقلنا إلى الفن الحديث الذي يقوم على تجاوز قواعد الفن القديمة والأصيلة واستبدالها بقواعد أو بلا قواعد لا يفهمها إلا القلة القليلة من الناس, كان لزاماً على الفنانين والفنانات أن يعودوا بالفن إلى قواعده الأصلية السهلة المريحة المفهومة المؤثرة المعبرة, وأن يريحوا أعيننا من تأمل ما تجود به قرائحهم من لوحات معقدة ملغزة تجريدية وتكعيبية وترميزية وتربيعية وانطباعية وسوريالية ودادائية وفراغية ومثلثاتية و.. و...
أما ثالثة الأثافي وخاتمتها فهي النقد الأدبي والفني الذي أصبحت له بالتزامن مع المرحلة الرأسمالية والليبرالية والعولمية مدارس لا تمت قواعدها بصلة لقواعد المدارس النقدية القديمة, بل هي تعتمد على نظريات ولا نظريات حداثوية وما بعد حداثوية, بنيوية وسردية وتفكيكية وتركيبية وعلم نفسية ونصية وخارج نصية وداخل نصية وهامشية وأرضية وفضائية... واللـه أعلم ماذا بعد.. فليريحونا منها جميعاً وعلى الأخص من مصطلحاتهم العجائبية الغرائبية التي نصفها بالعربية ونصفها الآخر بالانكليزية أو باللاتينية, وليعودوا بالنقد إلى قواعده السهلة الممتنعة السلسة الممتعة الواضحة التي تغني النص أو اللوحة وتضيف إليهما, ولا تزيدهما غموضاً على غموض على غموض.
رجاء يا سادة أريحونا من كل هذا الغموض الذي جاءت به مرحلة الليبرالية الآفلة والذاهبة كما يبدو إلى غير رجعة إن شاء اللـه, فليذهب معها الغموض إذن إلى غير رجعة ولترتفع وإلى الأبد راية واحدة هي راية الوضوح والصدق والشفافية.
تعيش الشفافية.
08-أيار-2021
27-تشرين الثاني-2011 | |
09-تشرين الأول-2011 | |
24-أيلول-2011 | |
19-آب-2011 | |
03-آب-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |