دراسة في كتاب"شجرةُ الحروف" لأديب كمال الدين:
2009-02-27
مُغامرة التُخوم القصيّة للحياة والموت أمْ لعبة "المَصائر المُتقاطِعة"؟
1- رمزيّة الشجرة.
بين رمزيّة الشجرة- الأسطورة و"شجرة الحروف" لأديب كمال الدّين صلة وثيقة تستعيد الكتابة الشعريّة من خلالها تُراثا بل تُراثات ضاربة في القِدَم، كأن يتواصل الاعتقاد في دورة النماء، بدلالة الخلق القديم منذ نشأة وعي الشجرة بثقافة النبات البِدائيّة والتمثُّل الحُروفيّ استنادًا إلى الأبْجديّة العربيّة، وبالمشترك الأسطوريّ والتشكيليّ الماثل فِي ماهيّة الحرف وتَمَظْهُره العلاميّ. فمُنْذ ملحمة كلكامش كان للنبات حضور مركزيّ في تصوُّر العالم والوجود، كنبتة الخلود الضائعة ومشاهد الغاب في مسيرة كلكامش التراجيديّة، وكـ"آدون" إله الجمال والحُبّ في الحضارة البابليّة أو "تمّوز ساكن ظِلّ شجرة الحياة"(1) الّذي استحال لدى الكنعانيّين إلى أدونيس لينتقل إثر ذلك إلى بلاد الإغريق(2) ويحمل صفة الإثم فيه،باعتباره هو ذاته مُحصّل رغبة آثِمة استنادًا إلى حكاية "مورها" الأمّ عاشقة أبيها سينيراس وتفاصيل حكاية الحمْل وتحوُّل الأمّ الآثمة إلى شجرة في المتوسِّط بين عالم الأموات وعالم الأحياء والمخاض الحاصل عند انشقاق الجذع وحدوث الولادة، كولادة المسيح في زمن لاحق، وبالمُوتيفات الحِكائيّة ذاتها تقريبا، وكالاستظلال بالشجرة في السيرة المُحمّديّة عَوْدًا إلى السفر الثاني إلى بلاد الشام وتَبَعًا لـ"سيرة ابن هشام"...
إنّ "شجرة الحروف" لأديب كمال الدّين هي فسخ وإعادة إنشاء(métamorphose) للشجرة الأصل في الوعي الكينونيّ الناشئ منذ زمن الانتقال من الرَعَويّة إلى الفِلاحِيّة، رُجوعا إلى رحم المأساة، كتمثُّل فريديريك نيتشه لها بالواصل والفاصل مَعًا بين النحت والموسيقى، بين الجسد والروح، بين الحُلم والانتشاء، بين ما ينْكشف (الشكل) وما يحتجب(المعنى)، بين أبولّو عَوْدًا إلى فنّ النحت، باختصار، وديونيسوس استنادًا إلى فنّ الموسيقى(3)، بين الأرض والسماء بدلالة الرحم وفيض الرغبة، كالّذي يرد في إحدى أناشيد الحُبّ السومريّة:
" السماء، الإله الرائع الجمال، غرس
في الأرض العريضة رُكْبتيْه
وسكب في رحمها، بذرة الأبطال
الأشجار والمقاصب..."(4)
فيتحوّل الفيْضُ، هُنا، من عالم الأساطير الشرقيّة القديمة إلى استعارة شعريّة حادثة تستوْحِي من مُحصّل التراث الأسطوريّ، كما أسلفنا، ومن علاميّة الحرف العربيّ ومُختلف أبعاده الأنطولوجيّة والأنتروبولوجيّة والعلاميّة شاعريّة حادثة ظهرت في مواطن محدودة من مسارّ تجربة أدونيس(عليّ أحمد سعيد) الشعريّة(5) وأضحت مشغلا أساسيّا لدى أديب كمال الدّين(6)، بل هاجسا تجريبيّا يُقارب وهج تجربة الكتابة الّتي تنزع بوضوح إلى الشعْر.
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |