تعب الشعراء هو القلق الذي يتخذ شكل الوجه
2007-07-22
تعب الشاعر من الحياة عتب ٌ عليها. والتعب لا يأتي إلا من العتب، حين يقع الشعراء في السأم، واليأس الذي يتضخم ليصير لوماً ثمّ تقريعاً للنفس على كلّ ما فاتها ويُعتقدُ أنها به قد تكون أسعدَ و أكثر تصالحاً مع نفسها في القصيدة.
هو السأم من الحياة في لا استطاعة الشاعر توجيه أحداثها إلى ما يرتئيه هو من توافق مع العالم المثالي الذي يعيشه كشاعر ويتحد فيه بذاته الإنسانية النبيلة في ارتياحها إلى الجمال، وانزياحها بلاوعي محقق إلى ما هو ضد المادية وتكاليف العيش الثقيلة على قلبه الشاعر كحجر يثقل قلبه فيودي به في متاهات الجنون والضياع، وهو قاب شعرة منه على كل حال، وعبقر الجنون الشاعر يسكن خياله ويرسم مخيلته، وفي ذلك يقول أول الشعراء وحكيمهم زهير بن أبي سلمى في معلقته:
"سئمتُ تكاليف الحياة ومن يعشْ
ثمانين حولاً لا أبا لكَ يسأمِ
وأعلمُ علمَ اليومِ والأمسِ قبلهُ
ولكنني عن علمِ ما في غدٍ عمِ"
فالشاعر العربي منذ الجاهلية عانى نعمة الشعر ونقمتها عليه في حياة اجتماعية تفرض عليه
شروطها التي لا تتوافق مع شفافيته المفرطة وحساسيته الشاعرية الجمالية، فزهير بن أبي سلمى يرى في طول العمر استكثار معاناة وألم وعذابات تفرضها السنون، ولا ينجو منها إلا من غاب عن الحياة نفسها، قبل أن تدهمه بفواتها القاتل، وزهير الحكيم يرى بعين الشاعر العمياء عن أحداث الحياة، الخبيرة بالكشف الشعري الذي لا يرتاح لليومي والعادي.
تعب الشعراء هو القلق الذي يتخذ شكل الوجه الذي لهم، ويضعونه على وجوههم كلّ صباحٍ ولا يملّونهُ. أو الطاولة التي يلقون عليها مصائبهم و المصاعب التي تجعلهم ينهارون إليها كجسدٍ يرتطم بالأرض ليتهشم كزجاج الأمنيات التي يحملونها كوابيس يقظة و أحلاماً مؤجلةً لا تأتي.
والشاعر العربي عانى كما الإنسان العادي من شدة وقع الحياة عليه، في تسارع تحولاتها وانتقاصها من مساحة حريته وفرديته كشاعر. يصرخ فلا يجيبه إلا رجع صوته في الفراغ، وهو نبي السؤال، له وجهُ نقاطٍ ثلاث أدارت ظهرها للكلام، وهو الحزين دائماً يمضي إلى زاوية الشارع علّه يجد ما يكنس به شظايا يديه. حزينٌ لأن نمل الحروف تسلل إلى رغيف حبره في وحدته القاتلة، يقول عبدالوهاب البياتي :
"الكنز في المجرى دفين
في آخر البستان
تحت شجيرة الليمون
خبّأه هناك السندبادْ
لكنّه خاوٍ
وها أنّ الرمادْ
والثلج والظلمات والأوراق تطمرهُ
وتطمر بالضباب الكائنات
أكذا نموت بهذه الأرض الخراب
ويجف قنديل الطفولة في التراب؟".
يبحث الشاعر عن كنزه، قمره الذي دفع لوركا حياته ثمناً للبحث عنه ولا يجده، نظر في عيني القاتل وسأله:" أين قمري؟ هل رأيت لي قمري؟"، وهنا عبدالوهاب البياتي يسأل عن كنز عمره، قمره الذي خبّأه السندباد تحت شجرة الليمون في آخر بستان العمر. وهنا يبكي الشاعر رماد العمر الذي احترق بالثلج ثلج المشاعر، والأوراق أوراق الشاعر، والظلمات ظلمات الروح. ويقينه أن العمر فراغ وخواء، ولا يمكن للرؤيا القصيدة أن تتحقق في الأرض الخراب إلا بالموت، الدفن، وهو الخلاص الأخير للشاعر في قصر عمره عن تحقق غاياته ويأسه من الوجود، وقلقه الوجودي الذي حلّ بلاوعيه منذ ما قبل تكوّنه الجنيني الأول.
والعمر منفاه بين الناس، ومستقره قصيدة ترثيه بينهم زنبقةً تموت، وشاعراً فقيراً حاجتهُ الحب وتحقق غايات قصيده في رؤيويته الكاشفة، يقول عبد الوهاب البياتي في قصيدة "قمري الحزين":
"ونحنُ من منفى إلى منفى ومن بابٍ لبابْ
نذوي كما تذوي الزنابق في الترابْ
فقراءَ يا قمري نموتْ
وقطارنا ابداً يفوتْ".
قلق الشعراء في الحياة ومنها، هو الرداء الذي يضعونه لعُريهم كلّ نهارٍ جديدٍ ليبتسموا للآخرين بينما يقبعون خلف أقنعتهم يبكون لامبالاة الحياة بهم، أو تطاول قامتها على قزمية تفاصيلهم التي تفوق في اعتقاد الشاعر أهمية مظهر رشاقة الحياة و أناقتها المصطنعة، وربما فداحة اضطراب أشيائها في تناقضات وجود بشرها و علّته الفارغة، يقول عبد الوهاب البياتي في قصيدة "أولد وأحترق":
"شمسُ حياتي غابتْ
لا يدري أحدٌ
الحب وجودٌ اعمى ووحيدٌ
ما مِنْ أحدٍ يعرفُ في هذا المنفى أحداً
الكلُّ وحيدٌ
قلبُ العالم من حجرٍ
في هذا المنفى الملكوت".
والشعراء تغويهم الحياة فيتعبون بها، ويقتلهم السعي الدؤوب خلف مرادٍ لا يتحقق إلا في الغياب، والمنفى هو صدفة حمايتهم كسلحفاةٍ يتعبها حملُ بيتها على ظهرها ويحميها لفرط شفافيتها وانكشاف لحمها، يقول بدر شاكر السياب، في قصيدة له بعنوان "سراب":
"بقايا من القافلة
تنيرُ لها نجمةٌ آفلة
طريق الفناءْ
وتؤنسها بالغناء
شفاهٌ ظماءْ
تهاويل مرسومةٌ في السراب
تمزّق منها النقابْ
على نظرةٍ ذاهلة
وشوق يذيب الحدودْ"
هي قافلة العمر تنير لها نجمة الشعر الآفلة، التي لا تسطع إلا في ظلمة الفناء، في عتمة الحزن الذي يلازم الشاعر كظله، في نومه ويقظته، كلّ صباحٍ تغادر غرفته عينيها وتنام في الجدران، تنام وسادته في قميصه ليكون القلب أكثر دفئاً، والنوافذ عيناه تشرعان وجهاً للريح، و النوافذ ترمي بنفسها عن الشرفة حين يضيق بها الإطار ويشتد شوقها للعصفور. يقول بدر شاكر السياب:
" إذا حدجتني الشهب
هتفتُ بها "غداً سنموت، فانهمري على البشرِ"
لأهون أن أموت لديكِ وحدي دون حشرجةٍ
ولا أنةٍ من القدر المروّع يجرف الأحياءَ بالآلاف
ولكنني أصيخ إلى النهار فأسمع العرّاف
يهدد "سوف يهلك من عليها ... "
أكاد أمزقُ الدم في عروقي بارتعاد روحي الحيرى
أكاد أعانق القبرا
أرى أفقاً وليلاً يطبقانِ عليَّ من شرفةٍ".
والتعب في الحياة اليومية لا يشبه ما يشتهيه الشعراء لأنفسهم، لكنهم يرحّبون به كضيفٍ ثقيلٍ دائماً يلوّن ليلهم بالأرق و نهارهم بالقلق المر، وما بينهما يتسع ليتخذ شكلَ سكّينٍ ينغرس في خاصرة النص عندهم لحظةً كلَّ لحظةٍ. يقول عدنان الصائغ:
" أخرج من ضوضائي إلى ضوضاء الأرصفة
أنا ضجرٌ بما يكفي
لأن أرمي حياتي
وأمضي طليقاً
ضجراً من الذكريات والأصدقاء والكآبة"
يصرخ الشاعر بالآخرين، أن وجوهكم مخيفة، تخنقه أصابع الأحلام فيتعلق بحبل السرة ليختنق بالبكاء، يرجوهم أن "أزيحوا غبار أقدامكم عن زجاج وجهي"، فأنفاسه قافلة سراب وقلبه أصمّته ضوضاء الارصفة، واختنق بالضجر من الذكريات والأصدقاء. يقول عدنان:
" تحت سلالم أيامي المتآكلة
أجلس أمام دواتي اليابسة
أخطط لمجرى قصيدتي أو حياتي
ثم أدير وجهي باتجاه الشوارع
ناسياً كلّ شيء
أريد أن أهرع لأول عمود
أعانقه وأبكي".
الشاعر يقامر، ولكن بحياته، كمن يرغب في إنهائها بالطريقة التي تخلّده "كاميكاز" قصيدةٍ يكتبها ساموراي الشعر بدمه ويمضي إلى غاياته الأخرى التي لم تتسع لتحققها حياته الأرضية. فهو يرغب دوماً بالانتحار، يسعى إلى رؤيا تقربه إلى الموت كأنه به يبدأ لحظة الخلاص، يقول أمل دنقل:
" كلّ صباحٍ أفتح الصنبور في إرهاق
مغتسلاً في مائه الرقراق
فيسقط الماء على يدي دما
وعندما
أجلس للطعامِ مُرغما
أبصر في دوائر الأطباق جماجما
جماجما
مفغورة الأفواهِ والأحداق".
يستمد الشاعر العربي من الاساطير سبباً ليكون خالداً في القصيدة، فهو فينيق المدن المحترقة، وعنقاء الحطام، هو المبشر بما يأتي غداً، أجمل وأحلى، ولو كلّفته النبوءة هذه حياته يفدي بها البشرية ويصير قديس الجهات الاربع، يرتاح إلى الموت نهايةً للقلق الوجودي، قلق الحياة، ويأس الشاعر منها، يقول أدونيس:
" أيتها الشمس ماذا تريدين مني
أبحث عمّا لا يلاقيني
باسمه أنغرس وردة رياحٍ
شمالاً، جنوباً، شرقاً غرباً
باسم جسدي الميت
ليس لجسدي شكلٌ
وانا لا أنا
إجلس أيها الموت في مكانٍ آخر ولنتبادل وجهينا
أقول باسمك وباسمي
نضلل الحياة وهي التي تقودنا
أنا الباحث وليس أمامي
غير الموت"
لماذا يشعر الشاعر بالتعب ولا يشعرُ التّعِبُ بالتّعَبِ ؟. و هو يعملُ ليلَ نهارٍ ولا يتعبُ، بل يرسم ابتسامةً دائمةً و يسبرُ أغوار عوالم الآخرين التي تضجّ بكثير قلقٍ و غربةِ روحٍ و تشظي ذات، هو الفرِحُ حتى في صمته وغباء الآخر عن فهم سرّ هذا الصمت. بينما يقبع الشاعر في جحر قصيدة لا تتحقق، وينام فيها نومة كهف لا تنتهي، وإن ظل يصرخ داخل كهف القصيدة بين الحين والآخر، معلناً عصيانه الوجودي ضداّ لهذا القلق المريض الذي يلتصق به كاسمه، يقول خليل حاوي:
"ليتني مازلتُ درباً للذئاب
وعلى حشرجةِ الأنقاض في صدري
على الكهف الخراب
يلهثُ الوغدُ بحمى رئتيهِ
بدعابات السكارى، بالسباب
ليته ما لمّني من وحلةِ الشارع
ما عوّدني دفء البيوت
ويداً تمسح عاري وشحوبي
ليتَ ما سلّفني ثوباً".
الإنسان العاديّ التَّعِبُ يحفر في الصّخر أسماءً لأشيائهِ بناتِ يديهِ نبات الأرض العصيّةِ على فهم الشعراء أبناء الحياة السريعة كوجبات الطعام، أو واجبات الحياة التي يقومون بها مرغمين، وبسرعةٍ كيلا تصدمهم حقيقة فراغها من مضمونها الإنساني، ومدى افتراقها عن عالم اليوتوبيا الحلم الذي يبنونه في أخيلتهم الشاعرة. يقول بلند الحيدري:
"كلّ ما في حاضري يصرخ بي
أيها المجنون لا شيءَ هنا
أنا إنسانٌ كباقي الناس
ولكن، ويحَ نفسي أيّ إنسانٍ تراني
ليس لي ماضٍ
ومالي غير يومٍ
يرسم العمرَ على سودِ أغاني".
أشياء التعب اليومية يرعاها الآخرون بعرق الجبين وماء القلب ولا يتعبون، بل هم في لذةٍ أزليةٍ لا تفوقها لذةٌ سوى تلك التي يشعرها الإنسان حين يرتاح من عبء تعبه / عتبه على الحياة نفسها.
الإنسان العامل في كلّ ورشةِ حبٍّ و تعبٍ ولا يتعب، بل يفيض ببهاء لحظتهِ السمراء، و جبهته المكتويةِ بنار شمسٍ غبيةٍ تصبّ جام غضبها عليه، لأنها تملّ الطلوع ثم الأفولَ كلّ يومٍ ولا يملّ هو، بل يتجوهر أكثر صفاءً و نقاءَ قلبٍ. أما الشعراء فيتعبون ويملون، لأنهم يحملون الحياة ما لا طاقة لها على حمله، وهم بالتعب يعيشون عتباً يومياً، ويكادون يلعنون الساعة التي وُلدوا فيها، ما بين فرشاة أسنان الصباح نفاد زيت القمر القنديل. يمارس الشاعر هذا العتبَ حدّ اللطمِ على وجهه، والندب لأيامه المتوفاة بقدرةٍ من غبائه المطلق، وجهله أسباب النعمة التي أسبغتها على لغته الحياة بأن أعطته القدرة على النطق بما لا يقوله الآخرون، ولا يتعبون. يقول أنسي الحاج:
"أنهض من زجاج الذاكرة المهشّم
ينطلق عصفور مشلول
أنذرتكِ :" العاشق يصمد" ...
آهِ من يسعفني بالوقتِ
من يؤلف لي الظلال
من يوسّع الأماكنْ".
الشاعر بالمطر يغسل عيون الآخرين عن قلبه، لينزاح عنه ستر العاصفة الضوضاء، وينام في الهدوء، كزهرة في معطف الربيع، فرأسه ثقيلٌ والوقت لا يسعفه بالمسافة، والانتظار بحثه عن غايته في الموت الجميل الذي ينهي تعاسته في قلق الحياة. وهو صديق الذئب،يبحث عمن يؤلف له الظلال، ليغني للقمر و يعوي في غيبته، يحمل فوق كتفيه سندان الضجيج.
والشاعر يبكي في الليل وحده، ينهمر دمعه وملح الصديد، يصرخ تحت سياط الحياة تجلده بفجاجتها، وقلقه اليومي في يأسه مما يأتي غداً، وخوفه مما لا يستطيع ردّه من عذاباتها في غربته عن أقرب المقربين إليه، وخروجه من الجسد القاصر والعاجز كلفظٍ ضاق بمعناه.
والشاعر صديق الليل والعتمة، يخاف الحلم فيبتدع موت أحلامه كل ليلة كيلا تتحقق، يقول محمد عفيفي مطر:
هذا الليل يبدأ
دهرٌ من الظلمات أم هي ليلةٌ
جمعت سواد الكحل والقطرة من رهج الفواجع في الدهور
هذا الليل يبدأ
تحت جفنيك البلاد تكوّمت كرتين من ملح الصديد
فابتدئ موتاً لحلمك
وابتدع حلماً لموتك
أيها الجسد الصبور".
والشاعر يتنصل من أشياء الحياة، وملكيته لغيبها الرائي والمستشرف، يبتكر أشياء عالمه الداخلي من العدم، فبالنسبة إليه يتشكل العدم في لاوعيه كمشاعر متضاربة من القلق الوجودي والانطواء على الذات، في مرضية ذاتٍ مكابرة حيناً، ومسحوقة أحياناً، وهو المشعوذ والعرّاف الذي يقرأ بالدخان والرماد، وبالنار يحيا لأنها نار هدايته البشر إلى دربه هو في الحياة، يقول توفيق زياد:
"غير الخبز اليومي
وقلب امرأتي
وحليب الأطفال
أنا لا أملك شيئاً
وسوى الشعر
وإيقاد النار
وتشخيص الآتي
أنا لا أملك شيئاً".
يمارس الشاعر القتل اليوميّ لأحلامٍ تبرعمت من فرح أيامه ولا يعترف بأبوته الشرعية لها. و يخنق صراخ الطفل القابع خلف قضبان شخصيته الموتورة الآثمة دائماً، دونما معرفةٍ بسرّ هذا الإثم الذي يلتصق به كالاسمِ تماماً، ولو كان رجلاً لقتلهُ.
الشعراء يحتجون ضد الحياة كيفما كانت، فكما تكون هي لا يقبلون بها هم، وبين الرفض والقبول يمارسون لعبة "الأودية" التي يتبعهم الغاوون ليهيموا فيها على غير هدى، ويقولون الحلم الذي لا يتحقق بفعل لا يفعلونه لأنهم إن فعلوا أفلوا، وغابت نجمة وحيهم في القصيدة، وإلهام المخيلة، يقول فاروق جويدة:
"هل ترى في العمر شيئاً
غيرَ أيامٍ قليلة
تتوارى في الليالي
مثل أزهار الخميلة
لا تكن كالزهر في الطرقاتِ
يلقيه البشر
مثلما تُلقي الليالي عمرنا
بين الحفر".
لا يفرحُ الشعراء كلّ الفرحِ، ولا يبكون حدّ الانهمار. ولا يقعون في البياض النقيّ كقلب طفلٍ، أو احتراق فراشةٍ عند قنديل، أو خفقةِ أجنحةِ ملاكٍ ولا يطير. إنهم يكتبون وكفى، ويتركون للحلم ألا يتحقق ليصير أحلى وأشهى، وللقلق أن يغلب كي تتولد صدمة الفن ودهشته.
08-أيار-2021
03-آذار-2009 | |
09-كانون الثاني-2009 | |
09-تموز-2008 | |
07-حزيران-2008 | |
تحولات الرّمل: وعي الاستمرارية في التجربة الروائية في الإمارات |
02-آذار-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |