المدونات العربية .. بداية مشجعة ومستقبل واعد
2007-05-16
اذا كان من اعظم ما توصل اليه الانسان على الصعيد التقني هو الشبكة العنكبوتية (الانترنت) فان اهم ما انتجته هذه الشبكة هو خدمة البريد الالكتروني المجانية والمدونات.
ولعل البريد الالكتروني هو من اكثر تطبيقات الانترنت شيوعا واستخداما ان لم نقل هو اكثرها على الاطلاق. وذلك لما احدثته هذه التنقنية من انعطافة هائلة في عالم الاتصال والتراسل بين الناس.
اما التطبيق الذي يلي البريد الالكتروني اهمية فهو ما يعرف بالمدونات Blogs .
وحسب موسوعة "ويكيبيديا" الالكترونية على الانترنت فان كلمة Blog هي نحت من كلمتين هما Web Log اي سجل الشبكة.
والمدونة في ابسط صورها عبارة عن صفحة ويب يستطيع اي شخص ان يدون فيها ما يشاء، وهذه المدخلات ترتب ترتيبا زمنيا وبشكل تصاعدي مع وجود نظام لارشفة هذه المدخلات،
وعليه فان اي موضوع في المدونة يظهر على الصفحة الاولى لقترة معينة ثم تحل محله المواضيع الجديدة ليصبح هو في صفحة سابقة يمكن الرجوع اليه في اي وقت حسب التاريخ الذي كتب فيه الموضوع او باستخدام الية البحث في المدونة. وما يزيد من اهميتها حصول التفاعل بين المدونين Blogers انفسهم من جهة وبينهم وبين القراء من جهة اخرى، حيث تتيح المدونات للقراء الرد المباشر على اي رأي او موضوع، ما يضيف للمدونات اثارة ومتعة اذا ما عرفنا ان محتوى المدونات لا يقتصر على الرأي او المقال بل يمكن ان يدعم ذلك بالصور او مقاطع الصوت او الفيديو.
وتتوزع المدونات من حيث الجهة المسؤولة عنها بين الشخصية وتلك التابعة لمؤسسة او مركز او شركة، وتختلف محتويات المدونات باختلاف الهدف منها وباختلاف الاشخاص المستخدمين لها، فهناك من يعتبرها نوعا من التنفيس، ومحاولة للهرب من إحباط الحياة السياسية والاجتماعية ، وهناك من يستخدمها للترويج لاعماله وآخر قد يستخدمها لمجرد التسلية، اما من حيث الشكل فان المدونة تحوي اخباراً او مقالات او روابط لمواقع اخرى، او وسيلة لعرض الصور، و بعض الناس قد يستخدمها لنشر الشعر او المقالات الأدبية والعلمية.
وسأذكر هنا مثالا واحدا على المدونات وهو مدونة مصرية تحمل اسم الشارع وعنوانها الالكتروني هو www.blogspot.com والزائر للصفحة الرئيسية المتميزة بالبساطة يطالعه في رأس الصحفة اسم المدونة (الشارع) وتحته احد اقوال الشاعر المصري صلاح جاهين وفي يسار الصفحة نجد (آخر الاضافات) وهي روابط لآخر ما وصل الموقع من مقالات ثم (اتجاهات المرور ) التي بوبت المدخلات الى اقسام مثل الشارع السياسي ، الشارع الادبي ثم (ارشيف المقالات التي رتبت حسب التسلسل الزمني.
وقد كان للحرب على العراق الدور الرئيسي في بروز المدونات واننشارها واتساع تأثيرها، فقد برزت خلال الشهور الاولى الحرب عل] العراق مقالات تندد بالحرب، كما استغلها بعض السياسييين الاميركيين المعارضين للحرب للتعبير عن معارضتهم لها، واستطاعوا ان يؤثروا في الرأي العام امثال السياسي الاميركي هوارد دين المرشح الديمقراطي للرئاسة الاميركية لعام 2004. كما استثمرها المواطنون العراقيون المقيمون في الخارج سواء الموالين للنظام او المعارضين له، وحاول كل فريق ان يحشد المؤيدين لرأيه.
وقد شكلت مواقع التدوين فرصة هائلة للراغبين في نشر آرائهم السياسية والفكرية وخاصة لمن تمنعهم حكوماتهم من التعبير عن آرائهم السياسية، لا سيما في البلدان التي تمتاز بقمع الحريات وفيها رقابة على الصحافة والنشر مثل منطقتنا العربية، فيجدون في هذه المدونات متنفسا لهم يبثون فيها ما يشاؤون، ففي مصر حقق المدونون المصريون تأثيرا كبيرا في الشارع المصري ضمن حركة كفاية المعارضة والتي استطاعت انزال الآلاف من مؤيديها الى الشارع وبطريقة منظمة ومنسقة، وقد عرضت قناة الجزيرة الفضائية بداية العام الماضي وضمن برنامج تحت المجهر تقريرا من عدة حلقات القى الضوء على المدونين المصريين.
غير ان الحكومات تنبهت لدور المدونات ولما يمكن ان تقوم به من دور، فحاولت بكل السبل سد الطريق امام دور التدوين المتصاعد باطراد وألقت القبض على الكثير من المدونين وقدمتهم للمحاكمة، ما خلق حالة من الفعل ورد الفعل، اضافة الى ما خلقته هذه الحالة من حراك لمنظمات دولية تراقب حرية التعبير كمنظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق انسان، دولية كانت ام اقليمية ام محلية، ومن اشهر قضايا المحاكمات للمدونين في مصر قضية الحكم على كريم عامر الذي يوصف بانه المدون الاول في مصر الذي وجه انتقادات في مقالات على الشبكة انتقد فيها الازهر والنظام المصري والرئيس مبارك حيث حكم عليه في شباط الماضي مدة اربع سنوات.
وكما هو الحال في النشر الورقي في العالم العربي المتسم بالتواضع امام نئيره في الدول الغربية فان التدوين ايضا ما زال في بداياته مقارنة مع ما هو لدى دول اخرى لا سيما في الولايات المتحدة واوروبا وغيرها من البلدان. وما زال عدد المدونات في العالم العربي محدودا اذا ما قيس بالعدد الهائل لدى الدول الاخرى دون التقليل من اهميته على قلته، وذلك لاسباب لا يتسع المجال لذكرها الآن.
ولا يخلو عالم التدوين من مخاطر اذا ما استغل سلبيا شأنه في ذلك شأن الانترنت نفسها وهي الوعاء الام لكل ما يغزو الشبكة، فرغم ما تتيحه من تجاوز للمعيقات والحواجز في سبيل الوصول الى الجمهور ومخاطبته الا انها يمكن ان تستغل لاغراض ومأرب اخرى عديدة ليس اخطرها الارهاب والترويج له.
والسؤال المطروح هل سيكون للمدونات في الوطن العربي دورمؤثر في المجتمع ؟ وهل ستصبح المدونات جسرا من جسور التواصل الايجابي بين الشعوب وتحقيق الديمقراطية؟ هل سيصبح هذا الشكل من اشكال التعبيرمنافسا للصحافة المكتوبة كما يبدو من بوادر لذلك في الدول المتقدمة لا سيما مع تزايد عدد مستخدمي الانترنت بسرعة قياسية؟
اعتقد ان ذلك سيحصل سيما اذا ما استمرت هذه الحالة من الاحتقان السياسي واذا لم تتخذ الخطوات العملية في توسيع دائرة الحريات والتعبير عن الرأي والغاء حالة الكبت والقمع والتضييق على النشاط السياسي والرقابة على الصحافة.
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |