مصادر التشريع الإسلامي في زمن محمد ج 4 ـ مؤلف مجهول
2007-07-31
بحث في الموروث التشريعي للجزيرة العربية قبل الإسلام
وعلاقته بتشكيل الثقافة التشريعية العربية
هل طبق النبي حد الردة :
يتفق جميع المؤيدينلتطبيق حد الردة على أن هذا الحد لم يرد في القرآن? ولكنهم يقولون إنهذا الحد ثابت بالسنة النبوية?
وقد رأينا مدى ثبات هذا الحد في السنة القولية. ولكن هل ثبت عن النبي أنه طبق هذا الحد? وهل هناك أية إشارة إلى أن النبي عاقب شخصاً ما بتهمة الردة?
إن أشهر وأوضح الأحاديث في هذا الشأن هو مارواه مسلم عن جابر قال: إن أعرابياً بايع رسول الله? فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فأُتي النبي فقال: يا محمد أقلني من بيعتي? فأبى رسول الله. ثم جاءه فقال: أقلني من بيعتي? فأبى. ثم جاءه فقال: أقلني من بيعتي فأبى فخرج الأعرابي فقال رسول الله: إنما المدينة كالكير تنفي خبثها? وينصع طيبها وفي رواية البخاري
فبايعه على الإسلام (صحيح مسلم? كتاب الحج? باب المدينة تنفي خبثها? ج 3 ص 530? البخاري? كتاب الحج? باب حرم المدينة? ج 3 ص 29).
فهذه الحالة حالة ردة ظاهرة ورغم ذلك لم يعاقبالنبي هذا الإعرابي بأية عقوبة? وهناك حالات أكثر وضوحاً بشأن الردة منها ما يرويهالقرطبي في تفسير آية الأنعام و من أظلم ممن افترى على الله كذباً? أو قال أُوحىإليَّ ولم يوح إليه شيءٌ قال: المراد عبد الله بن أبي سرح ? الذي كان يكتب الوحيلرسول الله ? ثم ارتد ولحق بالمشركين . وسبب ذلك فيما ذكر المفسرون أنه لما نزلتالآية التي في المؤمنون : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْطِينٍ (المؤمنون 23:12) دعاه النبي فأملاها عليه? فلما انتهى إلى قوله: ثم أنشأناهخلقاً آخر عَجِب عبد الله في تفصيل خلق الإنسان فقال: تبارك الله أحسن الخالقين . فقال رسول الله: كذا أُنزلت عليّ فشك عبد الله حينئذ وقال: لئن كان محمد صادقاً ? لقد أوحي إليّ كما أوحي إليه ? ولئن كان كاذباً لقد قلت كما قال . فارتد عن الإسلامولحق بالمشركين ... فلما دخل رسول الله مكة أمر بقتله وقتل عبد الله بن خَطَل? ومِقْيس بن صُبابة ولو وُجدوا تحت أستار الكعبة? ففر عبد الله بن أبي سرح إلى عثمان - وكان أخاه من الرضاعة? أرضعت أمه عثمان - فغيبه عثمان حتى أتى به رسول الله بعدما اطمأن أهل مكة فاستأمنه له? فصمت رسول الله طويلاً ثم قال: نعم . فلما انصرفعثمان قال رسول الله: ما صَمَتُّ إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه . فقال رجل منالأنصار: فهلاّ أومأتَ اليّ يا رسول الله? فقال: إن النبي لا ينبغي أن تكون لهخائنة الأعين (تفسير القرطبي? ج 7 ص 27?28). هذه حالة أخرى من حالات الردة الواضحةوالتي لم يعاقب فيها النبي بشيءٍ ? ولو كان هناك حد للردة لما تراجع النبي عنتنفيذه وهو القائل لأسامة بن زيد حِبه وابن حِبه حينما أتاه يستشفع في امرأة سرقتفي غزوة الفتح أتُكلمني في حدٍّ من حدود الله (صحيح البخاري? 5:192). فهل من الممكنبعد كل هذا أن نقول: إن الردة حد شرعي يجب أن يطبق? والقرآن يقول وَمَنْ شَاءَفَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ (الكهف 18:29). أَفَأَنْتَ تُكْرِهُالنَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ( يونس 10:99).
لقد أطلنا الحديثحول حد الردة لنبين موقفين مختلفين? أولهما موقف الإسلام الذي أرسى قواعد الحرية فيوقت كان فيه العالم يئن من وطأة الاستبداد? ففي الفترة التي كان يقام فيها مجمعالقسطنطينية 870 والذي حُرِم فيه فوتيوس لهرطقته? ابتداعه في الدين? كان ابن الخياطيكتب الانتصار في الرد على ابن الراوندي? الذي لا يجادل إثنان في ردته وإلحاده. ولعل القارئ يتعجب إذا عرف أن في نفس الفترة تقريباً? التي كان يحيا فيها ابنالراوندي المتوفى 910 م ? مؤلف فضيحة المعتزلة وكتاب الفرند الذي يطعن فيه في شخصالنبي? كان يحيا الإمام البخاري المتوفى 870 م ? والإمام مسلم المتوفى 875 م ? والطبري المتوفى 923 م ? وابن الخياط المتوفى 923 م . ومع ذلك لم يقرر واحد منهم أنيتربص به ويقتله. لقد كان هؤلاء يعرفون جيداً ما معنى الحوار? فالفكر لا يقاوم إلابالفكر? وليس بإلقاء أحكام التكفير على المخالفين. أما الموقف الثاني فهو موقفالمتفقهين الذين لم يقدموا للعالم من الإسلام إلا رأيهم وفكرهم? وأحكامهم بالكفرعلى من يختلف معهم? فأصبح الإسلام - بفضلهم - مرادفاً لحياة الجزيرة العربية منذأربعة عشر قرناً? وأصبح جُل همهم هو التفتيش في عقول البشر للحكم بإيمانهم أوكفرهم.
حد شرب الخمر :
لم يقرر الإسلام في بادئ الأمر أي إثمٍ علىالخمر ? لا قرآنياً ولا نبوياً ? بل تم ذلك بتدرج مرحلي? بدأ بقول القرآن : وَمِنْثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاًحَسَناً (النحل 16:67). ثم قال: يسألونك عن الخمر والميسر? قل فيهما إثمٌ كبيرٌومنافع للناس? وإثمهما أكبر من نفعهما (البقرة 2:219). ثم بعد ذلك قال: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّىتَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ (النساء 4:43). وأخيراً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواإِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْعَمَلِ الشَّيْطَانِ فَا جْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ( المائدة 5:90). هذاما ورد بشأن الخمر في القرآن الكريم? أما في السنة النبوية فلم يرد عن النبي أنهحدد أية عقوبة لشارب الخمر من الممكن أن تُسمى حداً? لكنه كان يضرب شارب الخمربالجريد والنعال (البخاري 8:196) . ولعل أوضح دليل على عدم تقرير النبي لحد شربالخمر هو ما قاله علي بن أبي طالب : ما كُنت لأقيم حدّاً على أحدٍ فيموت فأجد فينفسي? إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته - أي دفعت ديته - وذلك أن رسول الله لميَسُنهُ (البخاري 8:197). فكما نرى لم يكن هناك ما يعرف بحد شرب الخمر في أيامالنبي? بل كان النبي يأمر بشارب الخمر أن يُضرب بالأيدي والجريد والنعال? واستمرهذا الوضع في إمارة الصدّيق وصدر إمارة عمر? وفي آخر عهد عمر أمر بالجلد أربعين? وظل على ذلك إلى أن عتوا وفسقوا فجلد ثمانين (البخاري? 8:197). وأصل ذلك كما يرويهالإمام مالك فيقول : إن عمر استشار في الخمر يشربها الرجل? فقال له علي بن أبيطالب: نرى أن تجلده ثمانين ? فإنه إذا شرب سكر ? وإذا سكر هذى ? وإذا هذى افترى? وحد المفتري ثمانين فجلد عمر في الخمر ثمانين (الموطأ? مالك بن أنس? 526).
تساؤلات حول الخمر :
اختلف الفقهاء فيما إذا كانت هناك عقوبة محددةشرعاً للخمر أم لا ? فالقرآن لم يتضمن أية عقوبة? كما أن النبي لم يأمر بحدٍّ واضح? وإنما ضرب بالأيدي والجريد والنعال والثياب? بل أحياناً لم يعاقب النبي شارب الخمرمطلقاً مثل ما رواه ابن عباس من أن رجلاً شرب? فسكر? فلُقي يميل في الفج. فانطلق بهإلى رسول الله? فلما حاذى دار العباس? انفلت فدخل على العباس فالتجأ اليه? فذُكرذلك للنبي? فضحك وقال: أفعلها? ولم يأمر فيه بشئٍ.
أثار المستشار العشماويعدة تساؤلات حول الخمر وهي:
- هل الخمر محرمة أم مأمور باجتنابها?
والفرق بين التحريم والاجتناب? ومجال النصوص السابقة - في الخمر - مع مجالالآية قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍيَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَخِنْزِيرٍ (الأنعام 6:145).
2 - ما هي الخمر في مقصود النص?
فإنجمهور الفقهاء يرى أن الخمر لغة هي ما خامر العقل فخمره? أي ستره? وبذلك تكون الخمركل ما يحجب العقل ويستره. وروي في ذلك عن النبي كل مسكر حرام أي كل ما خامر العقلوسيره فهو حرام. ويرى رأي آخر أن الخمر لا تطلق إلا على النييء من ماء العنب إذاغلا واشتد وقذف بالزيد? وإن الخمر الواردة في الآية القرآنية هو هذا النوع لا غير. أما ما عداه فإنه لا يعتبر خمراً? ولكنه إن أسكر يستحق عقوبة الخمر قياساً عليها? أي أنه ليس مما يؤمر باجتنابه لذاته ولكن لما يأدي إليه من إسكار. وأضاف هذا الرأيأن ثمة أنبذة تؤخذ من المطعومات الحلال التي لم تكن معتادة للإسكار عند العرب وليسمن شأنها الإسكار ابتداء? مثل: نبيذ الحنطة والشعير والذرة والعسل والتين وقصبالسكر? وهذه - في تقدير الرأي - لا حدّ فيها? لأن الأصل فيها الحل? والسكر طارئعليها? فلا عبرة بالطارئ وإنما العبرة بالأصل وحده (أصول الشريعة? العشماوي? ص 106). وهذا الرأي الذي ذكره العشماوي له مؤيدين آخرين من الفقهاء فقد ذكر ابن عبدربه رأي بعضهم في الخمر فقال: إنما حرمت الخمر بعينها? خمر العنب خاصة? بالكتاب? وهي معقولة ومفهومة لايمتري فيها أحد من المسلمين? وإنما حرمها الله تعبداً? لالعلة الإسكار كما ذكرتم? ولا لأنها رجس كما زعمتم? ولو كان ذلك لما أحلها للأنبياءالمتقدمين? والأمم السالفين? ولا شربها نوح بعد خروجه من السفينة? ولا عيسى ليلةرُفع? ولا شربها أصحاب محمد في صدر الإسلام (العقد الفريد? 8:72).
الفصل الرابع
الشورى والخلافة :
إستهلال :
القارئ للتاريخ العربي قبلالإسلام لابد وأن يلاحظ تلك البدايات الأولى للشورى التي نشأت على يد كعب بن لؤي جدالنبي البعيد? فكعب - كما تذكر كتب التاريخ الإسلامي - هو أول من جمع العرب في يومالجمعة وكان يسمى قبله العروبة ? ولم يكن هذا الإجتماع في يوم الجمعة يحمل الكثيرمن مواصفات الحكومة القبلية? ولكنه كان تتويجاً لما صنعه قُصَي - جد كعب - من قبل ? فيذكر البغدادي ما كان من أمر مجتمعات قريش وأنهم ما كانوا يفعلون شيئاً في سلم أوحرب إلا بعد أن يجتمع أهل الحل والعقد في محل مخصوص ? وما يستقر عليه رأيهم يُعملبه ولا يستطيع أحد التخلف عنه? وقد كان أكثر اجتماعهم في دارقُصَي بن كلاب - دارالندوة - فما يتزوج رجل أو امرأة من قريش? ولا يتشاورون في أمر نزل بهم? ولا يعقدونلواء حرب إلا فيها (بلوغ الأرب? البغدادي 1:272). ونتيجة للمقدمات كانت نهايةالأمر? فقد حدثت بضعة مواقف قبل بعث النبي بفترة وجيزة تبلورت فيها صورة الحكومةالعربية المركزية كما لم تتبلور من قبل. وأول هذه المواقف هو ما يرويه ابن هشام منأن قُصَي لما كبر ورقّ عظمه? وكان عبد الدار بكره? وكان عبد مناف وعبد العُزى وعبدشمس قد شرفوا في زمن أبيهم? قال قُصَي لعبد الدار : اما والله يا بُني لألحقنكبالقوم? وإن كانوا قد شرفوا عليك : لا يدخل رجل منهم الكعبة? حتى تكون أنت تفتحهاله? ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك? ولايشرب بمكة إلا من سقيانك? ولايأكل أحد من أهل الموسم طعاماً إلا من طعامك? ولا تقطع قريش أمراً من أمورها إلا فيدارك? فأعطاه دار الندوة? التي لا تقضي قريش أمراً من أمورها إلا فيها? وأعطاهالحجابة واللواء والسقاية والرفادة ... ثم ان قُصَي بن كلاب هلك فأقام أمره في قومهوفي غيرهم ... ثم أن بني عبد مناف بن قُصَي : عبد شمس وهاشماً والمطلب ونوفلاًأجمعوا على أن يأخذوا من أيدي بني عبد الدار بن قُصَي ما كان لهم من السقايةوالرفادة والحجابة واللواء? ورأوا أنهم أولى بذلك منهم لشرفهم عليهم وفضلهم فيقومهم فتفرقت عند ذلك قريش? فكانت طائفة مع بني عبد مناف على رأيهم? يرون أنهم أحقبه من بني عبد الدار لمكانهم في قومهم? وكانت طائفة مع بني عبد الدار? يرون أنلايُنزع منهم ما كان قُصَي جعله إليهم ? وعقدت كل طائفة حلفاً على ألا يتخاذلوا? ولا يُسلم بعضهم بعضاً? فكان حلف المطيبين يضم بني عبد مناف وأحلافهم? وحلف الأحلافيضم بني عبد الدار وأحلافهم? وعُبئت القبائل لبعضها ثم قالوا : لتفنِ كل قبيلة منأُسند اليها . وكان من الممكن أن تكون هذه بداية لحرب ضروس لا تُبقي ولا تذر? فالقوم قد جمعوا لها وتكفلت كل قبيلة بأن تفني من أمامها من الحلف الأخر? إن الموقف - حتى هذه اللحظة - يعيد للأذهان صورة داحس والغبراء? وإن كان أكثر عنفاً? فالحربهذه المرّة لها سبب قوي - حُكم مكة - والمتحاربون هم سادة مكة - بنو قُصَي بن كلاب - لقد كانت الحرب الوشيكة الوقوع كافية لإنهاء حلم قُصَي بالإمبراطورية العربية? لكن إرادة آخرى فوق إرادة الجميع لم تشأ لهذه الحرب أن تندلع? فيقول ابن هشام: فبينما الناس على ذلك قد جمعوا للحرب إذ تداعوا إلى الصلح? على أن يعطوا بني عبدمناف السقاية والرفادة? وتكون الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار كما كانت? وتحاجز الناس عن الحرب? وثبت كل قوم مع من حالفوا. فلم يزالوا على ذلك حتى جاءالإسلام? فقال رسول الله: ما كان من حلف في الجاهلية? فإن الإسلام لم يزده إلا شدة (السيرة النبوية? بن هشام? 1:92 وما بعدها).
كانت هذه أول خطوة صحيحة على طريقالإمبراطورية العربية? فبني عبد مناف قد أدركوا استحالة انتزاع كل المآثر من أيديبني عبد الدار? والآخرون أدركوا استحالة الحفاظ عليها دون إراقة الكثير من الدماء? وما هي إلا فترة وجيزة حتى كان بنو عبد مناف يضعون أيديهم على دار الندوة - بصورةأو بأخرى - وبذلك لم يبق لبني عبد الدار شئ سوى وظيفتين شرفيتين وهما : الحجابةواللواء.
أما الموقف الثاني فهو حلف الفضول? وكان أول من دعا له هو الزبيربن عبد المطلب? وسبب ذلك كما يذكر ابن كثير أن رجلاً من زَبيد قدم مكة ببضاعةفاشتراها منه العاص بن وائل فحبس عنه حقه? فاستعدى عليه الزبيدي الأحلاف? عبد الدارومخزوم وجمح وسهم وعدي بن كعب? فأبوا أن يعينوا على العاص بن وائل وانتهرواالزبيدي? فلما رأى الشر أَوفى على أبي قُبيس? جبل بمكة? عند طلوع الشمس? وقريش فيأنديتهم حول الكعبة? فنادى بأعلى صوته :
يا آل فهر لمظلوم بضاعته -- 2ببطنمكة نائي الدار والنفر
ومحرم أشعث لم يقض عُمرته -- ياللرجال وبين الحِجروالحَجر
إن الحرام لمن تمَّت كرامته -- ولا حرام لثوب الفاجر الغَدِر
فقام الزبير بن عبد المطلب وقال : ما لهذا مَتْرك. فاجتمعت هاشم وزهرة وتيمبن مُرَّة في دار عبد الله بن جُدعان فصنع لهم طعاماً? وتحالفوا في ذي القعدة فيشهر حرام? فتعاقدوا وتعاهدوا بالله ليكوننّ يداً واحدةً مع المظلوم على الظالم حتىيؤدّى إليه حقه ما بل بحرٌ صوفةً? وما رسى ثبيرٌ وحراء مكانهما? وعلى التآسي فيالمعاش. فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول? وقالوا : لقد دخل هؤلاء في فضل من الأمر. ثم مشوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه سلعة الزبيدي فدفعوها إليه (السيرةالنبوية? ابن كثير? 1:259). وقد حضر النبي هذا الحلف فيه يقول ما أحب أن لي بحلفحضرته بدار عبد الله بن جدعان حُمر النَّعم وأنّى أغدر به? هاشم وزُهرة وتيمتحالفوا مع المظلوم ما بل بحر صوفةً? ولو دُعيت به لأجبت وهو حلف الفضول (طبقات ابنسعد? 1:129)? صوف البحر هو: شيء على شكل الصوف الحيواني? وواحدته صوفة? اللسان صوف ).
لقد كان هذان الموقفان من أهم المواقف التي توضح مراحل نمو الدولةالوليدة? فالتنازع بين بني عبد الدار وبني عبد مناف? هو نزاع حول سيادة مكة وحكمها? والحلفان اللذان عقدا يؤكدان قوة بني عبد مناف? فقد استطاعوا انتزاع أهم السلطاتالفعلية من إخوتهم والسير بالأمر في الطريق الذي يريدونه. وقد استطاع هاشم بن عبدمناف استثمار هذه الأحلاف في صالح بنيه? فما هي إلا سنوات حتى وضع يديه على دارالندوة مقر الحكومة? وإن بقيت ملكيتها لبني عبد الدار? وتمكن فيما بعد من عقد عدةاتفاقيات مع القبائل التي تقع في طرق التجارة بين مكة والشام? وبهذه الاتفاقياتمكّن أهل مكة من الذهاب إلى الشام واليمن للتجارة? ولم يقتصر الأمر على التجارة فقطبل تعداها إلى حدوث حالة من المزج الثقافي بين ما كان شائعاً في الشام وما كانموجوداً في الجزيرة? فبعد هذه الرحلات أصبحمن الطبيعي ظهور جماعة الحنفاء - أوبالأحرى تأكيد وجودها - وارتفاع صوت المنكرين لعبادة الأوثان والذبح لها? وأصبح منالطبيعي أن تتردد مجموعة من المصطلحات الغير عربية الأصل والتي تتعلق بكنه ونظامالعبادة في اليمن والشام حتى لُقب عثمان بن الحويرث بالبطريق. وكنتيجة طبيعيةلازدهار التجارة ازدهرت الحركة الثقافية وأصبح سوق عُكاظ يمثل أكثر من مجرد منتدىتتفاخر فيه العرب بمآثر الآباء? بل صار أشبه بمنتدى لعرض الأفكار المختلفة والدعوةإليها. ويأتي الموقف الثاني الذي نرى أنه محاولة من سادة القبائل في قريش لإرساءشكل من أشكال الحكومة البدائية التي تحاول الأخذ بيد المظلوم وإقامة العدل.
لقدكان أهل مكة على الطريق الصحيح لتشكيل حكومة قوية? وهو ما حدث فيما بعد على يدالنبي محمد بن عبد الله? فقد بدأ قُصي بأهم جانب وهو جمع أهل مكة في مكان واحد وهذاأدى إلى شعورهم بالاستقرار لأول مرّة في تاريخهم الطويل? ثم بعد ذلك تبعه حفيدههاشم بإرساء شبكة من العلاقات مع القبائل والدول المجاورة لتمكينهم من تحسينأوضاعهم الاقتصادية.
فكل هذه المواقف كانت تمهد بشكل أو بآخر لقيامالإمبراطورية العربية? ولكن كان هناك مانعاً قوياً بالنسبة للمكيين? وهو رأي العربفي أنهم قوم لقاح لا يدينون لملك? ولذلك كان من المستحيل على أي شخص أن ينفردبحكومة مكة? اللهم إلا إذا كانت هذه الحكومة آتية بأمر من لا يملك القوم رداًلأمره? ولعل ما يؤيد ما ذهبتُ إليه قول النبي لعمه عبد المطلب يا عم? إني أريدهمعلى كلمة واحدة يقولونها? تدين لهم بها العرب? وتؤدي إليهم بها العجم الجزية (تاريخالطبري? 2:325).
وبالفعل دانت لقريش العرب بهذه الكلمة? وتحولت قريش منقبيلة ضمن قبائل العرب إلى حكام للجزيرة العربية كلها? وعرفت الجزيرة نظام الحكومة? وإن كانت غير محددة الملامح? المستقرة القادرة على هزيمة الفرس والروم وإخضاع أجزاءكثيرة من المملكتين لسلطانها في فترة وجيزة? واستقر نظام الخلافة في الجزيرة منذوفاة النبي وحتى نهاية عصر الراشدين? وعرفت الجزيرة معنى الشورى كما لم تعرفه منقبل. ولكي تتضح الأمور لابد لنا من الإجابة على سؤال يحتاج منا إلى محاولة للإجابةعليه? وهو هل كان نظام الخلافة والشورى في الإسلام نتيجة لنصوص مقدسة? أم إنه كانمجرد نتيجة للموروث الثقافي للمسلمين في صدر الإسلام? إن الواقع التاريخي يؤكد أنهليس هناك شكل محدد للحكومة الإسلامية بدءاً من أبي بكر الصديق وحتى نهاية الدولةالعثمانية. بالإضافة إلى أن النصوص الواردة بشأن الخلافة? والتي تُنسب للنبي لاتُوضح الأمر? بل على العكس تزيده إبهاماً.
أما من حيث الواقع التاريخي فلميكن هناك شكل أو مفهوم محدد للخلافة? فتولية أبي بكر تمت من خلال بيعة مباشرة فيسقيفة بني ساعدة. وقد روى عمر بن الخطاب ملابسات هذه البيعة فقال: قد بلغني أنفلاناً منكم يقول: لو مات عمر بايعت فلاناً فلا يغترن امرؤ أن يقول: إن بيعة أبيبكر كانت فلتة وتمَّت? ألا وإنها قد كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها? وليس فيكماليوم من تُقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر? وإنه كان من خيرنا حين تُوفى رسول الله? وإن علياً والزبير ومَنْ معهما تخلَّفوا في بيت فاطمة? وتخلّفت الأنصار عنّابأجمعها في سقيفة بني ساعدة? واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت له : يا أبا بكر? انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار . فانطلقنا نؤمّهم حيث لقينا رجلان صالحان فذكرالنا الذي صنع القوم? فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين? قلت: نريد إخواننا منالأنصار فقالا: عليكم ألا تقربوهم? واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين فقلت: واللهلنأتينَّهم فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة? فإذا هم مجتمعون? وإذا بينظهرانيهم رجل مُزَّمِّل فقلت: من هذا? قالوا: سعد بن عبادة فقلت: ما له? قالوا: وَجِع فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله? وقال: أما بعد? فنحنأنصار الله وكتيبة الإسلام? وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا? وقد دفَّتْ دافة منكمتريدون أن تختزلونا من أصلنا وتحضنونا من الأمر - أي الخلافة - فلما سَكَت أردت أنأتكلم وقد كنت قد زَوَّرْتُ مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر? وقد كنتأداري منه بعض الحد? وهو كان أحلم مني وأوقر? فقال أبو بكر: على رِسْلِكَ فكرهت أنأغضبه? وكان أعلم مني? والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلاّ قال في بداهتهمثلها وأفضل منها حتى سكت? فقال: أما بعد فما ذكرتم فيكم من خير فأنتم أهله? ولمتعرف هذا الأمر إلا هذا الحي من قريش? هم أوسط العرب نسباً وداراً? وقد رضيت لكمأحد هذين الرجلين? فبايعوا أيهما شئتم . فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح? وهوجالس بيننا? فلم أكره مما قال غيرها? وكان والله أن أقَدَّمَ فتتضرب عنقي لا يقربنيذلك أحبُّ إلي من أن أتأمر على قومٍ فيهم أبو بكر. فقال قائل من الأنصار: أناجُذيلها المحكَّك وعُذيقها المرجب? ( أي قد جَرَّبَتني الأمور ولي رأيٌ وعلمٌيُشتفىبهما? اللسان? جذل) منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش . وكثر اللغط? وارتفعتالأصوات? حتى خشيت الاختلاف? فقلت: أبسط يدك يا أبا بكر فبسط يده? فبايعته وبايعهالمهاجرون? ثم بايعه الأنصار? أما والله ما وجدنا فيما حضرنا أمراً هو أوفق منمبايعة أبي بكر? خشينا إن فارقنا القوم? ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة? فإماأن نبايعهم على ما لا نرضى? وإما أن نخالفهم فيكون فيه فساد (تاريخ الخلفاء? السيوطي? 78? 79).
هذا الحديث من أطول وأوضح الأحاديث التي وردت في مسألةالخلافة? وقد رويته كاملاً? مع طوله? لعدة أسباب منها:
1 - ورود هذا الحديثفي صحيحي البخاري ومسلم? وهما أصح كتب الحديث بإجماع العلماء.
2 - راويالحديث: هو عمر بن الخطاب? ثاني الخلفاء? وهو الذي قال فيه النبي: بينما أنا نائمأُتيت بقدح لبن? فشربت حتى أنِّي لأرى الرَّيَّ يخرج من أظفاري. ثم أعطيت فضلي عمربن الخطاب قالوا: فما أوَّلته يا رسول الله? قال: العلم (اللؤلؤ والمرجان 3:126).
3 - وقت رواية هذا الحديث: هو يوم موت النبي وهو مُسجى في البيت لم يدفنبعد.
4 - موضوع الحديث: هو مبايعة أول حاكم للمسلمين بعد موت النبي بمايحويه ذلك من أهمية كبيرة للدولة الوليدة.
5 - المتواجدون: في هذا الموقفهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وغيرهم من كبار المهاجرين? وسعد بن عبادة وغيره من كبارالأنصار.
6 - الغائبون عن هذا الحدث: الزبير بن العوام حواري الرسول وعليبن أبي طالب باب مدينة العلم وغيرهم من كبار الصحابة.
7 - النتيجة: مبايعةأبي بكر الصديق.
من المؤكد أن كل هذه الأحداث تستحق التأمل الشديد? ولكنأهم ما في الأمر هو نص هذا الحديث ذاته? فهذا النص? لوضوحه الشديد? أثار عدةتساؤلات عند المستشار سعيد العشماوي فيقول: لم يحدث في الجدل الذي حدث في سقيفة بنيساعدة بين المهاجرين والأنصار? أن لجأوا إلى آيات من القرآن الكريم أو الحديثالنبوي بشأن الأمر? أو الحكم? وإنما كان الجدال بينهم يدور حول الأمر وهو اللفظالذي يعني سياسة أمور الناس? ولا يتعلق بشؤون الدين. وكان الاقتراح المقدم من أحدالأنصار أن يكون منهم أمير? رئيس مدني? ومن المهاجرين أمير? رئيس مدني آخر. وهونظام يشبه? أو يستعير? نظام تعيين قنصلين في روما? في بعض الفترات? وا قترح أبو بكرأن يكون من قريش الأمراء? ومن الأنصار الوزراء. فالصراع كان يدور حول الأمر? وعمنيكون الأمير? ولم يتعرض أحد أبداً بكلمة واحدة للدين أو الشريعة. وخلال الصراعالحاد? وتلك الفترة الحرجة? لم يحتج أحد من المهاجرين بحديث الأئمة من قريش ? وهوالحديث الذي صار بعد ذلك من أسس الفكر الإسلامي وأحد عمد فقه الخلافة الإسلامية? معأن تلك الفترة الحرجة وذاك الصراع الحاد كانا المناسبة الهامة? وربما الوحيدة? التيكان ينبغي أن يوضع فيها الحديث أمام الناس. فهذا الحديث لو كان ظهر آنذاك? لكان قدحسم الخلاف من أصله وأنهاه قبل أن يبدأ? ولم يجعل من خلافة أبي بكر فلتة (الخلافةالإسلامية? المستشار العشماوي? ص96).
أحاديث الخلافة :
إن أغرب ما فيموضوع الخلافة? في ظل وجود حادث السقيفة? هو وجود عدة أحاديث في هذا الموضوع جُعلتعماد ما يُسمى بفقه الخلافة? وهذه الأحاديث إذا نُوقشت تاريخياً (بغض النظر عن درجةصحتها) فسوف تضعنا في موقف صعب? حيث أنه في معظم فترات التاريخ الإسلامي لم يُطبقمن هذه الأحاديث حرفٌ واحدٌ. أما إذا نُقشت من حيث المتن والسند.. فهذا أمرٌ آخر. ولكي تتضح أمامنا الصورة قليلاً? فلنقرأ بعض الأحاديث التي وردت في هذا الشأن.
أول هذه الأحاديث هو ما يرويه البخاري عن محمد بن جبير: أنه بلغ معاوية وهوعنده في وفد من قريش? أن عبد الله بن عمر يُحدث أنه سيكون مَلِكٌ من قحطان? فغضب? معاوية? فقام فأثنى على الله بما هو أهله? ثم قال: أما بعد فإنه بلغني أن رجالاًمنكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله? وأولئك جُهَّالكم? فإياكم والأماني التي تُضل أهلها? فإني سمعت رسول الله يقول: إن هذا الأمر في قريشلا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين . ويروي البخاري هذا الحديثبصيغة أخرى عن ابن عمر? لاحظ أن ابن عمر هو من اعترض عليه معاوية في الحديث السابق? لأنه يقول بإمارة غير القرشي? قال: قال رسول الله: لا يزال الأمر في قريش ما بقيمنهم اثنان (البخاري? 9:78). واضح أنه ليس من السهل تفسير الحديث السابق في ظل وجودحادث السقيفة? وهل كل من كانوا في السقيفة وقتها يجهلون هذا الحديث وهم من هم? ثمكيف تتفق محاولة أبي بكر أخذ البيعة لعمر أو لأبي عبيدة مع وجود حديث عن عائشة تقولفيه: قال لي رسول الله فيمرضه: ادعي لي أبا بكر أباك? وأخاك? حتى أكتب كتاباً? فإني أخاف أن يتمنَّى متمنٍّ ويقول أنا أولى? ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر (مسلم? بشرح النووي? 5:248). ثم إذا كانت كل هذه الأحاديث التي وردت في خلافة أبيبكر صحيحة? فكيف تتفق مع ما رواه ابن سعد في طبقاته عن فاطمة قالت: لما تُوفى رسولالله قال العباس: يا علي قم حتى أُبايعك ومن حضر? فإن هذا الأمر إذا كان لم يردمثله? والأمر في أيدينا فقال علي: وأحدٌ? يعني يطمع فيه غيرنا? فقال العباس: أظنوالله سيكون! فلما بويع لأبي بكر ورجعوا إلى المسجد? فسمع علي التكبير فقال: ماهذا? فقال العباس: هذا ما دعوتك إليه فأبيت عليّ! فقال علي: أيكون هذا? فقالالعباس: ما رُدّ مثل هذا قط! فقال عمر: قد خرج أبو بكر من عند النبي حين تُفيّوتخلف عنده علي والعباس والزبير? فذلك حين قال العباس هذه المقالة (طبقات ابن سعد? 2:246). فهذا الحديث وعشرات غيره تؤكد أن الخلافة من حق علي دون غيره? كما نذكرمثلاً لاحصراً:
1 - عن جابر قال: قال النبي وهو أخذ بضبع علي? الضبع ما بينالإبط إلى نصف العضد? هذا إمام البررة? قاتل الفجرة? منصور من نصره? مخذول من خذله (المستدرك 3:129).
2 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله لعلي: أنت ولي كلمؤمن بعدي (المراجعات? عبد الحسين الموسوي ـ173),
3 - عن سعد بن أبي وقاصقال: قال رسول الله لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى? إلا أنه لا نبي بعدي (المشكاة? حديث رقم 6078).
4 - عن زيد بن أرقم? أن رسول الله لما نزل بغديرخُمّ أخذ بيد عليِّ فقال: أَلستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم? قالوا: بلى? قال: أَلستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا: بلى? قال: اللهمَّ من كنتمولاه فعلي مولاه? اللهم والِ من والاه? وعادِ من عاداه فلقيه عمر بعد ذلك فقالهنيئاً يا ابن أبي طالب! أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة (المشكاة? حديث رقم 6094).
كل ما سبق من أحاديث? وغيرها كثير? تؤكد أمراً واحداً? هو أن علي أحق الناسبالخلافة بعد النبي. وقد يقول قائل: إن علي إنما ترك الخلافة تواضعاً? فنجيبه بماقاله علي نفسه? وأوردناه سلفاً? في جوابه للعباس وأحدٌ? يعني يطمع فيها غيرنا .
إذن فعلي لم يكن راغباً عن الخلافة? بل كان راغباً فيها? وبالرغم من هذهالرغبة في الخلافة فإنه لم يحتج بأي من هذه الأحاديث لإثبات حقه الذي تركه لهالنبي. ولو افترضنا أنه لم يرد أن يُحدث فتنة بعد بيعة الصديق? فلماذا لم يتكلم بعدموت أبي بكر? أو حتى بعد موت عمر?
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |