مقاربة في صورة الرماد
2006-06-03
لغرْبةِ الليْلِ ألحَانٌ يغْريْني انهيَارُ نجوْمِها في بُحيْرةِ الصّمْتِ...
في أعمَاق الروْحِ عويْلٌ وجنازاتٌ خرْساءُ...
أ يموْتُ القلبُ حيْنَ نتوقّفُ لحظةً عنِ الصرَاخِ في خرائبِ الألمِ؟!!...
في جحيْم الكأسِ أراقصُ راهبَةً، مُتهرّئة صلواتُها منَ الوَجع...
في نفقٍ أعرّي وجْهِي حَامِلاً في شفتي إنجيْلاً مِنَ العَذابِ...
منْ حُطام الثوَاني أرسمُ وَجْهي فألمحُهُ في مُسْتنْقَع الضبَابِ عِدّةَ أوْجهٍ...
وَجْهي/ نوْرسة تحتضِرُ أغنياتُها الصفراءُ كفرَاشةٍ في صَوْمَعةِ النار...
وَجْهي/ شمْعة في ظلمةِ الفجْر يعبَقُ في انطفأتِها صَوْتي...
وَجْهي/ جَنازة سوْداءُ تلحدُ موَاويْلها في جَسَدِ الوروْدِ...
وَجْهي/ حشرَجة تعزفُ صمْتَها زوْبعَة في قيثارةِ الكهوفِ...
مُنْكَسراً أحدّقُ في شظايا عُمْري رَاسمَاً مِنْ جَسَدي سوْرَة للرَمَادِ... ضَيّعتُني بَحْثاً عنْ وجْهٍ يَحتضِنُ ركامَ صَوْتي... أشعلْتُ الليْلَ أغنيّةً تهْذي بيْنَ أوْتار الحروْفِ...
كنْتِ المَحَطّة الأولى يا نسرين على طريْقِ التّشرّدِ والضيَاع...
" _ بيْنَ جدرَانِ بيتِنا أحتضرُ وَحيْداً، بَاحِثاً عنْ مَأوَىً أكفّنُ فيْهِ أحزَاناً، أنثرُها قرْبَاناً لمقبرةِ الخطايا...
_ أ وليْسَ في هذهِ الدُنيا مَنْ يرشفُ السكوْتَ خمْراً منْ أموَاجِِ ضيَاعِكَ؟!!
_ هائمَة روْحِي تبْحَثُ عنْ مِحْرَابٍ، يدْفّئني خشوْعهُ حيْنَ أرْسمُ صَلاتي غيْمةً، تخبّئ جرْحاً اسمُهُ ( هيَ )...
_ أشتهي الدفءَ غارقةً في نجوْمِ البَحْر، لكنّ البحْرَ غابةٌ تحترقُ حيْنَ يغنّي الصّمتُ...
_ صَوْتكِ قصيْدة تنبئُني أنّ السّكْرَ سيصيّرُني إلهاً، تعبدُ النجوْمُ ملامحَهُ في أفقِ براكيْنِها...
_ مَنْ أنتَ يا ( طيْفاً ) أغرقَ عزْلتي بشبَقِ الحزْنِ؟!!
_ أنا؟!!!!!
.............................
.............................
لا تسأليْني مَنْ أنا، أوْ مَا أكوْنُ...
فربّما البدايةُ والنهايةُ في أسطوْرةِ الحزنِ أنا...
ربّما سيزيْف...
ربّما بروْمثيوس...
ربّما إبليْس...
لا، لا...
ما عدْتُ أذكرُ إلاّ أنّني حَامِلاً في شفتي عُصْفورةً مقطوعةَ الرأسِ تصْرخُ في أعماقِها ( خائنة )...
_ لا تجزَعْ، فهناكَ قربَ البحْر بَحْر آخرٌ يموْتُ...."
في إحدَى زوَايا الليْلِ رقصْتُ في جَنازةٍ تحْملُ طفوْلتي... في هيْكلِ عِطْرِها عَرّيتُ بَكارةَ الشهْوةِ...
تنشّقتُ رَعْشةَ أفْعى في دَمِي تفحّ...
تدوّخُني...
تنشيْني...
تصيّرُني شيْئاً مِنْ بقايَا شيءٍ...
جَسَدِي لغة، كلّ حَرْفٍ في شِعْرها يغنّي، أشتَهِي رَائحةِ الليْلِ تعْرَقُ في فردوْسِ جَسَديْنا...
كتبْتُكِ نصّاً حارَ فيْهِ القدّيْسُ والشيْطانُ وزناة الحرْفِ وكلّ الأنبيَاء...
أنتِ مَنْ أبحرْتِ بي منْ شاطئِ الجرْح إلى شاطئِ المَوْتِ في صَخَبِ الغناءِ...
زيْنب...
أترنّمُ باسمِكِ فتنتفِضُ في روْحي شجرَةُ بُرْتقال...
أفتحُ قواميْسَ روْحي وأبحَثُ عمّا تكونيْنَ في لغةٍ أنهكَهَا الخوْف مِنَ الاعترافِ في قفَصِ الكوْنِ...
أسألُ منْ حَوْليَ الأشيَاءَ...
أ أنتِ شجَرَة يزغرِدُ شذاها في طوْفانِ الريْح، أمْ أغنيةٌ سمْراءُ، أوتارُها عرْشُ بلقيْسَ وحنيْنٌ مجوسيٌّ لَمَوَاقدِ الشتاءِ؟!!...
أيّتُها النجوْمُ...
مُتلألئةٌ في انطفأتكِ الروْحُ...
نعوْدُ لا شيءَ هناك...
هيَ ماتتْ...
سوْرة الرَمَاد تُبْعَثُ كلّما اشتعلَ البرْدُ...
وطافَ وراءَ نافذتي القمَر...
أنا / هيَ...
بينَنا الصّمْتُ...
شمْعةٌ في جَسَدِ السَفر تحترِقُ ليْلاً...
ونحْنُ في سَفيْنةٍ
شراعُها الرغبةُ
في الفجْر مَرفأ...
في حانتهِ تُقْرَ عُ الكؤوسُ
نلبسُ الماءَ يرْوي التربةَ الظمْأى للحنيْن...
ونختتمُ فصوْلَ الروَايةِ...
أحاصِرُ البحْرَ ناحِتاً في قناديْلِ قلبي سَحَابةً، اسمُها رباب...
حائرةٌ روْحي هناكَ في سراديْبَ تشتاقُ الصّمْتَ في نشوَة قبلةٍ...
أعانقُ شحوْبَ ظلٍّ يغني ثوْرة تنهدُ في طفوْلةِ صَدْركِ الكرزيّ... لوْلا بقايا زنابقِ الروْحِ المُنْسحقةِ لتعرّيتُ وإيّاكِ في زوْبعةِ شهْوَةٍ...
أكفرُ بالحِبّ إنْ قلتُ بأني لمْ أشتَهِ عُمْري يغرَقُ في صَدَى عمْرِكِ، لكنّي أخافُ على طفوْلةِ الوَرْدِ والياسميْن مِنْ دهاليْز كفْري وزنابقِ شهَوَاتِي...
أطفئ كلّ الأصوَاتِ في ذاكرتي، ويبْقى صَوْتكِ يشتَعلُ حِيْنَ يغرَقُ البدْرُ بيْنَ أموَاج اللهَبِ في شاطئِ سنابس صَيْفاً وشتاءً...
حيْنَ أغدو ظلاّ في أضوَاءِ المَسَاءِ، أشتهي صَوْتَك يمْطرُني لهفة للصَلاةِ خاشِعاً على رَعْشةِ نهْدَيْكِ الصغيْريْن...
الوَجع يحْملُني أشرعَةً مُمزّقةً...
يرميْني في المَسَافاتِ...
ظلّي يرْثي انكسَاراتِ ظلّي...
روْحي شمْعة انطفأتْ رقصَتُهَا...
وأنتِ يا مَرْيَمُ هُناكَ...
لا شيءَ في حَيَاتي سوَى الطَلل...
وَيبقَى وجْهُكِ ذوْ الجَلالِ والإكرامِ طيْفاً، يرسمُني عصْفورَة ضَيّعتْ عِشّها...
وَحدكِ لوْ تكونيْنَ مَعي، هجرْتُ القبْرَ، وودّعتُ الصحراءَ العطشى لأنغامِ المَطَر...
ورافقتُ نجْمَة...
حنينُها يطوْفُ حَوْلَ عرْش السماءِ...
روْحي شمْعة، لوْ تشتهيْنَ يا مريَمُ عزفتُها لَكِ، وأرقصْتُ الملائكةَ مَخموْريْنَ في وثنيّةِ طقوْسِها...
كمْ كنْتُ أشتَهي الصَّمتَ في نيْرانِ صَدْركِ...
كمْ كنْتُ أشتهيْكِ...
وما زلتُ حتّى الآنَ رغمَ توبتِها الروْحُ...
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |