فسوة أبو كعب القاصّ
2009-11-27
عن كتاب الحيوان للجاحظ قال: تعشَّى أبو كعبٍ القاصُّ بطفشيل كثير اللّوبِيا، وأكثَر مِنه، وشِرب نبيذَ تمر، وغَلَّس إلى بعض المساجد ليقصَّ على أهله، إذ انفتل الإمامُ من الصلاة فصادف زحاماً كثيراً، ومسْجِداً مَستوراً بالبَواريِّ من البَرْدِ والرِّيح والمَطر.
وإذا محرابٌ غائِرٌ في الحائط، وإذا الإمامُ شيخٌ ضعيف، فلمَّا صلّى استدْبرَ المحرابَ وجلسَ في زاويَة منه يسبِّح، وقام أبو كعبٍ فَجَعل ظهْرَه إلى وجه الإمام وَوجهه إلى وُجوه القوم، وطبَّق وجه المحراب بجِسمه وَفَروته وعمامته وكسائِه، وَلم يكن بين فَقحته وَبين أنف الإمامِ كبيرُ شيء.
وَقصّ وتحرَّك بطنُه، فأَرَاد أنْ يتفرَّج بفَسوةٍ وَخاف أنْ تصير ضراطاً، فقال في قَصصه : قولوا جميعاً : لا إله إلاّ اللّه وارفَعوا بها أصواتكم، وفَسا فَسوةً في المحراب، فدارت فيه وَجَثَمت على أنف الشيخ وَاحتملها.
ثمَّ كدَّه بطنُه فاحتاج إلى أخرى فقال : قولوا: لا إله إلاَّ اللّه وَارفعوا بها أصواتكم، فأَرسل فَسوةً أخرى فلم تُخْطِئْ أنْفَ الشيخ، واختَنقَتْ في المحراب، فخمَّر الشَّيخُ أنفَه، فصار لا يدري ما يصنع، إنْ هو تنفَّس قتلَتْه الرائحة، وإنْ هو لم يتنفَّس مات كَرْباً.
فما زَالَ يُدارِي ذلك، وأبو كعب يقصُّ، فلم يلبَثْ أبو كعبٍ أن احتاجَ إلى أخرى، وكلما طالَ لُبْثُه تولَّد في بَطْنِهِ من النَّفخ على حَسَب ذلك، فقال : قولوا جميعاً : لا إله إلا اللّه وارفَعوا بها أصواتكم. فقال الشيخ مِنَ المحراب، وأطْلَعَ رأسَه، وقال : لا تقولوا لا تقولوا قد قَتلني إنَّما يريد أن يفسوَ ثم جذب إليه ثوبَ أبي كعبٍ وقال : جئت إلى ها هنا لتفسوَ أو تقصّ؟ فقال: جئنا لنقصّ، فإذا نزلت بليَّةٌ فلا بدَّ لنا ولكم من الصَّبر. فضحك الناسُ، واختَلَط المجلس.
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |