المغــــنّي
2009-12-20
خاص ألف
كأن الكلام انتهى
كأن المفاتيح ضوءٌ غشيمٌ ،
وأقفالها السّود ليستْ لها
كأن الذي لم يقل بعدُ ،
قد قيل من قبلُ ،
حتى تجيء السّوابقُ من كل قولٍ
وخيلٍ
وليلٍ
فتلقى سواها من القول والخيل والليلِ
قد وصلتْ قبلها
كأنّ المغنّي يحاول أن يتذكّر ماسيغني ،
وحين يخالُ القصيدة مفعمةً بالملاء الذي يستطيبُ،
يسرِّحُ أنفاسَه في هوى الكلماتِ ، ويغمض عينيه ،
كي تتعرّى صبايا الحروف على شفتيهِ ،
وتعرض في حاله حالها
وحين يفيء إلى نفسهِ ، يتذكّر : هل قالها ،
وهل مثلما كان يحلم : مثلَ المعاني الكحيلةِ
مثلَ الحروف النحيلةِ
مثلَ الحواشي الصقيلةِ
مثلَ ...
- أجل . مثلها
ويفجؤه طائفٌ من نحيبٍ : إذن لم تكنْ
لم يقلها ..
وكلُّ الذي قال كان مجرّد أغنية مثلها
كأنّ الكلامَ انتهى.
فمن ينقذ الآنَ هذا المغنّي
إذا هربت من رؤوس أصابعه الخمرُ
أو حطَّ نملٌ كثيفٌ على راحتيهْ ؟
ومن سوف يحنو على الناي
صار إلى قصبٍ يابسٍ
وهو مازال يحلم أن يستعيدَ على ضفّة النهر خضرتهُ
وتمايلَ أوراقه في الهواءِ
إذا انثال رملٌ ثقيلٌ على شفتيهْ ؟.
ومن سيصبُّ قليلاً من الزيت في مقلتيه ؟
عصاً للتوكؤ بين يديهِ ؟
ليرجع من رحلةٍ في الظّلامِ المخيِّم بين الضلوعِ
إذا شام أنّ خزانةَ أشواقهِ
الغرفة الأربعينَ بأرجاء هيكله الرحبِ
إجّاصة المستحيلاتِ
نافورةَ الأمنياتِ
المسمّاةَ بالقلبِ
أغلى الكنوزِ التي بين جنبيهِ
ليستْ لديه..
*
لسوف يؤوب الرعاةُ بقطعانهم واجمينَ،
أكفُّهمُ في جيوب سراويلهمْ ،
يحسبون السنين التي كلما حالَ حولٌ تحولْ
دخانُ القرى في المساء بدادٌ بكفِّ الرياحِ ،
وقد غاب صوتُ المغنّي
فماذا يفيد التريّثُ فوق سماءِ الحقولْ ؟
النساء اللواتي يسرّحنَ عند الغداةِ الشعورَ
يسرحنها بالأصابعِ
ماذا تفيد المرايا
إذا كان لا شيءَ يخطر في بالهنَّ
وقد بلغ الشَّعرُ أكوارَ أردافهنَّ
سوى أنَّ ليلَ الشتاءِ يطولْ ؟
لسوف يكون صقيعٌ بقرب المواقدِ
عرس بطعم الحدادِ
وسجن بحجم البلادِ
فضاءٌ ولكنه ليس يفضي إلى أيّ شيءٍ
وسوف يكون احتفال بهيجٌ ببعج الطبولِ
وقتل الخيولْ
- وهذا يكونُ ؟
يكونُ .. وأكثرَ منه يكونُ ..
يكونُ طغاةٌ قلوبهمُ : استميح الحجارة عذراً ،
وأمسح وجهي بما في جوارحها من طراء حنونْ
تكون نياشينُ للهاربين من الحربِ
أقواسُ نصرٍ لما ارتكبوا من مجازر في أهلهمْ
ويكون أناسٌ كماء السماء نقيّون ،
أطفالهم يرفعون الأكفَّ إلى اللهِ
رزقاً حلالاً لآبائهم يطلبونَ ،
ولكنّ آبائهم يذهبون ولا يرجعونْ
فلا تغلقوا دون صوتِ المغنّي النوافذَ
لا تهرقوا الخمرَ في عتبات البيوتِ من الحزنِ
لا تقنطوا من عيون المها ..
أصيخوا لوقع رنين النواقيس في العيدِ
رجع الأذان البعيدِ
إذا وجّهتْ نسمةٌ نحوكم وجهها
فإنّ المغنّي حريٌّ بأن يلبس الأرض زينتها
من جديدٍ ، ولو بقيت عشبةٌ وحدها
صيف 1994
ÒÒ
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
في المستقبل سنعلن عن أسماء جميع المواقع التي تنقل عنا دون ذكر المصدر
ألف
08-أيار-2021
04-نيسان-2020 | |
07-آذار-2020 | |
20-تموز-2019 | |
21-تموز-2018 | |
10-شباط-2018 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |