الرجل الذي لم يكن يبتسم ــ ياسوناري كاواباتا / ترجمة دانيال صالح
2007-02-28
كانت السماء قتمت , بدت كسطح قطعة بورسلين رائعة , من سريري نظرت إلى الخارج متأملا نهر كامو حيث اصطبغت المياه بلون الصباح .
منذ أسبوع يجري تصوير الفيلم حتى ما بعد منتصف الليل لأن الممثل الذي يلعب الدور الرئيسي كان عليه أن يظهر على خشبة المسرح بعد عشرة أيام , لم أكن سوى الكاتب , و بالتالي كل ما كان يتوجب علي القيام به حضور التصوير عرضا , غير أن شفتي تشققتا و خارت قواي فلم أعد أقوى على فتح عيني و أنا واقف قرب مصابيح الكربيد البيضاء الملتهبة .
كنت في ذلك الصباح عدت إلى غرفتي في الفندق في وقت بدأت فيه النجوم تتوارى .
لكن زرقة السماء أنعشتني , أحسست و كأن حلم يقظة بديعا على وشك أن يتجسد .
في بادئ الأمر تبادر إلى ذهني مشهد شارع شيجو , كنت تناولت الغداء في اليوم السابق في مطعم كيكو سوي و هو مطعم على الطراز الغربي قرب أوهاشي , تراءت لي الجبال , كان في وسعي مشاهدة اخضرار أشجار هيغاشياما عبر نافذة الطابق الثالث , كان هذا متوقعا بالنسبة إلي أنا القادم لتوي من طوكيو , فقد بدا الأمر مدهشا بنضارته , تذكرت قناعا شاهدته في واجهة متجر تحف , كان قناعا قديما يبتسم .
ها هي .. - وجدت حلم يقظة جميل .
همست مبتهجا و أنا أجذب صوبي بعض الأوراق البيضاء و أجمع حلم اليقظة في كلمات , أعدت كتابة المشهد الأخير من سيناريو الفيلم , عندما انتهيت أضفت رسالة إلى المخرج :
(( سأجعل المشهد الأخير حلم يقظة , ستظهر أقنعة باسمة عذبة و تعم الشاشة , و بما أنه لا يمكنني حتى التفكير في إظهار بسمة مشعة في ختام هذه القصة السوداوية , في وسعي على الأقل تغليف الواقع في قناع جميل يبتسم )) .
أخذت المخطوط إلى الأستديو , لم يكن في المكتب سوى صحيفة الصباح , كانت عاملة الكافيتيريا تنظف النشارة أمام مستودع الديكورات و الملابس .
(( هلا وضعت هذا قرب سرير المخرج إذا سمحت ؟ )) .
يجري الفيلم في مصح عقلي , كان يؤلمني أن أشاهد حيوات المجانين البائسة الذين كنا نصورهم كل يوم .
كنت قد بدأت أفكر في أنني أشعر بالتعاسة إن لم أضف بطريقة ما نهاية سعيدة لشخصيتي الكئيبة جدا .
إذاً كنت مغتبطا لإيجادي فكرة الأقنعة , انتابني شعور سار عندما تصورت جميع المرضى في المصح العقلي يضعون أقنعة ضاحكة .
شع السطح الزجاجي للأستديو بنور أخضر , كان لون السماء أشرق مع طلوع النهار , عدت مرتاحا إلى مسكني و نمت نوما عميقا .
الرجل الذي ذهب لشراء الأقنعة عاد إلى الأستديو حوالي الحادية عشرة تلك الليلة .
(( منذ الصباح و أنا أهرع إلى جميع متاجر الألعاب في كيوتو , لكنني لم أجد أقنعة جيدة في أي مكان . ))
(( دعني أرى ما لديك ))
خاب ظني عندما فتحت الرزمة .... (( هذا ؟ ... حسنا ))
(( أعرف , ليست مناسبة , ظننت أنني سأجد أقنعة أينما كان , أنا واثق من أنني شاهدتها في كل أنواع المتاجر , لكن هذا ما تمكنت من جمعه طوال النهار )).
(( ما تصورته أشبه بقناع نو , إن لم يكن القناع بجد عملا فنيا فسوف يبدو بكل بساطة مثيرا للسخرية على الشاشة )) .
شعرت أنني سأبكي عندما أمسكت في يدي قناع المهرج الورقي المعد للأولاد .
(( أولا سوف يبدو اللون و كأنه أسود باهت عند التصوير , ثم إن لم تكن الأقتعة تبتسم ابتسامة أعذب و تشع برونق مائل إلى البياض ف...... ))
خرج اللسان الأحمر من الوجه الأسمر .
(( إنهم يحاولون الآن صبغه بالأبيض في المكتب )) .
كان التصوير توقف بصورة مؤقتة , فخرج المخرج بدوره من ديكور المصح العقلي , حدق في الجميع و أخذ يضحك , لم يكن من سبيل لجمع كمية كافية من الأقنعة , كان عليهم أن يصوروا المشهد الأخير في اليوم التالي , و إن لم يكن من الممكن إيجاد أقنعة قديمة فعلى الأقل إيجاد أقنعة من السيلوليد .
(( إن لم تكن هناك أقنعة فنية , فيجدر بنا الاستسلام )) قال الرجل من فريق السيناريو , ربما تعاطفا مع خيبتي (( هل نخرج لإلقاء نظرة أخيرة ؟ لم تتجاوز الساعة الحادية عشرة , و سوف يكون الجميع مستيقظا على الأرجح في كيغوكو )).
(( هلا فعلتم ))
أسرعنا إلى السيارة بمحاذاة ضفة نهر كامو , ترقرقت على سطح الماء الأضواء المتلألئة على شبابيك المستشفى الجامعي على الضفة المقابلة , لم يكن في وسعي تصور كل المرضى الذين يعانون في مستشفى , وهذه النوافذ تلتمع بديعة , تساءلت عما إذا كان في وسعنا بالأحرى تصوير الأضواء عند نوافذ المستشفى , إن تعذر إيجاد أقنعة مناسبة .
جلنا على متاجر الألعاب في شينكيوغوغكو الآخذة بالإقفال , علمنا أن الأمر بدون أمل , اشترينا عشرين قناعا ورقيا على شكل سلحفاة , كانت ظريفة , لكن كان يصعب وصفها بأنها فنية , شارع شيجو كان استسلم للنوم .
(( انتظروا لحظة )) انعطف مراقب السيناريو في ممر .
(( ثمة متاجر عدة هنا تبيع تجهيزات مذابح بوذية قديمة , أظن |أن لديها كذلك تجهيزات خاصة بمسرح النو )).
لكن أحدا لم يكن مستيقظا في الشارع , اختلست النظر من الباب إلى داخل المتاجر .
(( سأعود غدا صباحا حوالي السابعة , في كل الأحوال سأظل مستيقظا طوال الليل ))
(( سآتي أيضا أرجوك أن توقظني )) قلت , لكنه في اليوم التالي ذهب وحده , عندما استيقظت كانوا قد باشروا تصوير الأقنعة , عثروا على خمسة أقنعة استخدمت في عروض موسيقية قديمة , كانت فكرتي تقضي باستخدام عشرين أو ثلاثين قناعا من الطراز ذاته , لكن الاحساس الذي يمكن أن يجتاحنا و نحن نطفو في عذوبة ابتسامات تلك الأقنعة الخمسة أثر في و شعرت بالارتياح , و شعرت بأنني أديت واجبي تجاه المجانين .
(( استأجرتها لأن ثمن شرائها باهظ جدا , و إن اتسخت فلن يكون من الممكن ردها , لذا انتبهوا ))
بعد أن تكلم ملاحظ السيناريو , هم جميع الممثلين بغسل أيديهم و تناولوا الأقنعة برؤوس أصابعهم محدقين فيها كأنهم يتأملون كنزا .
(( إن غسلت , يتقشر الطلاء , أليس كذلك ؟ ))
(( حسنا إذاً سأشتريها )) الواقع أنني رغبت فيها , راودني حلم يقظة و كأنني أترقب المستقبل عندما يعم الانسجام العالم و يرتدي جميع الناس الوجه الرقيق ذاته كتلك الأقنعة .
ما أن عدت إلى منزلي في طوكيو حتى توجهت مباشرة إلى غرفة زوجتي في المستشفى .
أخذ الأولاد يضحكون فرحين و هم يضعون الأقنعة الواحد تلو الآخر , انتابني شعور غامض بالارتياح .
(( أبي ضع أنت واحدا ))
(( لا ))
(( أرجوك ضع أنت واحدا ))
(( لا ))
(( ضع واحدا ))
نهض ابني الثاني و حاول أن يدفع القناع إلى وجهي .
(( كفى )) صرخت .
أنقذتني زوجتي في تلك اللحظة المربكة (( أعطني سأضع أنا واحدا )) .
شحب وجهي وسط ضحك الأطفال . (( ماذا تفعلين ؟ إنك مريضة )) .
كان أمرا فظيعا مشاهدة ذلك القناع في سرير مرضها , عندما انتزعت زوجتي القناع أخذت تتنفس بصعوبة , لكن ليس هذا ما روعني , فلحظة أزاحت زوجتي القناع , بدا وجهها بطريقة ما بشعاً , تصبب جلدي بالعرق و أنا أحدق في وجهها المتعب , صعقني اكتشاف وجه زوجتي للمرة الأولى , كانت لثلاث دقائق أسيرة القناع البديع الرقيق الباسم , و صار في وسعي الآن إدراك بشاعة ملامحها هي , بالأحرى لا , لم تكن هذه بشاعة , بل سيماء الأسى لشخص حطمته البلية , بعد أن اختبأ خلف القناع الفاتن , كشف وجهها ظل الحياة البائسة هذا .
(( أبي ضعه أنت ))
(( إنه الآن دور أبي )) ألح علي الأولاد من جديد .
(( لا )) قاومتهم , إن وضعت القناع ثم انتزعته من جديد , فسوف أبدو كشيطان بشع في نظر زوجتي , كنت أخشى جمال القناع , و ذلك الخوف أثار في شكوكا بأن وجه زوجتي الرقيق الدائم الابتسامة قد يكون بدوره قناعا , أو بأن ابتسامة زوجتي قد تكون خدعة , تماما كالقناع .
القناع غير مجد , الفن غير مجد .
كتبت برقية لإرسالها إلى الأستديو في كيوتو .
(( احذفوا مشهد القناع )) .
ثم مزقت البرقية إلى قطع صغيرة .
من أرشيف جريدة السفية بواسطة رامي الطويل كانت السماء قتمت , بدت كسطح قطعة بورسلين رائعة , من سريري نظرت إلى الخارج متأملا نهر كامو حيث اصطبغت المياه بلون الصباح .
منذ أسبوع يجري تصوير الفيلم حتى ما بعد منتصف الليل لأن الممثل الذي يلعب الدور الرئيسي كان عليه أن يظهر على خشبة المسرح بعد عشرة أيام , لم أكن سوى الكاتب , و بالتالي كل ما كان يتوجب علي القيام به حضور التصوير عرضا , غير أن شفتي تشققتا و خارت قواي فلم أعد أقوى على فتح عيني و أنا واقف قرب مصابيح الكربيد البيضاء الملتهبة .
كنت في ذلك الصباح عدت إلى غرفتي في الفندق في وقت بدأت فيه النجوم تتوارى .
لكن زرقة السماء أنعشتني , أحسست و كأن حلم يقظة بديعا على وشك أن يتجسد .
في بادئ الأمر تبادر إلى ذهني مشهد شارع شيجو , كنت تناولت الغداء في اليوم السابق في مطعم كيكو سوي و هو مطعم على الطراز الغربي قرب أوهاشي , تراءت لي الجبال , كان في وسعي مشاهدة اخضرار أشجار هيغاشياما عبر نافذة الطابق الثالث , كان هذا متوقعا بالنسبة إلي أنا القادم لتوي من طوكيو , فقد بدا الأمر مدهشا بنضارته , تذكرت قناعا شاهدته في واجهة متجر تحف , كان قناعا قديما يبتسم .
ها هي .. - وجدت حلم يقظة جميل .
همست مبتهجا و أنا أجذب صوبي بعض الأوراق البيضاء و أجمع حلم اليقظة في كلمات , أعدت كتابة المشهد الأخير من سيناريو الفيلم , عندما انتهيت أضفت رسالة إلى المخرج :
(( سأجعل المشهد الأخير حلم يقظة , ستظهر أقنعة باسمة عذبة و تعم الشاشة , و بما أنه لا يمكنني حتى التفكير في إظهار بسمة مشعة في ختام هذه القصة السوداوية , في وسعي على الأقل تغليف الواقع في قناع جميل يبتسم )) .
أخذت المخطوط إلى الأستديو , لم يكن في المكتب سوى صحيفة الصباح , كانت عاملة الكافيتيريا تنظف النشارة أمام مستودع الديكورات و الملابس .
(( هلا وضعت هذا قرب سرير المخرج إذا سمحت ؟ )) .
يجري الفيلم في مصح عقلي , كان يؤلمني أن أشاهد حيوات المجانين البائسة الذين كنا نصورهم كل يوم .
كنت قد بدأت أفكر في أنني أشعر بالتعاسة إن لم أضف بطريقة ما نهاية سعيدة لشخصيتي الكئيبة جدا .
إذاً كنت مغتبطا لإيجادي فكرة الأقنعة , انتابني شعور سار عندما تصورت جميع المرضى في المصح العقلي يضعون أقنعة ضاحكة .
شع السطح الزجاجي للأستديو بنور أخضر , كان لون السماء أشرق مع طلوع النهار , عدت مرتاحا إلى مسكني و نمت نوما عميقا .
الرجل الذي ذهب لشراء الأقنعة عاد إلى الأستديو حوالي الحادية عشرة تلك الليلة .
(( منذ الصباح و أنا أهرع إلى جميع متاجر الألعاب في كيوتو , لكنني لم أجد أقنعة جيدة في أي مكان . ))
(( دعني أرى ما لديك ))
خاب ظني عندما فتحت الرزمة .... (( هذا ؟ ... حسنا ))
(( أعرف , ليست مناسبة , ظننت أنني سأجد أقنعة أينما كان , أنا واثق من أنني شاهدتها في كل أنواع المتاجر , لكن هذا ما تمكنت من جمعه طوال النهار )).
(( ما تصورته أشبه بقناع نو , إن لم يكن القناع بجد عملا فنيا فسوف يبدو بكل بساطة مثيرا للسخرية على الشاشة )) .
شعرت أنني سأبكي عندما أمسكت في يدي قناع المهرج الورقي المعد للأولاد .
(( أولا سوف يبدو اللون و كأنه أسود باهت عند التصوير , ثم إن لم تكن الأقتعة تبتسم ابتسامة أعذب و تشع برونق مائل إلى البياض ف...... ))
خرج اللسان الأحمر من الوجه الأسمر .
(( إنهم يحاولون الآن صبغه بالأبيض في المكتب )) .
كان التصوير توقف بصورة مؤقتة , فخرج المخرج بدوره من ديكور المصح العقلي , حدق في الجميع و أخذ يضحك , لم يكن من سبيل لجمع كمية كافية من الأقنعة , كان عليهم أن يصوروا المشهد الأخير في اليوم التالي , و إن لم يكن من الممكن إيجاد أقنعة قديمة فعلى الأقل إيجاد أقنعة من السيلوليد .
(( إن لم تكن هناك أقنعة فنية , فيجدر بنا الاستسلام )) قال الرجل من فريق السيناريو , ربما تعاطفا مع خيبتي (( هل نخرج لإلقاء نظرة أخيرة ؟ لم تتجاوز الساعة الحادية عشرة , و سوف يكون الجميع مستيقظا على الأرجح في كيغوكو )).
(( هلا فعلتم ))
أسرعنا إلى السيارة بمحاذاة ضفة نهر كامو , ترقرقت على سطح الماء الأضواء المتلألئة على شبابيك المستشفى الجامعي على الضفة المقابلة , لم يكن في وسعي تصور كل المرضى الذين يعانون في مستشفى , وهذه النوافذ تلتمع بديعة , تساءلت عما إذا كان في وسعنا بالأحرى تصوير الأضواء عند نوافذ المستشفى , إن تعذر إيجاد أقنعة مناسبة .
جلنا على متاجر الألعاب في شينكيوغوغكو الآخذة بالإقفال , علمنا أن الأمر بدون أمل , اشترينا عشرين قناعا ورقيا على شكل سلحفاة , كانت ظريفة , لكن كان يصعب وصفها بأنها فنية , شارع شيجو كان استسلم للنوم .
(( انتظروا لحظة )) انعطف مراقب السيناريو في ممر .
(( ثمة متاجر عدة هنا تبيع تجهيزات مذابح بوذية قديمة , أظن |أن لديها كذلك تجهيزات خاصة بمسرح النو )).
لكن أحدا لم يكن مستيقظا في الشارع , اختلست النظر من الباب إلى داخل المتاجر .
(( سأعود غدا صباحا حوالي السابعة , في كل الأحوال سأظل مستيقظا طوال الليل ))
(( سآتي أيضا أرجوك أن توقظني )) قلت , لكنه في اليوم التالي ذهب وحده , عندما استيقظت كانوا قد باشروا تصوير الأقنعة , عثروا على خمسة أقنعة استخدمت في عروض موسيقية قديمة , كانت فكرتي تقضي باستخدام عشرين أو ثلاثين قناعا من الطراز ذاته , لكن الاحساس الذي يمكن أن يجتاحنا و نحن نطفو في عذوبة ابتسامات تلك الأقنعة الخمسة أثر في و شعرت بالارتياح , و شعرت بأنني أديت واجبي تجاه المجانين .
(( استأجرتها لأن ثمن شرائها باهظ جدا , و إن اتسخت فلن يكون من الممكن ردها , لذا انتبهوا ))
بعد أن تكلم ملاحظ السيناريو , هم جميع الممثلين بغسل أيديهم و تناولوا الأقنعة برؤوس أصابعهم محدقين فيها كأنهم يتأملون كنزا .
(( إن غسلت , يتقشر الطلاء , أليس كذلك ؟ ))
(( حسنا إذاً سأشتريها )) الواقع أنني رغبت فيها , راودني حلم يقظة و كأنني أترقب المستقبل عندما يعم الانسجام العالم و يرتدي جميع الناس الوجه الرقيق ذاته كتلك الأقنعة .
ما أن عدت إلى منزلي في طوكيو حتى توجهت مباشرة إلى غرفة زوجتي في المستشفى .
أخذ الأولاد يضحكون فرحين و هم يضعون الأقنعة الواحد تلو الآخر , انتابني شعور غامض بالارتياح .
(( أبي ضع أنت واحدا ))
(( لا ))
(( أرجوك ضع أنت واحدا ))
(( لا ))
(( ضع واحدا ))
نهض ابني الثاني و حاول أن يدفع القناع إلى وجهي .
(( كفى )) صرخت .
أنقذتني زوجتي في تلك اللحظة المربكة (( أعطني سأضع أنا واحدا )) .
شحب وجهي وسط ضحك الأطفال . (( ماذا تفعلين ؟ إنك مريضة )) .
كان أمرا فظيعا مشاهدة ذلك القناع في سرير مرضها , عندما انتزعت زوجتي القناع أخذت تتنفس بصعوبة , لكن ليس هذا ما روعني , فلحظة أزاحت زوجتي القناع , بدا وجهها بطريقة ما بشعاً , تصبب جلدي بالعرق و أنا أحدق في وجهها المتعب , صعقني اكتشاف وجه زوجتي للمرة الأولى , كانت لثلاث دقائق أسيرة القناع البديع الرقيق الباسم , و صار في وسعي الآن إدراك بشاعة ملامحها هي , بالأحرى لا , لم تكن هذه بشاعة , بل سيماء الأسى لشخص حطمته البلية , بعد أن اختبأ خلف القناع الفاتن , كشف وجهها ظل الحياة البائسة هذا .
(( أبي ضعه أنت ))
(( إنه الآن دور أبي )) ألح علي الأولاد من جديد .
(( لا )) قاومتهم , إن وضعت القناع ثم انتزعته من جديد , فسوف أبدو كشيطان بشع في نظر زوجتي , كنت أخشى جمال القناع , و ذلك الخوف أثار في شكوكا بأن وجه زوجتي الرقيق الدائم الابتسامة قد يكون بدوره قناعا , أو بأن ابتسامة زوجتي قد تكون خدعة , تماما كالقناع .
القناع غير مجد , الفن غير مجد .
كتبت برقية لإرسالها إلى الأستديو في كيوتو .
(( احذفوا مشهد القناع )) .
ثم مزقت البرقية إلى قطع صغيرة .
من أرشيف جريدة السفية بواسطة رامي الطويل
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |