قصة / الاسكافي المليونير
2009-02-25
منذ يومين تمزق حذائي ،فذهبت إلى محلات الأحذية ،لشراء آخر ،ولكنني صدمت من الارتفاع الغير طبيعي في أسعار الأحذية،كما كل شيء في غزة،فقررت تأجيل ذلك ،لحين ميسرة،والذهاب إلى الاسكافي ، وكانت صدمتي اكبر عندما طلب الاسكافي مبلغ عشرين شيقل من اجل تصليح الحذاء ،معللا ذلك بارتفاع أسعار المواد الخام،وما شد انتباهي واثأر جنوني في نفس الوقت ،لهجة الاسكافي في مخاطبتي ،حيث كان يتحدث بثقة عالية وبرود شديدين تدلل على عدم حاجته وشبعه،حيث قال عندما أبديت اعتراضي على المبلغ المطلوب"هذا ما عندي عاجبك أهلا وسهلا ،وإذا مش عاجبك بيكون أحسن"،ونظرا لعدم وجود بديل أخر وافقت مضرا،وجلست بجانب الاسكافي لحين الانتهاء من عمله ،وتصليح حذائي،وإثناء ذلك تبادلنا إطراف الحديث،وتطرقنا إلى أمور عدة ،وتمركز حديثنا بشكل اساسى حول الغلاء الذي أصاب كل شيء في غزة، فقال جملة غريبة وكان مفتاح قصتنا ،يارب يستمر الحصار،وعندما سألته عن سبب أمنيته هذه ،قال يا آخى مصائب قوم عند قوم فوائد،هنا فهمت انه ممن استفادوا من الحصار مثل الكثيرين الذين طوعوا المصيبة لتكون نعمة تدر عليهم أموالا طائلة،ولاننى كنت قد أعدت تحقيقا موسعا عنهم تحت عنوان" أمراء غزة الجدد"بدأت أجاريه الحديث لا اعرف قصته وقد كان.
أبو حسين في العقد الخامس من عمره علامات العز والراحة مرسومة بدقة على تقاسيم وجه، روى حكايته حيث قال "لقد ورثت هذه المهنة عن والدي رحمة الله عليه ،وكنت أتعس الناس بهذه المهنة لما يعتبرها البعض أنها مهنة تقلل القيمة ،وكان اولادى يستحون منها ولاسيما أن زملائهم وأصدقائهم كانوا يعايروهم، ولهذا السبب إضافة إلى دخلها المحدود فكرت بتركها والبحث عن عمل أخر،وفعلا تركتها لمدة عامين حتى قامت الانتفاضة الثانية ،وأغلقت إسرائيل المعابر ،وقلت فرص العمل ،فقررت حينها العودة لمهنتي مضطرا، وكان دخلي من هذه المهنة ،يادوب يكفى لسد الاحتياجات الأساسية ،حيث كان زبائني من الطبقات الفقيرة جدا،وكان الوضع في غزة أفضل، ومع مرور الوقت وازدياد الأزمة الاقتصادية وانتشار البطالة كانت الزبائن تزداد بصورة ملحوظة ،وبدأت مهنتي تدر على مبالغ محترمة ، حتى جاء الحصار ،واشتدت الأزمة المالية ، بدأت الزبائن تقف بالطوابير ،وكان دخلي في اليوم الواحد أحيانا يفوق المائة دولار دون مبالغة ،وقررت حينها أن أغامر بمبلغ عشرة ألاف دولار وان اشترى فيهم بضاعة لوازم المهنة ،بعد أن شحت من الأسواق ، وإدخالها عن طريق الأنفاق وربحت فيها مبلغا فاق النصف، وتشجعت واشتريت كمية أخرى ،وكل مرة ،كنت أضاعف المبلغ، ومن ثم فكرت أن اشترك بتمويل نفق بدلا من دفع هذه المبالغ لأصحاب الأنفاق ، وفعلا مولت نفقا كاملا وقام ابني عليه ،وأصبحت الامورافضل
والحمد لله استطعت في فترة ثلاث سنوات أن اجمع ثروة تزيد عن المليون دولار دون مبالغة
وبعد أن انهي قصته سألني عن مهنتي فقلت له صحفي ، وما أن سمع ذلك ،كأنني لطمته على وجهه ،وامطرنى بكلمات التهديد والوعيد إذا فكرت أن انشر قصته.
أما السبب وراء النشر هو تسليط الضوء على تجار الموت،الذين وجدوا فرصتهم السانحة لبناء ثروات طائلة باحتكارهم للسلع وبيعها بإضعاف مضاعفة على المحاصرين، مما زاد من معاناة المحاصرين أضعافا مضاعفة،والسؤال الذي يطرحه الشارع هل سيأتي يوما يحاكم فيه هؤلاء بتهمة الاستغلال،واحتكار السلع وقت الأزمات؟ وهى تعادل تهمة الخيانة!
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |