Alef Logo
ابداعات
              

قصة / بيوت بعيدة

نعمات البحيري

2008-04-14



فى الطريق إلى بيتى تتراكم مساحات كبيرة من الصحراء  فوقفت لها على الطريق .. فى البدء  لم يكن ترددها واضحا تماما ، ثم بدا من نظراتها لسيارتى أنها ليست فى عجلة من أمرها أو انها ليست خائفة نفس خوفى عليها....
 وحين ركبت سألتها عن سر وقفتها، أجابت  ـ وداخلنى إحساس بكذبها ـ أن خلف هذا الخلاء مجمع وادى الملوك الذى يحوى عددا مهولا من المحال والأسواق والخدمات وسط صحراء السادس.
بدت وكأنها تبذل جهدا لتثبت لى أنها تعمل  ترزية وكانت تشترى بعض أدوات الخياطة.. نظراتها لى وللسيارة الصغيرة المتهالكة تعكس شيئا من الكذب ثم الندم.
 ـ بقالى نص ساعة مش لاقية حتى عربية المخصوص..
ـ ساكنة فين ؟
ـ فى الاتناشر..
ـ أنا رايحة الحداشر
ـ أنا ساكنة فى الاتناشر مجاورة ستة..
 بدا لى وربما لها أنه من المحتم عليّ توصيلها حتى بيتها على الرغم من توجسي تجاه نظراتها ..
يبدو أننى أصدرت إليها إحساسا بهذا فقالت شبه مذعنة
 ـ حانزل فى أقرب مكان..
فى الطريق كسرت حاجز الصمت الذى علا بيننا وأخبرتنى أن اثنين من الطلبة العرب قتلا اليوم..
 ـ البوليس محاصر الميادين ..
ـ ادخلى من طرق جانبية
ـ اتقتلوا ازاى؟
ـ دبحوا واحد والثانى رموه من آخر دور..
المدينة كلها بتشتغل خدم عند الطلبة العرب، والأجانب خبراء مصانع المنطقة الصناعية..
كانت عيناها تروح وتجيء على الطريق، تتأمل السيارات الفخيمة والفارهة، ربما كانت تود لو تركب واحدة منها.. وحكاية أدوات الخياطة ووادى الملوك ووادى الجن سيناريو من تأليفها و إخراجها. وجهها المكفهر ونظراتها المضطربة جعلتنى أؤنب نفسى طوال الطريق، على تلك الشفقة التى  تدخلنى فى أسوار الشك والريبة.. نبّه عليّ أخي أكثر من مرة ألا أشفق على أحد فى الطريق وحكى لي حكايات مرعبة.. مهما كان الرعب والفزع الذى يشي بأننا فى غابة كبيرة بحجم الوطن فكيف أترك امراة شابة وجميلة تقف وحدها فى خلاء كهذا.
ـ امشى من الطرق الجانبية
ـ بلاش ميدان كليك ولا ميدان جهينة ولا ليلة القدر..
ـ  امشى من الكان كان أحسن.
 كان شىء بداخلى يؤكد أنها تستخدم أساليبها لأضعها أمام بيتها. غير أننى سمعت كلامها وسرت فى كل الطرق الجانبية. أخشى أن يوقفنى ضابط مرور، فالسيارة متهدمة وبعين واحدة وأحيان كثيرة أنسى الرخص حين اضطر لمغادرة البيت على عجل.
أخيرا نزلت وانزاح عبء ثقيل من فوق صدري. بحثت بعيني في المكان الذي أوقفتني فيه فلم أجد أية علامة تدل على بيوت قريبة . وما أن سرت مترات قليلة حتى رأيتها في مرآة السيارة تنظر إلى سيارتي ثم تشير إلى سيارة أخرى.

نعمات البحيري : من مواليد القيلوبية ، و تحمل إجازة في التجارة من جامعة عين شمس ، تعاني من مرض السرطان و كتبت عن هذه التجربة روايتها ( مذكرات امرأة مشعة ). من أعمالها الأخرى : نصف امرأة ( 1984 ) ، النار الطيبة ( 1998 ) ، أشجار قليلة عند المنحنى ( 2000 ) ، و سواها...




تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow