ورقة ٌ من صوّان
2009-06-07
 
    ( 1 )
ها قد أصبحتْ 
ورقة ً من صوّان 
بعد أن غازلها قياصرة الرومان 
و تركوا تيجانهم 
تتدلى خلف ظهورهم 
وكذلك فيالق جيوش مهزومة
من عصور الممالك القديمة 
وها هو آخر جنود اسبارطة 
ينفخ عليها نحو السحيق
   ( 2 ) 
كم مرتْ بين 
نصل المذراة 
مجتازةً كهوف الأزل 
وكم غَافَلَتْ الحقيقي حتى الغبن 
وهربتْ من البذخِ الموحش 
   ( 3 ) 
في كل لحظةٍ 
يقدمون لها الثياب المترفة 
وما أكثرها 
في الهزيع الأخير من الليل 
فتلهثُ 
من شهوة ٍ
   ( 4 )
هي تتعرى مرغمة ً 
لكل عابرٍ
ولا يتذكرها أحدٌ 
إلا عندما 
تتلألأ قطراتُ العرقِ على خدِها 
راسمة ً دروباً على صدرها البض
الشهي 
   ( 5 )
تترنحُ بعد مغازلتها 
وتحملُ بقايا ثيابها 
تحاول أن تخفي خارطة جسمها 
المليئةِ بالفوضى 
الهاربةِ 
من الصفقات المستحيلة 
بين أنكيدو وعشتار 
   ( 6 )
ها هي 
تلوحُ بالأملِ في وجه 
المستحيل الجليدي 
كان أحدُهم يغريها 
بالدفء 
وكان أحدهم يغريها 
ببعضِ حبات الديس 
فتعضُ عليها 
مبتلعة ً شوكها الدامي 
   ( 7 )
تضمحلّ
في كثافة الضباب ِ
القادم ِ من بلاد الضّباب 
وتدوخُ 
في زوابع ِ
مثلث برمودا 
الخرافي
   ( 8 ) 
كنتِ تتدلّينَ 
حتى الرمق الأخير 
تقلدين حبات الجوز 
في ثورتها حد التشقق 
لكن دون جدوى 
فما زلتِ 
تلك العاهرة
على أبواب الليل 
الخائن 
   ( 9 ) 
ربما كان تمردُ 
الأجاص ِ
على خارطة الشكل ِ
كبرياءً 
فلا تميلي مثلها 
حاملة ً بعض التعاويذ 
الغجرية 
أو كفتاة من قوم الغجر 
متباهية ًَ بسنّها الذهبي 
   ( 10 ) 
لا تشمّري 
عن ساقيك 
بين شجيرات الحرمل ِ والعَرَنْ
غجرية ٌ 
هي حبات الحرمل 
تحملُ بعض النبوءات 
في تلك الأساور 
المشغولةِ 
على يد تلك الفتيات 
الحالمات بليلة ِ زفافهن 
من فارس ٍ
يمتطي حصان ( طرواده)
ولا تخلعي جلد ساقيك 
عند مرورك ِ 
بين شجيرات العَرَنْ المتملقةِ
حد الخجل 
فلا تُغويكِ 
براعِمُها الطفولية 
   ( 11 ) 
في تلك الليلة الباردة 
صوت لهاثك ِ تَعَالى 
عند رَجل الثلج الأنيق 
المفتخر ِ بشاله ِ البني 
بين ضمةٍ وعناق 
وعلو ٍ وانخفاض 
حتى توحدت الأنفاسُ و الحركات 
دون شعور ٍ
ببرودة الطقس الزمهرير 
وتردد َ صوتك ِ بعيداً 
عند تنور الجدّة القديم
   ( 12 ) 
تعصرين خمراً 
من حباتِ الخرمة ِ
والكاكا الدخيلة 
فتلتفّين 
حول حباله الصوتية 
حد الاختناق 
وترتمين قريباً 
من شجرة الكرز الأنيقة 
   ( 13 ) 
تلملمين أزهار الياسمين 
من السياج العشبي 
وتتدلّينَ على أجنحة القدر المتكبر
وقبل نضوج التين 
تبحثين عن الأزلي 
في طفرة الصبار 
بعد أن تحدى 
الصخورَ الصامتة حد الجمود 
   ( 14 )
ها قد تربعت ِ 
منذ عصر المعجزات 
الكونية 
كما تربع (الأكيدُ) 
على عرش ٍ مغرور ٍ 
يضاهي غرور قوس قزح 
المولود ِ
من عناق ٍ 
بين خيوط الشمس ِ و حبات ِ المطر ٍ المجنون 
   ( 15 ) 
لا تغتري بصلابتكِ  
فما زلت ِ 
ورقة ً متدلية ً 
تنوءُ تحت َ ثقل الصوان 
فكل الفرسان طحنوك ِ 
في بيادر العدس 
كلهم طبعوا قبلاتهم 
المرطبة بندى الأنفاس 
   ( 16 ) 
كن كما أنتَ 
فكل فحولة الجرجير 
لا تغريها 
ها قد عاصرت ِ 
رحلة سمك السلمون 
الأخيرة 
بعد أن تحدى 
قسوة الشلال حد العناد 
هي كانت رحلته الأبدية 
مرتطماً 
بأغصان الشجر المتدلية ِ
من ثقل أوراقها الصوان 
   ( 17 ) 
ربما استعاروا أسماءَهم 
من ملاحم (جلجامش )
وحكاية (أوديب) 
النادم حد العمى 
فكانت أسماءهم 
تتدلى على ظهورهم
كتلك الحَفَلات المخادعة وراء القناع 
   ( 18 )
لكنّي أنا 
ما زلتُ ورقة ً 
خضراء 
وما زلتُ أحضنُ أزهارَ النرجسِ 
التي أخفت مخاضها العنيد 
تلك الأزهار 
الحالمة بثمار الخلود 
الواهية 
وما زال الفصلُ 
أول الربيع
 
                           الرياض / 5 / 2009 
[email protected]
08-أيار-2021
21-أيار-2012  | |
29-كانون الثاني-2010  | |
02-كانون الثاني-2010  | |
16-كانون الأول-2009  | |
20-آب-2009  | 
22-أيار-2021  | |
15-أيار-2021  | |
08-أيار-2021  | |
24-نيسان-2021  | |
17-نيسان-2021  |