شبه الأصل
2006-12-21
لا يظهر فيديو كليب جديد على الفضائيات العربية، إلا وتبرز فيه مشاهد مأخوذة من فيلم سينمائي أميركي. وهي ظاهرة شائعة الى درجة لافتة يصعب معها إحالة مرجعية الصورة أو الشريط التلفزيوني المُمثل لقصة الأغنية، إلى حال إبداعية خاصة بأصحاب العمل الفني، من المخرج إلى عدسة المصور. ومن هذه الاقتباسات «السرقات» ما يكون ناجحاً وموظفاً توظيفاً جمالياً وفنياً، كاللقطة التي ظهرت فيها يارا مع فضل شاكر في ديو «أخدني معك» عندما تقف في السيارة وتلوح بالمنديل، في لقطة طبق الأصل للنجمة الراحلة غريس كيلي... أو تبدو مفتعلة وغير موظفة كما يجب، كالمشهد الذي ظهر فيه ممثل كومبارس هو نسخة بيولوجية مطابقة عن الممثل الأميركي سيلفستر ستالوني في مشهد طبق الأصل مأخوذ من أحد أفلامه، لكليب يحمل توقيع مؤدية اسمها ساندرا.
واللافت أن هذا المشهد لا علاقة له بالأغنية، لكن المهم فيه هذا الشبه الكبير بين الممثل والنجم الشهير.
هذه الإحالات لا تقتصر فقط على ما تظهره الفضائيات من أغاني الفيديو كليب، وما جرّته هذه الصنعة الفنية الجديدة من إقحام لمختلف أنواع الرداءة البصرية، لكن الأمر يتخطاه إلى الألحان الموسيقية والأفلام العربية. وربما المشكلة لا تكمن هنا، فمن الطبيعي ضمن سياق الهيمنة الإعلامية المركزية التي يعيشها العالم منذ عقود، أن تتأثر مراكز الضعف في العالم أو الأطراف، كالعالم العربي، بثقافة دول المركز (الأميركية الغربية) المسيطرة على مختلف أنواع الثقافات. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا تنجح هذه الأفلام المستنسخة؟
منذ وقت قريب تعرض قناة «ام بي سي 2» بين وقت وآخر سلسلة من أهم الأفلام التي يعاد عرضها في شكل مستمر، ومنها فيلم «بريتي وومن» من بطولة ريتشارد غير وجوليا روبرتس. هذا الفيلم الذي أعدت نسخته العربية وعرضت على إحدى الشاشات العربية، بتزامن قريب مع الفيلم الأصل، وأدى فيه دور البطولة مصطفى فهمي والهام شاهين، اعتقد صانعوه أنه يحاكي الفيلم الأصل، لكنه كان في جوهره بعيد كل البعد عنه، وهذا البعد بحد ذاته يشكل الفشل الذريع التي تحظى فيها أفلام مستنسخة كهذه، لأن علاقة الحب التي تنشأ بين بائعة الهوى ورجل الأعمال في الفيلم الأميركي، مردها التركيز على النواحي الإنسانية والفردية الخاصة بالبطلين والانتصار إلى القيم الروحية العليا في مواجهة قيم الفساد والانحطاط التي يصل إليها الإنسان وتصبح جزءاً من شخصيته، لكن الحب يتجاوز القيم الجمعية والعادات والتقاليد، لينحاز إلى الفردانية والحرية الشخصية. في حين يركز الفيلم العربي على ان الدافع الذي جعل رجل الأعمال الثري يتعلق بالبطلة ويهواها هو تمنعها عنه وانتصارها للقيم والعادات والتقاليد، فيتحول الفيلم إلى صدى لما يردده عامة الناس في الشوارع، تماماً مثلما يحدث في برامج حوارية، تحاكي برنامج «أوبرا» الشهير أو «د.فيل» اللذين يعرضان على قناة «ام بي سي4» إذ تحاول بعض هذه البرامج تقليدهما في طرح الموضوعات الاجتماعية والحياتية المتعلقة بتفاصيل حياة الناس العاديين، لكن الاختلاف شاسع بين طبيعة الموضوعات المطروحة بجرأة وحرية في البرامج الغربية، وبين الأفكار الخجولة على الشاشات العربية والتي بالكاد تستطيع مقاربة ما يعده المجتمع محرماً عليها، أو ما يجعل المشاهد ينفر منه. لأن التفكير يكون منصباً على مسألة واحدة: ما هي صورتنا ونحن نعرض هذه المحرمات عند الآخر؟
ربما لذلك تكثر البرامج والأفلام المستنسخة، لكنها لا تحاكي أبداً النسخة طبق الأصل! بعد أن تفرغ من محتواها الحقيقي القائم على ثقافة مجتمع مختلف عن مجتمعاتنا، فتتحول إلى نسخة شبه الأصل. نسخة مشوهة ترقعها الكاميرا من هنا... ومن هناك!
08-أيار-2021
27-تشرين الثاني-2011 | |
04-تشرين الثاني-2011 | |
11-تشرين الأول-2011 | |
07-آب-2011 | |
19-تموز-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |