صدر للشاعر اللبناني ناظم السيد الكتاب الشعري الثالث "أرض معزولة بالنوم"، عن دار الكوكب، بيروت، في 64 صفحة من القطع الوسط.
والكتاب هو الثالث بعد مجموعتيه: "برتقالة مقشرة من الداخل"، منشورات الآن، 2002، و"العين الأخيرة"، دار مختارات، 2003، وقد كتبت نصوصه ما بين كانون الثاني 2003، وتشرين الأول 2006.
الكتاب مجموعة نصوص سردية تأملية عالية الشعرية، هي أقرب إلى قصيدة نثر مفتوحة السطر، تحاول أن ترتدي ثوب السيرة الذاتية لروح الشاعر في تماهيها مع اليومي المتخذ شكلاً شبه أزليٍّ، من المواقف الإنسانية الحميمة عالية الحساسية نحو الأب، الأم، النفس الشاعرة، الليل، البحر و الرصيف.
كما يتناول الشاعر في المجموعة جدل الحب بين الشاعر وقلبه، وامرأته التي يريدها حبراً وبحراً، ويسرد قصة البحر الذي كان نائماً على ظهره أمام المدينة يرسل إليها شعره الأبيض، يمر الهواء فوقه فيتمسك به، يخبئ أمّيته بالأزرق ووحدته بالطحالب.
المجموعة الشعرية لناظم السيد، أكثر من كتاب، هي سيرة ذاتية لعجوز لم يبلغ الخامسة والثلاثين بعد، كأنه يقرأ خطوط الرمل في يديه، أو يكتب في العتمة، لليله الذي تهطل رجلاه باتجاه البحر، يدير ظهره للماء ويتأمل اليابسة حين تتفتح أزهار الظلام في البيوت البعيدة والقريبة.
والمجموعة هي مساحةٌ لفضاء يتحدى قلق الحياة، وكآبة المدن المرمية على عجل، ببناياتها التي تكزّ على أسنانها، والزواريب التي تستدرج المارة من أقدامهم، والسيارات المركونة قرب الرصيف بانتظام، كأنها في زحمة سير، وأولئك الذين يخترعون أسباباً واهيةً للمشي أو الحياة، حياة الشاعر، الذي يكتب عن ذاته طفلاً، قصيدة وجود لا يفقه له معنى، يقول في المجموعة :"قفز من المدرسة إلى الحقل. وركض حتى ابتلع الليل قدميه. ورأى جسمه أليفاً كالعشب. ولم يكره البرد حين لسعه. ودعك عينيه في الشمس كأنه يفرك أصابعها. ومشى خلف النمال في خط بطيء. وعندما تمدّد على ظهره ونظر إلى السماء شعر بوجهه فارغاً. وتذكّر كائنات الأم التي لاحقته حتى باب البيت. وأحسَّ بعينيه عميقتين كالإهانة. وهناك تعلّم وأحبَّ وخاف وغفا حتى محا النوم أنفاسه".