لكِ
في هذا المطر،
الذي لا يتوقف
باقي الليل
بعد الخسارة،
والمرآة الغارقة في النعاس
لكثرة ما ترى نفسها.
صورتك ماثلة
في الغيم الذي لا ينحسر،
نحو دروب لم نقطعها،
تعبت في اخفاق النبيذ
والأسرار التي
تشيخ في الزوايا،
شبيهة بصفحة الزمن
يسدل تاريخه في الظلام.


لا أحس
من صورة لأخرى
بغير أوان لم يأت،
ونجمة بما لا يوجد
تحت الاحجار الكريمة،
وما وراء المجرات
من ألق ينمو
لا ينمحي،
وكل الذي عشناه عبثا
في أسباب الفقدان
على عجل،
في كل مرة
سقطنا فيها،
وانفرطت حياتنا
في اتساع الغياب.


تلك القبلات الضائعة
التي ذبلت في جسدي
وجرحت سواي،
تكبر من قصيدة لأخرى.
كالمجنون
دموعه تفيض في الكأس،
وعينه مترعة بالرؤيا،
لا يتعرف إليه أحد
ولا يتذكر أعداءه
الذين كانوا يريقون الدم
في صباحات البلاد،
جنود الأرياف
الجبليون،
وهم يخيطون أكفانهم
في العراء.



الصورة لوحة قديمة
معلقة في باب المسرة،
إلى تلك الأيام
التي تهرول بعيدا،
أنا الممزق في أيامي
المنفية بين العبث والجنون،
أصغي إلى ما بقي
من أغان قديمة،
لماضي الأرياف البعيدة
ونساء الحصاد.
أعود إلى أبعد
من رفوف الطير،
إلى ما في فهارس الوقت
من هجرات وحنين.



من حلب إلى باريس
خرابا مشيته وحدي،
صار أمسي وغدي
وهاهو يقيم في عراء دائم
وبراري خارج المكان،
جزافا لا يراه أحد
لم يسعفه المنفى،
ولا تزوده الأيام بالأخبار.
أرنو إلى غد لم أتداركه
صار متعذرا.
لا أقمار
في شرفات باريس،
تذكرتك
بي ندبة سوداء
من صيفنا الأخير.



النهارات والليالي،
كؤوس الشراب
التي تتتالى،
في الرغبات والحنين،
وأنا تحت مطر باهت
أنتظرك
قلبي بارد كالرخام .



· بشير البكر : شاعر سوري مقيم في باريس والقصيدة من ديوان ( ليس من أجل الموناليزا ) يصدر عن دار النهضة العربية - بيروت