بعد عودته من الصين جريدة تشرين تحاور الباحث والمفكر السوري فراس السواح
2009-01-31
الباحث فراس السواح لـ «تشرين».. أؤمن بسلطة العقل الذي يفهم دينامية النص المقدس حق فهمه.. منتدى التعاون الصيني يهدف إلى فتح قنوات اتصال ثقافية مشتركة
عاد الباحث المعروف فراس السواح من بكين بعد مشاركته في فعاليات ندوة الحوار الحضاري التي أقامتها أمانة منتدى التعاون الصيني العربي (الجانب الصيني)، وذلك في أواخر العام الفائت.
وقد ألقى فيها السواح محاضرة حول تجربته الشخصية مع كتاب (التاو الصيني القديم)، كما مكث السواح في بكين لمدة أسبوع كأستاذ زائر في جامعة الدراسات الأجنبية، ألقى خلاله مجموعة محاضرات على طلاب الدراسات العليا في تلك الجامعة، ويذكر أن آخر ماصدر للباحث السواح هو كتاب «طريق إخوان الصفاء ـ المدخل إلى الغنوصية الإسلامية» عن دار علاء الدين في دمشق. حول برنامج زيارته التي من ثمارها صدور كتاب التاو في طبعة جديدة في بكين ودمشق، وعن دوافع محفزات كتابه الأخير التقته «تشرين» في مكتبه في مدينة حمص في الحوار الآتي:
ہ في البدء إلى ماذا هدفت ندوة الحوار الحضاري؟
ہہ هدفت الندوة إلى لقاء الباحثين والعاملين في الحقل الثقافي من كلا الجانبين الصيني والعربي، من أجل التعارف وفتح قنوات الاتصال بين الثقافتين. وقد بحثت بشكل خاص مسائل الترجمة بين اللغتين، مشكلاتها وعقباتها، وجرى الاتفاق على لائحة بالكتب التي ارتأى الجانبان ترجمتها في المرحلة الأولى من الخطة.
ہ هل لنا أن نعرف القراء بالأفكار العامة التي طرحتها في محاضرتك التي تحدثت فيها عن تجربتك الشخصية مع كتاب التاو الصيني القديم، وعن دواعي تقديمك هذا الكتاب إلى قراءة العربية، والذي صدر منذ عشرة أعوام تقريباً تحت عنوان: «التاو تي تشينغ ـ انجيل الحكمة التاوية في الصين»؟
ہہ تحدثت في هذه المحاضرة عن رحلتي المعرفية منذ سنوات الفتوة الأولى، عندما بدأت بالبحث عن أجوبة على الأسئلة الكبرى الأساسية للإنسان، وكيف خاب بي المسعى عندما رحت أبحث عن هذه الأجوبة في ثنايا كتب الفلسفة، ولدى جميع الأديان، إلى أن أوصلني البحث في فكر الشرق الأقصى الى كتاب التاو تي تشنيغ الذي وضعه الحكيم الصيني لاو ـ تسو في مطلع القرن الخامس قبل الميلاد. وكيف غير هذا الكتاب حياتي مرة أخرى والى الأبد.
شروحات مستفيضة
ہ لقد فهمت منك أن استحسان الأكاديميين الصينيين لكتابك عن التاو، كان وراء دعوتك للمشاركة في أعمال الندوة، كيف وصلك استحسان هؤلاء الأكاديميين وما هو أبرز ما استوقفهم في كتابك؟
ہہ في العام الماضي كان الدكتور شوي كينغ قوه الاستاذ في جامعة بكين في زيارة لدمشق خلال أيام معرض الكتاب الذي تقيمه مكتبة الأسد في كل عام، وهناك وجد كتابي وحمله معه الى الصين حيث اطلع عليه هو وبعض زملائه. وبعد ذلك حصل على رقم هاتفي من دار النشر في دمشق واتصل بي معرباً عن إعجابه بالكتاب، وقال لي: أنه طابق ترجمتي لمتن الكتاب على الأصل الصيني القديم ووجده متطابقاً معه الى حد كبير، كما أعرب عن إعجابه بشروحاتي المستفيضة على المتن والتي ضمنتها في فصل خاص، وكذلك عن إعجابه بالمقدمة التي تضمنت مدخلاً الى الفكر الصيني القديم والى فكر لاو ـ تسو. ثم قال إن معلوماتنا عن النص الصيني القديم قد تحسنت الآن كثيراً بسبب اكتشاف نسختين منه مطبوعتين على الحرير هما أقدم ما وصلنا عن النص، وأنه قد تطوع لتنقيح نصي من خلال المقارنة مع هاتين النسختين. فشكرته ووافقت على التعاون معه. وخلال لقاءاتي معه ومع زملائه في بكين اتفقنا على إصدار طبعة منقحة جديدة للكتاب، وتطوع اثنان من الأكاديميين الصينيين لكتابة مقدمتين للطبعة الجديدة التي ستصدر في بكين ودمشق في سنة واحدة تقريباً.
ہ بماذا اهتمت المحاضرات التي ألقيتها على طلاب الدراسات العليا في الجامعة، والتي شغلت الجزء الثاني من مهمتك في بكين، موضوعاتها والمسائل الأبرز في حوارهم معك؟
ہہ في محاضراتي بالجامعة تابعت ما بدأته في محاضرة الندوة، وأجريت حواراً بين الثقافة الصينية والثقافة العربية، وذلك على ثلاثة محاور: الأول يدور حول المقارنة بين الفكر التاوي الصيني والفكر الاسلامي الرسمي. والثاني يدور حول المقارنة بين الفكر التاوي الصيني والفكر الصوفي ممثلاً بابن عربي والنفري. والثالث يدور حول الفكر التأويلي في الاسلام، والذي انتقل به من أحادية الفكر الرسمي الى تعددية المذاهب التي أغنت الاسلام وكشفت عن الجانب الحكموي للعقيدة الاسلامية الكامن تحت الظاهر الشرائعي.
تجاوز النزعة الحرفية
ہ إن الحديث عن الفكر التأويلي في الإسلام يجرنا الى الحديث عن كتابك الأخير «طريق إخوان الصفاء المدخل الى الغنوصية الإسلامية»، فلقد افتتحتً كتابك هذا بمقدمة عنوانها «ضرورة التأويل في الفكر الديني». فهل هدفتَ من هذا الكتاب الى الكشف عن دينامية التأويل في الفكر الإسلامي؟
ہہ هذا بالضبط ما قصدت إليه. فلقد بقي الفكر الإسلامي على ديناميته هذه حتى جاء ابن تيمية المتوفى سنة 728 للهجرة ووضع بإشراف السلطة السياسية ودعمها هذه الصيغة المتجمدة للإسلام التي نعرفها اليوم. إننا في هذا العصر الذي تسود فيه الأصولية والسلفية والنزعات التكفيرية، وجميعها تمدّ جذورها في فكر ابن تيمية. لأحوج ما نكون الى فكر إخوان الصفاء الذين رسموا صورة لإسلام كوني شمولي يتجاوز النزعة الحرفية والشرائعية التي وسمت الإسلام منذ عصر ابن تيمية، وذلك باعتمادهم على التأويل الذي يبحث عن المعاني الباطنية الكامنة خلف المعاني الظاهرية للنص القرآني. وقد حث الرسول في حديث صحيح الإسناد على التأمل في المعاني الباطنية عندما قال بأن للقرآن ظاهراً وباطناً، ولبطنه سبعة بطون.
ہ ولكن ألا ترى في العودة الى إخوان الصفاء اليوم نوعاً آخر، وإن مختلفاً، من الأصولية الإسلامية؟
ہہ هذا صحيح، ولكني لا أدعو لفكر إخوان الصفاء باعتباره الصيغة الوحيدة والحقيقية للإسلام، وإنما باعتباره نموذجاً تنويرياً يمكن الإفادة منه وتجاوزه نحو آفاق عصرية. إنني لا أؤمن بما يدعوه البعض اليوم بسلطة النص المقدّس، وما تقود إليه هذه السلطة من تقييد لحرية الفكر، وإنما أؤمن بسلطة العقل الذي يفهم دينامية النص المقدّس حق فهمه باعتباره نصاً خارج الزمان ولكنه في الوقت نفسه يصلح لكل أوان.
ہ بالعودة الى موضوع ندوة الحوار الحضاري ومنتدى التعاون الصيني ـ العربي الذي دعا الجانب الصيني إليها. ما طبيعة هذا المنتدى، ولماذا لا نعلم عنه شيئاً مشاركتك به؟
ہہ هذا المنتدى هو هيئة رسمية أُنشئت عام 2004، بناء على اتفاقية عقدت بين الصين والدول العربية (ممثلة بجامعة الدول العربية)، وذلك أثناء زيارة الرئيس الصيني هو جين تاو لمقر الجامعة في القاهرة. وهناك في وزارة الخارجية الصينية مكتب خاص يعنى بشؤون وأنشطة هذا المنتدى. أما لماذا لا نسمع عن هذا المنتدى وعن أنشطته فراجع الى تقصير إعلامنا السوري في هذا المجال. ولا أدلّ على هذا التقصير من أنني اجتمعت منذ أربعة أشهر بأصدقائي الصينيين في دمشق وعلمت منهم أنهم قد جاؤوا للمشاركة بمؤتمر تعقده جمعية الصداقة الصينية ـ العربية، وهي هيئة أخرى تأسست في بكين عام 2001 من أجل دعم العلاقات بين الصين والعالم العربي. وقد لفت نظري حينها مدى تقصير أجهزة الإعلام في تغطية نشاطات كهذه
دمشق
صحيفة تشرين
تشرين الثقافي
الثلاثاء 28 كانون الثاني 2009
حاوره: نضال بشارة
[email protected] ">المؤتمر.
[email protected]
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |