Alef Logo
كشاف الوراقين
              

'تشاو روبرتا' لغالية قباني: استدراج ذائقة المتلقي إلى اشتغالات القاصة في الفضاء التخييلي / زكي الأسطة

2009-08-21

بداية ً، لا بد من الإقرار بفردانية أسلوب القاصة والروائية السورية غالية قباني في التقاط الفكرة التي تقوم باستحضارها إلى بؤرة اشتغالاتها، وإكسائها ببنيانها السردي في قصصها عبر لغة منسابة ومترقرقة، ولا بد من الإقرار بحرفيتها أيضاً وهي تأخذ سردها إلى مناطق الواقع والسيرة ليتشرّب بضع سمات من كلّ ٍ منهما ومع ذلك يبقى محافظاً على تناميه التخييلي الصرف في حمضه الريبي النووي. وأنا أتحدّث هنا عن مختاراتها القصصية الصادرة حديثاً بعنوان 'تشاو روبرتا' (1)
مجسّات غالية قباني القصصية لا تتوقف عند مقاييس شخصياتها الفيزيولوجية والسايكولوجية بل تتعدّاها إلى تقفي آثار أروماتها الجينية في المساحات المتحركة التي تشغلها تلك الشخصيات أثناء تجوالها في عالمها الافتراضي الموازي لعالمنا المعاش في تقاطيعه المشهدية، وأقول أنه افتراضيّ وموازٍ لأنه، قبل كل شيء، ليس إلا شريحة ميكروسكوبية الآن لم يعد لها حيز ٌ زمكانيّ إلا في مرئيات ذاكرة القاصة. وتبلغ المكوّنات البصرية لتلك الشريحة أشدّها في القصص التي ترصد بدقة بالغة التفاعلات الحسّية بين الشخصيات وبين فضاءاتها البيئية المتوارثة جيلا ً بعد جيل (2)، بحيث يشعر المتلقي مع توغله في القراءة وكأنه يسمع نبضات الأمكنة وصليل روائحها.
ومن الواضح أن القاصة لا تراهن على 'الأنا' الأنثوية، ولا تعتزم استغلال القارىء بها، وكان حُسن توجيهها إياها وإحكام سيطرتها عليها شديدي الوضوح على مدار المجموعة، بالإضافة إلى أنها نَحَّتْها جانباً في قصة 'بورتريه للجلاد' (3)، واستبدلتْ بها 'أنا' ذكورية تتصف بهيكلية متناسقة، فأكدت بذلك أن مساحة الإبداع ذات أبعاد إنسانية واحدة ولا تعرف تمايزاً جندرياً في هذا الصدد.
وطبعاً من المفروغ منه أن 'الأنا' السردية التي أقيمت عليها مساحات بعض القصص في هذه المجموعة لا تعني بالضرورة، رغم انتمائها إلى ضمير المتكلم الأنثوي، أنها ' أنا ' القاصة ذاتها (إلا إذا قامت القاصة بإعلان ذلك)، فليس ثمة تشابك إحداثيّ بينها وبين ساردة نصّها القصصي لأننا أمام مجموعة قصصية لا سيرة ذاتية، حتى لو لم تكن عملية السرد بحدّ ذاتها إلا استنطاقاً بيولوجياً لمخزونات الذاكرة الحية.
للسياسي حضوره في هذه المجموعة وهو حضور تتفاوت حدّته من مجرد خبر عابر قد لا يستوقف القارىء: 'منذ أن استقرّ في منفاه الأوروبي كان بطلنا يحكي لأصدقائه في رسائله عن وسواسه بالبريد' (4)، مروراً بجملة عابرة تقولها أم سناء للطفلة ذات السبعة أعوام: 'لو يحط عقله براسه خالك ويبطل سوسة السياسة'، أو لابنتيها بعد ذلك 'شاب مثل الوردة مضيّع حاله بالسياسة' (5)، وانتهاء بمشهد ٍعالي الذبذبات يتداخل فيه الثيولوجي بالسياسي الآيديولوجي المناوىء تحت مظلة التسامح الأبوي الناجم عن عقدة الذنب في تقطيعات مشهدية جمالية، تتصاعد إلى أوجها مع تقنية الاستعانة بقارئة الفنجان للتلميح بغموض عذب ٍ ومعذِّب ٍ إلى الخاتمة الحزينة: انتصار السلطوي على السياسي. (6)
وللعسكريتاريا حضورها أيضاً والذي يتراوح بين وجود عسكريّ خانق عندما احتل الجيش العراقي الكويت (7)، ' ...وقفت دبابة خارج الساحة المبلطة فوق المنطقة الرملية المواجهة للطرق الرئيسية، مستعدّة لصدّ عدوّ ٍ غير محدَّد الملامح. رفع أحد الجنديين بندقيته إشارة أمر بالتوقف وتحذيراً لنا من الاقتراب، ثم طلب أن نغادر السيارة مستعيناً بحركة سلاحه، فأثار فينا الفزع من أن تنطلق منه رصاصة بالخطأ ' (8)، وبين قصف ديماغوجيّ دمويّ أثناء غزو العراق ' قلقي في الوقت نفسه مما ينهمر على البلاد من قنابل أرضاً وجوّاً. أقول لنفسي هل سيتبقى من الأحبة أحد بعد ذلك؟ ' (9).
قصة 'فنجان شاي مع مسز روبنسون' (10)، وبمعزل عن قصة 'بورتريه للجلاّد' التي أشرنا إليها آنفاً، تستجوب، بطاقة ٍعاطفية ٍ بعيدة ٍ عن السنتمنتالية وبتكثيف لغوي وجمالي، ثنويّة َ التمييز العنصري: الرسميّ المهذّب المشروع (!!) والغوغائيّ الفظ ّ المقيت والمدان.
' هنا يصنفون الأفراد حسب لون بشرتهم: أبيض أوروبي، أبيض غير أوروبي، وأبيض من أصول أخرى (حدّدْ). أسود إفريقي، أسود كاريبي، أو أسود من أصول أخرى (حدِّدْ). هكذا تتكرر الأسئلة في كلّ الاستمارات لتطال كلّ الألوان ' (11).
في قصة 'بورتريه للجلاد' كان ثمة تضاد توصيفي وتصنيفي بين البريطاني إيان سميث (1919-2007) الذي كان في سبعينيات القرن العشرين رئيس وزراء جنوب روديسيا (زيمبابوي حاليا) والذي طبق صيته الآفاق بسياساته المفرطة في عنصريتها ضد السود، وبين أحد المنتمين، بحكم اللون فحسب، إلى عرْق ضحاياه، ولكنه لم يكن تضادّاً عنصرياً لأن ذلك الجلاد كان منطفئاً، أو مطفأ ً، فاقد الصلاحية على الصعيد السياسي وعارياً من كلّ الامتيازات والسلطات التي منحته إياها سياسة الأبرتهايد الأوليغاركية. هو الآن 'داخل مقصورة القطار الذي يقلّ الركاب من منطقة (غيلفورد) خارج لندن، إلى محطة ووترلو في مركز المدينة'، متساو ٍ مع السود في ركوب القطار وفي تحمل تأخره، ويتحدث، دون تعال ٍ عنصريّ، مع رسام كارتون أسود راح يرسمه، وحين يصل القطار إلى مقصده وينزل منه يضطر إلى سؤال أحد الموظفين العاملين في المحطة عن معلومة ما، وكان ذلك الموظف أسود البشرة أيضاً. إنها مفارقة استعارية مغلفة بنسيج إنساني توظيفي.
أما في قصة 'فنجان شاي مع مسز روبنسون' فلدينا مواجهة ارتطامية مع ذلك التمييز: 'قبل ساعة وأثناء سيري في شارع مزدحم اقتربتْ مني امرأة ضخمة الجثة، لاحظتُ توجهها السريع نحوي قبل وصولها بعدة أمتار، خانني ذكائي واستبعدْتُ أية نية سيئة، لكنها فاجأتني بدفعة من كتفها الممتلئة، ورمت بجسدي النحيل ناحية الجدار الخاص بأحد المحلات. فعلتْ ذلك وهي تصرخ بهستيرية (اذهبي إلى الجحيم). ولولا أنني حميتُ وجهي بكفي لتعرّض رأسي لما هو أخطر'. (12)
ولدينا ممارسة تفاعلية معرفية بين النص وبين القارىء مبنية على مرتكز ٍ إدراكيّ ٍ نافر مفاده استشفاف تمفصلات التمييز العنصري وفضائه المتحرك بين الواقع اليوتوبي وبين الواقع المعاش، دون أن يقضم ذلك من مصداقية وجود شخصيات متشحة بالكاريزما الإنسانية النبيلة على غرار المسز روبنسون التي تواسي الضحية الساردة قولا ً وفعلا ً وتصرّ على تسجيل محضر عند الشرطة في اليوم التالي، كي لا 'يمرّ فعل تلك المرأة الشريرة من دون عقاب'.
في قصة 'حلم بنت عيلة' (13) ثمة متابعة نقطية، بالتعبير العسكري، للانشغالات الذهنية المحتدمة في مخيلة أنثى هادئة ومهيضة الروح في عالم بطريركي ذكوري. بلوغها الذي جعل والدها وأخوتها يفرضون عليها الإيشارب عن طريق أمها، ووعد خطيبها بالسماح لها بإعادة امتحان البكالوريا بغية دراسة الأدب العربي ثم تنكره لذلك بعد الزواج، وإدراكها بأنه يراها 'بنت عائلة محترمة ويكتفي بامرأة تخشب تمثالها عند هذا الحدّ'، وأنه 'فقد الإحساس (بها)، بزوجة تريد أن تحكي عن نفسها، لا عن عائلتها في الماضي والحاضر' (14)، واكتشافها أن انخفاض منسوب الجمال لدى الفتاة في مدينتها يتناسب عكساًً مع ارتفاع فرص تحقيق ذاتها 'قبل أن يتم صيدها كحيوان جميل لمجرد العرض '، كلّ ذلك أحكم 'حبلَ الضجر حول رقبتها' وكاد يقتلها.
كان أقسى ما في مجتمعها البطريركي الذكوري هو أن ضحاياه أنفسهم يصبحون طواعية امتداداً له. فعمة الساردة نفسها، والتي كانت ترتجف من قسوة زوجها الذي رحل قبل عشر سنوات، هي نفسها التي تقول لها وبحدّة: 'البنات غير محسوبات من الخلفة فمآلهنّ لرجل غريب' ( 15). ومع خفوت أحاسيسها وانطفائها بدأت تنجرف إلى عالم أحلامها الذي تحوّل إلى مصنع ٍ يضخّ الأحبة الهائمين بها، وهم أحبة وعشاق لم يسبق لها أن التقت بأي منهم على ارض الواقع من قبل، وكان بعضهم نجوماً استعارتهم من عالمي السينما والتلفزيون، مصنع ٍ يقوم بإعادة شحن أحاسيسها وتلميعها بحيث تؤدي أعمالها المنزلية في اليوم التالي بخفة فراشة أو رشاقة عصفور. وحين تأكد خبر حَمْلِها بجنين ذكر والذي أسعد زوجها وعمتها، كانت على قناعة بأن الجنين الموجود في أحشائها هو ابن أحد عشاقها الوهميين وليس من زوجها.
كان عالم احلامها هذا الذي خلقتهُ في لحظة النزع السايكولوجي الأخير هو معادلها الموضوعي الوحيد، وقناع أوكسجينها وسط هوائها المثقل بأول أوكسيد البطريركية الذكورية. قصة 'تشاو روبرتا' (16)، التي حملت المجموعة عنوانها، قصة سوسيولوجية وسوسيومترية بامتياز رغم الخدعة الجمالية التي تنطلي على المتلقي حين توهمه القاصة بأنها قصة حبّ. فخلف مشاحنات القاص والصحافي البريطاني إدوارد ستيفنسون مع زوجته وابنه الأصغر الذي بدأ يشبّ عن الطوق الأبوي والاجتماعي تكمن أهم مشاكل الجيل البريطاني الجديد وضياعه وتخبطاته: 'هكذا أراد المجتمع البريطاني بعد الحرب للجيل الجديد أن يعيش. لقد قتل الأب فعلياً وليس رمزيّاً عندما ثار الشباب على السلطة الأبوية في الستينات. والآن يؤنب المجتمعُ بمؤسساته المختلفة الأهالي لأنهم (لم يربّوا أولادهم جيداً)' ( 17). كانت ثيمة 'غياب الأب عن حياة الأبناء إما لأنهم ولدوا خارج الزواج فلم يعيشوا حياة سوية مع الأب، وهو النموذج الذكوري الذي لا بد منه كي تتوازن حياتهم مع النموذج الأنثوي، أو بسبب ارتفاع معدّل حالات الطلاق في بريطانيا'، وثيمة 'العلاقات الزوجية التي قد تكون عنصر خنق لأي إبداع وتقود إلى الموات أحياناً، وإن بالمعنى الرمزي للكلمة' (18)، تتنازعان استلهاماته كمادّة ٍ لقصصه، وحين نضبت قريحته القصصية أو كادت بعد انقضاء سنة ونصف السنة على صدور مجموعته الرابعة، كانت الثيمة الأساسية لمشروعه القادم هي 'العلاقات العاطفية التي تبدأ باندفاع وحماسة ثم تفتر في منتصف الطريق لأنها في الأساس تنطلق من الوهم، من رداء وعد متخيل يرتديه المحب بغواية واستدراج من الحبيب، أو بسبب خداع ومراوغة من النفس العاشقة هرباً من واقع معاش تنقصه البهجة' (19).
كان مآل مشروع الزواج المحتمل بين إدوارد وروبرتا إلى الفشل، إذ لم يقع أيّ ٌ منهما في حبّ الآخر. كان إدوارد يريد الزواج وسيلة للبقاء في الفردوس الجغرافي الذي كانت تعيش فيه، وكانت روبرتا تأمل أن يكون الزواج جسراً إلى الفردوس الأبستمولوجي الذي جاء منه، 'لندن المسارح وآخر عروض السينما وإصدارات الكتب' لنكتشف، لدى اقتراب ثيمة القصة من نهايتها أنه هو نفسه كان مثالا ً حيّاً، وضحية ً في الآن نفسه، لثيمة مشروعه القادم الأساسية أي العلاقات العاطفية المبنية على الوهم.
ومع عودة إدوارد 'إلى غرفة مكتبه في شقته بلندن، متحرراً تماماً من فكرة وجود مشاكل تعيقه في تلك المدينة التي يحلم بها الآخرون' ( 20)، يكون القارىء، الذي ظنّ في زهو داخلي أنه تنبأ بهذه النهاية، قد تلقى الجرعة السوسيولوجية التي أرادت القاصة أن تحقنه بها.
وهكذا، وعلى منوال القصص الثلاث التي أشرنا إليها آنفاً، ووفق َ نهج سرديّ ٍ يسير على سكتي الملاحقة والتطوير ويستثمر التسلسل الكرونولوجي أحياناً وتقنيات الخطف الارتجاعي أو الخطف خلفاً (الفلاش باك) أحياناً أخرى، مع الحرص على بقاء طرف الخيط السردي في يد القاصة لضمان ضبط حركة الشخوص ومنطقية الأحداث، تميط ُ غالية قباني الحُجُبَ عن أحداث قصصها، كمنْ يفتحُ الستارة شيئاً فشيئاً لضوء الشمس في غرفة معتمة، وترفع الأغشية الرقيقة عن أفكار ولواعج شخصياتها، ما ظهر منها وما خفيَ، لتقدّم لنا في آخر المطاف وعلى الورق نسختها من الأحداث وبصوتها. ولعلّ خبرة غالية قباني القصصية الواضحة هي التي تتيح لها، حين يقتضي الأمرُ ذلك، أن تنحّيَ صوتَ الساردة الرئيسية بضمير المتكلم جانباً في إحدى القصص لتعطي حيزاً لسارد ٍعليم بإحداثيات مسروداته، درءاً لغائلة التعليب الحكائي الرتيب وأحاديّ البعد وتوسيعاً لخارطة بنيانها السردي الحاضن للأفكار التي اختارتها ورشحت لها شخوصها وأحداثها وإحداثياتها.
وفي تشعبات تدوينية تتفاوت ذبذباتها تبعاً لإيقاع الحدث، ارتفاعاً وخفوتاً، تتشكل هيكلية لغة القاصة التي تستدرج ذائقة المتلقي إلى اشتغالاتها السردية في الفضاء التخييلي، ليقف على مراحل تكوّن الملامح التي أرادتها لشخصياتها المتعددة، أو على إعادة تشكيل الخلفيات التي سحبت تلك الشخصيات منها في الأساس، وصولا ً إلى منجزها المحلوم به منذ بدء عملية الكتابة.
' شاعر ومترجم فلسطيني مقيم في لندن
هوامش:
(1). ' تشاو روبرتا '. مجموعة قصصية. غالية قباني. سلسلة 'آفاق عربية'. 116 . الهيئة العامة لقصور الثقافة. القاهرة. 2009.
(2). تقلبات الست سميحة. ص 7. نهار الانقلاب عصراً. ص. 91. حلم بنت عيلة. ص. 107. حكايات من بيته. ص 135.
(3). بورتريه للجلاد. المجموعة. ص 57.
(4). البريد يأتي مرتين. المجموعة. ص 76.
(5). نهار الانقلاب عصراً. المجموعة. ص 99.
(6). حكايات من بيته. المجموعة. ص 135.
(7). يوم من شهر آب. المجموعة. ص 155.
(8). المصدر نفسه. ص 160.
(9). زهور آدم. المجموعة. ص 51.
(10). فنجان شاي مع مسز روبنسون. المجموعة ص 123.
(11). المصدر نفسه. ص 129.
(12). المصدر نفسه. ص 128.
(13). حلم بنت عيلة. المجموعة. ص 107.
(14).المصدر نفسه. ص 120.
(15). المصدر نفسه. ص 110.
(16). تشاو روبرتا. المجموعة. ص 17.
(17). المصدر نفسه. ص 22.
(18). المصدر نفسه. ص 23.
(19). المصدر نفسه. ص 25.
(20). المصدر نفسه. ص 40.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow