Who can catch a hopo من يمسك بالهدهـد وهندسة الفوضي الخلاقة
2008-11-26
استوقفني عنوان ( يا محني ديل العصفورة) للأديب الشربيني المهندس ..
نعم أي عصفور ..؟ ليس عصفور الشرق ولا عصفور النار..
هل هو الحلم المستحيل إذن ..؟
ربما (مصر العاهرة لمحمد مستجاب ) أو مصر المغرور بها للحكيم ..
أو هو هزء من الكاتب الذي عهدنا فيه أنه يهارش ويناغش الأدباء ..
أو هو موروث شعبي ( العصفورة قالت لي ) أيا ما كان فقد أحسن اختيار العنوان كما أحسن اتخاذه (لولية فليفل) كأيقونة مقدسة
توقعت وأنا أفتح الرواية أن تنفلت عصفورة من بين القضبان أقصد السطور ، فإذا الجوارح والعقبان والحداءات تنفر مع فر وكر الصفحات التي كتبها المهندس مازجا هندسة أقليدس في المساقط والأبعاد العمودية والجانبية وذلك بهندسة حديثة هي هندسة الفوضي الخلاقة ويطلق عليها المنصفون اسم القص التفريعي أي تماهي السرد ما بين الهنا وهناك في قوام رجراج والخروج من كذا الي كذا وهي خاصية عربية صرفة فهي في (الف ليلة وليلة) ولدي مارسيل بروست في (البحث عن الزمن الضائع) وعند الغيطاني في (نثار المحبر)
يحمل الشربيني المهندس درجة علمية في النسيج ومصانعه والغيطاني يحمل دبلوم النسج ..الا أن الغيطاني أغرم بنظم الألوان /والعقد شغلته وانسابت في صباغة الكلمات ، ولأنه وعي الدنيا وأمامه مبني المسافر خانة العتيق لذا أغرم بالزخارف والمقرنصات ومنحوتات اللفظ .. وأخذته فضاءات لغوية وتراثية وكأنه ينسج علي منوال سجادة / كان نساجا أقرب منه كسارد / وكمتصوف لغوي أكثر منه حكائي .. لكن الشربيني ( نحن لا نقارن ولا نفاضل ) جاء في الزمن الضاغط .. كتب في زمن الرقع والرقيع .. زمن نسج الفتل وغزل النسائل يا محني ديل العصفورة إبنة العصر ( وفرخ هذا الزمن ) مقطوعة الخيوط لكنها مضفرة عقلا ، مفككة العقد لكنها موصولة فهما ووعيا .. هذا هو الفارق بين نسج ونسج وبين خيط حريري ينسل هاربا من قبضة يدك ، وخيط من خيش وكتان يخربش المشاعر قبل الجلود ويستكين في جوارحك قبل أن يدميها ..
إنه عصر الرواية الآن / مقطوعة بغير وصل / وجيله اتصالي بالنت غالبا وليس تواصليا مع الآخرين حبا وودا وولاء في معظم الأحيان ..
علي حد علمي أنه ومنذ مدت أمريكا وأوروبا مصر بماكينات غزل ونسيج لا تعمل إلا علي أقطان قصيرة التيلة كيدا في القطن طويل التيلة الذي تتباهي به مصر علي العالم والخراب قد حط علي اقتصادنا النسيجي والقطن .. لقد تطاولوا علي بذرة القطن المصري ونتفوا ريشها أو زغبها لتضيع الأصول وتختلف الجذور وتتباين الملامح .. إلا أن الشربيني يزيد بأن الجرح أغور إذ يقارن بين تجارة الخردة والماكينات المكهنة وبين الأدب (المكهن) فهو يعقد ندوة حول عربة فول مدمس..صدقت يامهندس ..
أنها بحق مرثية الاقتصاد والأدب .. تبكينا فنبكي ونتباكي ، فأنت لم تمسك بالعصفور بل بهدهد يعز علي الأكف الامساك به . وقلبت علينا (مقطم الأدب) ودحرجت علينا (سرديات الدويقة ) فأخرجت روايتك ليس بذيل مخضب يداري بالحناء المشيب ، ولكن بألوان تاج الهداهد ..
نحن طرداء الأندلس ..
.. نحن طرداء مراكز الإبداع والإشعاع والإشاعات ..
طرداء مكتبة شيدت لأبناء العم سام وأحفاد دانيال .. من ذا الذي يقيم وزنا للقلم لقد تشتتنا ما بين حفيف في شقة أو جلسة بقهوة .. وبحبحت الحناجر ( بحبح من جذر نبح وليس بح ) ..
هكذا آلت الأمور اقتصاديا وفكريا ما بين التأجير والبيع وتشظي السرد فلم يفرق الشربيني بين مخزن خردة وشلل الأدب نقرع لها طبولا جنائزية وليست احتفالية ، فقرأنا لأقلام مصنوعة وسمعنا لأفواه مدفوعة وصدأت الإبرة وقصف القلم فمن يجلي الصدأ ويبري القلم ..؟
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |