الحرب و السلام و جائزة نوبل الممنوحة لأوباما / نعوم شومسكي / الترجمة :
2010-01-27
الأمل بالسلام و إمكانياته ليست متوازية تماما : و هي غير متقاربة. و يقتضي الواجب أن نقارب ما بينهما. و من المرجح أن هذا هو قصد لجنة جائزة نوبل للسلام حينما اختارت الرئيس باراك أوباما.
الجائزة " تبدو نوعا من الصلاة و التشجيع من قبل لجنة نوبل في سبيل المستقبل و من أجل قيادة أمريكية أكثر تفهما". هكذا كتب ستيفن إرلانغير و شيريل غاي ستولبيرغ في النيويورك تايمز.
إن طبيعة الانتقال من بوش إلى أوباما لها مباشرة احتمالات مفادها أن الصلاة و التشجيع قد يؤديان إلى التحسن.
و كان اهتمام هيئة نوبل مقبولا و واقعيا. لقد فتحت الباب لبلاغيات أوباما التي تدعو للحد من السلاح النووي.
و حاليا إن طموحات إيران النووية تهيمن على العناوين في وسائل الإعلام. و يجب أن نحذر من أن إيران قد تتستر على شيء ما من عيون وكالة الطاقة الذرية الدولية و أنها لا تنصاع لقرار الأمم المتحدة رقم 1887 ، الذي صدر في الشهر الماضي و استقبل كانتصار توج جهود أوباما لاحتواء إيران.
و في نفس الوقت أن تتواصل المناقشات ما إذا كان قرار أوباما الحالي لإعادة النظر في نظام الدفاع الصاروخي في أوروبا هو احتواء للروسيين أو أنه خطوة براغماتية للدفاع عن الغرب من هجوم إيراني نووي.
الصمت غالبا أكثر بلاغة من الصوت المرتفع ، لذلك دعنا نتفحص ما يقال.
في خضم الغضب على ازدواجية إيران ، أصدرت وكالة الطاقة الذرية IAEA قرارا يدعو إسرائيل إلى الانضمام لمعاهدة منع التسلح النووي و إلى فتح منشآتها النووية للتفتيش.
و قد حاولت الولايات المتحدة و أوروبا أن تعيق قرار IAEA ، و لكنه صدر على أية حال. و في النهاية تجاهل الإعلام الحدث برمته.
و أكدت الولايات المتحدة لإسرائيل أنها ستؤيد رفض إسرائيل للقرار : و هذا إثبات آخر على التفاهم المبطن الذي يسمح لإسرائيل أن تحتفظ بترسانتها النووية مغلقة في وجه المفتشين الدوليين ، وفق ما يذكر بعض الموظفين الرسميين المطلعين على نص التفاهم . مجددا ، احتفظ الإعلام بصمت مطبق.
و ابتهج الحكوميون الهنود بقرار الأمم المتحدة رقم 1887 و أعلنوا أن الهند " تستطيع الآن بناء أسلحة نووية لها نفس قوة التدمير التي تمتلكها ترسانات القوى النووية الدولية الأساسية ، كمات ورد في تقرير الفاينانشل تايمز.
و كان كل من الهند و باكستان يتوسعان في برنامج التسلح النووي. و اقترب كلاهما مرتين و على نحو خطير من شفا حرب نووية ، و إن المشاكل التي أشعلت تقريبا فتيل الكارثة ما تزال موجودة حتما.
و رحب أوباما بالقرار رقم 1887 بشكل مغاير. في اليوم السابق لحصوله على جائزة نوبل بسبب تفانيه الملهم من أجل السلام ، أعلن البنتاغون إن الخطوات تتسارع في إضافة أشد الأسلحة غير النووية فتكا للترسانة الموجودة : 13 – طن قنابل للقاذفات B-2 و B-52 ، و هي مصممة لتدمير الدشم و التحصينات العميقة المدعمة بحماية تبلغ 10.000 رطلا من الإسمنت المسلح.
و ليس من السر بمكان أن مدمرات الدشم سوف تكون موجهة ضد إيران.
و كان التخطيط لهذه " المخترقات المرعبة " قد بدأ في سنوات بوش و لكنها تلكأت حتى دعا أوباما لتطويرها بسرعة بعد وصوله إلى الحكم.
و إن القرار 1877 الذي أجيز بأغلبية ساحقة يدعو لوضع حد للتهديدات التي تمثلها القوى الضاربة ، و يحث كل البلدان للانضمام إلى معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي NPT ، كما فعلت إيران من قبل بفترة طويلة. و البلدان غير الموقعة على NPT هي الهند و إسرائيل و الباكستان ، و هذه بلدان تطور السلاح النووي بمعونة من الولايات المتحدة ، و بذلك هي تتحدى اتفاقية NPT.
لم تعمد إيران إلى غزو بلد آخر لمئات الأعوام : بعكس الولايات المتحدة و إسرائيل و الهند ( التي تحتل كشمير بوحشية ).
التهديد الإيراني غير ذي بال. و لو أن إيران تمتلك أسلحة نووية و أنظمة هجومية ، و لو أنها تستعد لاستخدامها ، فإن البلد سوف يتفجر.
و أن تعتقد أن إيران ستسخدم الأسلحة النووية للهجوم على إسرائيل أو غيرها " هذا يعني جدلا أن القادة ألإيرانيين مجانين " و هم ينظرون قدما إلى أن يتحولوا إلى " غبار إشعاعي " ، و كما يقول ليونارد ويس المحلل الإستراتيجي : الغواصات الإسرائيلية النووية هي " في النهاية غيرعرضة لأخطار هجوم عسكري " ، فما بالك لو أننا نتحدث عن الترسانة الأمريكية العملاقة.
و في المناورات البحرية التي جرت خلال شهر تموز ، أرسلت إسرائيل غواصاتها من نوع دولفين ، القادرة على حمل الصواريخ النووية ، عبر قناة السويس إلى البحر الأحمر ، و أحيانا بمرافقة بارجات حربية ، لتنتشر في وجه أي هجوم إيراني محتمل : و هم لديهم " حق السيادة " ليفعلوا ذلك ، حسب ما قال نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن.
و ليس لأول مرة ، إن الذي تم ستره و التغطية عليه بالصمت سوف يتلقى اهتماما من العناوين الأولى في مجتمعات تثمن عاليا حرياتها و تهتم بمصير العالم.
كان النظام ألإيراني خشنا و قمعيا ، و لا يوجد كائن بشري على وجه البسيطة يرغب لإيران ، أو سواها ، بحيازة سلاح نووي. و لكن قليلا من الأمانة و الصدق لا تؤذي في أية مقاربة مع هذه الإشكالات.
و طبعا إن جائزة نوبل للسلام غير معنية بجوهرها بالتقليل من خطر منصات الحرب النووية ، و لكنها تهتم بالحرب عموما ، و بالاستعداد لشن الحروب. و بهذا الخصوص ، إن اختيار أوباما يدفعنا لنرفع حواجبنا عاليا ، ليس أقله في إيران ، المحاصرة بجيوش الاحتلال الأمريكي.
على الحدود الإيرانية في أفغانستان و الباكستان ، واصل أوباما وتيرة حروب بوش و من المحتمل أنه سيتابع في نفس الاتجاه ، و ربما على نحو أفظع.
و أوضح أوباما أن الولايات المتحدة تهم بالاحتفاظ بحضور مطول الأمد في المنطقة. و هذا القدر من الزمن أطلق الإشارة لبناء مدينة شاسعة ضمن مدينة ، و تدعى " سفارة بغداد " ، و التي لا تشبه أية سفارة مثلها في العالم.
و أعلن أوباما عن بناء سفارات توسعية في إسلام أباد و كابول ، و قنصليات عملاقة في بيشاور و أماكن أخرى.
و تذكر تقارير الميزانية غير الحزبية و الأمنية في المكتب التنفيذي الحكومي أن " طلب الإدارة لمبلغ قدره 538 مليار$ لوزارة الدفاع في 2010 يعني الإقراربنيتها للاحتفاظ بمستوى تمويل مرتفع في السنوات القادمة الأمر الذي وضع الرئيس على خط إنفاق فائض على الدفاع ، و بالعملة الصعبة ، و هذا شيء يتفوق على جميع الرؤساء الآخرين ممن شغل مكتب الرئاسة لفترة واحدة منذ الحرب العالمية 2 . و هذا لا يأخذ بالحساب إضافة 130 مليار $ تطلبها الإدارة لتمويل الحرب على العراق و أفغانستان في العام القادم ، مع مزيد من الإنفاق الحربي المرتفع في سنوات قادمة ".
و لعل هيئة جائزة نوبل قد أخذت خيارات صائبة و حقيقية و نافعة ، و من أهمها اختيار الناشطة الأفغانية الشهيرة مالالاي جويا.
هذه المرأة الشجاعة مرت بمحنة الروس ، ثم بمحنة الراديكاليين الإسلاميين الذين كانوا عنيفين و قساة إلى حد البحث عن غيرهم من خلال طالبان. عاشت جويا محنة طالبان أيضا ، و الآن تجربة عودة أمراء الحرب تحت حكم كرزاي.
و من غير محطات استراحة ، عملت جويا بفعالية في سبيل الحقوق المدنية ، و بالأخص للنساء ، و انتخبت للبرلمان ثم طردت منه حينما تابعت إدانة جرائم أمراء الحرب. و هي الآن تعيش في السر و بحماية مشددة ، و تتابع كفاحها ، بالكلمات و الأفعال. و من خلال هذه الإجراءات و الفعاليات ، و التي تعود للظهور في كل الأمكنة و بأفضل السبل ، إن مصير السلام يقترب من الأمل الذي نعقده عليه.
المصدر :
War, Peace, and Obama's Nobel - Noam Chomsky -In These Times, November 5, 2009 .
××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
في المستقبل سنعلن عن أسماء جميع المواقع التي تنقل عنا دون ذكر المصدر
ألف
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |