عبدو وازن يتهم مجلة فكر وفن الألمانية بالشوفينية.. وفكر وفن ترد..
2009-08-28
معركة بدأها جمال الغيطاني في مجلة أخبار الأدب التي يراس تحريرها، سانده فيها عبدو وازن في جريدة الحياة ألف تنشر هنا ما جاء في مقالة وازن ورد فكر وفن عليه ، ونشير إلى أن فاتحة العدد قد شرحت بشكل واف تلك المعركة الثقافية وأسبابها ومقوماتها.
" فكر وفن " عبدو وازن
·
كنا لأعوام خلت، نترقب أعداد مجلة «فكر وفنّ» الألمانية، لا سيما في الثمانينات من القرن المنصرم، لنقرأ مقالات عن الأدب الألماني، قديمه والحديث يكتبها نقاد ألمان هم من كبار العارفين به. وكان يعنينا في تلك المقالات المترجمة الى العربية، النظرة الألمانية نفسها الى هذا الأدب وكيف يقرأه النقاد الألمان أنفسهم بخصائصه وحقوله المتعددة. قرأنا في هذه المجلة على ما أذكر، نصوصاً عن غوته ونوفاليس وشيلر وبوخنر وغوتفرد بن وهيرمن هسّه وريلكه وسواهم، وقرأنا أيضاً ترجمات لبعض من نصوصهم. لكن المجلة، في عصرها الذهبي ذاك، عندما كانت تشرف عليها المستشرقة الكبيرة والشاعرة آنا ماريا شيمل، لم تكن تكتفي بما تقدم من عيون الأدب الألماني، بل كانت تفتح نوافذ على الأدب العربي والفارسي. وعمدت الى تقديم شعراء عرب وفرس كبار كان في مقدمهم حافظ الشيرازي. وكان هذا دأب هذه المجلة التي سعت الى ترسيخ الحوار الحضاري بين الغرب والشرق بعيداً من أي ادعاء أو تكلّف. وكان الأدب هو الميدان الحقيقي لمثل هذا الحوار العميق الذي شارك فيه مستشرقون ألمان ونقاد مثلما شارك فيه كتّاب عرب. وكانت «البراءة» تسم هذا الحوار حينذاك، ولو ظاهراً، وكانت النظرة الألمانية الى الحضارة العربية والإسلامية خلواً من أي نزعة استعلائية أو شوفينية. ولم تمضِ أعوام حتى غابت «فكر وفن» وكدنا ننساها. ولم نعلم ان كان معهد غوته الذي كان يصدرها منذ عام 1963، أوقفها موقتاً أو أنه حجبها نهائياً.
إلا أن المجلة لم تلبث أن عاودت الصدور قبل نحو ثلاثة أعوام مفاجئة قراءها القدامى. وكانت المفاجأة مزدوجة، فالمجلة تخلّت في صيغتها الثانية، عن ماضيها وعن مناخها أو نهجها السابق، كما عن حلّتها أو شكلها القديم. بدت الصيغة الثانية حديثة في اخراجها وفي شكلها الفني، وقد أولت الصورة كثير اهتمام، موازية بينها وبين المادة المكتوبة. أصبح حجمها أصغر مما كان قبلاً وشكلها أجمل مما كان أيضاً وأحدث. أصبحت مجلة حديثة بحسب ما تعني حداثة الشكل اليوم، وابتعدت عن الطابع التقليدي الذي كان يسمها كمجلة استشراقية. أما المحتوى فبدا بدوره جديداً ومختلفاً تمام الاختلاف، ما يعني ان رؤية المجلة اختلفت وكذلك مشروعها أو خلفيتها. أصبحت المجلة في مادتها أو محتواها الجديد، ذات منحى ايديولوجي واضح، تجاهر به مباشرة ولا تعمد الى اخفائه. صعدت «الإيديولوجيا» الموجهة علانية وطغت على المقالات والمواقف، وبدا الحوار بين الشرق والغرب الذي كان من أبرز أهداف المجلة، محكوماً بما يُسمّى «الصدام» الحضاريّ. صرنا نقرأ في المجلة الألمانية الصادرة بالعربية مقالات اعتدنا على قراءتها في المجلات العالمية مثل «فورين أفيرز» الأميركية و «اسبري» الفرنسية و «لوموند ديبلوماتيك» وسواها، ومعظم هذه المقالات تصب في جريرة مقولة هنتنغتون «صدام الحضارات»، وهي المقولة التي رسّختها صدمة الحادي عشر من أيلول.
وان كان هدف المجلات الفكرية العالمية هذه، قراءة المعطيات الثقافية الجديدة قراءةً نقدية، فهي كانت قادرة على تبرير هذه القراءة (المغرضة في أحيان)، لأنها لم تدّعِ البتة تبني مبدأ الحوار بين الشرق والغرب. أما مجلة «فكر وفن» التي بالغت كثيراً في ادعائها تبني مبدأ هذا الحوار، فبدت كأنها تناقض نفسها وتاريخها وغايتها. ولا ندري ان كان المستشرق الألماني (المزيف) شتيفان فايدنر الذي يرأس تحرير المجلة منذ انطلاقتها الجديدة قبل ثلاثة أعوام، هو الذي رسم خطوط «سياستها» الجديدة أو أن معهد غوته الذي يصدرها هو الذي ارتأى هذه السياسة، متأثراً بصدمة الحادي عشر من أيلول. المهم ان المجلة أضحت في صيغتها الجديدة «استشراقية» في المعنى السلبي للاستشراق، في معنى الاستشراق المسموم والخبيث والمتواطئ وغير البريء بتاتاً. ولعل العدد الأخير (90) من المجلة الذي أثار حفيظة المثقفين العرب خير دليل على انجراف المجلة في ما يسمى «الفوبيا» الإسلامية، فهو حفل بالكثير من السموم والمواقف العدائية التي يعرف بها أعداء الإسلام الذين لا يقلّون عماء عن الظلاميين أنفسهم.
لم أقرأ العدد الأخير من المجلة، بل قلّبت صفحاته بسرعة، مثلما اعتدت أن أفعل في الأعوام الثلاثة الأخيرة بعدما صدرت المجلة في حلّتها الجديدة التي تفوح سموماً وخبثاً وسوء نية. لكن الحملة التي شنت على العدد وعلى المجلة ورئيس تحريرها فايدنر المعروف بخبثه وادعائه، وشارك فيها نقاد وكتّاب عرب معروفون، ومنهم صبحي حديدي وجمال الغيطاني، جعلتني أعود اليها وأكتشف الفضيحة التي حملتها بين صفحاتها. وقد كتب هذان، الناقد والروائي، مقالات عميقة وصادمة فضحا فيها افتراءات المجلة ورئيس تحريرها على الثقافة العربية والإسلامية. والحملة ما زالت قائمة ويجب أن تظل قائمة ليس ضدّ هذه المجلة التي تملك تاريخاً مشرقاً، بل حفاظاً على ارثها وعلى جهود مستشرقة اسمها آن ماري شيمل.
ليس على مجلة «فكر وفن» أن تروّج صورة جميلة ومضيئة عن العالم العربي، ولكن ليس عليها أيضاً أن تكون شوفينية في علاقتها بهذا العالم فتنحاز انحيازاً أعمى الى تيار المعادين للحضارة العربية، الذين يطلقون عليها أحكاماً جاهزة من دون أن يحاولوا استيعاب قضايا العالم العربي الراهنة والإحاطة بها، برصانة وتؤدة.
رحم الله «فكر وفن» أيام كانت آن ماري شيمل على رأسها
حملة على "فكر وفن" مغالطات عبده وازن
بداية نود أن نوضح بأننا كنا قد قررنا، في هيئة تحرير "فكر وفن"، بألا نرد على المقالات التي تتناول المجلة بالنقد من باب حرية التعبير وحرية كل شخص فيما يكتب ويرى. هذا ما فعلناه مع الناقدصبحي حديدي حين تناول العدد (77) من مجلة "فكر وفن" عام ألفين وثلاثة بالنقد، وليس ألفين وستة كما زعمت صحيفة أخبار الأدب حين أعادت نشر المقال ضمن حملتها على فكر وفن في عددها رقم 837 الموافق للسادس والعشرين من شهر يونيو الماضي. يومها لم نرد على حديدي، رغم أن مقالته حوت اتهامات باطلة إلا أننا اعتقدنا حينها، ومازلنا نعتقد، أن الرجل كتب ملاحظاته في سياق خاص به لذلك آثرنا الصمت وتركنا الحكم للقارئ ليقارن بين مواد العدد وقراءة الأستاذ صبحي الخاصة وهذا ما كان.
اليوم، وبعد ست سنوات من هذه الحادثة، وبعد أن أصدرنا أربعة عشر عددا آخر من مجلة "فكر وفن" وبمحاور مختلفة، وإذ لاحظنا أن هناك من يشن حملة على المجلة ورئيس تحريرها بدوافع خاصة ولا علاقة لها بمضمون فكر وفن، فقد قررنا الرد. وقد بدأ الأستاذ جمال الغيطاني هذه الحملة حين كتب في العدد 835 من أخبار الأدب، التي يرأس تحريرها، مقالة بعنوان "النازية الجديدة" إثر مقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربيني في قاعة محكمة بدريسدن على يد متطرف ألماني. ولأن الغيطاني تجاوز، في مقالته كل حدود النقد واللياقة حين قارن بين مستشرق ومترجم (فايدنر) وبين هذا القاتل العنصري، لم يكن هناك بد من الرد عليه. ومع ذلك حافظنا على هدوئنا وعلى أخلاق المهنة وأرسل رئيس التحرير ردا مكتوبا باسمه على هذه المقالة إلى الغيطاني كي ينشره في صحيفته عملا بحق الرد؛ لكنه تجاهل الرسالة وامتنع عن نشر الرد فقام بنشره في موقع كيكا الأليكتروني.
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد بل جاءتنا "المفاجأة" في عدد الحياة ليوم الاثنين الرابع والعشرين من شهر آب/ اغسطس وعبر مقالة لمحررها الثقافي عبده وازن بعنوان "فكر وفن" ...؟ ولأن المقالة مليئة بالمغالطات وتأتي في سياق الحملة نفسها، التي يجاهر وازن بالانضمام إليها ويدعو إلى مواصلتها، قررنا الرد مرة أخرى وكشف هذه المغالطات. وأما مغالطات وازن فهي:
ـ لم تتوقف المجلة عن الصدور نهائيا منذ انطلاقتها عام ألف وتسعمائة وثلاثة وستين، أي منذ أن أسسها الصحافي المتخصص بتاريخ الفنون ألبرت تايله، إلى يومنا هذا؛ ولم تغب أبدا كما لم يقم معهد غوته بوقفها "مؤقتا" أو حجبها "نهائيا"، كما يزعم وازن.
ـ تناوب على رئاسة تحرير المجلة، في عمرها المهني الطويل الذي يقترب من الخمسين عاما، مجموعة من الأساتذة والباحثين أولهم المذكور تايله وآخرهم شتيفان فايدنر، مرورا بآنا ماري شيمل وأدمورته هيلر والباحث والناقد المصري المرحوم ناجي نجيب وروزماري هول، وليس شيمل وفايدنر فقط، حسب ادعاءات وازن.
ـ استلمت هيئة التحرير الحالية برئاسة شتيفان فايدنر عام ألفين واثنين، أي قبل سبع سنوات، وليس ثلاث سنوات كما يزعم وازن في مقالته أيضا.
ـ العدد الأخير من المجلة يحمل الرقم (91) وليس (90) كما يزعم وازن مرة أخرى وملفه يتناول اللغة. أما العدد الذي ربما سمع وازن به ممن أراد التضامن معه، حتى دون أن يكلف نفسه عناء التدقيق في الأمر قبل أن يطلق أحكامه القراقوشية، فهو العدد تسعين الذي يتناول الشريعة وحقوق الإنسان، وفيه مقالات لكبار الفلاسفة والمستشرقين والقانونيين الألمان كيورغن هابرماس وماتياس روهه وغودرون كريمر وعباس بويا وغيرهم؛ وهو العدد الذي يزعم وازن أنه "أثار حفيظة المثقفين العرب" وهو، أي العدد، "خير دليل على انجراف المجلة في ما يسمى "الفوبيا" الإسلامية، فهو حفل بالكثير من السموم والمواقف العدائية التي يعرف بها أعداء الإسلام الذين لا يقلون عماء عن الظلاميين أنفسهم"، كذا!!. في الحقيقة لا نعرف من هم المثقفون العرب الذين أثار العدد حفيظتهم كما يزعم وازن فهو لايذكر إلا اثنين: جمال الغيطاني والأستاذ صبحي حديدي. وهنا مغالطة أخرى فحديدي انتقد العدد (77) من فكر وفن وقبل ست سنوات وليس العدد تسعين كما توحي مقالة وازن، والعدد الآنف الذكر صدر عام ألفين وثلاثة وتناول مفهوم الحرب عبر التاريخ.
ـ أما كيف اكتشف وازن أن العدد المذكور خير دليل على انجراف المجلة في ما يسمى "الفوبيا الإسلامية" واكتشف "الفضيحة" التي "حملتها (المجلة) بين صفحاتها"، مع أنه اعترف بأنه لم يقرأ العدد، فهو لغز من ألغازه و"الفضيحة" بعينها؟ لكن ومع ذلك أليس من حقنا أن نتساءل ماذا كان سيخبئ لنا وازن لو قرأ المجلة بنفسه ولم يكتف بالتصفح كما "اعتاد"؟ ربما كان قد تراجع عن مديحه للمجلة في فترة رئاسة المرحومة شيمل لتحريرها إذ أنه (المديح) نابع من التصفح وعدم القراءة أيضا ؟!
ـ لا نعرف أيضا كيف اكتشف عبده وازن مرة أخرى، ودون قراءة، أن المجلة تخلت "في صيغتها الثانية، عن ماضيها وعن مناخها ونهجها السابق"؟ بالتأكيد هو لا يقصد بالصيغة الثانية العدد (38) الذي بدأت فيه ادمورته هيلر حقبتها في رئاسة تحرير فكر وفن عام 1983 خلفا لآنا ماري شيمل، وهو العدد الذي شكل نقلة نوعية في تاريخ المجلة وليس فترة شيمل كما يعتقد.
ـ وحين استلمنا رئاسة التحرير عام ألفين واثنين (من روز ماري هول وليس من شيمل)، بعد أن أصدرنا عددا خاصا عن أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر ساهم فيه كل من آنا ماري شيمل يورغن هابرماس وغونتر غراس وارونداتي روي وسوزان سونتاغ وادونيس وأنتسيسبيرغر ونويد كرماني، تبنينا أسلوبا جديدا اعتمد، وكما يعترف وازن عن حق هذه المرة، الابتعاد عن "الطابع التقليدي الذي كان يسمها كمجلة استشراقية". كما قررنا أن نخصص كل عدد لموضوع معين باستثناء أول عدد أصدرناه وهو العدد (75)؛ فقد اشتمل على ثلاثة ملفات وهي: الصراع العربي الإسرائيلي وتجلياته في ألمانيا والملف الثاني: خمسة وسبعون عددا من "فكر وفن" والثالث: غادامر وفلسفة التأويل.
ـ هل يعلم وازن أن الغيطاني نفسه أشاد بالعدد (75) وبهيئة التحرير "الجديدة" وأفرد صفحة كاملة من صحيفته أخبار الأدب له بعنوان: "فكر وفن تفكك أساطير الصهيونية"؟! فهل يفسر لنا كيف يستهل هذا المستشرق "المزيف"، الذي يشن هو والغيطاني حملة عليه باسم الإسلام، عمله في المجلة بتفكيك أساطير الصهيونية؟ (هل قرأ وازن والغيطاني مقالة هذا المستشرق الأخيرة في فكر وفن عن حرب غزة؟) وهل يعلم وازن مرة أخرى، ومن ورائه الغيطاني، أن من فكك هذه الأساطير هي المسشرقة نفسها، التي وصف وازن مساهمتها في العدد تسعين بأنها من نوع "الاستشراق المسموم والخبيث والمتواطئ وغير البريء تماما"؟!!
ـ وهل يذكر عبده وازن أن الناقد الكبير الدكتور جابر عصفور أشاد قبل سنوات بمجلة "فكر وفن" (في فترة رئاسة فايدنر لهيئة تحريرها) بمقالة طويلة جامعة وشاملة وفي المكان نفسه، الذي نشر فيه مقالته المليئة بالمغالطات؟ أم أنه (وازن) اعتاد التصفح وعدم القراءة حتى لو تعلق الأمر بالصحيفة التي يعمل فيها ويشرف على صفحتها الثقافية. نترك الحكم للقارئ.
هيئة تحرير "فكر وفن".
[email protected]
.
document.title="Dar Al Hayat - «فكر وفن» ...؟";$(document).ready(function(){ $('#menu-int').find('a[href$=1424]').css('color', '#fff'); $('#menu-int').find('a[href$=1424]').css('background-color','#464646');});
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |