الجنرال فرانكو في الجحيم ـ بابلو نيرودا
2006-11-14
أيّها الشرّير، لا النار ولا الخَلّ الساخن
في عشّ ساحرات البراكين، ولا الجليد المُفترِس،
لا السلحفاة النتنة التي تنبح وتعول
بصوتِ امرأةٍ ميّتةٍ تخدشُ بطنك
باحثةً عن خاتم زواجٍ ودمية طفلٍ مذبوح،
ستكون لك سوى بابٍ مظلمٍ مكسور،
في حقيقة الأمر.
في الحليب والأثداء التي ديستْ على امتداد الطريق،
دائماً هنالك قرية أخرى، دائماً هنالك صمت أكثر،
وباب مهشّم.
ها أنتَ هنا الآن. جِفنٌ قذر،
روثُ دجاجِ مقابرَ فاسدٌ، بُصاقٌ ثقيل،
شكلُ خيانةٍ لا يمحوها الدّم. مَن، من أنتَ؟
يا صفيحةَ المِلح البائسة، يا كلبَ الأرضِ،
يا ظِلاًّ شاحباً سيّيء الولادة.
اللّهَب يتقهقر بدون رمادٍ،
العطش المالح للجحيم،
مدارات الحزن تشحب.
أيّها اللّعين، الإنسانيّة وحدها ستطاردك،
داخل النار المُطلَقة للأشياء ينبغي ألاّ تُفنى،
ولا أن تضيع في ميزان الزمن،
ينبغي ألاّ تُثقَب بالعدسة الحارقة
أو بالزَبَد العنيف.
وحيداً، وحيداً. لأجل أن تجتمع كلُّ الدموع،
لأجل خلود الأيادي الميّتةِ والعيون المسمولة،
وحيداً في كهفِ جحيمك،
تأكل في صمتٍ القيحَ والدّمَ
طوالَ أبديّة ملعونةٍ وموحشة.
أنتَ لا تستحقّ النوم
حتى ولو كانت عيناكَ مثبّتتين بالدّبابيس:
ينبغي أن تظلَّ مستيقظاً أيّها الجنرال، يقظةً أبديّةً
وسط تعفّن الأمّهات الصغيرات،
رشقات الرشّاش في الخريف.
جميعها وجميع الأطفال المحزونين المقطّعةِ أوصالهم،
متصالبين، مشنوقين، ينتظرون في جهنّمك
يومَ الإحتفال البارد: يوم وصولك.
الأطفالُ المسودّون من الإنفجارات،
شظايا الدماغ الحُمرُ، الدهاليزُ المحشوّة
بالأمعاء اللّطيفة، جميعُ هؤلاء بانتظارك، كلٌّ على وضعهِ الذي كان فيه
عابراً الشارع، راكلاً الكُرة،
يزدردُ فاكهةً، مبتسماً، أو مولوداً لتوّه.
مبتسمينَ. هنالك إبتسامات الآن مهشّمة بالدّم
تنتظرُ بأسنانٍ مُبعثرةٍ، مقلوعةٍ
وأقنعةٍ من صديدٍ عَكرٍ، وجوه مثقوبة
ببارودٍ أبديّ، وأشباح بلا أسماء،
الظلام يخبّئهم، أؤلئك الذين ما غادروا أسرّةَ أنقاضهم أبداً.
إنّهم جميعاً ينتظرونك لقضاء الليلة.
يملأوون الممرّات كالطحالب الذّاوية.
هؤلاء أهلُنا، كانوا لحمَنا،
عافيتنا، طُمأنينتنا الصّاخبة،
أوقيانوس هوائنا ورئاتنا،
بواسطتهم الأرض اليابسة أزهرت. والآن،
فيما وراء الأرض، تحوّلوا الى ممتلكات تالفة،
قضيةِ قتيل، طحينٍ ميّتٍ،
إنّهم ينتظرونك في جحيمك.
طالما الرعب والحزن قد أَفَلا بعيداً،
فلا رعب ولا أحزان في إنتظارك.
فلتكنْ وحيداً وملعوناً،
وحيداً ومستيقظاً بين كلّ هؤلاء الموتى،
ودع الدّمَ يهطل عليك كالمطر،
ودع النهرَ المحتضر للعيون المقلوعة
ينحدر وينجرف عليك
محدّقاً نحوك الى ما لا نهاية.
ـ ترجمت القصيدة نقلاً عن النصّ الأنجليزي الذي نشره Richard Schaaf ، مع تبديل "إسبانيا" الى "العراق".
من جحيمٍ الى آخر، ماهو الفرق؟
في عُواءِ جحافلِك، في الحليب المقدّس لأمّهات العراق،
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |