صراعُ المفاهيم وصناعةُ الأرباب في الدين الإسلامي 1ـ
2007-01-31
وقال لي: أنت معنى الكون كله.
النفَّري
1
تعتمد الأسُس الأولى لأيِّ دين على مجموعة من المعارف والقيم الأخلاقية، منها الأمان والتسامح والمحبة والخدمة وتطوير إنسانية الإنسان والتكامل من خلالها. ولا يخلو الدين الإسلامي من هذه المقولات العامة ومن محاولات تطبيقها على السلوك الإيمانيِّ عِبْر تاريخه الطويل الذي امتلأ بأشكال مختلفة من الاعتقادات والرؤى، الخاصة والعامة، بخصوص تشغيل مفهوم الربوبية وتفعيل حركته الواقعية والتشريعية التي أنتجتْ رؤى متباينة للنظر إلى هذا المفهوم؛ فتعددتْ من خلاله الحقائقُ الربوبية، وبالتالي، طبيعةُ المعتقدات والمرتكزات التي يتم من خلالها تفعيل الحقائق المتعلقة بالربوبية، التي أنتجتْ نماذج متعددة من الأرباب، ينتمون إلى التسمية الكبرى للربِّ الواحد الأحد، ويختلفون في تطبيق آلية العمل وطُرُق التواصل وتنظيم الذاكرة الدينية وشَحْنها بما يتناسب مع إيمان كلِّ فرقة في تفسيرها معالم الغيب الواحد.
هذا ما حصل في المنظومات الدينية كلِّها التي تشظَّتْ وتعدَّدتْ بسبب العوامل الزمنية واختلاف الإنسان في التفكير والرؤى. وهذه التنوعات المختلفة أنتجتْ تراثًا كبيرًا من المعارف والعلوم والاعتقادات والقيم والحكمة، لكنها خلَّفتْ وراءها أيضًا دمارًا لحضارات، ودسائس وخيانات، واغتيالات وقتلى لا عددَ ولا إحصاء لهم – قتلى هُمْ، في الحقيقة، ضحايا اختلاف العبارات... لا أكثر!
هذا التراكم المخيف من الهزائم الإنسانية أمام عبارات "مقدسة" تَرَكَ شروخًا عميقة في التعامل مع الحقيقة المطلقة، بل أدَّى، في أحيان كثيرة، إلى التخلَّي عنها للأبد؛ مما دَفَعَ دياناتٍ كثيرةً إلى مراجعة قاسية لتاريخ الشرِّ والعنف فيها، بحيث استطاعتْ أن تجدِّد بعض أساليبها في التعامل مع الإنسان والواقع وتطوِّرها وأن تجعل هذه الأساليب أقلَّ توحشًا وعدوانيةً، وتمكنتْ من أن تُقصي أشكال العنف وتدمير الذات الإنسانية، وأن تكفَّ عن إزاحة كلِّ ما يتعارض معها بدموية مباحة؛ وهو الأمر ذاته الذي حدا ببعض الديانات إلى هجر "ربِّ الحرب"، ومن ثمَّ إلى التعاطي والحياةَ بواقعية صريحة وشفافية، حقيقية حينًا ومفتعَلة حينًا آخر، حيث أقرِّتْ هذه الديانات – طوعًا أو كرهًا – فصلَ الدين عن جوانب زمنية ودنيوية قابلة للتغير والتبدل، وأخذتْ تهتم بالجوانب التربوية والروحية وبحثِّ الناس على الانتماء إليها بوسائل الترغيب والخدمة ونبذ لغة الموت والدمار – كلُّ ذلك من أجل ضمان استمرار وجودها وكسب ثقة الناس بها وبالربِّ الذي تؤمن به. أما الدين الإسلامي فمازال - بكل أسف – يستخدم الخطابَ المدشِّن للحرب والموت؛ وهو أمر يصدُق على مذاهب الإسلام كلِّها، وإنْ اختلفتْ الصياغاتُ هنا أو هناك أو عُطِّلتْ لمصالح خاصة أو عامة.
ليس مرادنا وضع الإسلام في دائرة الاتهام بقدر ما نصبو إلى توضيح العلاقة التبادلية، حياةً وموتًا، بين الربِّ وبين عباده، داخل المنظومة الدينية في شكل عام والإسلامية في شكل خاص. وإننا، في هذا البحث، نتبنَّى أسلوب عدم الفصل بين تعاليم الربوبية والسلوك الواقعي للمتديِّنين: فنحنُ لم نجدْ أية مسافة واقعية بينهما، إلا على صعيد البحث والتنظير. فعلى الصعيد الواقعي لا نلحظُ أيَّ مبرِّر حقيقيٍّ لهذا الفصل سوى الرغبة في عزل الرب عن أخطاء مربوبيه، كونه في دائرة التقديس والمحرَّم، وفي التأكيد أن الأخطاء لا تصدر إلا من الإنسان لمحدوديته. أما في حقيقة الواقع السلوكيِّ للمتديِّنين، فلا يغدو فصلٌ كهذا متصوَّرًا، كونهم يطبِّقون تعاليم وتشريع الربِّ الذي أُنتِجَ وفق ملامح محدَّدة وانعكسَ، انعكاسًا مباشرًا أو غير مباشر، في هذا السلوك التديني الذي يتوحَّد مع النظام التشريعيِّ للربِّ ويجد له سلوكًا تعبديًّا يتمثَّلُ في اتخاذ عدة أوامر وجوبية لها أشكال مختلفة، يكشف معظمُها عن صرامة وقسوة في تشكيل الحياة الدينية، ابتداءً من صنوف الاستعباد الفكريِّ والمعرفيِّ والسلوكيِّ للإنسان، كتهميش فئات مهمة في المجتمع (المرأة، الطفل، العبيد، الفقراء) وتسفيه وجودهم، وانتهاءً بزجِّ الناس في طُرُق مفضية إلى الموت، مثل قرار الحرب مع الآخر أو إباحة دمه. إذْ إن سلوكًا كهذا له أصل ربوبي، باعتبار أن الربَّ حضَّ على هذه الأفعال أو أمَرَ بها. ولم يجد المطبِّقون لهذه الأوامر أيَّ مخرج آخر، تأويليٍّ أو تفسيريٍّ، بغية إنتاج سلوك تسامُحي متماثل مع إنسانية الإنسان في شكل مجرد.
وبذا فان جميع الأفعال التي تطبِّقها على أرض الواقع أيةُ مجموعة معتنقة لمبادئ معينة أو عقائد دينية أو إيديولوجية إنما هي مرتبطة بمُثُل علوية أو سماوية أو غيبية، وهي في حقيقة الأمر تمثل سلوك الربِّ الفعلي؛ إذْ ليس هناك فصل بين أوامر الربِّ والسلوك الدينيِّ أو تطبيق آلية العمل الربوبيِّ على الواقع. مثال ذلك: محاولة تيارات دينية الاستيلاء على السلطة بهدف إزاحة أيِّ كيان لا يؤمن بمعتقداتها – حتى هدر الدم! وهذا السلوك يعبِّر تعبيرًا واضحًا عن السلوك الربوبيِّ وعن حقيقة الربِّ الذي يعتنقون. وهذا ما يَصدُق على الحركات الأصولية المتشددة، من سلفية وتكفيرية، كما على بعض الجماعات الشيعية المسيطرة في الزمن الحاضر على الجهد الإعلامي، في مدار صراعها الداخلي (أيْ مع غرمائها من الطائفة نفسها أو في اقتتالها مع المذاهب الإسلامية الأخرى) كما في صراعها الخارجي مع الديانات الأخرى (أو بالأحرى مع "الأرباب" الآخرين لديانات أخرى، بحسب افتراضنا).
كذا فإننا نرى أن صعود "رب" التيارات التكفيرية في الواقع الإسلامي والعربي متأتٍّ من كونه ربَّ الحرب، المعادل – معادلةً صريحةً أو خفية – لكلِّ ما في الثقافة العربية من جذور خرافية أدَّتْ إلى استيلاء الشكل العنفي والتوحشي على معظم تاريخها؛ فكان من الطبيعيِّ أن يلبِّي هذا الرب السلفي طموحاتِ هؤلاء العنفيةَ، المتفشيةَ في خطاباتهم في أشكال مختلفة. فهم يعتمدون في استنباط سلوكهم ومبادئهم الصِّدامية وخطاباتهم وشعاراتهم، بالدرجة الأساس، على الأصول المقدسة للدين (الكتاب والسنَّة)، عِبْر التأكيد على الأحاديث "الحربية" و"الجهادية" التي يتمثلون بها دائمًا ويسعون إلى تكريسها، باعتبارها هي وجه الدين الحقيقي، ومن ثمَّ ليعطوا شرعيةً لتطبيقها لاحقًا، لأنها في الواقع تختصر هوية الربِّ الذي يعبدون، أو بما يمثِّل الهوية الربوبية الطامحة إلى الاستيلاء على كلِّ شي عن طريق الحرب والموت. فهذا الرب السلفي ترك آثاره واضحة في سلوك معتنقيه: فتراه يمارس لذة القتل والتدمير في برود على أيدي أتباعه المؤمنين!
علينا هنا أن نبيِّن الفرق بين المعنى الربوبي وبين المعنى الإلهي: فالأول معطى فعلي وسلوكي لهوية الربِّ الذي تختاره جماعةٌ ما، وذلك وفقًا لتصوراتهم وقراءتهم لوقائعهم التاريخية والعقائدية. وهم ساعون بذلك إلى رسم ملامح هذه الربوبية سلوكيًّا بقصد التأكيد على أن هذه الصورة تمثِّل المعنى الإلهيَّ الأوحد؛ وهم في ذلك كلِّه يتحرَّوْن التطابق العمليَّ مع النصوص والخطابات الإلهية الأولى المعتمَدة لديهم. أما المعنى الإلهي، فهو المثال المعطى الذي لا يخص أحدًا بعينه أو طائفة دون غيرها، المعبَّر عنه (في الوجود عمومًا وفي الدين خصوصًا) بالصفات والأسماء الذاتية لحقائق الوجود وتأثيراتها على الحياة والعالم والإنسان.
غالبًا ما نُظِرَ إلى الربوبية باعتبارها مرادفة للألوهية؛ غير أنهما في الحقيقة متباينان أشدَّ التباين. ففي حين يرشح من مفهوم الألوهية معنى هو من الشمول بحيث يصعب على أية فرقة ادعاءُ التفرد في حيازتِه وحدها، نرى أن الربوبية هي محض حقائق دينية متكثِّرة، متنوعة، منحوتة بأزاميل ثقافة قوم ما وتذوُّقهم واستحسانهم، مصطبغةً بمناخ حياتهم وطبيعتهم وتاريخهم، ومتلوِّنة بوقائعهم وبأعرافهم المهيمنة. فلا يمكن – والحال هذه – أن يصار إلى توحيد هذه الحقائق الربوبية المتكثِّرة، ومن العبث السعي إلى هذا الهدف؛ ذاك أن مبتغى كهذا إنما يتعارض مع السنَّة الوجودية التي لا تنفك عن خلق حقائق متباينة حدَّ التصادم. وليس أمام الديانات إلا الإقرار بمراتبية الفهم الإنساني في استيعاب التنوع والاختلاف في الواقع والحياة، باعتبار أن هذا التفاوت في الفهم حقيقة حتمية. لذا فمن من الأجدى العمل على محاولة إقناع "أرباب" الأديان بترك التغالُب المؤدي إلى الاقتتال، والتأكيد على مبادئ الحكمة والتعاليم الأخلاقية التي يزخر بها كل دين – تلك التعاليم والمبادئ التي تكاد أن تنطمس بسبب قوة حضور الأرباب المهيمنين.
2
الربوبية هي الجوهر المعرفي والوجودي المتمثل في كيانات تشريعية وتعاليم سلوكية وذاكرة إيمانية تحدِّد هوية الربِّ وسلوكَه التاريخي المتواصل والمنعكس في طقوس الإيمان وممارسته في الحياة والواقع، بشكل فرديٍّ أو جماعي، وتحت تسمية دينية عامة أو خاصة. وتُعتبَر هذه "الذاكرة الإيمانية" الحقيقةَ الربوبية للديانات والمذاهب والملل. فلكلِّ دين "رب"، يمثِّل حضوريًّا معظم الصفات التاريخية والواقعية لمربوبيه، من التذوق لتفاصيل الحياة والمناخات المعرفية والسلوكية، وحتى الأمزجة العامة والخاصة. وتنقسم هذه الحقيقة، على امتداد حركة الزمن والتاريخ، إلى أرباب محلِّيين أو مستقلين بمفاهيم معينة في مذاهب وملل وحركات؛ وبالتالي، لا تنتهي عمليةُ صناعة الأرباب مادامتْ هناك مدارات متعددة للوعي والمعرفة والسلوك واختلافٌ في عملية الاختيار البشري للشكل أو الحقيقة التي يريد الإنسانُ أن يرتبط بها أو تمثل طموحاتِه وتحقِّق أمنياتِه. فلا يمكن، على سبيل المثال، أن يجتمع الرب المسيحي والرب الإسلامي على حقيقة واحدة مرتبطة بذاكرتهما الإيمانية؛ ولا يعترف الرب اليهودي والرب المسيحي بالربِّ الإسلامي إطلاقًا، مادام كلٌّ من اليهودي والمسيحي يحمل الحقيقة الإيمانية المتمثلة بذاكرته. كذلك الأمر في مذاهب الدين الواحد: فلا ترى هؤلاء الأرباب مجتمعين اجتماعًا كاملاً، على الرغم من الاتفاق العام على الارتباط المصيري بنفس التسمية (الله)، مع الافتراق في الحقيقة الربوبية: بين "المسيح" الكاثوليكي والپروتستانتي، وبين "الرب" الشيعي والآخر السلفي، وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية.
إن هذه الحقائق الربوبية تتمتع باستقلال كامل في تمثيل صورة الله وادعاء حيازته لجهة هذا الدين أو تلك الطائفة؛ وليس هناك من إمكانية لتوحيد هؤلاء الأرباب إلا في مدار التجريد العام للمعنى الإلهي في معزل عن أية ذاكرة دينية. وهذا ما لم يحصل ولن يحصل، لأن الديانات والمذاهب كلها تدَّعي الحقَّ المطلق؛ أما "الآخر" فيمثِّل الباطل.
ومما يؤكد عدم الفصل أو صعوبة التمييز بين الذاكرة الإيمانية وبين الربِّ المعتنَق ذلك التراثُ السلوكي للمتدين الذي لا يقوم باستحضار أية فعالية إيمانية خارج مدار هذه الذاكرة التي هي حقيقة الرب المنحوت فيها. فإنْ كانت هذه الذاكرة مليئة بالتعاليم الإنسانية والخير المطلق والسلوك المنتج لخدمة الحياة والإنسان والعالم، فإن ناتج ذلك سيكون سلوكًا مماثلاً لهذه التعاليم أو متقاربًا معها؛ وإنْ حدث العكس، وكانت تلك الذاكرة ملأى بالشرور، كالعنف والتدمير والتوحش، فمن المؤكد أن هذه الصفات العنفية ذاتها سوف تظهر سلوكًا دينيًّا في الحياة، ظهورًا مباشرًا أو غير مباشر. وهذه الصفات والأوامر التطبيقية والسلوكية في المنظومة الواقعية للدين هي في الحقيقة معبِّرة عن الشكل الواقعي لظهور الرب في هذه الحياة.
تكمن الإشكالية الرئيسية هنا في الفصل الصوَري بين العباد والرب، أو بين الدين والرب، أو بين الذاكرة الإيمانية والرب، بينما الحقيقة أن كلَّ ذلك عبارة عن ظهورات لحقيقة واحدة تندرج تحت السلوك الإيماني والفعل الواقعي لحركة الدين في الحياة؛ وهي في مجموعها تمثل حقيقة الربِّ المعتنَق. ولا شيء خارج هذه العملية إلا ويندرج في باب الإطلاق الوهمي الذي هو من أساسيَّات السلوك الديني الذي يجعل هذا المفهوم الربوبي مفهومًا غير مدرَك، لا لجهة صعوبة هذا المفهوم، بل لجهة نظام وآلية عمل الديانات التي تركتْ هذا المفهوم سائبًا أو مفتوحًا بأوسع أبوابه للتأويل والترميز. وهي إذ فعلتْ ذلك فلسبب أساسيٍّ ورئيسيٍّ يتمثل في انتزاع الصفة الإطلاقية للمعنى الإلهيِّ وفي إضفائها على المعنى الربوبي، ومن ثمَّ الهيمنة التامة على المعنى الإلهيِّ، بحيث لا تدخل أيةُ معرفة أو تخرج إلا من خلال مدار الدين؛ وفي اختصار: تهميش أية معرفة أو ثقافة تريد أن تتحاور أو تشكك أو تتساءل حول ماهية الحقائق الغيبية أو الإلهية الدينية أو الشكل الواقعي لها، بحيث تغدو أيةُ قراءة أخرى فاقدةً للمصداقية والشرعية ما لم يكن لها بُعدٌ أو تمثيل دينيان، أيْ ما لم تكنْ تلك القراءة مرتبطة، ارتباطًا مباشرًا أو غير مباشر، بالربوبية الدينية والذاكرة الإيمانية.
لهذا كلِّه، نستطيع القول بأن الربوبية الدينية (أيْ عملية اجتراح ربِّ الديانات الذي هيمن على المعنى الإلهيَّ وتمثَّل في أسمائه وصفاته) هي محاولة لها صواباتها في قراءة المعنى الإلهي المطلق، مثلما لها أخطاؤها أيضًا. غير أن الإشكالية التامة في الإدراك الدينيِّ للمعنى الإلهيِّ هي إشكالية استلاب هذا المعنى وحَصْره في رؤية واحدة تطورت ضمن حدود المعرفة الدينية فقط، ولم تجدْ لها منافذ أخرى للظهور، بحيث تتكون لها مصاديق واقعية أخرى لا تلتمس بالضرورة البناءَ الشكليَّ أو السياقَ التركيبيَّ للدين. نحن لم يعد بمستطاعنا أن نعرف الله أو أن نبحث عن هذا المعنى المطلق خارج مدار الدين: الله الذي تعرَّفنا إليه أو تصورناه أو اعتقدنا به هو "الرب الديني" فقط ليس غير؛ إذ ليس لـ"الله" وجود خارج مدار الدين، كما هو واضح عِبْر التاريخ.
أين هو الله خارج الديانات؟ سؤال لا نجد له إجابة مطلقًا، إلا في شكل محدود وضيق وفردي. لذا سنحاول في هذه الدراسة أن نفصل بين ما هو إلهي (أي المعنى الإلهي المطلق في الوجود الذي هو الوجود كله، من دون تمايز من خلال السنَّة الكونية والإنسان، الذي هو جوهر الحقيقة الأرضية لهذا المعنى) وبين الحقيقة الربوبية وإمكانية هذه الحقيقة في تسخير القدرات البشرية في صناعة الأرباب عبر زمن الإنسان الأرضي. ولا نريد من هذه الدراسة تهديم البُنى الدينية أو محاولة تضييق معانيها، بل سنقوم بعملية تفكيك لآليات النظام الدينيِّ في مرتكزاته الجوهرية من خلال صناعته للأرباب عبر التاريخ، وليس من خلال التنظيرات التاريخية للدين التي حاولتْ إلغاء الزمن والبُعد الإنسانيَّ في عملية ترتيب الشواهد الدينية للحقائق الربوبية وربطها بالعوالم الإلهية. وسيكون شاهدَنا تأريخُ المعرفة غير المنحازة والشواهد الوجودية للمعرفة في إثبات الصناعة الربوبية والكيفية الظهورية لها، واستعراضُ صفات الأرباب من خلال الشكل التنظيمي للدين الواقعي، وبيانُ ملامح الربِّ الديني من خلال قراءة المقدَّس عبر تدوين الخطاب الربوبي أو الممارسة الواقعية لمعتنقيه. وسيكون الدين الإسلامي هو الشكل الديني الأول لهذا البحث، لأنه الدين الذي يهمُّنا على صعيد الواقع الذي نعيشه والوطن الذي ننتمي إليه، ولأنه يواجه مشكلات كبيرة في زمننا الحاضر، لم يحاول المسلمون الاعتراف بها أو حتى البحث عنها؛ وهم الآن على مفترق طُرُق: إما التقوقع على الذات، وتضخيم الأنا الإسلامية المتعالية، وإدامة الشعور بوهم الأفضلية؛ وإما محاولة التخلِّي عن الصفات والسلوكيَّات التي تدعو إلى التصادم والعنف والتوحش، وتطوير آليات العمل الديني والسلوكي لخدمة الإنسانية، وتهذيب مفهوم الربوبية، والانفصال عن بعض الأشكال التاريخية المقدسة غير المنتِجة لأيِّ معنى إبداعي، سماويًّا كان أم أرضيًّا.
إن معظم المشكلات الإسلامية ينضوي تحت المقدس أو اللامفكَّر فيه. وقد أضحت هذه المشكلات تسيء، إساءة مباشرة أو غير مباشرة، إلى المعنى الإلهي، كونه انحصر أصلاً في الرؤية الدينية فقط، حيث تخلَّتْ الدياناتُ في شكل عام، والدين الإسلامي في شكل خاص، عن المبادئ الأولى لظهور المفهوم الديني الذي يمثِّل حالة روحية هائلة منتجة للمبادئ وللقيم المفضية إلى مناخات المحبة والسلام والتسامح وتنظيم مَلَكات الإنسان بغية بناء هذا العالم الذي يعيش فيه هذا الكائن المسمَّى "إنسان".
على الضدِّ من ذلك، نرى أن هذه الديانات أصبحت مصدرًا من مصادر القلق وإشاعة التوحش والرعب وتهديد الإنسان واستلاب أجمل صفاته الوجودية التي هي مدار "إنسانيته". إذ إن الإنسانية – في زمنها الأرضيِّ أو السماويِّ – ساعية إلى إنجاز مشروع "الإنسان" الذي لم يُنجَزْ بعد. وقد شاركتْ الدياناتُ في هذا المشروع بتقديم نماذج إنسانية رائعة اختصَّتْ بالحكمة والمعرفة الخالصة لمسيرة الإنسان الوجودية والمعرفية، وساهمت في بناء نموذج ناصع للإنسان. وبما أن الديانات هي بحث الإنسان الدائم عن عوالم اتصاله بالمجهول أو الغيب أو المطلق أو الطاقة الوجودية أو الله – وكلُّها أسماء دالة على مسمًّى واحد – فهي رحلة لا تخلو من الأخطاء. وإن إضفاء العصمة على هذه الرحلة الدينية هو عبثٌ أوصل الديانات إلى أن تشهد انهيار مفهومها الإنسانيِّ الذي اجترحتْه هي ذاتها، حتى أمستْ إنسانيةُ الإنسان عدوَّ الديانات الأول! – وهو انحرافٌ يشكِّل الآن أخطر مظاهر الدين في زمننا الحاضر.
وهكذا فإن الديانات التي كانتْ في بداياتها مشاريع لإنقاذ الإنسان من التيه الوجوديِّ ولربطه بعوالم أكثر سعة وحكمة ومعرفة، قد استهلكت نهاياتها بتحطيم مَلَكات هذا الإنسان كلِّها وتهميشه لصالح لحظات زمانية اتسعتْ بحيث قلَّصتْ هذا الوجود الإنساني – إلى أن وصل بها الأمرُ في نهاية المطاف إلى أن تتبنَّى، تبنيًا مقصودًا أو غير مقصود، مشروعَ إزاحة الإنسان من الوجود كليًّا!
3
الرب هو ذلك السلوك الإرادي للإنسان في استحضار ما هو إلهي؛ أو بمعنى آخر، هو ذلك الاختيار الإرادي للإنسان في تكوين صورة الله في العالم – تلك الرغبة الوجودية في تحديد ملامح المعنى الإلهيِّ في كينونة معيَّنة اتخذتْ أشكالاً مختلفة، منذ بدأ التفكير الإنساني في الظهور، إلى أن اكتسبتْ حقيقةً أبدية في أنماط التأريخ والواقع والمعرفة والحياة. ذلك أن حقيقة الربوبية متلازمة تلازمًا دلاليًّا مع الحقيقة الإلهية؛ ولا تتمُّ التفرقة بينهما في عالم الإجمال، ولكنْ يمكن النظر إليهما في وضوح في عالم التفصيل وفق المدارات الوجودية والمعرفية للعالم والإنسان، وبحسب الرؤية الإشراقية التي تعتبِر أن الإلهيَّ هو "بسيط الحقيقة الوجودية التامَّة، الساري في الوجود كلِّه، دون تمييز أو تشخيص أو تفاضُل بين المراتب الوجودية" – هذا إذا نظرنا إلى الوجود من جهة ما هو إلهي. أما الحقيقة الربوبية فهي مرتبة تفصيلية منتزَعة من الحقيقة الإلهية، صَنَعَها الإنسانُ ليقابل الإلهيَّ أو ليستطيع أن يُظهِره إلى الوجود بصفات الإطلاق والكمال. وهكذا فإن الربوبية تكونت مع الظهور الزماني للإنسان وصُنِعَت في مدارات التفكير البشري المتصل بالحقيقة الإلهية المطلقة. لهذا تنوعت الأرباب لأنها تشكَّلت وفق لحظات تأملية لحقائق إنسانية متطورة في أزمان أناسٍ ما (مثل الأنبياء)، أو من خلال حضارات لها عمق خيالي وأسطوري وتأملي، وربما فلسفي أيضًا.
الحقيقة الإلهية – وهي "الوجود كله وبسيط الحقيقة"، كما أشرنا – ليست لها ملامح محددة أو حدود ذاتية لوجودها، بل هي فكرة أزلية متلازمة تلازمًا ذاتيًّا مع الوجود الإنساني؛ ليست لها مراتبية ذاتية ولا تشخيص صوري لوجودها؛ ليس لها عبيد أو أنظمة تسلطية على الإنسان في اختيار الشكل الإيماني أو الحياتي، ولا تفرض عليه أيَّ شكل تعبُّدي أو شعائريٍّ محدَّد: فحرية الإنسان من أصل الحرية الإلهية في الوجود، وفق حقيقة السنَّة الكونية والإتقان الوجودي لنظام الكون، نظرًا لعدم وجود المسافات الزمانية والمكانية بينها وبين الوجود.
الوجود هو الإبداع المتواصل من أصل الوجود الذاتي لهذه الحقيقة؛ ولغتُها العطاءُ المطلق، بلا حدود ولا تمييز بين مراتب الوجود؛ ولها الحضور التام في عالمَي التفصيل والإجمال؛ وشريعتها المطلقة هي السنَّة الكونية المرسومة في النظام الوجودي والروحي للعالم.
4
تمارس الديانات سلوكًا معرفيًّا في مكوِّناتها الأولى للوصول إلى الإلهي، وتبقى مشدودة إلى هذه الحقيقة وتتبنَّاها كمنهج للدعوة إلى ما هو غيبي ومبدأً مطلقًا يتلاءم مع الصفات الإطلاقية للغيب. ولا ينفك الدين عن مفارقة أساسية متمثلة في أنه يعلن، أولاً، إطلاقية الرب الديني وشموليته للحياة والإنسان، ثم سرعان ما يهدر هذه الإطلاقية أو يقيِّدها تدريجيًّا في أثناء ممارسة الربِّ فعاليتَه الحضورية التي من خلالها يتدخل في المجالات الإنسانية كافة.
تتمثل الإشكالية الرئيسية في الديانات في عدم اعترافها بفقدان مساحات القيمة الإطلاقية والإلهية في أثناء تطبيق النظام الديني على ما هو دنيوي، مما يؤدي إلى تصدُّع النظام الديني وتوقف إبداعاته الإنسانية ومصادرتها إلى ما هو ربوبي، ثم إلى استهلاك مفرداتها التشريعية، وذلك لأسباب عدة، منها:
- إطلاق التشريعات وشموليتها؛
- فرض النظام الربوبي على البشر أجمعين؛
- ممارسة الفعل التسلطي والحاكمية الحتمية للرب المصنوع؛
- عدم التمييز بين ما هو إلهي وما هو ربوبي؛ و
- الانشداد إلى لحظة ولادة الدين في زمن الأنبياء، نظرًا لصدق هذه اللحظة في انتمائها إلى الإلهي، وغض النظر عن عدم صلاحية هذه اللحظة المقدسة للأزمان التالية بفعل عوامل يمكن إجمالها بحركة الزمن والإنسان والتاريخ؛ فلحظة الرسالة لا بدَّ أن تكون بالضرورة فاقدة لقيمتها التواصلية مع ما هو إلهي.
تشترك الديانات جميعًا، الوضعية منها أو التوحيدية، في فقدان هذا الإطلاق على صعيد الواقع الفعلي، لكنها تروم المحافظة عليه في مجال الوهم الديني أو الذاكرة الإيمانية، وأخيرًا في مجال الوهم النظري أو الأكاديمي، وفق المقولة السابقة التي تبين التنوع الربوبي والتطور الزمني للأرباب وعدم وجود مسافة مادية أو معنوية بين السلوك الربوبي والسلوك الإيماني للمتديِّنين.
من شأن هذا الأمر أن يجعلنا نشكك في تصنيف الديانات إلى "توحيدية" وأخرى وضعية أو "إشراكية"؛ بل يمكن لنا القول إن الديانات تتحول انتماءاتُها إلى الإلهي وتتغير بحسب الكينونة الربوبية المتمثلة في الواقع الإيماني، من كيانات مجسَّمة على شكل منحوتات تمثل الأرباب، فتسمَّى حينئذٍ ديانات وضعية أو "إشراكية"، أو كيانات لغوية مقدسة يتشكل بها الرب على شكل خطابات وتعاليم مجردة، فتسمَّى ديانات "توحيدية". والديانات الأخيرة هي التي جسَّدت المعنى الإلهي في "كيانات لغوية" سُمِّيتْ بـ"الخطاب الإلهي"، الذي يصبح في ما بعد الكتاب المقدس أو الدستور التشريعي لمعتنقي الدين والمؤمنين به، ويكتسب القدسية المطلقة، كونه الخطاب الإلهي للأنبياء؛ فهو نتاج اللحظة المقدسة التي تكلَّم بها الله وتحدث، بواسطة ما أو مباشرة، مع أنبيائه، وبلغتهم التي تكتسب، بدورها، القدسية أيضًا تبعًا لقدسية لحظة الكلام الإلهي، كونها اللغة التي امتلكتْ من الطهارة ما جعلها محلَّ اختيار الله لها في تبليغ كلامه.
إن هذه اللحظات (التي ستتحول إلى "ذاكرة إيمانية") تمارس شيئًا فشيئًا فعلَها الانفصالي عن الزمن والتاريخ الإنساني، وتتحول من الحقيقة الإلهية إلى الربوبية، حيث تتلبَّس الشكل الأول للظهور في تمازج غريب بين الكيان النبوي والكيان اللغوي، من دون أيِّ فاصل أو تشريح للكيانين واقعيًّا. وبالنتيجة الفعلية للممارسة الدينية، يصير هذان الكيانان (النبوي واللغوي) محور التقديس المفضي إلى إنتاج ما هو ربوبي والانسلاخ عن فكرة الألوهية الأولى (على الرغم من التمسك بها لغويًّا، كما ذكرنا). فعندما يظهر الرب الديني في الواقع والحياة، يختفي المعنى الإلهي تمامًا؛ إذ الحقيقة الربوبية حقيقة مشتركة ومنتزِعة معظم صفاتها الإطلاقية من الحقيقة الإلهية، ويتشكل معظم تفاصيل وجودها من الرغبة والبحث في تشكيل صورة الله في العالم والبحث عن الهوية الذاتية.
الرب، إذن، حقيقة دينية ومحاولة بشرية لاستقطاع جزء من الحقيقة الإلهية. فمن خلال تاريخ الديانات وتكرار إنتاج الأرباب، وفق المناخات والضرورات البشرية وظهور المشكلات التاريخية والاعتراضات والتشكيكات المعرفية والوجودية في الأرباب السابقين، تتكرر المحاولةُ للبحث عن شكل يمثِّل هويةً وحقيقةً جديدة قادرة على استيعاب احتياجات الإنسان وتطوره. ومن خلال عملية إنتاج الأرباب، في أيِّ واقع معيَّن أو أمَّة كانت، صغيرة أو كبيرة، وانقسام المفهوم نفسه في الديانة الواحدة، لا مفرَّ من ظهور جملة من المشكلات متعلقة بالأرباب السابقين. وسنذكر بعض هذه المشكلات:
- انسلاخ القدسية العليا عن الربِّ أو الأرباب السابقين بفعل الممارسات الاعتقادية العشوائية واستغلال هذه الحقائق لمصالح طبقة معينة؛
- تشظِّي الأرباب وانقسامهم بفعل الزمن؛
- عدم توفر حقائق معرفية كافية وتوقُّف القدرة العلمية لتغطية تساؤلات جديدة وتأملات عميقة في الكون والوجود؛
- توسيع دائرة الصفات القهرية والجبروتية للأرباب السابقين، وممارسة الظلم المتعمَّد ضد طبقات معينة واستغلال جهود طبقات من الناس لصالح طبقات أخرى؛
- إهمال وترك الأسُس الأولى التي قام عليها الدين أو المبادئ الأول للأرباب، كالأخلاق والحكمة والمعرفة الروحية الخالصة؛
- تطوير الملكات العقلية والروحية للإنسان بفعل الزمن والتجربة والتأمل، وعدم قدرة الدين القديم والرب المعتنَق السابق على توفير إمكاناتٍ وعمق جوهري في المعرفة والعلم والتشريع في مجالات مختلفة، مما يدعو الواقع والإنسان إلى البحث عن حقائق جديدة؛
- ظهور طاقات جديدة وعميقة في المعرفة والتأمل، بعونٍ من حقائق إنسانية لها عمق وإدراك مميز وروحانية كونية ومفاهيم جوهرية عن العالم والكون، متمثلة في الأنبياء أو المعلِّمين الأوائل إلخ؛
- ظهور خلافات عقائدية حول مفاهيم أو أفكار متعلقة بالربوبية أو المعنى الإلهي في تأويل أو تفسير بعض الخطابات المتعلقة بالكتب أو المبادئ الأولية للدين؛
- تخمة الأرباب واستيلاؤهم على معظم المفردات الحياتية، وإنتاج أشكال مختلفة من السلطة، والاستحواذ على حياة الإنسان برمَّتها وعلى أفعاله وسلوكه، مما يحث الإنسان على التخلص من العبودية الاستحواذية للأرباب وتحكُّمها التام في حياته ووجوده؛
- الاختلاف حول الحقائق المرافقة للفعل الأول والظهور الديني المتمثل في أصحاب الأنبياء أو تلاميذهم الأوائل وفي تفاوت قابليات هؤلاء وإخلاصهم وولائهم للحقيقة الربوبية، وحول مَن هو المؤهَّل منهم لقيادة الدين بعد موت الأنبياء، وحول البحث الدائم عن الهوية الفعلية لجماعات مرتبطة بعوامل مشتركة، كالتاريخ أو المعتقدات أو أفكار معينة.
5
الرب هو شكل الحضور الإلهي الذي نطلبه ونحدِّد ملامح وجوده ضمن المدار المطلق للمعنى الإلهي الذي هو "بسيط الحقيقة" وهو "الوجود كله"، بحسب التعبير العرفاني. هذا الفصل السلوكي والحقيقي بين ما هو إلهي وما هو ربوبي يقع ضمن مدار عالم التفصيل، أي ضمن الواقع الإنساني والتاريخي لحركة الإنسان وصراعه مع المفاهيم المكوِّنة لذاكرته التي من خلالها يحدِّد شكلَ الرب الذي يريد ويُظهِر ملامح وانعكاسات الذاكرة التي تبنَّتْ الانتماء إلى هذا الرب أو شاركت عبر استمرارية الزمن في بنائه أو توضيح صور ظهوره وفعاليته في ترجمة النصوص الأولى أو قراءة الربوبية وفق الواقع المعيش أو التحولات الكبرى التي حصلت في مجالات الحياة الأخرى – تلك العوامل كلها أسهمتْ في رسم صورة الرب.
من هنا فالمهمة الأساسية لصناعة الرب، بظهوراته الأولى، تقع على عاتق حقيقة واحدة، يقوم بها رجل واحد (النبي) يستطيع أن ينجز الشكل الحدودي للرب، تشاركه حشود تاريخية تتكاتف إيمانيًّا وتجنِّد قدراتِها العقلية كلَّها لإثبات صلاحية الرب الجديد وقدراته الفائقة، من خلال تأويل النصوص المقدسة، وتكرار التساؤلات التفسيرية، وضخ القدرة التأويلية والخيالية في النصوص، بغية خلق لغة متواصلة ومتجددة وفعالة في التأثير واحتواء زمن المؤمنين وصنع ذاكرة جاهزة يتم توارثُها من جيل إلى جيل وتحمل كمًّا هائلاً من رموز التقديس المفرط الذي لا يترك مجالاً عقليًّا لمعتنقيه يتيح لهم التفكير والتأمل إلا من خلاله وعِبْره.
وتتكرر هذه الممارسة طوال الزمن الظهوري للدين، في عملية تجدد دائم، من أجل تجميل صورة الربِّ وشرح نظامه وسياقات عمله وخطاباته وشرائعه، بعونٍ من اللغة التي دُوِّن بها الخطابُ الإلهي – تلك اللغة التي من خلالها يتكون ملكوتُ الرب الديني أو المعنى الربوبي للدين.
ولهذا حاولت المعرفةُ الصوفية أن ترتقي بالربوبية إلى ما هو إلهي. فقد كان بعض الصوفية طامحين إلى الخروج من مدX
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |