حرب التلاوم في لبنان
2006-07-18
الحياة - 19/07/06//
المقالات والتحليلات التي تنشر حول الحرب الهمجية التي تشنها اسرائيل على لبنان ذكرتنا بالانقسام الذي عشناه يوم احتلال الكويت، يوم نسينا الجريمة والمجرم واشغلنا بالحل العربي او الاجنبي. واليوم ننقسم حول هذه الحرب الكافرة مثلما انقسمنا ليلة غزو الكويت. اسرائيل تطحن لبنان بالطائرات والصواريخ، وتشيع الموت والدمار ونحن نتلاوم، نعم نتلاوم، تماماً مثلما فعلنا يوم غزو الكويت، ويوم اجتياح العراق. صرنا منشغلين بالمسؤولية السياسية، وبالدفاع عن شرعية الحكومة اللبنانية وسيادة الدولة، وبدأنا نخوض نقاشاً طويلاً حول من يحق له تقرير المعركة، وفائدة هذه الحرب، والمسؤول عن «توريطنا» بها، ولم نكتف بهذا، بل اخذنا نلوم صمت العالم وانحيازه الى إسرائيل، نلوم الآخرين على صمتهم ولا نسأل أنفسنا عن جدوى هذا الجدل العقيم الذي نخوضه والناس تموت، ولبنان يحرق وتدمر بنيته التحتية ويهجر أهله.
أخطأ «حزب الله» أو أصاب، تسرّع أو تهوّر، خاض حرباً بالوكالة او بالأصالة،... ليست هذه هي القضية الآن، رغم أهمية فهم الدوافع السياسية لما جرى ليل الاربعاء الماضي. القضية الأهم الآن أن نوقف هذه الحرب، نحمي اللبنانيين من الموت الجماعي، ونقلل من الخسائر الرهيبة المادية والسياسية. القضية الآن ان نلجم خلافاتنا، ونمنع خلق اسباب لحرب طائفية، فنتحد مثلما فعل الإسرائيليون، وحين تضع الحرب أوزارها نتفاهم، ونسأل عمّن سمح للاحزاب والمنظمات والجماعات بأن تتولى مسؤولية الدول والحكومات، ومن المسؤول عن غياب دور للنظام العربي الرسمي في حل القضايا الرئيسية، ونفتح نقاشاً حول فشل هذا النظام العربي في الاتفاق على بيان وزاري، فضلاً عن اتخاذ موقف سياسي يحسب له حساب، أو لا يحسب له حساب، المهم ان نسمع موقفاً حتى لو كان نداء استغاثة للمعتصم في قبره.
من سخريات السياسة ان النظام العربي الرسمي قرر متأخراً وعلى حين غرّة ان يضع حدأ لـ «تجاوزات المقاومة» التي نشأت وترعرعت برعاية رسمية منه، فأعلن في هذا الظرف العصيب رفضه المطلق لانفراد هذه المقاومة بقرار على هذه الدرجة من الخطورة، وحشد كل طاقاتة السياسية لتحجيم دورها الذي بدأ يكبر على نحو يهدد سيادة الدول واستقرار الانظمة، وهو موقف سياسي لا خلاف عليه من حيث المبدأ، لكن الخلاف هو على توقيت هذه الخطوة، ولهذا وضع النظام الرسمي العربي نفسه في موقف لا يحسد عليه، فهو الخاسر في هذه المعركة اياً كانت النتيجة، فإذا سحقت هذه المقاومة على نحو بشع سيكون شريكاً في المسؤولية عن الموت والدمار، وإذا خرجت هذه المقاومة سالمة من هذه المعركة، وجرى التفاوض معها بأي شكل وعلى أي قاعدة فسيجد النظام الرسمي العربي صعوبة في بدء حوار معها، فضلاً عن تحجيم دورها.
الاكيد ان الخطوة التي اتخذها «حزب الله» ومن قبله حركة «حماس» تفتقد للحكمة السياسية. لكن الاصرار على محاسبة المقاومة على هذا الخطأ بعد بدء الرد الاسرائيلي العنيف، خلق واقعاً سياسياً يصعب وصفه، ومن الحكمة الآن التعامل مع المعركة بصرف النظر عن دوافعها ومن قام بها، فوقف الحرب والتعامل معها هو الطريق الوحيد للمساهمة في تحديد نتائجها وتقليل خسائرها، اما الاستمرار في نغمة التلاوم، فسيزيد من الفرقة ويحرض المكبوت في دواخلنا، ويفضي بنا الى نتيجة كتلك التي وصلنا اليها في العراق
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |