Alef Logo
المرصد الصحفي
              

المفهوم اللاديني الحديث

عبدالله الشريفي

2009-01-25


أوراق المفاهيم مخلوطة في مجتمعاتنا العربية بين الليبرالية والعلمانية واللادينية، واعتقد كثيرون أن جميعهم ينادي بالفكر ذاته المعارض للوجودية. كما أن الأشخاص أو الرموز المنادية بتلك المفاهيم، تطالب بالخروج من الثوب الديني وكسر القيم والأعراف الاجتماعية المهمة كالفضيلة والنبل والغيرية والشهامة ....الخ.ولعل ما زاد الأمر تعقيدا هو العداء الفكري بين الإسلاميين والليبراليين، والذي بسببه ينسب كل منهم إلى الآخر ما يستطيع من المساوئ، حتى أصبحنا نرى اليوم عالما من الجهالة يصب في عقول شعوب المنطقة، فلا يستطيع رجل الشارع العادي إذّاك أن يميز بين الليبرالي والعلماني واللاديني، فجميعهم في نظره أعداء للمجتمع والدين.

إن الليبرالية السياسية بمفهومها التقليدي هي قصر دور الدولة على الأمن والدفاع والسكينة العامة. أما الليبرالية الحديثة فبالإضافة إلى دور الدولة في الجوانب الثلاثة السابقة، تشترك في اقتطاع جزء من الأرباح الناتجة من عمليات الخصخصة حتى تقوم بدورها في جوانب الأمن والدفاع والاستقرار العام على أكمل وجه. وبذلك يتضح أن رغبة الشخص الليبرالي تنصرف تجاه الاقتصاد الوطني وجعل عجلته تسير بيد الشعب لا بيد الدولة.

أما العلمانية، فهي باختصار قياس مجمل الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على أسس علمية، غير أن هذا الاتجاه الفكري لم يعجب الإسلاميين، إذ يرون فيه خروجا على القواعد الدينية، بخاصة مع وجود النص. لذلك تم كيل الاتهام للعلماني بأنه شخص لا ديني، ينادي بتطبيق القواعد القانونية على حساب القواعد الشرعية. إن إشاعة هذا التصور يلغي احترام مختلف أشكال الطروحات الفكرية للفرد العلماني وسط مجتمعه، الأمر الذي يحدث فجوة اجتماعية بين المجتمع والمفكرين من حملة الفكر الليبرالي أو العلماني، اعتقادا من المتدينين بأن هؤلاء ينادون بفكر يعزل المجتمع عن الدين، لذا سادت، ومنذ عقود، مقولة فصل الدين عن الدولة، وخشية من هذا الطرح يرى كثير من الإسلاميين بضرورة تجنب الإصغاء لأشخاص ليبراليين وعلمانيين.

إن هذا الفريق الأخير يحارب صفا واحدا ضد الفكر اللاديني، والهادف إلى كسر النظام العام للدولة شأنه شأن الفريق الإسلامي، إلا أن هذا الأخير يريد تحقيق مكاسب فئوية على حساب الفريق الآخر المؤمن بالمكاسب الوطنية إيمانه بالقضايا المصيرية، لذا نرى بوضوح لا يمسه شك دفاع الفريق التحرري في القضايا الإسلامية والعربية، في حين نرى الفرق الإسلامية تصنف دفاعها حسب الانتماء الطائفي، فلم نجد كثيرا منها يدافع عن حزب الله مثلا إبان الحرب الإسرائيلية على الجنوب اللبناني في تموز /يوليو من العام 2006م ،

كما أننا لا نرى دفاعها في النزاع الأميركي الإيراني، وكل ذلك بذريعة اختلافنا معهم في المذهب، متناسين أصحاب هذا الفريق أن الجنوب اللبناني هو أرض عربية، وأن الجمهورية الإيرانية هي أرض إسلامية، فلا يجب التنازل هنا صراحة عن أي متر، سواء أكان عربيا أم إسلاميا.

هذا المنطق الأخير هو المنطق الذي ينادي به حملة اللواء الليبرالي والعلماني. فقد أثبتت التجارب العملية ديناميكية الارتقاء الحواري لهذا الفريق، فقد دافع جماعته عن القضايا المصيرية إيمانا منهم بالعروبة وبالإسلام الذي يحترم آدمية البشر من كل الملل والطوائف، كما يحترم الطرح الآخر ولا يجرّح به و لا بحملة لوائه.

إن احترام الفكر الآخر هو ما جعل الليبراليين والعلمانيين يدافعون اليوم عن غزة، على رغم خضوعها للتيار الإسلامي، وهذا ما جعل كثيرين يرون هذا الاتحاد في الطرح على الرغم من نفور بعض رموز التيار الإسلامي من انضمام الليبراليين أو العلمانيين إليهم، إذ يريد الفريق الأول توجيه ضربة جديدة إلى الفريق الثاني بذريعة سكوت هذا الأخير.

أما اليوم، فنحن نعيش خلافا فكريا أزليا بسلبياته في ما يخص شريحة كبيرة من أبناء المجتمع الكويتي، فنجد البعض من المتحررين لا يؤمن بالدفاع عن القضية الفلسطينية، إما كرها بالفريق الإسلامي، أو كرها برموز منظمة التحرير الفلسطينية، كما نجد في الوقت ذاته أنصار الفريق الإسلامي يؤمنون بالقضية الفلسطينية، لكن لا يؤمنون بغير حماس رمزا لها.

هذا الواقع المرير الذي نعانيه، سبّب فتورا داخل فئات الشعب الكويتي، فتارة نجد من يدافع عن القضايا المصيرية، وطورا نجد من يهملها ويزورّ عنها.

إن هذا الموقف الأخير تجاه عروبتنا وأرضنا الإسلامية، أو العربية هو شعور الشخص اللاديني، الذي يحيا لنفسه أو لفئته فقط، فبئس الفئة التي ينتمي إليها وبئس الفكر الذي يحمله.

عن جريدة أوان

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow