زلزال هاييتي بسبب تحالفهم مع الشيطان ؟ / ميشال شماس
2010-01-26
يبدو أن رجال الدين في الشرق والغرب يستغلون غريزة الخوف عند الإنسان لتدجينه، ودفعه للتسليم نهائياً بما يقوله رجال الدين عبر الفضائيات أو في خطب الجمعة في المساجد والقداديس في الكنائس، بعد أن تحول الدين في هذه الأيام على أيدي هؤلاء المبشرين والدعاة الجدد من مصدر للعزاء والراحة والمواساة وتخفيف آلام الناس الدنيوية، إلى مصدر للخوف الأبدي من العقاب الذي قد يأتي من السماء في أية لحظة كلما أقدم البشر على ارتكاب الذنوب. وذلك في محاولة لإعادة الناس إلى الكنيسة أو المسجد، وإبقاؤهم دائماً في حظيرة الخوف الأبدية.
فبعد الزلزال المدمر الذي أصاب هاييتي وأوقع أكثر من مئة ألف قتيل ومئات الآلاف من المصابين والمشردين إضافة للخسائر المادية الجسيمة، علق المبشر الإنجيلي بات روبيرتسون على ذلك بتصريحات لإذاعة دينية : " إن سبب الزلزال الذي ضرب هايتي الأسبوع الماضي هو تحالف الهايتيين مع الشيطان قبل مئتي سنة، ما جعل اللعنة تحل عليهم إلى الأبد". مما دفع مستشار البيت الأبيض الأميركي إلى التنديد بتلك التصريحات معتبراً أنها لا تعبر عن روح الشعب الأميركي.ومعروف عن روبيرتسون أنه يرفض الحداثة الاجتماعية أو الدينية، ويعتقد بالتأويل الحرفي الكامل للعهد القديم والعهد الجديد. و يرفض نظرية داروين وجميع النظريات العلمية الحديثة وضد تدريسها في المدارس.
وقد سبق لحجة الإسلام والمسلمين في إيران الشيخ قرائتي، أن كشف لوكالة " ايسنا" الطلابية الإيرانية للأنباء عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وقوع الزلزال الذي دمر مدينة بام الإيرانية بقوله: "لو أن أهالي "بام" كانوا قد دفعوا زكاة التمور لما وقع مثل هذا الزلزال، ولو قمنا بشرح ديننا بشكل جيد، فان وقوع مثل هذه المسائل يكون اقل في المجتمع، وأن طعم نسيان الله هو عدم الاعتناء في المسجد الذي يترافق مع غضب الله ، لذلك يجب علينا الابتعاد عن عدم الاعتناء بالمساجد".
فمهما اختلفت الأديان وتعددت، فإن رؤية رجال الدين حول تفسير الكوارث الطبيعية التي تحل بالإنسان على هذه الأرض تبقى واحدة ويجمعها هدف واحد هو إلقاء الرعب في قلوب الناس وتكريس فكرة أن الله الغفور الرحيم يتعامل مع عباده من البشر بمبدأ المعاملة بالمثل، فكل ذنب يرتكبه البشر سوف يصيبهم الله بكارثة بحجم الذنب المرتكب. وهكذا نسمع في بلادنا مثلاً إن انحباس المطر ناجم عن عدم ذكر الله، وأن انتشار الأمراض والأوبئة بين البشر ناتج أيضاً عن ضعف الإيمان بالله ، وإن حدوث الفيضانات والسيول كما حدث مؤخراً في السعودية سببه الذنوب التي ارتكبها أهل المدن.. وربما نسمع داعية أو واعظاً يخبرنا أن الرشوة والفساد المنتشرة في بلادنا قد ابتلانا به الله بسبب ابتعادنا عنه وقلة إيماننا به.. الخ.
فبعد أن جرى استغلال الدين سياسياً واجتماعياً عبر التاريخ، ومازال يجري استغلاله حتى الآن، فإن الدعاة والوعاظ الدينيين الجدد يستغلون اليوم الدين من أجل إقناع الناس بأن حدوث الكوارث هو تدبير نابع من حكمة إلهية لا يمكن للعقل البشري استيعابها أو حتى تفسيرها، فقط رجال الدين متاح لهم معرفة وتفسير الحكمة الإلهية من حدوث أية كارثة أو مصيبة في هذا البلد أو ذاك. لذلك تراهم اليوم يحتلون الفضائيات والإذاعات صبح مساء وفي معظم أوقات النهار، لبث الرعب في قلوب الناس وإجبارهم على الطاعة والخضوع والتسليم في النهاية إلى مقولتهم الدائمة "أن كل ما يحدث في هذا الكون من كوارث وغيرها هو بترتيب من الله"، مستغلين انخفاض الوعي الاجتماعي والمعرفي لدى أغلبية الناس.
فما حاجتنا إلى الجامعات ومراكز البحث العلمي بعد أن كشف لنا ذلك المبشر الإنجيلي الأسرار الكامنة التي أدت إلى وقوع الزلزال المدمر في هاييتي، وبعد أن بين لنا حجة الإسلام والمسلمين في إيران الشيخ قرائتي الطريقة التي تمكننا من تفادي وقوع تلك الكوارث مرة أخرى أو تفادي أخطارها على الأقل، وهي طريقة لا تحتاج إلى تعليم وتعب،بل أن نسمع وننفذ كل ما يقوله هؤلاء الدعاة والوعاظ الجدد.. وكفى..!!
ميشال شماس : (كلنا شركاء) 25/1/2010
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |