تحليل مبسّط للأزمة- المحنة المسماة "مازوت"..
2010-01-02
(خاص ألف)
قبل التطرّق إلى الخطوة الجديدة (التعهّد) للحصول على المازوت، يجب علينا العودة قليلاً إلى الوراء لنتمكن من تبيان بعض أسباب المعاناة (المازوتية)..
- ما الذي أدى أساساً إلى الارتفاع المفاجئ لسعر ليتر المازوت منذ أقل من سنتين؟
حين طرحت سؤالي هذا أجابني البعض، في ذلك الوقت، أن المسألة تتعلق بارتفاع سعر برميل النفط حيث وصل وقتذاك إلى أكثر من120 دولار. هذا بالنسبة للبعض أما القسم الأعظم فأجابني بأن المسألة تتعلق بتهريب المازوت خارج القطر حيث أن سعره داخل سوريا–كان- أقل بكثير من سعره في البلدان المجاورة ما يؤدي إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني إذا تم تهريبه.
دعونا نقف قليلاً لإيضاح بعض المفارقات البسيطة..
1- بما يتعلق بسعر برميل النفط: إذا آمنّا وصدقنا أن ارتفاع النفط آنذاك أدى إلى ارتفاع مشتقاته، ومنها المازوت، في جميع بلدان العالم ومنها سوريا (رغم عدم علاقتها باتفاقيات ومنظمات النفط الدولية بشكل مباشر) إلا أن سعر المشتقات عاد للهبوط مع هبوط سعر البرميل في الدول كافة عدا سوريا! فلماذا تتبع الحكومة دائماً سياسة الغلاء التابع للظروف الدولية والمحلية وتبتعد عن سياسة الرخص الذي يتبع أيضاً للظروف الدولية والمحلية؟! فعلى سبيل المثال: الدخان (وخاصة الوطني)، المواد التموينية، الخبز، بالإضافة إلى الكثير من المواد الاستهلاكية الضرورية منها والثانوية.
البعض يعزو السبب إلى تدهور قيمة الليرة السورية أمام العملات الصعبة، إلا أنني أتعجب من علاقة هذا بذاك وذاك بهذا وهذا بهذا... في أمريكا مثلاً سعر وجبة (الهمبرجر) هي ذاتها تقريباً منذ أواخر سبعينيات القرن المنصرم إلى يومنا هذا وكذلك بالنسبة لأنواع الخبز واللحوم والأجبان... ومشتقات البترول!. كما أن متوسط دخل الفرد هنالك هو ذاته منذ ثلاثين عاماً إلى اليوم ويتراوح بين 30- 40 ألف دولار سنوياً!! ولا أريد الخوض في هذه المسألة كثيراً لأنها من اختصاص الباحثين الاقتصاديين وليست من اختصاصي.
2- بما يتعلّق بتهريب المازوت: أقسم بالله العظيم أن هذا المبرر عبارة عن مهزلة كبرى، وأنا واثق أن الحكومة وضعت هذا المبرر بشكل ارتجالي دون أدنى حساب للعواقب التي تتمخض عن ذلك والجميع شاهد ولمس جيداً أولى تلك العواقب كدفاتر المازوت في السنة الفائتة وما لحقها من تزوير وزج الناس بالسجون، وثانيها –وليس آخرها- العملية الإبداعية الرائعة التي تتجلى بالشيكات ذات الـ 5000 ليرة والتي تتبع خطوة توقيع التعهّد الجميل والبسيط كمخترعه الذي –والله- لا أعرف اسمه، لكنه يستحق الترشيح لنيل جائزة نوبل في الآداب والمازوت!.. وغني عن التعريف ما شمله التعهد السالف الذكر من شروط إنسانية تدعو إلى رسم الابتسامة على شفاه التعساء ..
والحال، فإن رَفْع سعر المازوت بحجة تهريبه يذكّرني بالمثل الشعبي المعروف: (جكارة بالطهارة أبول بالسروال) ويعني: "(جكارة) بالمهرّبين سأجعل البلد مهزلة"
على كل حال، أشهد أن صاحب قضية تهريب المازوت وربطها بارتفاع سعره قد تمكّن بحنكته وتفكيره العميقين منع تهريبه إلى الخارج. لكن، هل استطاع دعم الاقتصاد الوطني في الداخل من خلال توزيع القسائم في السنة الفائتة وتوقيع التعهدات هذا العام؟ أترك الإجابة للمختصين الأفاضل أيضاً..
وبهذه المناسبة أود أن أروي على مسامعكم هذه الطرفة –العفوية- قام بها أحد مواطني ريف دير الزور (شاوي) منذ أيام قليلة، حيث توجه إلى دائرة السجل المدني (النفوس) مصطحباً معه زوجته –السابقة- وذلك للحصول على بيان عائلي له، وبيان طلاق لزوجته التي طلّقها قبل يومين طلاقاً رسمياً –مرة واحدة- في المحكمة لغرض امتلاك حصتين من حصص المازوت، له ولمطلّقته، فالمطلّقة يحق لها استلام حصتها من المازوت كما جاء في كتاب الحكومة.
لم ينتبه الموظفون إلى الخطة الذكية الذي قام بها ذلك المواطن إلا بعد أن سمعوا الزوجة تصرخ في وجهه وتستجديه: "مثل ما اتفقنا، ترجّعني –كزوجة- بعد ما آخذ الشيك يا أمّا أفضحك!"
فأجابها:"طبعاً يا بنت الكلب.. أثاري وين أروح بالعجيان –الأولاد- إذا ما رجّعتك؟؟".
ولدى سؤاله من قبل أحد الموظفين عن سبب فعلته أجابه: "تفكّر بس الحكومة تضحك علينا؟.. إحنا كمان نضحك عليها.. ويكون بعلمك، آني طلقت الثانية كمان!". وهذه القصة على ذمة موظفي السجل المدني في المدينة.
وبالمقابل فقد ازدادت عمليات الزواج ازدياداً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، وهذه من الخطوات الإيجابية التي تُسجّل لصاحبنا (أبو تعهّد المازوت).. لكن ثقوا تماماً أن ما اجتمع اثنان على مازوت إلا وافترقا بعد نفاده.. والله وحده السَتّار.
نصيحة بسيطة للحكومة: اضبطوا الحدود جيداً بوجه المهربين، فلديكم العديد من العناصر والحرس المتمرسين بأمور المراقبة، ثم أَرْجِعوا سعر المازوت إلى سابق عهده وأنتم الكسبانين (بفتح الكاف).
ملاحظة علمية:
باستطاعتك رؤية صهريج المازوت المهرّب بالعين المجردة من مسافة 11 كم إذا كان الطقس سيئاً!
التوقيع مواطن طبيعي بحاجة إلى دفء
×××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
في المستقبل سنعلن عن أسماء جميع المواقع التي تنقل عنا دون ذكر المصدر
ألف
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |