عدالة في قبضة الفساد
2007-01-14
بما أن الطبيعي أن يكون الفساد في قبضة العدالة, فإن المقالة كما يبدو من عنوانها مكتوبة بالمقلوب!.
ويبدو, واللـه أعلم, أن ذلك "المقلوب" هو الذي يقلّب الأبصار والقلوب, والبصائر والضمائر والجيوب, فيخسر الغالب وينتصر المغلوب, جل الذي لا نقص فيه ولا عيوب!!.
و"المقلوب" هو الذي يجعل الشرطي (الذي يقف على أدنى درجة من درجات سلم العدالة) يقول للسائق المخالف: لولا أنني أعرفك وأعرف أهلك, لحررت لك مخالفة نظامية بألف ليرة, ولما رضيت بورقة الخمسين هذه. ويقول للسائق غير المخالف: يجب أن أحرر لك مخالفة,
لأن الضابط المسؤول أمرنا ألا نعود إلى المركز بدون تحرير عدد من المخالفات ولأنك بصراحة لم تخبئ لي شيئاً بين أوراق السيارة. (عم حكيك يا كنة افهمي يا جارة!).
و"المقلوب" هو الذي يجعل الضابط يقول للمشتكي: أنصحك بقوة القانون أن تتنازل عن الشكوى
التي قدمتها ضد فلان, لأنه رجل طيب وكريم ومعطاء.... ألا ترى هذه الساعة الذهبية التي أعطاني إياها؟!. ويقول للمشتكى عليه: لا تقلق من الحبس, فكل ما تحتاج إليه وما تطلبه, متوفر وسهل المنال, ما دمت قادراً على دفع الأموال. سبحان من لا تغيره حال عن حال!.
و"المقلوب" هو الذي يمنح القضاة قدرة هائلة على قراءة ملف بآلاف الصفحات في غضون ساعتين, والفصل فيه خلال يومين. وهو هو الذي يصيبهم بالكسل أمام ملف لا تتجاوز صفحاته العشرين, فلا ينهون قراءته في أقل من شهرين, ولا يحسمونه في أقل من عامين. توكلنا على اللـه وبه وحده نستعين!.
و"المقلوب" هو الذي يجعل قاضياً ما يرفض الهدايا والهبات الصغيرة من عموم الناس وصغار الكسبة وأصحاب الدخل المحدود, مدعياً العفة والنزاهة ونظافة الكف, ولكنه يقبل الهدايا والهبات الكبيرة من كبار التجار والمتنفذين, سواء في أفراحه أم في أتراحه ومناسباته الحزينة, صدقة عن أرواح المرحومين. إنا للـه وإنا إليه راجعون!.
و"المقلوب" هو الذي يجعل لكل قاض مفتاحاً, من دونه لا يمكن أن يفتح ما انغلق عليه من أحكام واجتهادات, أسكنه اللـه وأمثاله فسيح.... الجنات!.
و"المقلوب" هو الذي ينفذ بعض الأحكام بسرعة عجائبية, ويؤجل بعضها الآخر بطريقة غرائبية, ويشقلب الباقي بأساليب بهلوانية, وله في كل ذلك تبريرات شرعية. اللهم صل وسلم على خير البرية!.
و"المقلوب" هو الذي يسطر الخبرات القضائية, الطبية والهندسية وسواها, على عكس ما ينبغي أن يكون, وعلى عينك يا قانون, قدس اللـه سرك المكنون!.
و"المقلوب" هو الذي يجعل قضيتين متشابهتين بتفاصيل التفاصيل تسيران بشكل متواز: إحداهما على طريق سريع, تصل إلى النطق بالحكم بسرعة قياسية, والأخرى على طريق محفر, تصل بسرعة سلحفاتية إلى النطق بالحكم.... الذي يكون مناقضاً للحكم بالقضية الأولى, أي... بالمقلوب!.
بعد كل هذا, هل مازالت المقالة بالمقلوب؟!.
نشرة النزاهة ـ د. عمار سليمان علي
08-أيار-2021
27-تشرين الثاني-2011 | |
09-تشرين الأول-2011 | |
24-أيلول-2011 | |
19-آب-2011 | |
03-آب-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |