Alef Logo
دراسات
              

رؤية معاصرة للعلويين ج 1 / 2/ م: نزار دنيا

خاص ألف

2009-11-23


مازال الجهل بتاريخ أمتنا العربية , يشكل أحد الأسباب التي جعلت بعض السياسيين أو المتعصبين (1) يتخذون مواقف خاطئة وعدائية من قوى اجتماعية فاعلة في مجتمعنا وما زال تخلفنا الحضاري والعلمي
شكل عقبة كأداء أمام الكثيرين من الأكاديميين تمنعهم من قراءة هذا التاريخ قراءة علمية حيادية – موضوعية ...
لقد كتب تاريخنا في الماضي بأيدي السلطات الرسمية الأموية والعباسية . والعثمانية فأين تاريخ الشعوب والجماعات التي تشكل مكونات بنيوية في مجتمعنا ... وأين تاريخ القوى السياسية المعارضة لهذه السلطات ...؟
( التي نعترف جميعاً بفسادها وبعدها عن جوهر الدين وأخلاقه ) ... ألم يكن في الصراعات السياسية التي حدثت على مدار أربعة عشر قرناً , تاريخاً لأحزاب المعارضة يُكتبْ ؟ ... وإنجازات علمية وفكرية وفلسفية تحققت من قبلها ؟ ... وإمارات ودويلات نشأت ..., وأنجزت العديد مما يفتخر به العرب اليوم ...؟
وأين هم هؤلاء المعارضون ؟ وأين استقروا ؟... و من أين قدموا ؟ ... وهل قدموا من كوكب آخر ؟ ... أم من الأرض العربية في جزيرة العرب التي هي منشأ الجنس العربي * , كما اتفق عليه جميع المؤرخين المعاصرين و الأقدمين وحسب النظريات العلمية الأثنولوجية الحديثة أو النظريات الدينية والتوراتية . (2)هذه أسئلة كان على قيادات النهضة التي بدأت منذ أواخر القرن التاسع عشر أن تجيب عليها ... وكان بعضهم قد أطلق نداءه من أجل قراءةٍ علميةٍ تاريخيةٍ للجماعات البشرية التي تشكلها الأمة العربية بكافة أطيافها

وشرائحها الأقوامية والمذهبية والدينية مثل نجيب عازوري ( 1903 ) ... وبندلي جوزي الذي كان مدرساً للاستشراق في جامعة باكو(أذربيجان )1929وعبد الرحمن الكواكبي في طبائع الاستبداد(1)
الذي أظهر أحد
أشكال القمع والاستبداد وهو الإلغاء أو التغييب الفكري والتاريخي والعقائدي لشرائح كبيرة في المجتمع العربي خلال الحقبة العثمانية, أو التي قبلها ...... لكن الانغلاق الفكري الذي تعمم في النصف الأول من القرن العشرين
لإطفاء نقاط الضوء في حركة التحرر العربية والعالمية... من قبل دهاليز الظلام المحلية والعالمية , حال دون تحقق ذلك ... بهدف عرقلة المشروع النهضوي العربي الذي بدأ يبدي تباشيره في ذلك الحين.
يفاجأ المرء عندما يسمع أشخاصاً يتكلمون على شاشات القنوات الفضائية ويكتشف السوية الفكرية المتواضعة التي يمتلكونها , رغم أنهم لعبوا دوراً قيادياً في أحزاب حركة التحرر العربية إبان القرن العشرين وخاصة
النصف الثاني منها .
وإذا كنا قد عاصرنا تلك المرحلة جزئياً ولمسنا نتائجها في ما بعد أدركنا أسباب ما وصلنا إليه من حالة كارثية على مجمل الساحة العربية بطولها وعرضها بسبب الممارسات الساذجة المتخلفة و اللامسؤولة لهؤلاء,
ومثال على أولئك السيد أمين ا
لحافظ الذي أحتل موقعاً رفيعاً كرئيس لسوريا في أواسط الستينات وأحمد أبو صالح أحد الرموز الفاعلة في تلك المرحلة أيضا حيث يعبرون عن الذهنية القومجية والإسلاموية المتعصبة , الإطلاقية المستمرة من الحالة العثمانية حتى هذا التاريخ
بكل تسطيحها وجهلها بالتاريخ العربي والإسلامي منذ ما قبل ظهور الدعوة المحمدية وحتى الآن . وإذا كان للغرب الاستعماري والصهيونية العالمية من دور في التآمر على عرقلة المشروع النهضوي العربي الذي بدأ يطرح أهدافه منذ القرن التاسع عشر , فإن للقصور الذاتي لقياداته الفكرية والسياسية نصيباً أكبر في الوصول إلى الفشل الكارثي الذي نعيش فيه اليوم .

ربما نعزي ذلك أننا نهضنا من تحت الاحتلال العثماني كأمة محطمة وكشعب مهدم بنيوياً وحضارياً بعيد كل البعد عن التطور العالمي الذي كان حاصلاً خلال تلك الحقبة حيث كدنا نصل إلى مرحلة
التماهي والانصهار في البوتقة العثمانية كما كانت ترمي إليه
السياسات الطورانية خلال أربعة قرون , وللأسف فالعرب لم يوفقوا بقيادات فكرية وسياسية ناضجة مبدعة وجادة مستوعبة لآفاق العصر وللتراث الحضاري والروحي لأمتنا في آنٍ واحد , وما يستوجب ذلك من استدراك لتحقيق وردم الفجوة الحضارية بيننا وبينا العالم المحيط بنا .
إننا نلحظ الدراسات السياسية والفكرية للمرحلة العثمانية شبه نادرة ولم يُلقَ عليها الضوء الكافي من قبل التنظيمات السياسية الناشئة خلال القرن العشرين , والتي كانت ستساعد على فهم ممارسات السلطات الرسمية آنئذٍ , التي كانت تبغي انقراض العرب كأمة , وتهميشهم كثقافة وحضارة , رغم أن الثقافة الإسلامية تمثل الدين الرسمي للإمبراطورية. هكذا أيضاً نجد أنه يغيب عن ساحة ذاكرتنا أي دراسة علمية جادة للخارطة الإثنية أو المذهبية التي توضح البنية المجتمعية
المركبة المتكونة خلال مئات بل آلاف السنين للمجتمع العربي من محيطه إلى خليجه . إلا أن ما قام به بعض الأكاديميين الذين لا يتمتعون بالحياد العلمي للباحث التاريخي من إنجاز لبعض الدراسات المليئة بالسباب أو التسفيه أو التكفير للأقليات المذهبية الأخرى , وكأن الإسلام الرسمي العثماني استمر يمثل الحقيقة المطلقة ويتجاهلون المؤرخين الإسلاميين الأوائل كابن كثير واليعقوبي وياقوت الحموي ... وغيرهم ليقتدوا بآخرين مثلوا السلطات الرسمية الفاسدة في المرحلة الأموية والعباسية والتي كانت تعبر عن الخلافات السياسية مع أحزاب
المعارضة الإسلامية بكل أطيافها , ولعبوا دوراً إعلامياً تحريضياً ضدها ليس أكثر . وإذا كانت التحركات البشرية القبلية والمذهبية مستمرة لا تعترضها حدود مصطنعة فقد كانت توجهها سياسات ومصلحة الدولة العليا ولم تكن عفوية وطبيعية كما يُظن , حيث لم ينوه إلى ذلك من قبل المؤرخين المعاصرين الذين لايودون اعطاء أي دور ايجابي وطني وقومي في التاريخ العربي الاسلامي لتلك الاقليات وهذا ما قامت به وأكدته السلطة العثمانية خلال الأربعمائة عام الماضية مما كرّس وعمّق بنية فسيفسائية على مجمل الساحة العربية وليس في بلاد الشام والعراق فقط , بل هي عامة وشاملة للمنطقة العربية جميعها . من هنا كان القصور في البرامج الفكرية والسياسية لحركة التحرر العربية إبان القرن العشرين التي لم تعمل على فهم هذه البنية المعاصرة وكيفية التعامل معها باحترام ومنهجية علمية معاصرة , بل باحتقارها واتهامها بنفس المنطق والرؤى العثمانية الاستعمارية المتخلفة والاسلاموية الرسمية , كان يتوجب على القوى العلمانية اليسارية والقومية وحتى الإسلامية الديمقراطية إنجازها وليس القفز من فوقها
( مدعية تجاوزها أو عدم وجودها ) .
وهذا ما نجده لدى أشخاص أمثال أمين الحافظ أو أحمد أبو صالح وغيرهم عندما ينتقدون زملاءهم في البعث من موقع طائفي إسلاموي غيبي جاهل وليس من موقع وطني قومي موضوعي ديمقراطي ,
وما يفسر أيضا كيف أن أحزاب حركة التحرر ا
لعربية بكافة أطيافها مارست وسلكت غير ما أدعت به وما رفعت من شعارات , مما عمق الطائفية والمذهبية وأدى إلى التراجع الاجتماعي والحضاري للمجتمع كما نراه اليوم , ونفاجأ بأن حصول
تطور ديمقراطي في أي قطر عربي من شرقه إلى غربه
( لبنان مثلاً ) أو ظهور ضعف لقبضة السلطة السياسية والدينية الرسمية يلحظ بروز الأقليات المذهبية أو الإثنية كقوى فاعلة أقوى بكثير مما نعتقده وينطبق ذلك على أقطار الجزيرة العربية كما هو
في بلاد الشام وفي المغرب العربي , كما هو في وادي النيل .

إن أسباب هذا القصور في الرؤية والمنظور للواقع المجتمعي
( البنيوي والروحي )
يعود إلى ما يلي :
-1- غياب القراءة الموضوعية لتاريخ الأمة , وللمنطقة العربية الإسلامية وعدم إدراك أن الحاضر امتداد طبيعي للماضي بكل صراعاته المذهبية وما نجم عن ذلك من إلغاء للآخر ...
المذهبي واستمرار عدم الاعتراف بوجوده في الواقع الحالي .
-2- قراءة التاريخ العربي من منظور إسلاموي , غيبي , إطلاقي , سلطوي عسفي, دون التعمق في فهم الآخر المذهبي من منظور قرآني , قيمي,روحي,حيادي ومعرفة
دى عمق الآخر وتجذره في المنطقة تاريخياً وإثنياً .
-3- عدم الإلمام بتحرك الجماعات البشرية القبلية والمذهبية والظروف السياسية التي تمت في ظلها ... ودراسة أصولها الإثنية والأماكن التي قدمت منها وانتهت إلى الاستقرار بمواقعها الجديدة .
كل ذلك أوقع السياسيين المسطحين اليوم في اتهام الأقليات المذهبية اتهامات تعسفية , استعلائية , مزاجية , تارة باللاعروبة وأخرى باللاإسلامية وغيرها . فهل قرأوا كيفية تكون المجتمعات
البشرية وتأثير البيئات ...
والثقافات واللغات والجغرافيا , والاقتصاد , وغيرها , مما يفرضه علم الأنثروبولوجيا من تطوير لها ولمفاهيمها وأعرافها وتقاليدها .....؟ وما فرضته سياسات الدول الإسلامية
المتعاقبة من تدعيم للثغور في أطراف الإمبراطورية
برفدها بالقبائل الإسلامية المعارضة... الواضحة العروبة ... الشديدة البأس والمتينة الثقافة ... مما يضمن قدرتها على مجابهة أعداء الدول الخارجين ... بنيوياً وعسكرياً وثقافيا . ه
ذا ما ينطبق على النصيريين وغيرهم من باقي أحزاب المعارضة الإسلامية . والدور الوطني والقومي العربي الذي أدوه خلال حقب تاريخية خطيرة في المرحلة العباسية وصراعها المستمر مع بيزنطة
أو خلال الغزو الصليبي الغربي لبلادنا
أو فيما بعد في المرحلة العثمانية الأخيرة التي استمرت مهيمنة على المنطقة حوالي
( 4 ) قرون .
أما فيما يتعلق بالمرحلة الأخيرة فنلاحظ عدم إطلاع السياسيين المتخلفين على ما يلي :
1) عدم فهم السياسات الطورانية المعتمدة لدمج شعوب الإمبراطورية وتتريكها خلال أربعة قرون من الاحتلال المباشر والجائر .
2) عدم دراسة وإدراك المتغيرات البنيوية الإثنية والدينية والاجتماعية التي رسمها ورسخها هذا الاحتلال واستمرت ساحبة نفسها على المفاهيم العامة الرسمية وشبه الرسمية , حتى اليوم .
وما ترك من آثار في ذهن الكثيرين .
3) الاحتلال العثماني الطويل أدى إلى التخلف الذهني الحضاري بشكل عام والقومي العربي والديني بشكل خاص , بحيث نجد رغم النهضة العلمية خلال القرن العشرين أننا لم نصل كعقل
جماعي شعبي إلى إدراك قوة الانتماء
العربي والتفكير الديني العقلاني , الذي كان عليه قبل هذا الاحتلال أي قبل القرن السادس عشر .
الآن نعود إلى السيد أحمد أبو صالح الذي يطرح نفسه كقائد سياسي وإلى الرئيس أمين الحافظ الرئيس (1)السابق لسوريا خلال (1964 – 1966 ) لنناقش نقطتين هامتين يتوجب إلقاء
ضوء كبير عليهما ...
حيث تبين أنهما لا يلمان بشيء عنهما ... في الوقت الذي حددا موقفاً مسبقاً منهما :
أولاً : العلويون النصيريون كجماعة بشرية أثنية تستوطن الجبال الساحلية من تاريخ غير محدد ... من أين جاؤوا وما هي الظروف التي أودت بهم إلى جبالهم الساحلية وكيف حافظوا على استقرارهم فيها .؟
ثانياً: النصيرية , كعقيدة تمثل أحد المذاهب الإسلامية المعارضة التي حوربت واضطهدت من قبل السلطات الرسمية والدينية بكل الوسائل والطرق منذ بداية المرحلة الأموية وحتى نهاية الخلافة العثمانية في بداية
القرن الماضي , / 1916 / م .
أولاً العلويون النصيريون كحالة أثنية أقوامية :
إذا كان بعض الكتاب والسياسيين العروبيين والإسلامويين يشككون بالأصول الأثنية الأقوامية للعلويين النصيريين فإن ذلك ناتج عن جهلهم التاريخي للتشيع الظاهري والعرفاني في المنطقة العربية الإسلامية عامة والبلاد الشامية
اصة منذ بداية المرحلة الأموية وحتى اليوم . إضافة لعدم امتلاكهم لمنظور الباحث التاريخي الأكاديمي المعاصر علمياً وقيمياً

أدى إلى افتقار مكتبتهم لمعظم الموروث الثقافي الذي امتلكوه قبل هذا التاريخ , مما أدى إلى معرفة شذرات متناثرة هنا وهناك في الذاكرة الشعبية الباقية حتى اليوم . ولكن مع النهضة العلمية الحديثة خلال القرن العشرين ,
دأت قراءة وتحقيق أمهات الكتب للمؤرخين الإسلاميين ابن كثير واليعقوبي وياقوت الحموي ...وغيرها التي تساعد على بيان التناقضات المذهبية في المجتمع العربي الإسلامي وتوضيح تحركاتها القبلية وهجراتها الشيعية إلى أماكن
ا ستقرارها الجديدة في بلاد الشام عامة ... وسوريا خاصة حيث يندهش المطلع لعمق هذا التواجد والانتشار , والقارئ المتفحص والمدقق يدرك ذلك بسهولة ويسر. إنهم باختصار جميع الجماعات المتمردة والثائرة على السلطة
الرسمية الإسلامية بأشكال مختلفة التي خاضت صراعات نتيجة التناقضات الاقتصادية والاجتماعية والعقائدية .. وفشلت في تحقيق برامجها لتحقيق العدالة في تبادل السلطة وديمقراطيتها أو من أجل إعادة توزيع الثروة والجاه بين الفئات
والشرائح الاجتماعية المتكونة بعد انتصار الإسلام وهم حصيلة تلك الثورات منذ الفتح الإسلامي إلى نهاية المرحلة العثمانية وكانت تضاريس الجبال أفضل حصن طبيعي لتحقيق أمنهم واستمرار حياتهم , بكل ما يحملوه من موروث ثقافي
واجتماعي وأخلاقي .
يذكر الأب بطرس ضو في كتابه تاريخ الموارنة الهجرة الأولى بعد عام (41) هـ على انتهاء الصراع بين الإمام علي ومعاوية أي (667) م . حيث بدأت بيزنطة تحريك أتباع لها في غرب وشمال سوريا لإزعاج الدولة الأموية الحديثة
التي قامت
بتهجير قبائل قضاعة و همدان والبهراء التي أعطت اسمها للجبال الساحلية منذ الفتح الإسلامي وحتى بداية الغزو العثماني لبلاد الشام فعرفت بجبال النصيرة , ولعبت دوراً في تغيير الوضع الديمغرافي لصالح الدولة الإسلامية الحديثة
في مواجهة الإمبراطورية البيزنطية .
قدم عبد الملك بن مروان إلى حمص سنة ( 685 ) م . ووقف على المنبر ونادى الناس :
يا أهل الكويفة ... وهو تصغير للكوفة , فوقف أحد وجهائهم
( عبد الرحمن بن ذو الكلاع ) وقال له : أيها الخليفة , نحن أهل الكوفة وليس الكويفة ,وهذا تأكيد على التهجير القسري لهمدان الكوفة ... إلى بلاد الشام عقوبة على موالاتها للإمام علي من جهة ولتحقيق الأمن
للدولة في الثغور من جهة ثانية ,
حيث كان يتم اختيار القبائل المعارضة , الواضحة العروبة , واليمانية خاصة لدفعها من أجل الاستقرار في الثغور , ومن أجل تحقيق المصلحة الأمنية للدولة العربية الإسلامية الناشئة . ولما كانت همدان عماد
جيش الإمام علي في صفين فقد كانت حميّر عماد ج
يش معاوية في تلك المعركة ... ولكن حميّر هذه انقلبت أيضا على معاوية بعد ما تكشف لها من حقائق الخلاف , وأصبحت من أشد الموالين للإمام علي وآل بيته ... مما استدعى تهجيرهم إلى الثغور في الشمال
الغربي من سورية وعلى السواحل الغربية .
يورد ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان ( 2/304 ) قصة مدينة حمص بالعبارة التالية :( إن أشد الناس على علي رضي الله عنه بصفين مع معاوية كان أهل حمص , فلما انقضت تلك الحروب ،
وقضى ذلك الزمان صاروا من غلاة الشيعة حتى أن
في أهلها كثيراً ممن رأى النصيرية.)"عن التأسيس لتاريخ الشيعة للشيخ جعفر المهاجر" والشيخ جعفر المهاجر يؤكد في نفس المرجع هجرة قطاعة ومنها البهراء إلى الجبال الساحلية كأول هجرة إسلامية لهذه ا
لمناطق وأخذت اسمها ( جبال البهراء )
منذ ذلك التاريخ وحتى الغزو العثماني لبلاد الشام فسميت بجبال النصيرة من قبل الدولة العثمانية وأصبح ينظر لمصطلح " نصيري " نظرة دونية بسبب سياسة الدول ضدهم ، وقبيلة همدان اليمانية كان لها موقع
خاص في الصراع السياسي الإسلامي كما يظهر من
عدة نقاط هامة وردت في مواقع مختلفة ، ذكرها ابن خلدون في كتابه العبر ( 2 / 520 ) (... همدان قبيلة يمانية كانت ديارهم في اليمن من شرقيه , ولما جاء الإسلام تفرق من تفرق منهم ,
وبقي من بقي في اليمن ..), وذكر أيضاً :
(كان الإمام علي مائلاً لهمدان مؤثراً لهم ( العبر – 2 / 520)). وذكر أيضا أن الإمام علي قال : عبّيت همدان وعبّوا حميُّر ."( مروج الذهب عن تأسيس الشيعة للشيخ المهاجر
(3 / 184 ) . وقال الإمام علي شعراًَ في همدان :
فلو كنت بواباً على باب جنةٍ لقلت لهمدان أدخلوا بسلام
وكانت همدان قد أسلمت على يد الإمام علي فأقام بينهم (1-2) سنة هما الثامنة والتاسعة للهجرة " السيرة الحلبية 3 / 230 " .
الهجرة الثالثة : باتجاه غرب بلاد الشام قام بها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور حوالي سنة (158) هـ لنفس الغرض ...أي إيجاد فاصل ديموغرافي عربي مسلم كثيف في الثغور الشمالية الغربية للدول
أمام بيزنطة الرومية المسيحية التي تشن الحروب المتوالية
على حدود الدولة , وفاصلة بينها وبين الطوائف المسيحية الموجودة في الجنوب ودائماً يتم اختيار القبائل العربية المسلمة من أحزاب المعارضة للسلطة السياسية العباسية التي سرقت الثورة العلوية على الأمويين
وهم من همدان وتنوخ حمص والشام ... ودعمت بها
العنصر العربي الإسلامي في جبال البهراء وجبلة واللاذقية على السواحل , إضافة إلى تهجيرها إلى جبل لبنان وجبل الظنيين ( جبل عكار حالياً ) .
الهجرة الرابعة : المعروفة تاريخياً فقد تمت خلال تغريبة بني هلال حوالي نهاية القرن الرابع الهجري , وهي قبائل عربية علوية تتغنى بولائها العربي الإسلامي ولآل بيت رسول الله ,
ودعمت العنصر العربي القبلي العرفاني في هذه المنطقة أمام الهجمات الرومية
في الثغور مما يدل على أن هجرتها إلى هذه المناطق كانت منسجمة مع السياسة الدفاعية للدولة المركزية في ذلك الوقت ثم تابعت هجرتها إلى مصر , حيث دفعتها السلطات غرباً إلى المغرب ...
واستقرت في تونس وأعطتها طابعها وثقافتها الإسلامية العربية .
الهجرة خامسة : معروفة لجميع النصيريين وذكرها محمد غالب الطويل في كتابه تاريخ العلويين وسميت هجرة المحارزة من مصر إلى الجبال الساحلية ويعتقد أن ذلك تم من خلال المد و الجزر للوجود
الفاطمي في بلاد الشام فتارة يصل إلى شمال سورية وتارة يتراجع
لى فلسطين , ويبدو أن هذه الهجرة قد تمت لتدعيم الوجود العربي والفاطمي العلوي أمام المد الرومي الذي يحصل من حين لآخر , وحتى اليوم يتواجد بعض العشائر النصيرية التي تنسب نفسها للمحارزة المصريين .
ويبدو أنهم قدموا من بيئة حضرية ...
حرفية ...لما يتمتعون به من مهنية ظاهرة في أعمالهم وحياتهم .
الهجرة القبلية : الأخرى التي تمت خلال حكم الممالك الأيوبية في بداية القرن السابع الهجري ( 618 – 621 هـ ) بداية القرن الثالث عشر الميلادي بزعامة الأمير حسن المكزون السنجاري حيث قدم
من جبل سنجار العراق ...
ضمن تحرك جيوش الممالك الأيوبية وخلافاتها السياسية فساعدته في القدوم إلى الجبال الساحلية لمواجهة المد الصليبي وضغوط إماراتها في انطاكيا وطرابلس ... وقلعة الحصن , وغيرها فقدم على
مرحلتين كانت الثانية على رأس حوالي خمسين ألف
مقاتل مع عائلاتهم , واستطاع أن يسيطر على معظم تلك الجبال ... ويعطي أسماء العشائر التي قدمت معه على جميع القاطنين فيها حتى اليوم , يرد في ديوان المكزون السنجاري الشعر التالي :
قالوا من أي البلاد قلت من هجر وجد جدي عبد الهاشمي من مضر
نلاحظ من هذا الشعر نقطتين هامتين :
الأولى : يتغنى انه من (هجر) وهي عاصمة القرامطة لأكثر من سبعين عاماً في القرن الثالث والرابع الهجري حيث كان يقيم فيها محمد بن نصير زعيم المذهب النصيري ... عن (أخبار القرامطة )
تحقيق د . سهيل زكار
والثانية : أن منطقة الإحساء التي تقع فيها (هجر) كانت محطة لهجرة القبائل العربية القادمة من اليمن في الجزيرة العربية إلى جنوب العراق عبر تاريخ طويل , ومن يدرس أسماء العشائر العلوية ا
لحالية ويقارنها بجغرافيا اليمن يجد أنها أسماء
مأخوذة من المناطق التي قدمت منها في وقت من الأوقات لأسباب نجهلها اليوم ( قد تكون صراعات مذهبية , سياسية ,أو اقتصادية أو بسبب كوارث طبيعية كانهيار سد مأرب وغيرها) أخيراً علينا
أن نذكر أن هناك إمارات وممالك ودول نشأت
في أوقات مختلفة في بلاد الشام وسوريا ... كلما سنحت الظروف بذلك ومنها دولة بني عمار في طرابلس التي سحقتها الحروب الصليبية وشتتت أهلها , وحتى اليوم يوجد العديد من العائلات العلوية
النصيرية التي تكنت بهذه التسمية .
ودولة آل حرفوش في بعلبك ومناطقها الشيعية حيث كان يختلط الشيعة الظاهريون مع المتصوفة ( العرفانيين ) وقد زالت بعوامل خارجية معروفة بينما استمرت حلب واللاذقية وحمص كمراكز شيعية
وعرفانية متطورة حضارياً وعلمياً حتى الغزو
العثماني لبلاد الشام (1916م ) .
كما أن طبريا شغلت مركزاً عرفانياً شيعياً في حقبة من الزمن حيث ينتسب إليها بعض رواد المذهب النصيري أمثال أبو القاسم الطبراني . أما الرملة فقد حاولت تنصيب خليفة شيعي من آل البيت قدمت به م
ن مكة في الحجاز وسط أجواء احتفالية دينية
وذلك في مواجهة الخلافة العباسية ببغداد إلا أن هذه المحاولات فشلت لغياب أسباب نجاحها
كل ذلك يدل على استمرار نمو التأثير الشيعي العرفاني بكافة مدارسه ( النصيرية – الإسماعيلية – القرامطة , فيما بعد الدرزية ...) على مدار الحقب الإسلامية المتوالية نلاحظ أن
أي كاتب سياسي تحدث عن العلوية خلال
القرن العشرين وحتى اليوم ... يدل عن جهل بالبنية الديموغرافية للمجتمع السوري على الخصوص ... وللمجتمع العربي على العموم ... مما أوقع هؤلاء بسوء تقدير كبير آخر .
( أمين الحافظ وأحمد أبو صالح ) عندما يتحدثان عن النصيريين وكأنهم حالة طارئة أي بضعة آلاف يقطنون الجبال الساحلية في عزلة عن المجتمع أو كأنهم من كوكب آخر ليس لهم جذور عميقة إ
نما يعبرون عن جهل مطبق أو بدوافع سياسية –
مذهبية ذات أفق ضيق بعيداً عن العروبة وحتى عن الإسلام .
أما الأخطاء القاتلة التي وقع بها الإسلام الرسمي أو الشبه رسمي فقد حدثت وظهرت أبان حركة إخوان المسلمين في سورية في مرحلة السبعينيات من القرن العشرين عندما كانوا يتحدثون أن على العلويين
أن يعودوا إلى جبالهم وهم غير مدركين إن
التداخل السكاني في سورية أكبر من ذلك بكثير ولم يدركوا انتشارهم القديم في حمص ودمشق وحلب وإدلب وغيرها .. حيث شكلت التقية طريقاً للحياة ... فاستمر العديد من العلويين النصيريين
في هذه المدن وأريافها طوال المرحلة
العثمانية التي شهدت أكبر وأشد حرب عليهم خلال التاريخ الإسلامي .
لقد قامت السياسة الطورانية خلال أربعمائة عام على تفريغ البلاد من سكانها وقدر المستشرق الروسي ( لوتكسي ) في كتابه تاريخ الأقطار العربية الحديثة تدمير وتهجير حوالي (2800)
قرية وحاضرة في ولاية حلب وحدها خلال هذه المرحلة ...
معظمها من العلويين النصيريين حيث لجأ الناجون منهم إلى الجبال الساحلية وأبرزهم آخر هجرة لمن يسمى بالكلبيين فيما بعد( وهم اتحاد قبلي من مجموع قبائل وعشائر عرفت بهذه التسمية).
قام السلطان سليم بعد احتلال بلاد الشام (1516) باستقدام حوالي من 200 – 300 ألف نسمة أي 50 ألف عائلة من أثنيات مختلفة
(أكراد – شركس – تركمان – داغستان – وغيرهم ...) ووزعهم على السفح الشرقي لجبال الساحل , أملاً في القضاء الكامل على من تبقى من النصيريين ...
ولكن بعد حوالي قرن من الزمن تحول هؤلاء إلى علويين
نصيريين مما يدل على العمق الروحي والثقافي وشدة البأس الذي يتمتع به هؤلاء . (تاريخ العلويين ) محمد غالب الطويل.
واحدة من السياسات الطورانية التي اتبعت في هذه المرحلة العثمانية ... استقدام الجيوش الانكشارية .. كحماية للولاة الذين يعينون في المدن الرئيسية( حلب – حماه – حمص – دمشق –
بيروت –
طرابلس – الإسكندرية – القاهرة – طرابلس المغرب – تونس – الجزائر .) وكل أنحاء المنطقة العربية كما ذكر( د. عبد الكريم رافق في كتابه : العرب والعثمانيون ) ..
وكانت الحامية الجديدة تسمى ( القره قولا )..... بينما كانت الحامية القديمة تسمى ( اليرليه ) أي المحلية حيث أن عناصر الحامية التي استقدمت في الماضي ( وهم من الشباب غير المتزوجين )
استقروا وتزوجوا وأصبحوا من سكان الموقع بعد إحالتهم إلى التقاعد , هكذا يلاحظ أن تركيبة المدن الرئيسية وحتى القرى الكبيرة على طول طريق الحج من اسطنبول إلى مكة لا تتوضح عندهم البنية القبلية الموجودة عند
البدو العرب أو سكان الجبال من نصيريين أو دروز أو حتى مسيحيين هذا يساعدنا على فهم أن بنية سكان مجتمع المدن ... هي من إثنيات متنوعة كان العنصر العربي قليلاً بينها , وتعربت عبر عدة أجيال بحكم
قوة الهضم
الثقافي والروحي والقبلي ... للقومية الاجتماعية العربية . وتظهر أهمية الإسلام ثقافياً .. في ذلك كما تظهر أهمية الجغرافيا العربية ووجود البوادي التي حافظت على القبلية العربية التي كانت تتحضر
تدريجياً لتشكل
الرديف السكاني لتلك المدن والحواضر وتعطيها طابعها الاجتماعي والثقافي واللغوي والقيمي الأخلاقي .. وغيرها .
هذا يجعل السكان العرب الذين يمتلكون معرفة بانتمائهم القبلي والعشائري الذين قطنوا في المدن والأرياف وعلى طريق الحج العثماني ... يدركون أهميتهم وقوتهم كجزء من محيطهم العام عبر تاريخ طويل .
كما يفسر النزعة الفوقية للأشخاص المنتمين لأصول غير عربية والتي تظهر لديهم خاصة في المدن و وبعض الحواضر التي كانت في وقت من الأوقات عبارة عن ( ثكنات ) للجيش لمواجهة غزو البدو العرب ...
مما جعل أحد أركان سياسة العثمانيين السلطوية ,.. ضربهم وتحجيمهم والسيطرة عليهم ,.. أو التخلص منهم خلال أزمنة طويلة . هذا يدل على أن الوضع القبلي الإثني كان واضحاً لدى سكان البدو
في بلاد الشام
ولدى سكان الجبال .. لعزلتهم التاريخية الطويل وبسبب الضغوط السلطوية المتوالية . كما يلاحظ انتشار الطرق الصوفية التي لا تهتم بالبنية القبلية في تلك الحواضر والمدن التي ازدهرت في المرحلة العثمانية
من نقشبندية ,
وكيلانية , ورفاعية , وبكداشية , ومولوية ... وغيرها المتواجدة بشكل رئيسي على طريق الحج الرئيسي من استانبول إلى حلب .. ثم إلى حماه – حمص – دمشق – والمتجهة جنوباً
إلى مكة المكرمة .
وهنا نجد أن الخارطة الديمغرافية المذهبية والإثنية بدأت بالتخلخل والتغير تدريجياً ... منذ النهضة الاجتماعية الحديثة بعد الاستقلال ( 1946 ) حتى هذا التاريخ بسبب حصول الهجرات الكثيفة من
الريف إلى المدينة ..
وتحضر معظم سكان البدو , فأصبحوا من سكان الأرياف والمدن بدل البوادي والصحراء ... وما شهدته البلاد من نهضة علمية , ثقافية , اقتصادية و صناعية , وسياسية . كل ذلك أبرز السمات
الأقوامية الاجتماعية العربية ..
وأضعفت النزعات الإثنية للأقليات أمامها , بحيث أصبح كل مواطن هو عربي في لغته وثقافته وعاداته ومفاهيمه وعقائده رغم إثنيته التي ينتمي إليها , لكنه لم يعد قادراً اليوم على إبراز تفوقه وتعاليه على الإثنية ا
لعربية المتجذرة اجتماعياً وثقافياً .
ذكرنا سابقاً الهجرات المتوالية التي شجعتها الدول الإسلامية المتعاقبة منذ الفتح الإسلامي وحتى بداية المرحلة العثمانية
( 1516 ) والتي كان يحكمها هاجس تحقيق الأمن على حدود الإمبراطورية العربية الإسلامية في مواجهة الغرب البيزنطي .. أو المسيحي المتعصب .. إبان الحملات الصليبية المتعاقبة على مدار
قرنين من الزمن .. و
هنا يبرز الدور الوطني والقومي التاريخي لأحزاب المعارضين الاسلامين حيث كان أحد هموم الإمبراطورية في تحقيق مصلحة الدولة العليا , تقوية الثغور وتدعيمها من آن لآخر بالقبائل العربية الواضحة الانتماء ..
وتقوية الروح الدينية والمعنوية ..
في نفس الوقت الذي تتخلص السلطة من معارضتها الشديدة للسلطات الحاكمة الفاسدة والمنحرفة عن القيم الإسلامية النبيلة التي نادى بها ورسخها
( آل البيت ) عبر تاريخهم الطويل ..., وشكلوا القدوة والمثال لتابعيهم الذين تفانوا في حبهم والإقتداء بهم .
من المعروف تاريخياً أن الخلفاء الأقوياء ذوي الشكيمة الذين تعاقبوا في المرحلة الأموية والعباسية .. وعرفوا بتصديهم للروم في أسيا الصغرى وأمضوا فترات حكمهم بالحروب في هذه المنطقة ..
مثل عبد الملك بن مروان ,
وسليمان بن عبد الملك (الذي أرسل حملة لفتح القسطنطينية ولم تنجح ) وأبو جعفر المنصور وهارون الرشيد , والمعتصم .. الذي لبى نداء امرأة عربية في عمورية عندما غزاها الروم ونادت
نداءها المشهور : وامعتصماه ,
ولكن في فترة ضعف الخلفاء العباسيين أصبحت الإمارات العربية تقوم بهذا الدور وأهم تلك الإمارات ( الدولة الحمدانية ) التي ترأسها سيف الدولة الحمداني .. الذي أمضى حياة حافلة في حروب الروم
كما هو معروف على رأس
العشائر العلوية التي ينتمي إليها والتي قدمت من جنوب العراق كما هو معروف تاريخياً . يذكر الكاتب والمستشرق الروسي ميخائيل زابوروف في مقدمة كتابه : تاريخ الحروب الصليبية عندما قدموا إلى الشرق
وأقاموا أكثر من نصف قرن ..
في مناطقهم الجديدة نشأ منهم بيئة اجتماعية جديدة ليست أوروبية مسيحية ولا إسلامية مشرقية تماماً , بل هي مزيج من الحالتين بسبب التمازج الحاصل بين المحتلين , والمحتلين أبناء البلاد الأصليين ...
وما أخذه الأوروبيون من ثقافة
وعادات وتقاليد أكثر تطوراً ورقياً , وأن الامارات الصليبية عندما بدأت تسقط الواحدة تلو الأخرى , كان القادة والمتنفذون يعودون إلى بلدانهم الأصلية , بينما معظم الناس العاديين بقوا في مناطقهم متمازجين
مع السكان المحليين بعد أن
أخذوا ديانتهم ومذاهبهم وعاداتهم وثقافتهم ليتماهوا في المنطقة ويصبحوا جزءاً منها في عملية انصهار وتفاعل مع الأرض والسكان .
هذا منطق عملي طبيعي لتحليل أنثروبولوجي غير متعصب .. ويدل على مقدرة الشعوب العربية القوية الانتماء القبلي والممتلكة لثقافة عربية إسلامية على هضم العناصر الأجنبية ضمن بوتقتها .. كما حصل مع
جميع الغزوات القديمة من الغرب
والشمال والشرق .. منذ آلاف السنين و حسب رؤية(ول ديورانت ) – العلمية , وتأثير الوسط الجغرافي في ذلك . لقد ذكر ديورانت في كتابه قصة الحضارة أن من حسن حظ الجنس العربي وجود البوادي
والصحارى العربية التي شكلت مانعاً وحافظة
جغرافية أمام الغزاة .. الذين يأتون من الغرب أو الشمال أو الشرق .. حيث يستقرون في الحواضر والسواحل , بينما تتحضر القبائل العربية تدريجياً لتشكل رديفاً لسكان المدن والأرياف وتعطيها طابعها ولغتها
وثقافتها ( قصة الحضارة – ول ديورانت –
تاريخ العرب القديم ) بشكل دائم ومستمر حتى تهضم الغزاة الجدد عبر عدة قرون ليصبحوا جزءاً متماهياً فيها هذا يفسر التنوع الوراثي لسكان المنطقة العربية عموماً وبلاد الشام خصوصاً ومن بينها النصيريون ..
حيث ما يجري عليهم ينطبق على غيرهم ,
ولا يستطيع أحد القول – قولاً علمياً مسؤولاً- بنقاء الدم , أو صحة النسب ... رغم ما يدعيه الكثيرون من سكان جميع الدول العربية ومن مختلف الطوائف والقبائل .. والشرائح الاجتماعية ادعاءً "
قبلياً , اثنياً , أو ادعاءً دينياً روحياً.
بعراقة النسب وشرف الانتماء . إن العلويين النصيريين يهتمون بحفظ أنسابهم العائلية .. وهذا اهتمام عربي قبلي متوارث كما ذكرنا فيحاول أي شخص تبيان نسبه العائلي , بحيث يصل إلى عشرات الأجيال ..
غالباً لينتهي بأحد الرجالات العظام في
التاريخ العربي .. وهذه صفة ما زالت تحتفظ بأهميتها عند معظم الذين ينحدرون من إثنيات قبلية وبدوية حتى اليوم , ورغم إنها ليست مهمة عرقياً أو وراثياً .. إلا أنها تقوي نزعة الانتماء العروبية الأقوامية لدى
عامة الناس وتشدهم ثقافياً وعاطفياً .
××××
(1) – قصة الحضارة – ول ديورانت
(2) – تاريخ العرب القديم
(1) طبائع الاستبداد ..عبد الرحمن الكواكبي : ودائماً هناك طمس وإهمال وتغيب مقصود في دراسات الباحثين المعاصرين عن أي منجز حضاري علمي أو اجتماعي لهؤلاء بل تقليل من شأنهم
ودورهم الاجتماعي والحضاري والعلمي
في تاريخ المنطقة . ( ومن يدري من أين جاء فقهاء الاستبداد بتقديس الحكام عن المسؤولية حتى أوجبوا لهم الحمد إذا عدلوا وأوجبوا الصبر عليهم إذا ظلموا وعدوا كل معارضة لهم بغياً يبيح دماء المعارضين
ص ( 39 )) .

(1) يضاف إليهم أيضاً عناصر تدعي العلمية والتحضر ومن منتجات المواخير الأمريكية الغربية والصهيونية العالمية .. وهي عناصر جاهله سطحية غير مجربة أمثال فريد الغادري وأقرانه .
كما أن الدمار الهائل للبنية الاجتماعية للعلويين النصيريين منذ الغزو العثماني (1516)// م .

نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.

في المستقبل سنعلن عن أسماء جميع المواقع التي تنقل عنا دون ذكر المصدر













تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow