الرصافي يروي سيرة حياته إعداد و تقديم : يوسف عز الدين – مقتطفات
ألف
2009-02-13
أليس الأرمنية :
قال الأستاذ ( 1 ) في إحدى سفراتي نزلت فى حلب في أوتيل ثم إني ناديت صاحب الأوتيل و قلت له إني رجل غريب أرغب في الونسة. و أرجو أن ترشدني ، فصاح على صانع في أوتيله ، و يدعى مصطفى ، و قال له ، خذ هذا الرجل ليتونس فأخذني المذكور إلى المبغى العام و ليس إلى محل خاص و حيث إني كنت سكرانا ووصلت إلى المبغى فلم أر موجبا للرجوع و دخلت أحد الدور فقدمت لي صاحبة الدار بنت أرمنية تدعى " أليس " و كانت على جانب عظيم من الجمال ، و قضيت معها تلك الليلة و كانت معها أمها تعمل لها نركيلة من حين لآخر ، فقلت لصاحبتي " أليس " إنه يوجد في بغداد تبغ نركيلة فاخر للغاية يدعى" تتن أبو الجلود " إذا رجعت إلى بغداد سأجلب لك كمية منه و عند إيابي إلى الأوتيل وجدت العربة في الباب على أهبة السفر و الحمالون ينقلون الغراض فركبت في العربة و قدمت إلى بغداد.
فلما سافرت إلى الأستانة أخذت معي كمية من التتن المذكور و في الطريق كنت أحلم بأليس و ابنتها ( و كنت جد راغب ) في أن أصل إليها في أقرب فرصة ، لهذا عندما وصلت بي العربة إلى ( دير خافر ) ( 2 ) و هو آخر مرحلة من مراحل الطريق إلى حلب ناديت صاحب العربة و قلت له بأني قد استأجرت العربة منك بمبلغ عشر ليرات ذهب عثمانية و أنه هل يكفي ساعتين لأجل عرق الحيوانات و راحتها و أنا أعطيك ليرة ذهب إذا سافرت بي إلى حلب ليلا و كنا قد وصلنا دير خافر ( 2 ) في وقت العصر فلما شاهد المذكور الليرة وافق و سافر بي ليلا و كنا تأخرنا في الطريق فلم نصل حلب إلا وقت الفجر و قبل بزوغ الشمس أخذت التبغ و توجهت إلى المنزول و طرقت الباب الذي تسكن فيه أليس ففتحت لي صاحبة الدار الباب و لما سألتها عن أليس قالت لي ( يا أبي أين هي أليس ؟) و أخذت تتحسر و تتألم و لما استفهمت منها ، قالت لي أن الحكومة أرجعت كل موس إلى بلدتها و من جملتها أليس . و لنصور الإنسان انكسار الخيال عندي في هذه اللحظة فإني بقيت أتخيلها في ذكراي طوال الطريق من بغداد إلى حلب ، و لماوصلت لم أجدها ، و لكني أفرغت خيالي في صاحبة البيت و كانت امرأة قبيحة و أخذت التبغ معي و رجعت قافلا إلى الأوتيل.
طرف الزهاوي :
و كان جميل صدقي رجلا فكها ، حاد البديهة ، قد روى الأستاذ الرصافي عنه القصة التالية ، فإن المذكور كان يتردد إلى إحدى الدواوين للتعلولة و كان يتردد على الديوان شيخ معمم و كان يشكو وجود كلبة في طريقه لهذا فإنه يضطر على أن يحول طريقه فقال له الزهاوي إن القضية هينة للغاية فاستفسر منه الشيخ فقال له يمكنك أن تعرض طريق الكلبة و إذا نبحت عليك و هجمت فقل لها بحق قطيمر عليك ارجعي فسترجع ، و ذهب الشيخ و في اليوم الثاني مر الشيخ من الطريق الذي فيه الكلبة و أمامه خادمه يحمل المصباح فهجمت عليهما الكلبة فهرب الخادم ، و مزقت الكلبة ملابس الشيخ فوصل الشيخ الديوان و صدره موغر غيظا على الزهاوي ، و كان يسبه و يشتم ، فلما حضر الزهاوي أخذ الشيخ يكيل له السباب فقال له لماذا ؟ فأجابه لأن الكلبة عضتني و لم ينفع دعاؤك ، و ظهر أنه حيلة ، فقال له يقتضي ، أن هذه الكلبة ليست مسلمة.
راتب سلطان مسقط :
قال الأستاذ ، روى لي الثعالبي أنه لما زار إمارات الخليج سأل سلطان مسقط عن علاقته مع بريطانيا فأجابه بأنه مسرور للغاية و لما سأل منه عن السبب قال لأن راتي كان ثلاثمئة روبية ، و رفعه الإنكليز أخيرا إلى أربعمئة روبية.
هوامش :
1 – المقصود هو الرصافي.
2 – دير خافر خطأ و الصواب دير حافر. و هي قرية صغيرة على الطريق بين حلب و الرقة.
صدرالكتاب عن دار المدى : بيروت – دمشق – بغداد في طبعة ثانية عام 2008 . و هو عبارة عن أوراق قديمة ينقل فيها يوسف عز الدين ما ورد على لسان الرصافي من أقوال و أشعار في جلسات أنس خاصة . و هي توضح حقيقة انتمائه للجنسية التركية ضد العربية ، و معاداته للإنكليز و الملك فصيل ثم الوصي على عرش العراق ، و لماذا كان ماسونيا.
مجلة ألف