في محفة الغياب لن تكون وحيداً
2008-12-15
أخي عايد
كان يجب أن نلتقي في رام الله، كما تواعدنا أكثر من مرة، هناك فيما تبقى من وطن، وفيما تبقى من ثورة وحلم، هناك حيث صحبة زياد خداش وماجد ابو غوش ومهيب ووضاح زقطان واحمد نجم وشيخ الكار حافظ وآثار حسين البرغوثي وخطاه، ومناكفات المتوكل طه وبقية الشلة القابضة على لجام الحلم، وعنان الأمل.
هناك وعدتني أن ننام في أمان الله، وان نرى رام الله ونسهر على مقربة من بيت إيل حيث جنود يهوا المدججين بكراهية الحياة والبشر، نسهر رغم تعثر اوسلو وسوء الفساد الذي بلغ الزبى، نحلم بوطن قد يولد من رحم الكارثة.
وكنت تأتينا إلى عمان محملا بكتب الأصدقاء ونتاجاتهم ومقالاتهم ومجلاتهم وتسرد لنا بأسلوبك العفوي كل قصصهم ونوادرهم ونكاتهم وأنتم تضحكون تحت القصف الهمجي لطيران العدو، أو عن خلافاتكم التي صارت ثقافة فلسطينية معروفة، او عن طموحاتكم وانقسامات العائدين والمقيمين، وعن زيارات المقيمين في الشتات مثل موسى الصرداوي، وبوهيميات مهيب ونخوة زياد، ونومك في مطبعة ماجد أبو غوش حين اختلفت مع الأخوة، وصداقتك مع الحاج اسماعيل، وتنقلك في العمل، وعن حفاوة الريح بك وطيبة التراب هناك.
أيها الذئب الشريد والشارد، القاطع فيافي الزمان، القابض على قلب يحتوي العالم، لم تكن تعرف الكراهية فكنت تحب الناس كما هم وترى المبدعين بعين الانصاف لا تميز بين سلطوي ومنشق او بين فتحاوي وشعباوي ولا بين خليلي وغزاوي، رغم ان حالة الإحتقان وبعض العقليات كانت تريد الغاء الرأي المخالف والمثقف غير المدجن.
أذكر حين كنا نذهب إلى بغداد وكيف كنت تفتح ذراعيك للمثقفين العراقيين وتحاول طباعة منشوراتهم في رام الله وقد فتحت جسورا جميلة معهم وقت الحصار، حيث كنت تنشر لهم في ملحق الحياة الثقافي، وكان لهم جميل علينا لن ننساه كما كنت تقول، أذكر حين كنا نذهب إلى شارع أبي نواس ونجتمع مع خالد أبو خالد، ومحمد القيسي، كيف كنت محط حب الجميع، بفقرك الجميل وطيبتك الاصيلة استحوذت على احترام الجميع وحب الكثيرين.
وكنت تحلم دائما أن نلتقي جميعا في ما تبقى من أمل، وكنت تحمل لعمان ولمثقفيها حبا حقيقيا، لا تعرف التقسيمات ولا التصنيفات وهذه تحسب لك يا ذئب الخليل وإربد وعمان ورام الله وبغداد.
كنت تحلم ان نذهب معا للسموع ودورا ونرى الخليل التي يمزقها المستوطنون كل يوم، وننفخ في جسد الجبال قصائد تنفع للإعتقال واللعنة والطرد، لكنك كنت تدرك ان الطريق طويل، وان الحياة قصيرة فلمَ تضيعها في التشكي والبكاء، رغم ان لديك كل أسبابه، لكنك كنت تهرب دائما للتفاؤل والتسامح، وبقيت ذئبا لم تدجنك الوظيفة، فلم تكن تقبل الضيم وكنت تقول رأيك حتى لو غضب المسؤولون الذين لا يفطنون إلى الأرض التي تجلس عليها كراسيهم ولا إلى الرسالة الحضارية التي نحتاجها قبل بناء دولة او كيان او ما شابه.
يكفيك انك عشت فقيرا ومت أفقر، يكفيك انك لم تهادن ولم تسكت وبقيت حيا سلساً صاحبا لا يعرف الحسد، ولا الغيرة ولا الكراهية تقول رأيك ولا تخشى ان يطردوك من وظيفة لا تشبع ولا تغني من جوع.
كنت ستأتي إلى عمان كنت متلهفا للعودة إلى إربد، ورغم حبك الكبير لرام الله لم تستطع ان تقطع حبلك السري مع إربد وعمان، وكان أن تنقل هذه المرة في سيارة اسعاف الى مشفى البشير قبل ان تضع رأسك في مقبرة مخيم الحصن لتنام روحك في رام الله ونصفك في اربد، وذكراك في عمان، وأحلامك هناك، وفي قلوب محبيك لن تتبدل صورة الذئب المتلهف للحياة.
على رسلك يا صاح
هنا في محفة الغياب لن تكون وحيداً.
[email protected]
08-أيار-2021
22-حزيران-2019 | |
20-أيلول-2018 | |
03-آذار-2018 | |
18-تشرين الثاني-2017 | |
29-تشرين الأول-2016 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |